مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات البرلمانية البحرينية في اواخر شهر اكتوبر الجاري تثور العديد من التساؤلات حول مستقبل التجربة الديمقراطية في البحرين خاصة في ضوء حملة الاعتقالات الاخيرة في صفوف قادة الشيعة وذلك بعد الحديث عن مؤامرة حيكت ضد نظام الحكم الملكي هناك وفي محاولة منه لتوضيح التجربة الاصلاحية في البحرين والتي بدأت منذ مطلع القرن الواحد وعشرين أصدر "مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية" برئاسة الدكتور عمر الحسن كتابًا باللغة الإنجليزية تحت عنوان :"الديمقراطية البحرينية: تجربة تعددية في الخليج" شارك في إعداده وإخراجه نخبة من المختصين في الشئون السياسية والاقتصادية والأمنية والإعلامية وناشطين في العمل التطوعي وقضايا المرأة وقد انطلق معدو الكتاب في اختيارهم للتجربة البحرينية من عدة منطلقات تمثلت أولاها في أن مملكة البحرين نالت تقدير المراقبين الدوليين لنجاحها في التغلب علي التحديات العديدة التي واجهتها، ومنها: عدم استقرار المنطقة المحيطة بها، ومحدودية موارد البلاد الطبيعية، والزيادة السكانية، وكذلك توصلها إلي مسار تم من خلاله فتح أبوابها علي مصراعيها للتقدم بطريقة جديرة بالاحترام. خبرة الواقع والتاريخ ويتجسد ثاني هذه المنطلقات في أنه في الوقت الذي حرصت فيه البحرين علي الحفاظ علي خصوصيتها وقيمها العربية والإسلامية، لم تعاد القيم السائدة في الدول الغربية والمتقدمة، بل سعت إلي الاستفادة من المسارات التي اتخذتها ديمقراطيات العالم المتقدم، لاسيما لجهة تهيئة المجتمع للتحولات الكبيرة التي تحدثها الديمقراطية، بحيث لا يعاني إخفاقًا مشابهًا لذلك الذي تعرضت له الكثير من الديمقراطيات الوليدة بسبب عدم استقرار جوارها الجغرافي، وبسبب معاناتها أيضًا من التشرذم علي المستوي الداخلي. واستنادًا إلي خبرة الواقع والتاريخ تم اختيار البحرين أيضًا نظرًا لوجود الكثير من التحفظات الأيديولوجية علي تطبيق الديمقراطية من "القمة للقاع"؛ حيث إن النجاح الحقيقي يتحقق عندما يكون الحاكم هو المحفز الرئيسي للإصلاح في إطار صلاحيات دستورية، وهو ما حدث في البحرين بالفعل؛ إذ شهدت منذ عام 1999، وهو العام الذي تولي فيه الملك "حمد" المسئولية، عملية يمكن وصفها بأنها نموذج لمثل هذه النوعية من مسارات الأخذ بالديمقراطية، والتي تتقدم في إطارها الديمقراطي بإيقاع محسوب وفي تناغم مع التقدم في التنمية البشرية، ولعل ذلك ما يؤكد أنها الآن في طريقها لأن تصبح ديمقراطية متميزة ولاعبًا إقليميا وعربيا ودوليا يحظي بالتقدير؛ حيث لا تهدف قيادتها فقط إلي مجرد إقامة الأطر المؤسسية للديمقراطية، بل تحاول أيضًا صياغة منهجية متطورة لإقامة دولة حديثة تتسم بالتعددية، وتتسم المؤسسات فيها بالديمقراطية الداخلية، ويتم في إطارها محاربة الفساد، ولا يتم إقصاء أي جماعة أو شخص من الساحة السياسية، فهي تعددية تتقدم في إطار من البحث عن الوحدة والتنسيق والتعاون علي مختلف المستويات الوطنية. ويظهر الفصل الأول من الكتاب حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أنه رغم حداثة عهد البرلمان البحريني في شكله ثنائي المجلس (النواب والشوري)، حيث لا يزيد عمره عن فصل تشريعي واحد (2002-2006)، وثلاثة أدوار انعقاد من الفصل التشريعي الثاني، أثبت البرلمان التزامه بالدور المنوط به، كما أثبت قدرته علي تحقيق الإرادة الشعبية في البحرين، بل ويشير أداؤه إلي أنه من المأمول أن تزيد الخبرة التراكمية من الوعي الحقيقي لدي البرلمانيين ولدي تكتلاتهم بأهمية أدوارهم ومسئولياتهم فيما يتعلق بمراقبة السلطة التنفيذية بالشكل الملائم، وفيما يتعلق بالتعبير عن آراء ناخبيهم وصياغة واقتراح القوانين الهادفة إلي إحداث التغيير المطلوب. وقد جاء الفصل الثاني ليفرد اهتماماته لتطور الإعلام البحريني؛ حيث أوضح أنه عزز من انفتاح وثقافة المجتمع البحريني، الأمر الذي انعكس في كل أوجه الحياة الأخري في المملكة، من تحديث الصحافة والإذاعة والتليفزيون وخدمات الإنترنت إلي إثراء المجتمع من خلال توفير المعلومات وتعزيز مجال الاتصالات، ومن خلال إقامة منتديات للنقاش والتعبير عن الاهتمامات، غير أن الصورة ليست كلها وردية؛ حيث يشير فريق إعداد الكتاب إلي أن مجال الإعلام واجه تحديات أبرزها: عدم صدور قانون جديد للصحافة، ورفع دعاوي قضائية ضد الصحفيين والإعلاميين، غير أن اللافت هو سعي الحكومة إلي التعامل مع تلك المشكلات وفق مبدأ أساسي وهو رفضها فرض أي قيود علي حرية التعبير، الأمر الذي تجسد في تنظيم العديد من الندوات والاجتماعات والتجمعات التي خصصت للمناقشة العلنية لقضايا البحرين، حيث وضع حجم ونوعية الفعاليات التي نُظمت خلال عامي 2008 و2009 (وزادت عن ألف ندوة ومحاضرة وورشة عمل وحلقة نقاشية) المملكة في مكانة رائدة علي المستوي الإقليمي، كما تمكن الناس من تنظيم أشكال متعددة من الاحتجاج السياسي التي لا تقوم علي العنف ودون خوف؛ حيث وقع ما يزيد علي 200 اعتصام وإضراب واحتجاج ومسيرة خلال الفترة ذاتها. ولا يجب أن يفسر وقوع تلك الاحتجاجات تلقائيا علي أنه مؤشر علي تدهور في الحريات أو في مستوي المعيشة بالبحرين، فالتنمية البشرية، والتي هي محور تركيز الفصل الثالث، إضافة إلي التطوير المستمر للخدمات العامة تبلورا كسياسات رئيسية للدولة، وهو ما يتضح في حقيقة تصنيف المملكة في المرتبة الأولي عربيا لثمان مرات في تقارير برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وكذلك في مراتب متقدمة في تقارير دولية أخري أشير إليها في هذا الفصل من هذا الكتاب .. فالمردود المفترض للاستثمار في البشر شكل الأساس الذي تقدمت من خلاله العديد من المشروعات الوطنية الاقتصادية والاجتماعية في البحرين طبقًا لما انتهي إليه معدو الكتاب. المجتمع المدني وقد استعرض الفصل الرابع دور الدولة في تعزيز أنشطة المجتمع المدني، حيث تكاملت الجهود التي تبذلها الحكومة لتحسين أوضاع المجتمع مع خطوات اتخذها المجتمع المدني بالبحرين، ففي تناغم مع التقدم الديمقراطي والحقوقي في البلاد، زاد عدد المنظمات الأهلية إلي 489 بنهاية عام 2009، ويعد من بين تلك المنظمات، الجمعيات السياسية، والتي تتمتع بحق المشاركة في الانتخابات البلدية والبرلمانية علي حد سواء وبحق تنظيم الأنشطة والفعاليات العامة وغيرها من أشكال المشاركة الديمقراطية؛ حيث تعد