الأوقاف: نعيش عصرًا ذهبيًا في افتتاح المساجد وتطوير مسجد السيدة زينب أبهر الجميع    "الرياضة" تنظم دورة في الإنقاذ والغوص لأعضاء فرق الجوالة ومراكز الشباب بالدقهلية    آخر تحديث.. تراجع سعر اليورو في البنوك اليوم الأحد    إزالة 387 إشغال طريق خلال حملة مكبرة في شوارع دمنهور بالبحيرة    خيرات مستقبل مصر.. مشروعات عملاقة للاستصلاح الزراعي والتصنيع والإنتاج الحيواني    وصول بذور الأقطان قصيرة التيلة وبدء الزراعات الأربعاء المقبل بشرق العوينات    «الإصلاحي الحر»: ندعم موقف مصر في مساندتها دعوى جنوب إفريقيا أمام «العدل الدولية»    زيلينسكي: الهجوم الروسي قرب خاركيف ينتشر خارج جبهة الحرب شرق أوكرانيا    البحوث الفلكية: مصر بعيدة عن أي ضرر من العاصفة الشمسية    علاء نبيل ومحمد على يستقبلان المدربين المتقدمين للرخصة «A»    بيراميدز يعلن تفاصيل إصابة كريم حافظ    «الصحة» تغلق عيادة جلدية شهيرة في مدينة نصر    وكيل مشيخة الطرق الصوفية: تطوير مساجد آل البيت تعزيز للهوية المصرية    ثقافة جنوب سيناء تناقش نشأة لغة الإشارة وأهميتها    اتحاد الكرة يستقر على رحيل بيريرا ويفاضل بين الغندور وعبدالفتاح لخلافته (خاص)    عاجل.. تشكيل روما الرسمي لمواجهة أتالانتا في الدوري الإيطالي    ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من 140 شخصا في فيضانات البرازيل ولا نهاية في الأفق    الأرصاد: غدا الاثنين حار نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 29    زوجة ضحية واقعة الكلب: زوج أميرة شنب سلم نفسه للمحكمة كإجراء قانوني    طالبوا بوقف التعامل مع "إسرائيل " ..12 أكاديمياً بجامعة برينستون يضربون عن الطعام دعماً لغزة    تفاصيل قرار النيابة بشأن تجاوز السرعة القانونية ومواجهة الحوادث المرورية (فيديو)    بشأن تمكين.. عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري    بعد تصدرها التريند..تعرف على عدد زيجات لقاء سويدان    غدًا.. وزير العمل: طرح مشروع قانون العمل على "الحوار الاجتماعي"    أمينة الفتوى: سيطرة الأم على ابنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    رئيس جامعة طنطا يتفقد أعمال تنفيذ مشروع مستشفى الطوارئ الجديد    اسكواش.. نتائج منافسات السيدات في الدور الثاني من بطولة العالم    فرحة في الكامب نو.. برشلونة يقترب من تجديد عقد نجمه    موعد عيد الاضحى 2024 وكم يوم إجازة العيد؟    إعلام النواب توافق على موازنة الهيئة الوطنية للصحافة    "العيد فرحة وأجمل فرحة".. موعد عيد الاضحى المبارك حسب معهد البحوث الفلكية 2024    الثلاثاء.. مناقشة رواية "يوم الملاجا" لأيمن شكري بحزب التجمع    بعد انسحاب هيئة الدفاع.. تأجيل محاكمة المتهم بقتل جاره في الفيوم    «سايبين الباب مفتوح».. إحالة جميع العاملين بمركز شباب طوسون بالإسكندرية للتحقيق (صور)    «تعليم النواب»: موازنة التعليم العالي للسنة المالية الجديدة 2024/2025 شهدت طفرة كبيرة    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    لجنة حماية الصحفيين: نشعر بالقلق جراء إفلات إسرائيل من العقاب    لحماية صحتك.. احذر تناول