كتب:أحمد الزهيري كشف عقد أرض مدينتي بين هيئة المجتمعات العمرانية وهشام طلعت مصطفي عن العديد من البنود التي تعتبر بأي مقياس قانوني إجحافا بحق الدولة لا مبرر له علي الاطلاق. وتفوح منه رائحة الفساد أو الإهمال أو عدم الخبرة القانونية للمسئولين عن الشئون القانونية في هيئة المجتمعات أو في الجهات الحكومية المماثلة التي تورطت في عقود من هذا النوع. الأمر الذي فرض علي الساحة ضرورة وجود نماذج لعقود البيع والشراء يضعها كبار أساتذة القانون من قضاة ومستشارين وكبار المحامين تحفظ حقوق الدولة وتمنع تلاعب أصحاب النفوس الضعيفة من المسئولين ومن يملكون القرار.. ويكون هناك نموذج مثلا لعقود أراضي الاستصلاح وعقود أخري للأراضي الزراعية وعقود ثالثة للاراضي الاستثمارية يتوافر بها الحد الأدني من ضمان حقوق الدولة. المستشار يحيي دكروري نائب رئيس مجلس الدولة يقول: إن الأراضي في مصر تحتاج إلي قانون ينظم عملية التصرف في تلك الأراضي وهو ما كلف به الرئيس مبارك القانونيين في مصر.. لكن القانون شيء مجمل يضع القواعد العامة التي تنظم عملية بيع وشراء الأراضي بمختلف أنواعها, وهذا القانون يحتاج إلي إيجاد تفصيلات لكل صغائر وكبار الأمور, حتي لا تحدث ثغرات في القانون, وبناء عليه يجب أن يتم عمل مجموعة من العقود التي تكون نماذج يتم الالتزام بها من كل فئات الدولة التي تتعامل مع الأراضي. ويتم وضع عقد لكل حالة من حالات التصرف في أراضي الدولة.. بمعني أن أساتذة القانون والقضاة يعكفون علي وضع نموذج يقتدي به لكل نوع أرض حيث سيكون هناك نموذج لبيع أراضي الاستصلاح مثلا ونموذج آخر لبيع الأراضي الزراعية طرح النهر, ونموذج آخر لبيع الأراضي التي سيتم البناء عليها. وبالتالي سوف نغلق نهائيا أبواب التلاعب, لأن أي عقد يخرج عن السياق الذي أقرته الدولة وبعد صدور القانون المنظم لها يعتبر عقدا باطلا ولا يعتد به سواء أمام المحاكم المصرية أو لدي لجان ومحاكم التحكيم الدولي. فوضي العقود أما رجائي عطية المحامي فله رأي آخر حيث يقول: لا يمكن وضع نماذج عامة للعقود تطبق علي عملية بيع الأراضي للمستثمرين, لأن ذلك يحتاج إلي حرفية عالية في الكتابة لضمان حقوق الدولة, ولابد لكي يحدث ذلك من وجود أساتذة متخصصين في القانون وعالمين ببواطن الأمور في مثل هذه المسائل, كما أن لكل عقد خصوصية, كما أن الشروط التي يتفق عليها الاطراف المتعاقدة تحتاج إلي لجان لصياغة هذه الشروط حتي لا تقع في مشاكل مستقبلا, تماما مثلما حدث في قضية مدينتي وغيرها من العقود التي كتبت من غير متخصصين ومن هواة. وأضاف أن العقد هو حقوق والتزام بين الأطراف الموقعة عليه وأن ما يحدث الآن من فوضي في صياغة وكتابة العقود يتجه لتدخل أطراف ليس لهم صلة بالمهنة في صياغة تلك الأوراق التي تعتبر غاية في الأهمية, حيث تجد مثلا المحاسبين يكتبون عقود الشركات مما ينتج عنه نقاط ضعف كبيرة وثغرات تفتح أبواب المشاكل. ويضيف رجائي عطية: أن كل عقد يعتبر حالة خاصة, وعلي الدولة أن تطبق هذا المبدأ المهم في جميع تعاقداتها مع المستثمرين سواء المحليون والأجانب, وأن يتم تشكيل لجان قانونية من كبار القضاة والمحامين في مصر لتعرض عليهم هذه العقود ويناقشوا بنودها ثم يضعوا ملاحظاتهم عليها وبعد ذلك يتم اتخاذ القرار المناسب بعد التعديل حتي لا تتكرر نفس المشاكل ونفس الأخطاء. عقود نموذج ويقول شريف عبدالرحيم المحامي إن طلعت مصطفي في مشروع مدينتي حصل علي ما لا يستطيع أحد غيره الحصول عليه من شروط إذعان في عقده مع وزارة الاسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية وهو ما كشف العوار الموجود في العقود التي تبرمها الدولة مع المستثمرين فلايعقل مثلا أن يحصل فرد أو مؤسسة علي330 مليون متر بدون مقابل. وأن تفقد الدولة147 مليار جنيه لأن العقود لم تنص علي دفع قيمة مادية أو أن يحوي العقد توصيل المرافق مجانا.. وأن يمنح العقد طلعت مصطفي حق التدخل في حصة الهيئة من الوحدات السكنية واستخدام حق الشفعة. كل ذلك قاد أصحاب الرأي وأهل القانون في مصر إلي التفكير في إيجاد صيغ محددة تعتبر نماذج إرشادية لتمليك الأراضي سواء للاصلاح أو للاستثمار أو للبناء عليها مجتمعات عمرانية جديدة وهي خطوة تم التأخير فيها كثيرا, فبعد أن تقر الدولة القانون الذي أقترحه الرئيس مبارك في شأن بيع وتمليك وحق الانتفاع من أراضي مصر.. نوصي نحن أهل القانون خاصة بأن يتم تنظيم مجموعة عمل من القضاة والمحامين يعكفون علي صياغة صيغ ارشادية تلتزم بها هيئة المجتمعات العمرانية واستصلاح الأراضي في تعاقداتها مع الهيئات والأفراد.. هذه الصيغة هي التي يتم التعامل بها حفاظا علي حق الدولة والمواطنين في أراضيها.فالعقد هو شريعة المتعاقدين.. أما تخوف بعض الأفراد من أن هذا يمكن أن يؤثر علي الاستثمار.. فالرد الطبيعي أن تلك العقود سوف يكون بها من المصداقية والجدية ماسوف يجلب المستثمر إلي مصر وهو ألا يخشي أن يبخس حقة أو يتم التلاعب به قانونيا فماذا حدث نتيجة الصياغة الركيكة, والبنود المجحفة ضد الدولة, تم إلغاء تلك العقود واستغلت الثغرات الموجودة بها وخسر المستثمر وقته وأمواله نتيجة لعدم واقعية العقود, ولذلك فان العقود النماذج سوف تكون هي الحل مع إعطاء نوع من المرونة في الاتفاق لأصحاب القرار بما لا يخل بحق الدولة.