منظمات المجتمع المدني أدوات للتغيير الاجتماعي وللتنمية علي مستوي القاعدة. ولم يمنع ذلك فريق إعداد الكتاب من انتقاد نقص التنسيق بين منظمات المجتمع المدني والذي أعاق إلي حد ما من قدرتها علي الإسراع من وتيرة التغيير، وهذه هي الحال أيضًا بالنسبة لتسييس أنشطة تلك المنظمات الأهلية، خاصة أن وضع حقوق الإنسان والمؤشرات الاجتماعية التنموية يوفر صورة أكثر وضوحًا للتقدم طالما ظلت أنشطة تلك المجالات بمنأي عن تقلبات الخطاب السياسي، ومن هنا دعا الكتاب إلي السعي من أجل اتخاذ تدابير تمنع استغلال منابر المجتمع المدني في المهاترات السياسية والطائفية؛ حيث إن الطائفية، وبما تنطوي عليه من انقسامات، تقوض دور المنظمات الأهلية في التنمية والإصلاح، كما تقوض الثقة الشعبية في المجتمع المدني باعتباره كُلاً متماسكًا. واتصالاً بالحراك الاجتماعي تطرق الفصل الخامس إلي حقيقة أن المرأة البحرينية حملت لواء التنمية، كعاملة وكناشطة وكسيدة أعمال وكزعيمة، وهو ما جاء نتيجة لمجهودات كبيرة تقوم علي التعاون بين مؤسسات المرأة مثل المجلس الأعلي للمرأة برئاسة الأميرة "سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة"، قرينة الملك "حمد"، وبين الدولة من أجل إعلاء مكانة المرأة، وهو الأمر الذي دفع المجتمع البحريني باتجاه المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات، حيث تكافؤ الفرص في التعليم والرعاية الصحية والعمل، وحيث ازدياد وجود المرأة علي الساحة السياسية. صورة جديدة وفي النهاية يمكن القول إن هذا الكتاب مفيد للراغبين في إضافة أبعاد سياسية واجتماعية وتشريعية ودولية لفهمهم لتلك الدولة الخليجية التي تشهد تغييرًا متسارعًا، فبالإضافة إلي تناوله للتطورات التي تمت خلال عامي 2008 و2009، يستخدم الكتاب المسار الذي اتخذته تلك التطورات كوسيلة يمكن من خلالها التنبؤ بمستقبل المجتمع البحريني الذي يتسم بالحيوية، بالاضافة الي ان هذا الكتاب يقدم صورة مغايرة للصورة السائدة في الغرب عن المجتمعات الخليجية والتي تتسم بالتعددية والتنوع في الساحة السياسية ، وهو ما ينعكس علي مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. حامد محمود التجربة الديمقراطية البحرينية.. صورة مغايرة لمجتمع الخليج العربي مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات البرلمانية البحرينية في اواخر شهر اكتوبر الجاري تثور العديد من التساؤلات حول مستقبل التجربة الديمقراطية في البحرين خاصة في ضوء حملة الاعتقالات الاخيرة في صفوف قادة الشيعة وذلك بعد الحديث عن مؤامرة حيكت ضد نظام الحكم الملكي هناك وفي محاولة منه لتوضيح التجربة الاصلاحية في البحرين والتي بدأت منذ مطلع القرن الواحد وعشرين أصدر "مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية" برئاسة الدكتور عمر الحسن كتابًا باللغة الإنجليزية تحت عنوان :"الديمقراطية البحرينية: تجربة تعددية في الخليج" شارك في إعداده وإخراجه نخبة من المختصين في الشئون السياسية والاقتصادية والأمنية والإعلامية وناشطين في العمل التطوعي وقضايا المرأة وقد انطلق معدو الكتاب في اختيارهم للتجربة البحرينية من عدة منطلقات