ربما يتصور القارئ أن عنوان هذا المقال كتب من وحي خيال أو أمنيات بعض الناشطات في مجال قضايا المرأة في مصر أو في غيرها من بلدان العالم, لكن الحقيقة أن هذا العنوان يعبر عن قرار اتخذته منظمة الأممالمتحدة وأعلن منذ فترة وسوف تنفذه مع مطلع عام2011 يعكس القرار إرادة دولية اتخذها الضمير الديمقراطي العالمي تجاه قضايا المرأة بشكل عام. مع مطلع العام القادم, عام2011 سوف تؤسس المنظمة العالمية الأم, أي الأمم, وحدة مؤسسية إدارية جديدة تعني بقضايا المرأة وحدها كمجموعة إنسانية تشكل نصف التعداد العالمي ولكنها تعيش في أوضاع غير متساوية وغير سوية, سواء كانت هذه الأوضاع بالمقارنة بأوضاع الرجال أو بالمقارنة بأوضاع كل مجموعة نسائية وطنية علي حدة, أي في البلدان المختلفة وسوف تتداخل أنشطة هذه الوحدة الجديدة مع كل قضايا المرأة بدءا من قضاياها الاقتصادية مرورا بالاجتماعية وصولا إلي السياسية, وقد أسمتها بالفعلUNWOMAN, ربما نترجمها إلي العربية الآن بالأممالمتحدة للمرأة, وتعمل المنظمة الأم الآن علي تحديد اختيارها للقيادة النسائية التي ستتولي العمل علي قمتها أي كمسئولة لادارة العمل في هذه الوحدة المؤسسية الجديدة. وسوف تضم هذه الوحدة الجديدة كل البرامج والصناديق الدولية التنموية والحقوقية التي تعني بقضايا المرأة في المجالين معا التنموي والحقوقي, والتي تمتد بتعاونها المادي والتقني إلي العديد من منظمات المجتمع المدني في كل البلدان التي تحتاج الدعم أو إلي الأجهزة الحكومية المتخصصة في قضايا المرأة, صناديق وبرامج, كاليونيفامUNIFEM أو صندوق الأممالمتحدة التنموي للمرأة, والهدف من هذا التجمع هو التنسيق بين أنشطة كل البرامج والصناديق ثم التركيز علي القضايا الملحة التي قد تكون مسكوتا عنها مجتمعيا, بحيث تحصل أوضاع النساء علي قوة دفع جديدة قادرة علي تسريع التقدم بشكل عام في كل المناطق الجغرافية المختلفة وكذلك في البلدان وفي الأوطان النامية بشكل خاص. تنظيميا لا تتساوي هذه الوحدة المؤسسية الجديدة مع وكالات الأممالمتحدة المتخصصة والقائمة الآن كمنظمة العمل الدولية أو كمنظمة الصحة العالمية أو كمنظمة الثقافية والتربية والتعليم يأتي موقعها التنظيمي في مستوي لا يعلو هذه المنظمات كما أن وجودها في الساحة العالمية لا يلغي عمل الوكالات الأخري فيما يخص تخصصات كل وكالة معنية فسوف تستمر منظمة العمل الدولية تبحث وتطور من علاقات العمل التي تطبق علي النساء كما علي الرجال, وسوف تستمر منظمة الصحة العالمية في مناقشة قضايا صحة المرأة وعلاقتها بأمراض مثل السل والملاريا وفقدان المناعة والأمراض المتوطنة, فهذه أمور متخصصة يعمل في إطارها خبراء العمل والأطباء. ولكن تأتي مؤسسةwoman لتعالج قضايا الفجوة النوعية بين الرجال والنساء في المجالات السابقة علي سبيل المثال فإن الUNWOMAN تكون معنية بالبحث عن الفجوة بين أجور النساء وأجور الرجال الذين يؤدون ذات العمل ولكن بأجور مختلفة