البطاطس الخضراء وذات البراعم    الصحة: الجلطات عرض نادر للقاح أسترازينيكا    المشاهد الأولى لنزوح جماعي من مخيم جباليا شمال غزة هربا من الاجتياح الإسرائيلي    مجلس الشيوخ يقف دقيقة حدادًا على النائب الراحل عبد الخالق عياد    مواعيد امتحانات كليات جامعة حلوان الفصل الثاني 2024    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    جامعة الأقصر تخطط لإنشاء مستشفى وكليتي هندسة وطب أسنان    بعد توجيهات الرئيس بتجديدها.. نقيب الأشراف: مساجد آل البيت أصبحت أكثر جذبا للزائرين    تعرف على أماكن اختبارات الطلاب المتقدمين لمعهد معاوني الأمن لعام 2024    بطاقة 600 طن يوميًا.. إنشاء مصنع لتدوير المخلفات الصلبة فى الدقهلية    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    مجلس الجامعات الخاصة يكشف قرب الانتهاء من إنشاء 7 مستشفيات    kingdom planet of the apes على قمة شباك تذاكر الأفلام الأجنبية في مصر (بالأرقام)    أرسنال يسعى لتأمين حظوظه للتتويج بالبريميرليج.. ومانشستر يونايتد يبحث عن المشاركات الأوروبية    بنك ناصر يطرح منتج "فاتحة خير" لتمويل المشروعات المتناهية الصغر    «الداخلية»: ضبط 4 عاطلين بتهمة سرقة أحد المواقع في أسوان    ل أصحاب برج الثور والجوزاء.. أفضل الأبراج المتوافقة عاطفيًا لتكوين علاقات ناجحة 2024    أسيوط: إزالة 8 تعديات على أراضي زراعية ومخالفات بناء بمراكز أسيوط وصدفا وحي شرق    الدفاعات الأوكرانية تدمر خمس طائرات استطلاع روسية في خيرسون وميكوليف    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    الصحة: تطوير وتحديث طرق اكتشاف الربو وعلاجه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضرورة قصر النشاط التجاري للحاصلين علي التراخيص

طالبت الشعبة العامة للبصريات باتحاد الغرف التجارية بضرورة قيام وزارة الصحة والجهات الرقابية المختصة بالتدقيق في حصول المحال الممارسة للتجارة. والمهنة البصرية علي التراخيص اللازمة حماية لجمهور المتعاملين وتأمين السلامة الصحية للبصريات وفقا للمعايير الطبية المحددة‏,‏ وأوضحت خلال اجتماع مجلس إداراتها الأول بعد الانتخابات الجديدة ضرورة مراجعة النشاط العشوائي الذي انتشر بشكل كبير في سوق البصريات واتخاذ الاجراءات اللازمة والمشددة وفقا للقانون لإغلاق المحال غير المرخصة بما تعنيه أيضا من أضرار علي المصلحة العامة ترتبط بشيوع التهرب الضريبي وعدم سداد مستحقات الخزانة العامة إضافة الي اعتبارها منافذ لترويج السلع المقلدة والمهربة بدون سداد مستحقات الخزانة العامة من الجمارك‏.‏
ويؤكد ابراهيم المغربي رئيس الشعبة العامة للبصريات باتحاد الغرف التجارية أن جهود تحديث التجارة الداخلية وتطوير الممارسات التجارية بجميع أنواعها لابد وأن يرتبط في المستقبل القريب بجهود مكثفة لاعادة التنظيم والضبط والرقابة الفعالة علي النشاط التجاري بأسلوب يوازن بين حقوق المستهلكين وصالح الاقتصاد القومي‏,‏ ويضمن في الوقت نفسه مصالح التاجر المنتظم في معاملاته من حيث الحصول علي الترخيص اللازم لممارسة النشاط التجاري والوفاء بكل متطلباته الصحية والبيئية والتجارية حتي يتم الارتقاء بالتجارة الداخلية‏,‏ وتخليصها من الدخلاء عليها وضمان جودة الخدمة التجارية بأعلي مستوياتها في المحال الصغيرة والمتوسطة والكبيرة علي السواء بما يحقق مستويات معقولة من التنافسية تصب في خانة المستهلك سعريا وتضمن حصوله علي السلعة المطلوبة بالمواصفات القياسية اللازمة وتحميه من كل أشكال الغش التجاري التي تلحق أضرارا جسيمة بالسوق التجارية والمتعاملين والاقتصاد القومي‏.