تمثلت أولاها في أن مملكة البحرين نالت تقدير المراقبين الدوليين لنجاحها في التغلب علي التحديات العديدة التي واجهتها، ومنها: عدم استقرار المنطقة المحيطة بها، ومحدودية موارد البلاد الطبيعية، والزيادة السكانية، وكذلك توصلها إلي مسار تم من خلاله فتح أبوابها علي مصراعيها للتقدم بطريقة جديرة بالاحترام. خبرة الواقع والتاريخ ويتجسد ثاني هذه المنطلقات في أنه في الوقت الذي حرصت فيه البحرين علي الحفاظ علي خصوصيتها وقيمها العربية والإسلامية، لم تعاد القيم السائدة في الدول الغربية والمتقدمة، بل سعت إلي الاستفادة من المسارات التي اتخذتها ديمقراطيات العالم المتقدم، لاسيما لجهة تهيئة المجتمع للتحولات الكبيرة التي تحدثها الديمقراطية، بحيث لا يعاني إخفاقًا مشابهًا لذلك الذي تعرضت له الكثير من الديمقراطيات الوليدة بسبب عدم استقرار جوارها الجغرافي، وبسبب معاناتها أيضًا من التشرذم علي المستوي الداخلي. واستنادًا إلي خبرة الواقع والتاريخ تم اختيار البحرين أيضًا نظرًا لوجود الكثير من التحفظات الأيديولوجية علي تطبيق الديمقراطية من "القمة للقاع"؛ حيث إن النجاح الحقيقي يتحقق عندما يكون الحاكم هو المحفز الرئيسي للإصلاح في إطار صلاحيات دستورية، وهو ما حدث في البحرين بالفعل؛ إذ شهدت منذ عام 1999، وهو العام الذي تولي فيه الملك "حمد" المسئولية، عملية يمكن وصفها بأنها نموذج لمثل هذه النوعية من مسارات الأخذ بالديمقراطية، والتي تتقدم في إطارها الديمقراطي بإيقاع محسوب وفي تناغم مع التقدم في التنمية البشرية، ولعل ذلك ما يؤكد أنها الآن في طريقها لأن تصبح ديمقراطية متميزة ولاعبًا إقليميا وعربيا ودوليا يحظي بالتقدير؛ حيث لا تهدف قيادتها فقط إلي مجرد إقامة الأطر المؤسسية للديمقراطية، بل تحاول أيضًا صياغة منهجية متطورة لإقامة دولة حديثة تتسم بالتعددية، وتتسم المؤسسات فيها بالديمقراطية الداخلية، ويتم في إطارها محاربة الفساد، ولا يتم إقصاء أي جماعة أو شخص من الساحة السياسية، فهي تعددية تتقدم في إطار من البحث عن الوحدة والتنسيق والتعاون علي مختلف المستويات الوطنية. ويظهر الفصل الأول من الكتاب حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أنه رغم حداثة عهد البرلمان البحريني في شكله ثنائي المجلس (النواب والشوري)، حيث لا يزيد عمره عن فصل تشريعي واحد (2002-2006)، وثلاثة أدوار انعقاد من الفصل التشريعي الثاني، أثبت البرلمان التزامه بالدور المنوط به، كما أثبت قدرته علي تحقيق الإرادة الشعبية في البحرين، بل ويشير أداؤه إلي أنه من المأمول أن تزيد الخبرة التراكمية من الوعي الحقيقي لدي البرلمانيين ولدي تكتلاتهم بأهمية أدوارهم ومسئولياتهم فيما يتعلق بمراقبة السلطة التنفيذية بالشكل الملائم، وفيما يتعلق بالتعبير عن آراء ناخبيهم وصياغة واقتراح القوانين الهادفة إلي إحداث التغيير المطلوب. وقد جاء الفصل الثاني ليفرد اهتماماته لتطور الإعلام البحريني؛ حيث أوضح أنه عزز من انفتاح وثقافة المجتمع البحريني، الأمر الذي انعكس في كل أوجه الحياة الأخري في المملكة، من تحديث الصحافة والإذاعة والتليفزيون وخدمات الإنترنت إلي إثراء المجتمع من خلال توفير