32 مشاركا في برنامج تدريب المدربين بجامعة كفر الشيخ    خبر عاجل بشأن العمال ومفاجأة بشأن أسعار الذهب والدولار وحالة الطقس اليوم.. أخبار التوك شو    بعد تدشينه رسميا.. نقابة الفلاحين تعلن دعمها لإتحاد القبائل العربية    رئيس الوزراء يوجه ببدء حوار مُجتمعي حول وثيقة السياسات الضريبية لمصر    القبض على الإعلامية الكويتية حليمة بولند    هنية: اتفقنا مع رئيس وزراء قطر على استكمال المباحثات حول الوضع في غزة    وزيرة البيئة تنعى رئيس «طاقة الشيوخ»: كان مشهودا له بالكفاءة والإخلاص    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    منافس الأهلي.. صحيفة تونسية: جماهير الترجي تهاجم ياسين مرياح بعد التعادل مع الصفاقسي    "سددنا نصف مليار جنيه ديون".. الزمالك يعلن مقاضاة مجلس مرتضى منصور    «حصريات المصري».. اتفاق لجنة التخطيط بالأهلي وكولر.. صفقة الزمالك الجديد    بسبب كاب.. مقتل شاب على يد جزار ونجله في السلام    ‬رفضت الارتباط به فحاول قتلها.. ننشر صورة طالب الطب المتهم بطعن زميلته بجامعة الزقازيق    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    بالفيديو: سميرة سعيد تطرح كليب أغنية "كداب"    الضبيب: مؤتمر مجمع اللغة العربية عرسًا لغويًا فريدًا    أدباء ومختصون أكاديميون يدعون لتحويل شعر الأطفال إلى هدف تربوي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    "سور الأزبكية" في معرض أبوظبي الدولي للكتاب    ب9 عيادات متنقلة.. «صحة الإسكندرية» تطلق قافلة مجانية لعلاج 1540 مريضًا بقرية عبدالباسط عبدالصمد    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    رسائل تهنئة شم النسيم 2024.. متي موعد عيد الربيع؟    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء: الخميس 25 يوليو انطلاق المرحلة الثانية لمسابقة النوابغ الدولية للقرآن    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    تفاصيل منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 للطلاب في جامعة أسيوط    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دول عظمي‏..‏ وحكام صغار
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 10 - 2010

كان شيئا غريبا ومخزيا أن يقف الرئيس بوش أمام‏200‏ شخص في أحدي القاعات الكبري في الكويت‏,‏ ويقول جئت إليكم أبحث عن وظيفة‏,‏ فأنا الآن رجل متقاعد منذ تركت البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية‏..‏ وأنا أعلم أن في الكويت فرص عمل كثيرة لأنها دولة ديمقراطية‏..‏ هذا هو الرئيس بوش الذي ملأ الدنيا صخبا وضجيجا وحروبا منذ سنوات قليلة ومازال العالم يدفع ثمن خطايا هذا الرجل‏..‏
هذا هو الرئيس الذي جلس علي قمة العالم ثماني سنوات وحكم الدولة العظمي الأولي‏..‏ جاء يبحث عن وظيفة في دولة عربية‏..‏
كان ينبغي أن يقدم الرئيس بوش سيرته الذاتية أمام الشعب الكويتي الشقيق لكي يوفر له المسئولون في إحدي شركات البترول وظيفة مناسبة‏..‏ ولاشك أن السيرة الذاتية للرئيس الأمريكي السابق حافلة بمواقف كثيرة يمكن أن تصل به إلي محاكمة دولية ليحاكم مع مجرمي الحرب‏..‏ ومن أهم ما احتوته هذه السيرة الذاتية مجموعة أشياء لن ينساها العالم ولن تسقط بالتقادم‏,‏ ماذا سيقول الرئيس بوش في مذكراته التي ستصدر بعد أيام تحت عنوان‏'‏ لحظة القرار‏'‏ وهل سيكذب فيها كما كذب رفيقه توني بلير في كتابه‏'‏ الحلم‏'‏ وماذا سيقول التاريخ عن لحظة القرار عند بوش والحلم الكاذب عند بلير؟‏!..‏
