أسعار الدواجن واللحوم اليوم 26 مايو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 26 مايو    متى تنتهي خطة تخفيف الأحمال؟ وزير المالية حسم الأمر    الجثث تفحمت، مصرع 27 شخصا بينهم أطفال في حريق ضخم بمتنزه هندي (فيديو)    أنطونوف: بايدن يهين الشعب الروسي بهجماته على بوتين وهذا أمر غير مقبول    مشهد بديع لشروق الشمس من قلب الريف المصرى فى الشرقية.. فيديو    الدبلومات الفنية 2024| اليوم.. استمرار الامتحانات داخل 2562 لجنة    اليوم بدء أعمال التصحيح لامتحانات الفصل الدراسي الثاني لإعدادية البحر الأحمر    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024.. ومواعيد الإجازات الرسمية لشهر يونيو    نقع الأرز ل4 ساعات يخفض مستويات السكر في الدم    عاجل.. زلزال بقوة 6،3 درجات يضرب جزر فانواتو    مع اقتراب نهاية السنة المالية.. تعرف على مدة الإجازة السنوية وشروط الحصول عليها للموظفين    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني عبر موقع بوابة التعليم الاساسي    إيلون ماسك يحذر المستخدمين من سرقة رسائلهم على واتساب    حقيقة وفاة الداعية التركي فتح الله جولن    أدعية الصفا والمروة.. «البحوث الإسلامية» يوضح ماذا يمكن أن يقول الحاج؟    وزير البترول: وزارة الكهرباء تتخلف عن سداد فواتير الوقود ب 120 مليار سنويا    هل سيتم تحريك أسعار الأدوية الفترة المقبلة؟.. هيئة الدواء توضح    وزير البترول: ندعم وزارة الكهرباء ب 120 مليار جنيه سنويا لتشغيل المحطات    والدة مصطفى شوبير: وجوده مع الشناوي شرف.. وعزومة «حمام ومحشي» للاعبي الأهلي    المقاولون العرب يهنئ الأهلي على فوزه بدوري أبطال أفريقيا    «أصعب 72 ساعة».. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم وتحذر من تغير مفاجئ بالحرارة    زاهي حواس: إقامة الأفراح في الأهرامات "إهانة"    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج العقرب    حظك اليوم برج السرطان 26/5/2024    "هرب من الكاميرات".. ماذا فعل محمود الخطيب عقب تتويج الأهلي بدروي أبطال إفريقيا (بالصور)    للقارة كبير واحد.. تركى آل الشيخ يحتفل بفوز الأهلى ببطولة أفريقيا    واجب وطني.. ميدو يطالب الأهلي بترك محمد الشناوي للزمالك    أسعار الذهب اليوم الأحد 26 مايو 2024 محليًا وعالميًا    نيابة مركز الفيوم تصرح بدفن جثة الطفلة حبيبة قتلها أبيها انتقاماً من والدتها بالفيوم    باريس سان جيرمان بطلا لكأس فرنسا على حساب ليون ويتوج بالثنائية    الرئيس التونسى يقيل وزير الداخلية ضمن تعديل وزارى محدود    مصرع 20 شخصا إثر حريق هائل اندلع فى منطقة ألعاب بالهند    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج الدلو    جورج لوكاس يتسلم "السعفة الذهبية" بحضور كوبولا في ختام كان السينمائي    قصواء الخلالى: الرئيس السيسى أنصفنا بتوجيهاته للوزراء بالحديث المباشر للمواطن    وزير الرياضة ل"قصواء": اعتذرنا عما حدث فى تنظيم نهائى الكونفدرالية    سلوى عثمان تنهار بالبكاء: «لحظة بشعة إنك تشوف أبوك وهو بيموت»    مشابهًا لكوكبنا.. كوكب Gliese 12 b قد يكون صالحا للحياة    حزب المصريين: الرئيس السيسي يتبع الشفافية التامة منذ توليه السلطة    رابطة النقاد الرياضيين تُثمن تصريحات الشناوي بتأكيد احترامه للصحافة المصرية    أطول إجازة للموظفين.