المعلومات وتعزيز مجال الاتصالات، ومن خلال إقامة منتديات للنقاش والتعبير عن الاهتمامات، غير أن الصورة ليست كلها وردية؛ حيث يشير فريق إعداد الكتاب إلي أن مجال الإعلام واجه تحديات أبرزها: عدم صدور قانون جديد للصحافة، ورفع دعاوي قضائية ضد الصحفيين والإعلاميين، غير أن اللافت هو سعي الحكومة إلي التعامل مع تلك المشكلات وفق مبدأ أساسي وهو رفضها فرض أي قيود علي حرية التعبير، الأمر الذي تجسد في تنظيم العديد من الندوات والاجتماعات والتجمعات التي خصصت للمناقشة العلنية لقضايا البحرين، حيث وضع حجم ونوعية الفعاليات التي نُظمت خلال عامي 2008 و2009 (وزادت عن ألف ندوة ومحاضرة وورشة عمل وحلقة نقاشية) المملكة في مكانة رائدة علي المستوي الإقليمي، كما تمكن الناس من تنظيم أشكال متعددة من الاحتجاج السياسي التي لا تقوم علي العنف ودون خوف؛ حيث وقع ما يزيد علي 200 اعتصام وإضراب واحتجاج ومسيرة خلال الفترة ذاتها. ولا يجب أن يفسر وقوع تلك الاحتجاجات تلقائيا علي أنه مؤشر علي تدهور في الحريات أو في مستوي المعيشة بالبحرين، فالتنمية البشرية، والتي هي محور تركيز الفصل الثالث، إضافة إلي التطوير المستمر للخدمات العامة تبلورا كسياسات رئيسية للدولة، وهو ما يتضح في حقيقة تصنيف المملكة في المرتبة الأولي عربيا لثمان مرات في تقارير برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وكذلك في مراتب متقدمة في تقارير دولية أخري أشير إليها في هذا الفصل من هذا الكتاب .. فالمردود المفترض للاستثمار في البشر شكل الأساس الذي تقدمت من خلاله العديد من المشروعات الوطنية الاقتصادية والاجتماعية في البحرين طبقًا لما انتهي إليه معدو الكتاب. المجتمع المدني وقد استعرض الفصل الرابع دور الدولة في تعزيز أنشطة المجتمع المدني، حيث تكاملت الجهود التي تبذلها الحكومة لتحسين أوضاع المجتمع مع خطوات اتخذها المجتمع المدني بالبحرين، ففي تناغم مع التقدم الديمقراطي والحقوقي في البلاد، زاد عدد المنظمات الأهلية إلي 489 بنهاية عام 2009، ويعد من بين تلك المنظمات، الجمعيات السياسية، والتي تتمتع بحق المشاركة في الانتخابات البلدية والبرلمانية علي حد سواء وبحق تنظيم الأنشطة والفعاليات العامة وغيرها من أشكال المشاركة الديمقراطية؛ حيث تعد منظمات المجتمع المدني أدوات للتغيير الاجتماعي وللتنمية علي مستوي القاعدة. ولم يمنع ذلك فريق إعداد الكتاب من انتقاد نقص التنسيق بين منظمات المجتمع المدني والذي أعاق إلي حد ما من قدرتها علي الإسراع من وتيرة التغيير، وهذه هي الحال أيضًا بالنسبة لتسييس أنشطة تلك المنظمات الأهلية، خاصة أن وضع حقوق الإنسان والمؤشرات الاجتماعية التنموية يوفر صورة أكثر وضوحًا للتقدم طالما ظلت أنشطة تلك المجالات بمنأي عن تقلبات الخطاب السياسي، ومن هنا دعا الكتاب إلي السعي من أجل اتخاذ تدابير تمنع استغلال منابر المجتمع المدني في المهاترات السياسية والطائفية؛ حيث إن الطائفية، وبما تنطوي عليه من انقسامات، تقوض دور المنظمات الأهلية في التنمية والإصلاح، كما تقوض الثقة الشعبية في المجتمع المدني باعتباره كُلاً متماسكًا. واتصالاً بالحراك الاجتماعي تطرق الفصل الخامس