‏واشار الي تبني الشعبة لبرنامج متكامل يتم تنفيذه من خلالها وبالاشتراك مع وزارة الصحة والأجهزة المعنية في الحكومة لتحديث تجارة البصريات وضمان حقوق المتعاملين كنموذج من نماذج خطط تحديث التجارة الداخلية المصرية التي تتبناها وزارة الصناعة والتجارة‏,‏ ويتضمن البرنامج اتخاذ الاجراءات اللازمة لاضفاء الشرعية القانونية علي محال البصريات باعتبارها خطوة ضرورية لتنظيم النشاط ورفع كفاءته وضمان جودة عمله لمواجهة ظاهرة تفشت خلال السنوات الأخيرة أصبحت معها المحال غير المرخصة التي تزاول مهنة بيع وتجهيز النظارات أكثر من ضعفي عدد المحلات المرخص لها بمزاولة المهنة من وزارة الصحة في مدينة القاهرة ومايعنيه ذلك من عدم التزام بتطبيق القانون وغياب الرقابة من الأجهزة المختصة وانتشار العشوائية في التجارة الداخلية‏.‏ وأوضح أن الرصد الذي قامت به الشعبة العامة للبصريات علي الطبيعة يؤكد خطورة العشوائية في مهنة بيع وتجهيز النظارات حيث يوجد في منطقة باب اللوق فقط وبالقرب من وزارة الصحة وأجهزتها المعنية أكثر من‏800‏ محل للنظارات ليس لديها ترخيص بمزاولة المهنة وفي احد الأبراج التجارية المسمي ببرج الاطباء يوجد‏180‏ محلا تمارس نشاط بيع وتجهيز النظارات الطبية بدون ترخيص ولم تتعرض علي مدي سنوات لأي اجراء رقابي لمنعها من ممارسة النشاط او حتي مطالبتها بتوفيق اوضاعها والحصول علي التراخيص اللازمة‏.‏
ويشير ابراهيم المغربي الي أن خطورة المحلات التجارية التي تمارس أنشطتها بدون تراخيص لا تقتصر فقط علي الاضرار بمصالح المستهلكين بل تتعداها للاضرار بالاقتصاد القومي حيث لا تملك بطاقات ضريبية ولا تسدد المفروض من الرسوم المحلية ورسوم النظافة‏,‏ كما يتعرض العاملون بها لضرر عدم الخضوع لقانون التأمينات الاجتماعية وعدم تمتعهم بالتأمين الصحي العام مما يشكل ظاهرة فوضي بسوق العمالة المصرية تنعكس بشكل سلبي شديد علي حقوقهم واجورهم مع حرمانهم من معاشات التقاعد والبطالة مما يحول العاملين بقطاع التجارة الداخلية في الكثير من وحداته الي عاملين في قطاع غير منظم ويؤدي لانخفاض الكفاءة والعجز عن جذب المهارات اللازمة للارتقاء بمستوي العمل‏.‏
وطالب بالتنفيذ الدقيق لقرار وزير الصحة رقم‏205‏ لسنة‏2008‏ المنظم للتراخيص الواجب الحصول عليها لممارسة المهن التجارية المحددة حيث يتم تنفيذه من خلال مفهوم خاطئ ويتم قصر تطبيقه فقط علي محلات البيع والتجهيز للبصريات ويستثني منه محلات العرض للبيع فقط للنظارات بالرغم من أن النظارات بكافة أنواعها حتي غير الطبية تحتاج إلي مراقبة وتفتيش ومراجعة لتلافي ما تسببه من اخطار صحية فادحه علي عيون المصريين في حال عدم مطابقتها للمواصفات القياسية وهو ما ينطبق علي الجزء الغالب من المعروض بالاسواق وتؤكد الضرورات الطبية والصحية حتمية التدقيق في الطبيعة الخاصة لمحلات البصريات لضمان التزامها بالمعايير والمواصفات السليمة المتعارف عليها عالميا ومحليا‏.‏