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات للقطاع العام والخاص    صحة كفر الشيخ تواصل فعاليات القافلة الطبية المجانية بقرية العلامية    زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث.. وما يجب فعله للوقاية    العلاقة المشتركة بين سرطان الرئة وتعاطي التبغ    بيرسي تاو يُهادي جماهير الأهلي بعد التتويج بدوري أبطال أفريقيا (فيديو)    قطع المياه اليوم لمدة 6 ساعات عن بعض المناطق بالأقصر.. تعرف عليها    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي «طنطا» و«مدينة السادات»    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائره الضوء
لأجل وطن محروم من شبابه لابد أن يكون النشاط البدني مادة أساسية في المدرسة‏..‏ تحرير رغيف العيش كلفوا به الجيش‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 09 - 2010

‏ المدارس المصرية في الابتدائي والإعدادي والثانوي تضم‏15‏ مليونا و‏200‏ ألف طالب وطالبة وهذا العدد يقترب من ربع تعداد الوطن وهذه المقارنة توضح أننا أمام رقم هائل مخيف‏... ومن ناحية هائل فهو كذلك بالفعل لأنه يفوق تعداد دول حولنا بأكثر من‏60‏ ضعفا‏..‏ أي أكبر منها‏60‏ مرة‏...‏
أما من جهة مخيف فهذا هو الواقع فعلا لأن خطأ أو إهمالا أو سهوا إن وقع مثلا في عدد مائة أو حتي ألف طالب فهو أمر بسيط وبالإمكان تداركه واحتواؤه وإصلاحه لأننا نتكلم عن عدد لا يذكر إن تمت مقارنته ب‏15‏ مليونا و‏200‏ ألف‏..‏ ولذلك‏!.‏
العدد الكبير الذي هو ملايين تتخطي ال‏15..‏ هو مخيف فيما لو تعرض هذا العدد الهائل لإهمال أو أخطاء أو نقص في الإعداد‏...‏
والمدرسة المصرية ضحية منذ‏50‏ سنة‏..‏ من وقت أن بدأ العبث في أهم مؤسسة وطنية للمراحل السنية الخام المبكرة القابلة لأن تتشكل علي الشكل الذي يطبعه عليها المجتمع‏..‏ لذلك المدرسة المؤسسة التربوية التعليمية الأهم علي الإطلاق لأنه فيها يتم بناء الإنسان المصري عقليا ونفسيا وصحيا وأخلاقيا وبدنيا وعلميا‏..‏ وبقدر ما يتم في المدرسة يكون التطور واكتمال البناء فيما بعد المدرسة‏...‏
المدرسة المصرية ضحية منذ أكثر من نصف قرن‏..‏ منذ قرروا نسف نظامها المعمول به وقتها في كل دول العالم ومستمر وحتي الآن‏..‏ ونظامها الذي نسفوه أن البكالوريا‏(‏ نهاية التعليم الثانوي‏)‏ هي شهادة انتهاء التعليم بما يعني أن الثانوية هي المرحلة المنهية للتعليم وشهادتها يتم العمل بها لأنها شهادة محترمة علميا واجتماعيا باعتبار الثانوية هي المرحلة المنتهية ولا أحد ينظر لها نظرة دونية وهذا معمول به في العالم حتي الآن وفوق ال‏95‏ في المائة من طلبة المدارس في العالم يقومون بالعمل بشهادة الثانوية وأقل من خمسة في المائة هم من يكملون الدراسة الجامعية المرتفعة التكلفة والمقننة الأعداد لأن المسألة مرتبطة بمجتمع واحتياجاته وليس مكتب تنسيق ومجاميع‏...‏
نسفوا نظام المدرسة المصرية الذي كانت فيه قيمة البكالوريا العلمية والأدبية بمثابة الدكتوراه‏..‏ نسفوه وجاءوا مكانه بمسخ اسمه الثانوية العامة التي اتضح أنها تأديب وتهذيب وإصلاح وإلهاء للشعب المصري الذي وجد نفسه ضحية قهر الثانوية العامة بعدما تحولت مصر إلي بلد شهادات ومن لا يحمل الورقة الجامعية يقابلني لو سمع كلمة حلوة في يوم أو مخلوق احترمه في مكان أو تزوج بنتا أحبها أو دخل عضوية ناد أو حتي مركز شباب‏!.‏