إلي حقيقة أن المرأة البحرينية حملت لواء التنمية، كعاملة وكناشطة وكسيدة أعمال وكزعيمة، وهو ما جاء نتيجة لمجهودات كبيرة تقوم علي التعاون بين مؤسسات المرأة مثل المجلس الأعلي للمرأة برئاسة الأميرة "سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة"، قرينة الملك "حمد"، وبين الدولة من أجل إعلاء مكانة المرأة، وهو الأمر الذي دفع المجتمع البحريني باتجاه المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات، حيث تكافؤ الفرص في التعليم والرعاية الصحية والعمل، وحيث ازدياد وجود المرأة علي الساحة السياسية. صورة جديدة وفي النهاية يمكن القول إن هذا الكتاب مفيد للراغبين في إضافة أبعاد سياسية واجتماعية وتشريعية ودولية لفهمهم لتلك الدولة الخليجية التي تشهد تغييرًا متسارعًا، فبالإضافة إلي تناوله للتطورات التي تمت خلال عامي 2008 و2009، يستخدم الكتاب المسار الذي اتخذته تلك التطورات كوسيلة يمكن من خلالها التنبؤ بمستقبل المجتمع البحريني الذي يتسم بالحيوية، بالاضافة الي ان هذا الكتاب يقدم صورة مغايرة للصورة السائدة في الغرب عن المجتمعات الخليجية والتي تتسم بالتعددية والتنوع في الساحة السياسية ، وهو ما ينعكس علي مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. حامد محمود التجربة الديمقراطية البحرينية.. صورة مغايرة لمجتمع الخليج العربي مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات البرلمانية البحرينية في اواخر شهر اكتوبر الجاري تثور العديد من التساؤلات حول مستقبل التجربة الديمقراطية في البحرين خاصة في ضوء حملة الاعتقالات الاخيرة في صفوف قادة الشيعة وذلك بعد الحديث عن مؤامرة حيكت ضد نظام الحكم الملكي هناك وفي محاولة منه لتوضيح التجربة الاصلاحية في البحرين والتي بدأت منذ مطلع القرن الواحد وعشرين أصدر "مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية" برئاسة الدكتور عمر الحسن كتابًا باللغة الإنجليزية تحت عنوان :"الديمقراطية البحرينية: تجربة تعددية في الخليج" شارك في إعداده وإخراجه نخبة من المختصين في الشئون السياسية والاقتصادية والأمنية والإعلامية وناشطين في العمل التطوعي وقضايا المرأة وقد انطلق معدو الكتاب في اختيارهم للتجربة البحرينية من عدة منطلقات تمثلت أولاها في أن مملكة البحرين نالت تقدير المراقبين الدوليين لنجاحها في التغلب علي التحديات العديدة التي واجهتها، ومنها: عدم استقرار المنطقة المحيطة بها، ومحدودية موارد البلاد الطبيعية، والزيادة السكانية، وكذلك توصلها إلي مسار تم من خلاله فتح أبوابها علي مصراعيها للتقدم بطريقة جديرة بالاحترام. خبرة الواقع والتاريخ ويتجسد ثاني هذه المنطلقات في أنه في الوقت الذي حرصت فيه البحرين علي الحفاظ علي خصوصيتها وقيمها العربية والإسلامية، لم تعاد القيم السائدة في الدول الغربية والمتقدمة، بل سعت إلي الاستفادة من المسارات التي اتخذتها ديمقراطيات العالم المتقدم، لاسيما لجهة تهيئة المجتمع للتحولات الكبيرة التي تحدثها الديمقراطية، بحيث لا يعاني إخفاقًا مشابهًا لذلك الذي تعرضت له الكثير من الديمقراطيات الوليدة بسبب عدم استقرار جوارها الجغرافي، وبسبب