وكانت الشعبة العامة للبصريات باتحاد الغرف التجارية قد أعيد تشكيل مجلس ادارتها بعد الانتخابات الأخيرة للغرف التجارية والشعب العامة للاتحاد العام للغرف التجارية برئاسة ابراهيم المغربي وانتخب مجدي ماضي نائبا اول وعبد القادر القادري نائبا ثانيا ومراد نصيف سكرتيرا وأحمد حسن سكرتيرا مساعدا وتقرر دعوة رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة الصناعة والتجارة للاجتماع القادم للاتفاق علي الخطوط اللازم اتخاذها لفرض الشرعية علي النشاط ومعاملاته‏.‏
‏+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‏
مقتضيات التقدم والتنمية وتعقيدات النظام التعليمي وسيرك الكتب الخارجية
في السبعينيات من القرن العشرين أكدت كل المؤشرات تدني مستوي التعليم في أمريكا بالمقارنة بالعديد من الدول الصناعية الكبري وفي مقدمتها اليابان‏,‏ وبحكم الارتباط الوثيق بين مستوي التعليم وبين مستوي التفوق العلمي والتكنولوجي وتوفير الثروة البشرية القادرة علي صياغة التقدم وتسريع وتيرته وضمان التنافسية الأعلي والأكفأ للاقتصاد والدولة والمجتمع فقد طلبت الرئاسة الأمريكية اعداد تقرير مفصل عن أوضاع التعليم ومقارنته بمخرجات التعليم في الدول الأكثر تقدما مع طرح تصور شامل للاصلاح يضمن التفوق للتعليم الأمريكي والانسان الأمريكي وجاء التقرير تحت عنوان لافت للأنظار رعميق المعاني والدلالات وكان عنوانه أمة في خطر وترتبت عليه تعديلات جذرية في كامل منظومة التعليم من أدني مراحله إلي أعلاها‏.‏
وحول الصراع المحتدم حول الكتاب الخارجي بين الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم وبين الناشرين ومايعكسه من مناخ عام يبتعد عن جوهر القضايا والمشكلات العامة ويثير الزوابع والأعاصير حول المشكلات الفرعية والجانبية في غياب عمق التحليل الواجب للمشكلات يرصد الدكتور عصام خليفة أستاذ الرياضيات بكلية الحاسبات والمعلومات بجامعة عين شمس والدكتورة ميرفت الديب أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة بنها العديد من الأبعاد المرتبطة بمعركة الكتب الخارجية ويؤكدان حتمية وضرورة أن يعي المجتمع والدولة أن مصلحة الطلاب والارتقاء بالتعليم يجب أن تكون في مقدمة اهتمام جميع الأطراف المجتمعية في حين أن المعركة الطاحنة توضح أن المصلحة العامة ليست هي الشغل الشاغل ولا جودة الكتاب سواء كان كتابا مدرسيا أو خارجيا ولا حقوق الملكية الفكرية ولا جودة التعليم وهو مايستوجب عدم ترك وزارة التربية والتعليم وحدها تخوض المعركة الطاحنة الدائرة الآن حول الكتب الخارجية بحكم ان الهجوم الدائر الآن علي وزارة التربية والتعليم دافعه الأساسي‏,‏ وهمه الوحيد هو المكاسب المادية الخرافية التي يجنيها الناشرون أصحاب المكتبات والمؤلفون وإذا أدركنا ووعينا هذه الحقيقة استطعنا أن ندرس القضية بموضوعية وأن نختار أي فريق يستحق دعمنا كمجتمع لان القضية باختصار شديد هي قضية مكاسب مادية تهددها وزارة التربية والتعليم في أول محاولة جادة للتعامل مع جذور المشكلات المزمنة التي عاني ومازال يعانيها التعليم في مصر منذ سنين‏.‏