ومتباينة علي المستوي الكلي بالرغم من أن الدولة في أحيان كثيرة, تضمن البداية الواحدة أي الحدود الدنيا للأجور والمرتبات, وإذا كانت منظمة اليونسكو تشدد علي التعليم الإلزامي للفتيات كما للفتية فإن المؤسسة الدولية الجديدة ستركز علي الأسباب التي تقود إلي زيادة الأمية في صفوف النساء بنسب وبمعدلات تفوق زيادتها في صفوف الرجال أو مشكلة زيادة تسرب الإناث من التعليم بنسب أعلي من تسرب الذكور أو تركز الطالبات في تخصصات جامعية بذاتها دون التخصصات الأخري بحيث تضيق أمامهن فرص العمل بعد التخرج خاصة في سوق عمل تتسم بالدينامية والتطور التقني. فالفجوة النوعية التي تفصل بين المجموعة البشرية من النساء وبين المجموعة البشرية من الذكور هي التي يركز عليها الضمير العالمي الآن, وخاصة الجانب الديمقراطي منه والذي يتعامل مع المرأة بصفتها مواطنة وإنسانة لا تستحق المساواة القانونية فحسب وإنما أشد ما تحتاجه هي المساواة في التطبيق وفي الممارسة أي في نظرة المجتمع لها ونظرتها هي إلي مجتمعها وإلي نفسها وكيانها. قد يتصور البعض أن المنظمة الدولية أي الأممالمتحدة بجمعيتها العامة ومجلس أمنها ومعها الوكالات المتخصصة, تنظر إلي أمور الرجال والنساء في الأوطان من منظور مختلف عن منظور العديد منا وهذا غير صحيح, فنظرة المؤسسات العالمية تجاه قضايا المرأة تبلور كثيرا وتطورت للغاية منذ عقد المرأة عام1975 كثيرا وتطورت للغاية منذ عقد المرأة عام1975 لذا فالمؤسسة الجديدة هذه قد لا تضيف الكثير علي ماهو موجود ولكنها ستدعمه عمليا. في الواقع هذا ما كان يتردد مع بدايات عام1975 عندما أخذت الأممالمتحدة عن عاتقها إجراء أوسع حوار محلي وإقليمي وعالمي حول قضايا المرأة في عام أسمته بعام المرأة العالمي. دارت في هذا العام المناقشات الواسعة وعقدت الندوات والمؤتمرات ثم امتد العام ليصبح عقدا كاملا1976 1985 كثفت فيه الدرسات والحوارات للإجابة علي سؤال شامل واحد ألخصه في كيف تستفيد المرأة في كل مجتمع من التنمية وتشارك فيها وكيف تتأثر من السلام وتشارك في صنعه وكيف تشارك في دفع الأوطان إلي التقدم ثم تستفيد منه, أي كيف تتحول جموع النساء في كل مجتمع من مجرد هوامش في البناء الاقتصادي والاجتماعي إلي مشاركات فاعلات في صلب مكوناته الكاملة. كانت البداية منذ ذلك العام عام1975 كما ذكرنا وبعد مرور خمسة وثلاثين عاما تتحرك المنظمة إلي موقع أكثر تقدما, وسبب التحرك كما أراه أن المنظمة استمرت تعمل في قضايا المرأة حتي استطاعت أن تضعها علي برامج أعمال غالبية الدول والمجتمعات, فالجميع يتحدث عن أمية النساء وفقرهن وبعدهن عن الثقافة والسياسة, كما يعمل علي حلها علي خطوات ولكن هذه الخطوات لا تزال تحتاج إلي زمن قد يفوق العقود الثلاثة والنصف التي مرت منذ عام1975, وربما نحتاج إلي المزيد من التركيز لنختزل الوقت اللازم, فالنساء يحتجن إلي جهد أكبر من مجتمعهن كما أن المجتمعات تحتاج إلي نسائها للإسراع بالتنمية.