في السيرة الذاتية للرئيس الأمريكي السابق فضائح كثيرة منها‏:‏
‏‏ أن الرئيس بوش دبر وخطط ونفذ أكبر عملية إرهاب في تاريخ البشرية وهي كارثة‏11‏ سبتمبر ولم يكشف أحد حتي الآن أسباب هذه المأساة‏..‏ فلا هي عرضت علي القضاء الأمريكي‏..‏ ولا الحكومة الأمريكية كشفت ملابساتها وظروفها خاصة أنها رفضت تشكيل لجنة تحقيق دولية أو محلية للوقوف علي تفاصيل هذه الجريمة‏..‏
إن الوحيد الذي يعرف تفاصيل هذه الجريمة هو الرئيس بوش وعصابته السرية ديك تشيني ورامسفيلد وسمراء الشاشة كوندليزارايس‏..‏
إن أصابع الاتهام في مأساة‏11‏ سبتمبر تشير إلي عناصر مجهولة رغم أن الرئيس بوش لديه كل أوراق ومستندات ووثائق هذه الجريمة‏..‏
‏‏ أن الرئيس بوش هو صاحب ملف أسوأ السجون التي عرفها تاريخ البشرية وهو في ذلك يسبق طغاة التاريخ الذين أقاموا السجون ونصبوا المذابح‏..‏ في سجن أبو غريب كشف الرئيس الأمريكي عن الوجه القبيح للعم سام وجنود المارينز يغتصبون البنات ويعتدون علي الرجال في أقبح صورة عن انتهاك حقوق الإنسان من دولة أقامت كل تاريخها علي أكذوبة اسمها الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة‏..‏ وعلي الجانب الآخر من المأساة كان سجن جوانتناموا ومئات المعذبين من كل دول العالم‏..‏ وما بين سجن أبو غريب وجوانتناموا سجل الرئيس بوش واحدة من أكبر وأطول وأقذر قصص الطغيان في العصر الحديث‏..‏ ما حدث في هذه السجون كان تعرية لوجه قبيح لأمريكا الدولة والسلطة والمؤسسات‏..‏
‏‏ في ملفات السيرة الذاتية للرئيس بوش أكبر أكذوبة في التاريخ الحديث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق وكيف تم استخدام هذه الأكذوبة في احتلال دولة عربية إسلامية وتدمير كل مؤسساتها وجامعاتها وقصورها وتراثها وحضارتها‏..‏ في التاريخ أسماء صنعت الحضارة‏..‏ وشيدت الأمجاد وفي التاريخ أيضا أسماء دمرت الإنسانية وأهدرت كل القيم والأخلاقيات ولاشك أن الرئيس بوش قد أخذ مكانه بجوار سفاحي التاريخ أمثال‏:‏ هولاكو وهتلر وموسوليني وشارون وعصابة تل أبيب‏..‏
لم يكن احتلال العراق بحثا عن أسلحة الدمار الشامل ولكن هناك علاقة خاصة بين الرئيس بوش وروائح البترول‏..‏ أنه يحن إليها منذ كان طفلا صغيرا في ولاية تكساس يلعب القمار ويشرب الخمر ويسهر في الملاهي‏..‏ هناك مشاعر خاصة جدا ربطت بين عائلة بوش والبترول‏..‏ هكذا كان بوش الأب والابن وبقية الأبناء والأحفاد‏,‏ ولهذا لم يكن غريبا أن يذهب الرئيس الأمريكي ليبحث عن وظيفة في إحدي شركات البترول في الكويت ويتسول بعض الهدايا كما فعل والده بعد حرب الخليج‏..‏ القانون الامريكي يمنع الرؤساء ماداموا في مناصبهم من تلقي الهدايا ويطالبهم بتسليمها للحكومة‏..‏ وعندما خرج الرئيس بوش الأب من الرئاسة أمام الرئيس كلينتون ذهب في زيارة إلي الكويت وتلقي يومها هدايا قدرتها بعض المصادر بأكثر من‏40‏ مليون دولار سواء كانت عينية أم نقدية‏..‏ وهذا ما فعله بوش الابن وهو رجل بار بتاريخ والده وسيرته العطرة‏..‏