ويحذر الخبيران الأكاديميان من أسلوب إدارة الحوار حول المشاكل العامة لأن التجارب تثبت أننا قد نبغنا في تفريع المشكلات والخوض في تفاصيل تبعدنا عن جوهر القضية المطروحة مما يستلزم لتصويب الحوار أن نحدد المشكلة في صورة أسئلة تدخل في صلب القضية الرئيسية في مقدمتها هي‏:‏ هل من مصلحة الطلاب الاعتماد علي الكتب الخارجية واستخدامها كمصدر للمعرفة واعتبارها المرجع الرئيسي والأوحد للتعلم؟ وهل الكتب الخارجية هي أساس التعليم في مصر؟ هل بدونها يفقد الطالب كل دعم تعليمي حقيقي وفعال فيصبح هو ومعلمه ومدرسته جميعا فاقدي القدرة علي الحركة‏,‏ عاجزين عن البحث عن مصادر المعرفة والعثور عليها واستخدامها؟ ويستوجب تصويب مسار النقاش تقديم إجابة عن هذه الأسئلة من المجتمع ككل باعتبارها المدخل الصحيح للتعامل مع الخلاف المطروح ولكن الوصول للاجابة الدقيقة يعترضه أحوال مجتمعية مقلوبة ومغلوطة فقد استقرت وتأصلت أوضاع بعينها في وعي الجمييع منذ سنين عديدة حتي اختلطت الأوراق‏,‏ وأصبح الاستثناء هو القاعدة‏,‏ والخطأ هو الصواب بعينه‏,‏ حتي أننا نخشي أن ينبري الجميع للاجابة عن هذه الأسئلة المطروحة بنعم‏.‏ ونموذج علي ذلك إن أصحاب الدعاوي القائلة بأن الأهم هو مصلحة الأبناء هم أنفسهم أصحاب دعاوي درجات الرأفة في الامتحانات الجامعية‏,‏ وهم أيضا المستفيدون من الحالة المتردية التي آل إليها التعليم الآن‏,‏ فهم يستخدمون هذه الدعاوي الزائفة لدغدغة مشاعر الآباء‏,‏ واستمالتهم‏,‏ واستخدامهم بكل الطرق لشراء كتب لأبنائهم معتقدين أنها الخلاص والسبيل لتأمين مستقبل أبنائهم‏,‏ والحقيقة أن هذه الكتب الخارجية هي ذاتها أخطر الأضرار علي عقول الأبناء‏,‏ تسلب منهم أي فرصة للتفكير وللعمل الجاد‏,‏ وتدعم الحفظ والاستظهار‏,‏ وتعظم قيمة الإجابة الواحدة الموحدة‏,‏ وتحد الأفق فتحرم عقول أبنائنا المتفتحة ليس فقط للمعرفة بل وللحياة من فرص التعلم الحقيقي‏,‏ كما تهدر طفولتهم وشبابهم‏,‏ حيث إن عليهم مثلهم مثل نظرائهم في كل العالم أن يسعوا إلي المعرفة وأن يبذلوا الجهد للحصول عليها‏,‏ وأن يستمتعوا بهذا السعي وذاك الجهد‏,‏ فهذا هو التعليم كما ينبغي أن يكون‏.‏
ويشير الخبيران الأكاديميان إلي نموذج علوم التقدم العالمية الرئيسية كالرياضيات والعلوم حيث نجد أن هذه الكتب تعتمد علي أمر خطير يقوم علي تقديم مشكلات وأمثلة محلولة يحفظها الطالب‏,‏ ويتوقع نمطها في اختبارات نهاية العام‏,‏ بينما تشترك مصر في اختبارات دولية في العلوم والرياضيات‏,‏ فيفشل أبناؤنا كل مرة في الحصول علي مراكز متميزة أو مقبولة‏,‏ لماذا؟ لان الاختبارات الدولية تعتمد علي إطلاق التفكير وتنمية مهارات حل المشكلات ومواجهتها‏,‏ وتصنف الدول طبقا لنتائج طلابها في هذه الاختبارات‏.‏