نسفوا نظامها ودمروا مناهجها والوسائل التربوية لم يعد لها وجود رغم أن أهميتها تسبق العملية التعليمية ذات نفسها‏..‏ وبين يوم وليلة رحلت عن المدرسة المصرية الرياضة والموسيقي والرسم والشعر وكل الأنشطة التي تضع أيدينا علي المواهب الكامنة داخل أطفالنا في كل المجالات والممارسة هي الوسيلة الوحيدة التي تكشف عن المواهب وعندما نمنع ملايين الأطفال من ممارسة الأنشطة فهذا معناه أننا انحرمنا من المواهب الكامنة الموجودة داخل ملايين الأطفال الذين لا يعرفون أنهم موهوبون ولا نحن نعرف لأنهم من الأصل لم يمارسوا أي نشاط وتلك كارثة بل جريمة‏!.‏
أظنها أكبر جريمة ارتكبت في حق الوطن الذي حرمناه من مواهبه منذ حرمنا ملايين الطلبة من ممارسة الأنشطة التربوية في المدارس المصرية‏...‏
أنا هنا أتوقف أمام الرياضة تحديدا لأنها النشاط التربوي الأهم علي الإطلاق‏..‏ والرياضة التي أقصدها ليست كرة القدم وبقية اللعبات إنما هي أي نشاط حركي أو التمرينات البدنية التي تبني العضلات وتقوي الأربطة وتحمي العظام وتمنع أي تشوهات وتخلق الجسم السليم‏..‏ عضلات وعظاما وأربطة وهذا الجسد السليم هو القادر علي امتلاك اللياقة البدنية والصحية العالية‏...‏
التمرينات البدنية هي أساس صياغة الجسم السليم القادر بدنيا وعقليا ونفسيا علي أن يكون منتجا مساهما في رفع الاقتصاد‏.‏
التمرينات البدنية هي التي تنمي القوة والسرعة والجلد والقدرة من مراحل السن المبكرة وتأخذ في تنميتها ولنا أن نتخيل طلبة مدارسنا إذا ما خضعوا إلي هذه التمرينات وإذا ما امتلكوا العضلات القوية والقوام السليم الممشوق واللياقة البدنية‏..‏ نتخيل انعكاس ذلك عليهم وعلينا‏!.‏
عليهم‏..‏ علي الشباب‏..‏ سيكون الأمر أكبر وقاية من الإدمان والانحراف لأن من امتلك الجسد الرياضي صعب إن لم يكن مستحيلا أن يفرط فيما امتلكه وأن يضعف ويجعل المخدرات والانحراف يحولان قوته إلي ضعف ولياقته إلي هزال‏...‏
وعلينا‏..‏ علي المجتمع‏..‏ المؤكد أن وجود‏15‏ مليون طالب وطالبة في المدارس بلا تشوهات في أجسامهم وبعضلات قوية ولياقة بدنية عالية‏..‏ المؤكد أن هؤلاء قاعدة بشرية عظيمة في الإنتاج الذي ينعكس علي اقتصاد وطن وفي رياضة البطولة وفي وجود شباب قادر علي الدفاع عن حدود الوطن وفتيات قادرات علي بالقيام بدورهن في المستقبل كزوجات وأمهات ينجبن أجيالا قوية ويقدرن علي تربيتهم بدنيا وصحيا‏...‏
بعد أن تخيلنا أهمية التمرينات البدنية لأطفالنا وشبابنا‏..‏ تعالوا نرجع إلي الواقع القائم الذي فيه ال‏15‏ مليونا و‏200‏ ألف طالبة وطالب الموجودين في مدارس مصر‏..‏ ووجودهم تحت أيدينا وأمام عيوننا يسهل علينا أمورا كثيرة لأن هذه الملايين موجودة أمامنا يوميا ولن نحتاج إلي جهد أو وقت لجمعها والمؤسف أننا أهدرنا هذه القيمة وأهملنا هذا التجمع البشري الهائل الذي سيتحول من حال إلي حال مختلف جذريا فيما لو أردنا هذا‏...‏
اقتراحي هنا محدد‏..‏ هذه الملايين الموجودة تحت إشرافنا وأمام عيوننا نخضعها جميعا لبرنامج تدريبات بدنية قائم علي أسس علمية لبناء وتنمية الجهاز البدني والعظمي والأربطة من بداية المرحلة الابتدائية وحتي نهاية الثانوية‏...‏