‏‏ في ملفات السيرة الذاتية للرئيس بوش الابن أيضا انه احتل أفغانستان ودمر كل شيء فيها واستخدمت قواته أحدث ما وصلت إليه ترسانة السلاح الأمريكي في القتل والدمار‏..‏ ولم ينس الرئيس الأمريكي أن يعلن الحرب علي الإسلام والمسلمين متهما الإسلام بالإرهاب رغم أنه سجل أخطر الصفحات إرهابا في العصر الحديث‏..‏
في المكتبات العربية والأجنبية كتاب مشبوه كتبه في عام‏1859‏ جورج بوش الجد هاجم فيه بضراوة نبي الإسلام‏-‏ عليه الصلاة والسلام‏-‏ وشكك في الإسلام العقيدة والنبي والرسالة وربما كان الرئيس بوش الابن قد اقتدي بهذا الكتاب السييء وهو يعلن حربه الصليبية علي الإسلام بعد أحداث‏11‏ سبتمبر وتوابعها‏..‏
إن هذا الكتاب من أسوأ الكتب التي هاجمت الرسول‏-‏ عليه الصلاة والسلام‏-‏ وكان مرجعا لعدد كبير من المستشرقين الذين اتخذوا موقفا عدائيا من الإسلام وربما كانت الجينات التي حملها الرئيس بوش من جده هي التي عكست ما حمله من الكراهية للإسلام والمسلمين‏..‏
‏‏ من أهم فصول السيرة الذاتية للرئيس بوش أيضا أنه وضع أسس مواجهة وصراعات دينية وحضارية بين الغرب والإسلام حين وصم المسلمين بالإرهاب‏..‏ إن ما حدث بعد ذلك من اعتداءات علي المسلمين وتشويه صور النبي‏-‏ عليه الصلاة والسلام‏-‏ في الإعلام الغربي كان امتدادا لموقف الرئيس بوش وحكومته طوال ثماني سنوات تسممت فيها مياه كثيرة بين أمريكا والعالم الإسلامي‏..‏ إن سنوات حكم الرئيس بوش تتحمل المسئولية الكاملة عن إفساد العلاقة بين العرب والمسلمين من جانب والغرب من جانب آخر‏..‏ ولا احد يعلم ما هي نهاية هذه المأساة التي قد تحمل العالم إلي حروب دينية عرقية في السنوات القادمة‏..‏
‏‏ إن ملفات القضية الفلسطينية من أهم الفصول في السيرة الذاتية للرئيس بوش‏..‏ لقد فتح كل أبواب الترسانة العسكرية الأمريكية للجيش الإسرائيلي لكي يجرب هذه الأسلحة في قتل أطفال غزة‏..‏ إن طائرات الأباتشي الأمريكية هي التي قتلت رموز المقاومة الفلسطينية ابتداء بالشيخ احمد ياسين وانتهاء بالرنتيسي‏,‏ ولاشك أن الرئيس بوش هو الذي أعطي إسرائيل من الضمانات ما جعلها تتحدي العالم كله‏,‏ بل إنه أغرق العالم العربي في أحاديث كثيرة عن سلام قادم ودولة فلسطينية مستقلة‏,‏ وخرج من البيت الأبيض ولم يتحقق حلم واحد من هذه الأحلام كانت سنوات حكم الرئيس بوش هي الأسوأ في تاريخ القضية الفلسطينية ما بين الوعود والأكاذيب والعمر الضائع‏..‏
‏‏ من ملفات الرئيس بوش أيضا نهب البترول العراقي فلا أحد يعلم كم سرقت الحكومة الأمريكية من مخزون البترول العراقي وهو أكبر مخزون في العالم لأن آخر برميل من المخزون العالمي سيكون من أرض العراق لا الشعب العراقي ولا الحكومة العراقية ولا أحد يعرف ماذا نهبت أمريكا من ثروات العراق البترولية وغير البترولية‏!!..‏ كانت هناك مجموعات ضخمة من الشركات التي هبطت علي البترول العراقي‏..‏ وكان الثلاثي الشهير في دنيا البترول‏:‏ بوش وتشيني ورامسفيلد يديرون هذه العصابة التي سرقت البترول علي طريقة الأفلام الأمريكية ورعاة البقر وتجارة العبيد‏..‏ ومع البترول كانت عملية نهب واسعة للآثار العراقية وما احتوته القصور والمؤسسات والوزارات والجامعات من تراث حضاري عريق‏..‏