فليسأل أصحاب الكتب الخارجية أنفسهم‏,‏ وليسألهم المجتمع عما فعلوه لتنمية تلك المهارات ودعم أبناء مصر لاجتياز تلك الاختبارات‏,‏ ولنسأل أنفسنا أي موقع من العالم نقع وأي انجاز حققنا‏,‏ ولتوضيح حجم الضرر الذي تسببه هذه الكتب نضرب بعض الأمثلة الواقعية‏,‏ فعلي سبيل المثال عندما نري أن من أحد أهداف تعلم اللغة‏(‏ أي لغة‏)‏ أن يعبر الطالب عن نفسه كتابة تعبيرا سليما‏,‏ فمهارة الكتابة علي خلاف ما يعتقده الكثيرون من أهم مهارات سوق العمل‏,‏ يتطلب تحقيق هذا الهدف الكبير الكثير من العمل للمعلم والطالب علي مدي سني التعليم العام‏,‏ فعلي الطالب ان يقرأ كثيرا‏,‏ وأن يكون فكرا حول قضايا مختلفة‏,‏ ثم عليه ان يتعلم كيف يطرح أفكاره الخاصة ورؤيته المتفردة علي الورق‏,‏ ثم عليه ان يعيد قراءة ما كتبه وتأمل أفكاره من حيث وضوحها ومنطقيتها‏,‏ ومن حيث قوة حجته والأدلة التي يسوقها لدعم وجهة نظره ثم يصوب ما كتبه‏.‏
وفي المقابل فإن الكتب الخارجية بمنهجها وأسلوبها تختزل تلك العمليات الإبداعية‏,‏ والتي يجب علي المعلم أن يرعاها‏,‏ ويتأكد من مرور الطلاب بها من خلال أنشطة متنوعة يعدها لهم ويتيح للطلاب خلالها فرصة الاطلاع والبحث والتجريب والتأمل والابداع‏,‏ فيحققون من خلالها ذاتهم منمين فكرهم ولغتهم ومهاراتهم‏,‏ في حين تختزل تلك الكتب تلك العمليات والمهارات الي موضوعات سابقة الإعداد ليحفظها الطلاب ويعيدوا كتابتها حينما يراد منهم ذلك‏,‏ فيحرمون من ممارسة الفكر وعمليات التعلم ويستقروا عند الحفظ وهو أدني مستويات التفكير‏,‏ وينتهز أباطرة الدروس الخصوصية هذا الوضع المتردي ويتمادون الي إعداد مقدمات جاهزة تصلح لكل الموضوعات المختلفة وكذلك إعداد عبارات محفوظة تصلح لختام أي موضوع‏,‏ وبذلك فقد تحالفت تلك القوي لضرب الهدف في مقتل وسلب المعلم مهنيته والطالب حقه في أن يفكر وينمو ويتعلم‏.‏
أما عن الرياضيات وهي العلم المرتبط ارتباطا وثيقا بتقدم الأمم اقتصاديا وعلميا‏,‏ والتي تطورت لترتبط بالعلوم الحيوية والإدارة والاقتصاد والعلوم الأساسية والزراعية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات‏,‏ فقد استلزمت هذه التطورات التركيز علي عمليات حل المشكلات وتحليل البيانات وعرضها وتعدد المداخل والحلول‏,‏ وبدلا من ذلك فقد دعمت تلك الكتب ثقافة المسائل المحلولة والخطوات المحفوظة لحلول هذه المسائل مما يشل قدرة الطالب علي التفكير الرياضي‏,‏ ويحول دون تنمية مهارات هذا التفكير ومهارات حل المشكلات‏,‏ وتحولت الرياضيات من مادة فكر واستمتاع الي مادة جافة جامدة بعيدة عن الحياة وبعيدة عن اهتمام الطلاب‏.‏ ونتج عن هذه الأوضاع المعكوسة في التعليم ظهور مشكلات قومية أكبر من أهمها عزوف الطلاب عن الدراسات العلمية‏,‏ واللجوء الي الدراسات الأدبية والتي بالرغم من أنها أيضا علوم للتفكير والابداع فقد تحولت من منظور الطلاب بسبب تلك الكتب الي مواد للحفظ والاستظهار سهلة التحصيل تضمن لهم النجاح‏.‏
ويؤكد الدكتور عصام خليفة والدكتورة ميرفت الديب في تحليلهما جوانب أخري من القصور في العملية التعليمية تساهم في استكمال منظومة الخلل بامتحانات قاصرة تدعم الحفظ وتشجعه وهو ما يعرف علميا بالأثر الرجعي للامتحانات‏,‏ فإذا جاء الامتحان في محاولة يائسة لتعرف وتمييز الطالب الذي مازال لديه لمحة من فكر أو شجاعة البحث خارج قيود سجن الكتاب خرج المجتمع كله إلا قلة من المتعلمين المدركين لخطورة ما يجري في مسيرة يهتف بعودة الامتحان الي صفحات الكتاب‏.