تدريبات بدنية مقننة للمرحلة الابتدائية من حيث العدد ومرات التكرار وأخري للمرحلة الإعدادية وثالثة للثانوية‏..‏ ونفس الأمر مع المعاقين بتدريبات مختلفة وفقا لنوع ودرجة الإعاقة‏.‏
هذا الاقتراح سهل جدا تطبيقه لأنه لا يحتاج إلي ملاعب ولا يحتاج إلي أدوات ويمكن للطالب أن يؤدي هذه التدريبات في مساحة علي الأرض تعادل طوله‏...‏
هذا الاقتراح هو المدخل الوحيد الصحيح لعودة الرياضة للمدارس ومضمون نجاحه فيما لو صدر قرار من السيد وزير التعليم بجعل الرياضة وفق هذا الاقتراح وأقصد التمرينات البدنية‏..‏ جعلها مادة نجاح ورسوب وتضاف إلي المجموع ولن يكون هناك متضرر لأننا نتكلم عن تمرينات بدنية وليس لعبات يكون للموهبة دور فيها بما يخل بتكافؤ الفرص‏.‏ التمرينات موضوعة بأسلوب علمي والدرجات التي تمنح عليها مقننة وتأخذ في اعتبارها الفوارق البدنية الوراثية‏...‏
هذا الاقتراح‏..‏ فائدته تعود مباشرة علي الطالب نفسه عندما يجد أنه امتلك ما يستحيل التفريط فيه‏..‏ امتلك جسما رياضيا ولياقة بدنية وهذه المرحلة السنية كل من فيها يحب أن يكون مميزا‏...‏
هذا الاقتراح فائدته تعود علي الأسرة التي وجدت مادة دراسية بلا دروس خصوصية وتعد أكبر حماية لأبنائها من الانحراف وهذا وحده مكسب لا يقدر بمال‏...‏
هذا الاقتراح هو أقل ما نقدمه لوطن حقه علينا أن نقدم له أجيالا قوية عفية قادرة علي حماية حدوده وتأمين ربوعه بإنتاجها وبتوازنها البدني والنفسي والصحي‏...‏
تعالوا نجعل ال‏15‏ مليونا و‏200‏ ألف طالب وطالبة في المدارس المصرية‏..‏ قوة نفخر ونستفيد بها‏...‏ لا أن نشفق عليها ونخجل منها‏...‏
‏........................................................‏
‏**‏ الأسبوع الماضي تناولت علي كل هذه المساحة قضية القمح الذي يقوم عليه رغيف الخبز الذي وصفه المصريون باسم رغيف العيش أي رغيف الحياة‏..‏ والوصف المصري لرغيف الخبز يدل علي أهميته البالغة للمصريين الذين يرون كل السلع الغذائية قابلة للاستثناء من قائمة الاستهلاك اليومي إلا رغيف العيش فلا استغناء عنه ولا استثناء منه‏..‏
كتبت بالتفصيل الموثق بأرقام ومعلومات استندت إليها من نشرة يوليو التي يصدرها مركز العقد الاجتماعي وثيق الصلة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء‏...‏
أوضحت فيما كتبت الجمعة الماضي تفاصيل أزمة الغذاء العالمي‏1974‏ وأزمة‏2007‏ وكيف أن تقلبات المناخ عامل مشترك في الأزمتين وعامل مؤثر فيما لو طالت الدول الرئيسية في إنتاج الحبوب الغذائية وكيف أن محاصيلها تدمرت من جراء المناخ وكيف انعكس الأمر علي المخزون العالمي وبالتالي تحول إلي أزمة غذاء يعاني منها العالم‏...‏
أوضحت أن ارتفاع أسعار الطاقة عامل آخر في أزمات الغذاء العالمي نتيجة اعتماد الميكنة الزراعية علي الطاقة ووسائل النقل المستخدمة زراعيا علي الطاقة ونقل الغذاء ذات نفسه مرتبط بالطاقة‏...‏
أوضحت أن ارتفاع أسعار الطاقة دفع بدول كثيرة في العالم وأمريكا أولها إلي استخراج الوقود الحيوي من الحبوب الغذائية بعد أزمة غذاء‏1974‏ وأن اكتمال هذا المشروع‏..‏ مشروع الوقود الحيوي جاء سببا رئيسيا في أزمة غذاء العالم‏2007‏ بالمشاركة مع المناخ السيئ الذي ضرب دولا أساسية في إنتاج الحبوب مثل كندا وأستراليا والأرجنتين والصين‏...‏