‏‏ برغم هذه الملفات المشحونة بالفضائح والهزائم فإن هناك صفحة أخري تخص الشعب الأمريكي الذي دفع ثمن ذلك كله من حياة ورخاء واستقرار شعبه فقد تحملت الميزانية الأمريكية أكثر من تريليون دولار في السنوات السبع لاحتلال العراق وخسر الشعب الأمريكي ما يقرب من خمسة الاف قتيل ومايزيد علي‏32‏ ألف مصاب وكانت هذه الحرب سببا في عجز الميزانية الأمريكية بمبلغ‏455‏ بليون دولار وقبل هذا كله فإن صورة المواطن الأمريكي والدولة الأمريكية التي تشوهت بسبب كل هذه الأخطاء كانت أكبر من خسائر الحرب والاحتلال والأكاذيب التي روجها الرئيس بوش طوال سنوات الحكمة‏..‏
وعندما ننظر إلي رؤساء آخرين حافظوا علي صورتهم وكرامتهم ورفضوا مبدأ التسول والبحث عن وظيفة نجد الرئيس كارتر وهو يدعو للسلام والرئيس كلينتون وهو يتبني قضايا الإنسان ندرك الفرق بين رئيس صنع تاريخا ورئيس آخر لن يرحمه التاريخ‏..‏ لو كنت عضوا في الكونجرس أو مجلس الشيوخ الأمريكي لتقدمت بطلب رسمي للحجر علي الرئيس بوش الرئيس السابق لأكبر دولة في العالم‏,‏ لأنه ذهب يتسول ويطلب وظيفة في دولة أخري وهذا سلوك لا يليق برئيس‏-‏ سابق‏-‏ لأكبر دولة في العالم‏..‏
وهذه هي الكارثة‏..‏ دول عظمي‏..‏ وحكام صغار‏..‏

‏..‏ ويبقي الشعر
كل الذي أخفيته يبدو عليك
فاخلع ثيابك وارتحل
اعتدت أن تمضي أمام الناس دوما عاريا
فارحل وعارك في يديك
لا تنتظر طفلا يتيما بابتسامته البريئة
أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر عصفورة بيضاء تغفو في ثيابك
ربما سكنت إليك
لا تنتظر أما تطاردها دموع الراحلين
لعلها تبكي عليك
لا تنتظر صفحا جميلا
فالدماء السود مازالت تلوث راحتيك
وعلي يديك دماء شعب آمن
مهما توارت لن يفارق مقلتيك
كل الصغار الضائعين
علي بحار الدم في بغداد صاروا‏..‏
وشم عار في جبينك
كلما أخفيته يبدو عليك
كل الشواهد فوق غزة والجليل
الآن تحمل سخطها الدامي
وتلعن والديك
ماذا تبقي من حشود الموت
في بغداد‏..‏ قل لي
لم يعد شيء لديك
هذي نهايتك الحزينة
بين أطلال الخرائب
والدمار يلف غزة
والليالي السود‏..‏ شاهدة عليك
فارحل وعارك في يديك
الآن ترحل غير مأسوف عليك‏..‏
انظر إلي صمت المساجد
والمنابر تشتكي
ويصيح في أرجائها شبح الدمار
انظر إلي بغداد تنعي أهلها
ويطوف فيها الموت من دار لدار
الآن ترحل عن ثري بغداد
خلف جنودك القتلي
وعارك أي عار
مهما اعتذرت أمام شعبك
لن يفيدك الاعتذار
ولمن يكون الاعتذار ؟
للأرض‏..‏ للطرقات‏..‏ للأحياء‏..‏ للموتي‏..‏
وللمدن العتيقة‏..‏ للصغار ؟‏!‏
ولمن يكون الاعتذار ؟
لمواكب التاريخ‏..‏ للأرض الحزينة
للشواطيء‏..‏ للقفار ؟‏!‏
لعيون طفل
مات في عينيه ضوء الصبح
واختنق النهار ؟‏!‏
لدموع أم
لم تزل تبكي وحيدا
صار طيفا ساكنا فوق الجدار ؟‏!‏
لمواكب غابت
وأضناها مع الأيام طول الانتظار ؟‏!‏
لمن يكون الاعتذار ؟
لأماكن تبكي علي أطلالها
ومدائن صارت بقايا من غبار ؟‏!‏
لله حين تنام
في قبر وحيدا‏..‏ والجحيم تلال نار ؟‏!!‏
‏'‏من قصيدة ارحل وعارك في يديك سنة‏2008'‏
[email protected]

المزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.