‏ويسلتزم الاصلاح الشامل أن تراجع القيم التي غرسناها ونغرسها كل يوم في نفوس أبنائنا الذين نزعم أننا نسعي لمصلحتهم بحكم انه قد آن الأوان ليعيد كل منا النظر فيما نعني بمصلحة الأبناء بحكم ان الواقع الراهن يؤكد ان المجتمع ونظام التعليم بدون أن نعلم يغرس قيم التواكل وإلقاء اللوم علي الاخرين والسلبية والكسل‏,‏ والأغرب أن يستدير المجتمع كله بعد ذلك ليشكو من ضعف مستوي الأبناء العلمي وفقدانهم لمهارات سوق العمل بل وفقدانهم للهوية والرؤية ورغبتهم الدائمة والملحة في الهجرة وتشكو وزارة التعليم العالي من ضعف مهاراتهم وعدم صلاحيتهم للدراسة الجامعية ونبدأ بالحديث عن الكتاب الجامعي وأي دولة في العالم تتحدث عن الكتاب الجامعي؟ ما يسمي بالكتاب الجامعي الان ما هو إلا امتداد طبيعي للكتب الخارجية في التعليم العام وهي في النهاية مسكنات مخدرة تعود عليها الطلاب وتحاول وزارة التعليم العالي ان تنمي لديهم مهارات سوق العمل بعد ان فات الأوان وبعد أن ضاعت الفرصة الحقيقية لتنمية هذه المهارات علي مدي‏12‏ عاما من الدراسة في مراحل التعليم العام‏.‏
وعلي خلاف الرضا الذي يشعر به أولياء الأمور بالتحاق ابنائهم بالتعليم العالي فان حقائق الواقع جميعها تشير الي ان التحاقهم قد تم بعد أن فقدوا كل قدرة علي التفكير والإبداع‏,‏ وانهم محرومون من أي مهارات حياتية ثم ينتهوا من هذه الدراسة لينضموا الي طوابير العاطلين وقد فقدوا الأمل في أي فرصة عمل ويشكو رجال الأعمال وسوق العمل والمجتمع ككل من غياب العمالة المؤهلة المدربة‏,‏ ونبدأ في الاستعانة بالعمالة الأجنبية والوافدة لنبكي كلنا علي ابنائنا بعد أن أضعناهم‏,‏ مما يحتم ان نسأل أنفسنا هل من مصلحة الأبناء أن نحرمهم من فرص السعي للعمل بحجة أننا نؤمن لهم فرص النجاح؟ وأن نسأل أيضا هل من مصلحتهم أن نحرمهم من الاطلاع علي كل جديد‏,‏ واستخدام الموارد والمصادر المتاحة من حولهم‏,‏ فنبحث بالنيابة عنهم ونلخص لهم ونعطيهم ما توصلنا نحن اليه ليحفظوه‏,‏ فنهدر قيمة العمل بحجة اننا نوفر عليهم الوقت والجهد؟ وكذلك هل من مصلحتهم ان نفرض قيودا علي فكرهم وإبداعهم وأن نحولهم الي قوالب جامدة ونسخ مشوهة من بعضهم البعض بحجة المساواة والعدالة؟وهل من مصلحة مصر أن تظل خارج حدود الزمن وأن تظل في مسيرة السعي إلي الوراء دون رؤية أو هدف‏,‏ وهل يمكن الابقاء علي نظام التعليم الذي يطلب من كل الطلاب في أي إمتحان ان يجيبوا كلهم نفس الإجابة‏,‏ وهو ما يعني ببساطة انه نظام تعليمي يرفض التنوع والابداعات الفردية والأفكار الجديدة وإعمال العقل‏.‏
‏***‏
نحن أمة في خطر وسنظل في خطر ما دام بيننا من يفضل مصالحه الشخصية ومكاسبه المادية علي مصلحة الوطن‏,‏ وطالما ومازال بيننا من هم مستعدون لتشويه الحقائق وإيهام الناس بأنهم أكثر حرصا علي مصلحتهم من المسئولين عن تعليمهم في مصر‏,‏ فلننتبه جميعا ولنقف وقفة واحدة ضد هذا التيار الجارف والذي ندفع ثمنه جميعا الان‏,‏ ولنسأل أنفسنا أي مستقبل ننتظر؟ أي فريق ندعم؟ وهل نعي ما نحن فاعلون؟‏!‏

[email protected]'


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.