ذكرت التوصية التي خلصت إليها الدراسة المحترمة التي قام بها مركز العقد الاجتماعي وثيق الصلة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الحكومي والتي توصلت إلي الأهداف المقترحة للسياسات الزراعية المصرية والبرامج اللازمة لتفعيلها في مواجهة أزمات الغذاء العالمية‏..‏ والأهداف اثنان والبرامج ثلاثة عشر برنامجا والهدفان والبرامج ال‏13‏ لأجل رفع مستوي الاكتفاء الذاتي من القمح محليا إلي أن نصل لليوم الذي نزرع فيه القمح الذي يكفينا ولا نكون تحت رحمة الغير في استيراد قمح رغيف العيش الذي نأكله‏...‏
خلاصة ما عرضته الأسبوع الماضي من خلال الدراسة العلمية‏..‏ انتهي إلي حقيقتين لابد أن نعرفهما ولابد أن نواجههما‏:‏
الأولي‏:‏ أن أزمات الغذاء في العالم مستمرة وفي تزايد مع تزايد المناخ المتقلب وتزايد استخراج الوقود الحيوي من الحبوب حتي إنه وصل في‏2006‏ إلي قرابة ال‏40‏ بليون لتر إيثانول وحوالي‏6.4‏ مليون لتر زيت ديزل حيوي ولكي نعرف حجم الحبوب التي حرمنا منها الإنسان كغذاء لأجل أن تكون وقودا‏..‏ وحكاية الوقود من الحبوب هي اختراع أمريكي ومخطط أمريكي يدعو إلي خفض الاعتماد علي البترول كمصدر للطاقة حتي وإن كان الوقود المستخرج من الحبوب تكلفته أكبر من البترول وهي الحقيقة وليذهب البشر الذين يأكلون الحبوب إلي الجحيم‏..‏ وللعلم ال‏100‏ لتر وقود حيوي يتم استخراجها من‏240‏ كيلو ذرة وهذه الكمية من الذرة تكفي تغذية شخص لمدة عام‏...‏
والحقيقة الثانية خلاصتها كلمتان في سطرين‏...‏ أنه عندما يتعلق الأمر بغذاء الشعب فالأمر يفرض تدخل الحكومة من خلال وضع سياسات وتنفيذ استراتيجيات أهدافها محددة ومتابعة وتقويم وتصحيح مسار هذه الأهداف‏...‏
لابد أن تتدخل الحكومة الآن وتدخلها أمر واجب وليس خيارا مطروحا لأن ترك الأمور تحت رحمة أخطار الأزمات العالمية المتتالية للغذاء وقبضة المتحكمين هنا في الأسعار‏..‏ هو انتهاك صريح لحق إنساني أصيل‏...‏
‏...‏ حق الإنسان في الغذاء‏...‏
تلك المقدمة الطويلة كان لابد منها لأن القضية تمثل خطرا حقيقيا قليلا ما نتكلم فيه وكثيرا ما ننساه‏..‏ وعندما تناولتها يوم الجمعة الماضي شاءت الظروف أن يكون طرحها في أول أيام العيد وفي العيد القليل منا من يقرأ الصحف لأن الكثير منا يكون علي سفر‏...‏
كان لابد اليوم من تلخيص لما نشرته الأسبوع الماضي لأن كثيرا من الأصوات المؤثرة داخل الحكومة مازال يري أن شراء العبد ولا تربيته‏..‏ يري أن نشتري القمح ولا نزرعه‏..‏ لماذا يري حضراتهم هذا لا أعرف وعلي أي أساس يرونه لا أعلم والمهم أنهم ضد نظرية الاكتفاء الذاتي وأي مشتقات لها مثل تقليص الاستيراد بزيادة الإنتاج المحلي‏..‏
هذه المقدمة الطويلة قصدتها لأنني قرأت تصريحا منسوبا إلي مسئول في وزارة الزراعة عن نية الوزارة في طرح‏50‏ ألف فدان علي المستثمرين لأجل زراعتها بالقمح‏...‏
قرأت التصريح ولم أفهم شيئا منه وكل الذي عرفته أن الوزارة ستقوم بوضع شروط المناقصة أو المزايدة وعندما تنتهي من وضع الشروط يتم الطرح‏...‏
لم أفهم شيئا لأنني لم أجد كلمة توحي بجدية الأمر‏!.‏ كيف؟
لأن القمح كما نعرف من الزراعات الشتوية وتتم زراعته في أول نوفمبر وعلي ما أتذكر أنه يعتمد علي خمس مرات ري‏..‏ أي أن المناطق الشمالية للبلاد بإمكانها زراعة القمح والشعير علي مياه الأمطار باعتبار أن شمال مصر علي ساحل البحر المتوسط تتعرض لأكثر من خمس‏'‏ نوات‏'‏ خلال الشتاء و‏'‏النوة‏'‏ طقس متقلب مصحوب بالمطر الغزير‏...‏
طيب إن كانت الوزارة تريد حقا زراعة ال‏50‏ ألف فدان قمحا هذا الموسم‏..‏ فالمفروض أن تكون هذه الأرض بالفعل تحت يد من سيزرعها لأن المتبقي علي نوفمبر أقل من شهر ونصف الشهر‏...‏
لم أفهم شيئا لأن عنوان الموضوع شيء والتفاصيل أشياء مختلفة جذريا عن العنوان‏!.‏ الكلام عن أن الحكومة تحركت وستزرع‏50‏ ألف فدان قمحا‏..‏ والتفاصيل تتحدث عن إجراءات ورقية تتطلب شهورا لتنفيذها بما يؤكد أن زراعة ال‏50‏ ألف فدان لو تمت السنة المقبلة تبقي معجزة‏!.‏ نتكلم عن قرار مؤكد أنه لم يصدر لتشكيل لجنة وضع الشروط‏..‏ شروط زراعة ال‏50‏ ألف فدان والله أعلم متي يصدر وعندما يصدر القرار تعقد اللجنة أول جلسة لمناقشة رءوس الموضوعات وينتهي الأمر بتوصية لأجل تشكيل مجموعة لجان منبثقة كل في تخصصها‏..‏ واحدة قانونية وواحدة مالية وواحدة زراعية وعندما تصدر قرارات التشكيل يتم الدعوة لاجتماعات كل لجنة علي حدة وهذه حدوتة الله أعلم بنهايتها لأن الأمر لم ينته لأن وجهات النظر التي انتهت إليها اللجان المنبثقة عن اللجنة الرئيسية تضاربت لأن وجهات النظر القانونية والمالية والزراعية لم تتفق علي إطار للأسلوب الأمثل لطرح ال‏50‏ ألف فدان في مناقصة أو مزايدة‏...‏
لم أفهم شيئا لأن المطروح من كلام تناوله الإعلام‏..‏ هو مجرد أرقام وتصريحات ليس فيها تحديد لوقت أو جزم بقرار‏...‏
أنا شخصيا علي يقين من أن وزارة الزراعة تريد زراعة‏50‏ ألف فدان قمحا لأجل تقليص الفجوة الهائلة ما بين إنتاجنا للقمح واستهلاكنا له‏..‏ قناعتي تامة بهذا ولكن‏!.‏
ضيق الوقت يتطلب أفكارا عملية غير تقليدية وعندما نقلب في أوراق الأزمات التي تعرضنا لها‏..‏ نري بوضوح أن الأزمات مختلفة وحلها جاء علي يد جهة واحدة‏!.‏ عندما احتدمت أزمة المخابز وإنتاج رغيف العيش مثلا‏..‏ القوات المسلحة هي التي أنقذت الموقف‏..‏ وعندما تكون هناك صعوبة في توصيل الخدمات الطبية إلي مناطق عديدة في سيناء‏..‏ قوافل القوات المسلحة الطبية هي التي تنقذ الموقف‏..‏ وأزمات كثيرة ليس هنا مجالها‏...‏
في اعتقادي أن الحل الأمثل هو تكليف القوات المسلحة بملف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وجهاز الخدمة الوطنية في القوات المسلحة يقدر عليه وهناك تجربة في المنطقة الغربية تمت ولا أعرف لماذا توقفت‏...‏
المهم الآن تسليم ال‏50‏ ألف فدان للقوات المسلحة لأجل زراعتها بالقمح إن كنا نريد فعلا زراعة القمح لا استيرادها‏..‏ والقوات المسلحة بنظامها والتزامها وانتمائها وعقيدتها هي ضمانتنا الوحيدة في أن تبقي هذه الأرض زراعية منتجة للقمح ولا تتحول إلي منتجعات وقصور وأراض بالهبل خضراء لكن خضرتها للجولف وليست للغذاء‏...‏
‏...‏ الرجال الذين يحمون بأرواحهم مقدسات وطن‏..‏ قادرون علي تأمين رغيف العيش لأبناء الوطن‏...‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية
[email protected]

المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.