معاناتها أيضًا من التشرذم علي المستوي الداخلي. واستنادًا إلي خبرة الواقع والتاريخ تم اختيار البحرين أيضًا نظرًا لوجود الكثير من التحفظات الأيديولوجية علي تطبيق الديمقراطية من "القمة للقاع"؛ حيث إن النجاح الحقيقي يتحقق عندما يكون الحاكم هو المحفز الرئيسي للإصلاح في إطار صلاحيات دستورية، وهو ما حدث في البحرين بالفعل؛ إذ شهدت منذ عام 1999، وهو العام الذي تولي فيه الملك "حمد" المسئولية، عملية يمكن وصفها بأنها نموذج لمثل هذه النوعية من مسارات الأخذ بالديمقراطية، والتي تتقدم في إطارها الديمقراطي بإيقاع محسوب وفي تناغم مع التقدم في التنمية البشرية، ولعل ذلك ما يؤكد أنها الآن في طريقها لأن تصبح ديمقراطية متميزة ولاعبًا إقليميا وعربيا ودوليا يحظي بالتقدير؛ حيث لا تهدف قيادتها فقط إلي مجرد إقامة الأطر المؤسسية للديمقراطية، بل تحاول أيضًا صياغة منهجية متطورة لإقامة دولة حديثة تتسم بالتعددية، وتتسم المؤسسات فيها بالديمقراطية الداخلية، ويتم في إطارها محاربة الفساد، ولا يتم إقصاء أي جماعة أو شخص من الساحة السياسية، فهي تعددية تتقدم في إطار من البحث عن الوحدة والتنسيق والتعاون علي مختلف المستويات الوطنية. ويظهر الفصل الأول من الكتاب حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أنه رغم حداثة عهد البرلمان البحريني في شكله ثنائي المجلس (النواب والشوري)، حيث لا يزيد عمره عن فصل تشريعي واحد (2002-2006)، وثلاثة أدوار انعقاد من الفصل التشريعي الثاني، أثبت البرلمان التزامه بالدور المنوط به، كما أثبت قدرته علي تحقيق الإرادة الشعبية في البحرين، بل ويشير أداؤه إلي أنه من المأمول أن تزيد الخبرة التراكمية من الوعي الحقيقي لدي البرلمانيين ولدي تكتلاتهم بأهمية أدوارهم ومسئولياتهم فيما يتعلق بمراقبة السلطة التنفيذية بالشكل الملائم، وفيما يتعلق بالتعبير عن آراء ناخبيهم وصياغة واقتراح القوانين الهادفة إلي إحداث التغيير المطلوب. وقد جاء الفصل الثاني ليفرد اهتماماته لتطور الإعلام البحريني؛ حيث أوضح أنه عزز من انفتاح وثقافة المجتمع البحريني، الأمر الذي انعكس في كل أوجه الحياة الأخري في المملكة، من تحديث الصحافة والإذاعة والتليفزيون وخدمات الإنترنت إلي إثراء المجتمع من خلال توفير المعلومات وتعزيز مجال الاتصالات، ومن خلال إقامة منتديات للنقاش والتعبير عن الاهتمامات، غير أن الصورة ليست كلها وردية؛ حيث يشير فريق إعداد الكتاب إلي أن مجال الإعلام واجه تحديات أبرزها: عدم صدور قانون جديد للصحافة، ورفع دعاوي قضائية ضد الصحفيين والإعلاميين، غير أن اللافت هو سعي الحكومة إلي التعامل مع تلك المشكلات وفق مبدأ أساسي وهو رفضها فرض أي قيود علي حرية التعبير، الأمر الذي تجسد في تنظيم العديد من الندوات والاجتماعات والتجمعات التي خصصت للمناقشة العلنية لقضايا البحرين، حيث وضع حجم ونوعية الفعاليات التي نُظمت خلال عامي 2008 و2009 (وزادت عن ألف ندوة ومحاضرة وورشة عمل وحلقة نقاشية) المملكة في مكانة رائدة علي المستوي الإقليمي، كما تمكن الناس من تنظيم أشكال متعددة من الاحتجاج السياسي التي لا تقوم علي العنف ودون خوف؛ حيث وقع ما يزيد علي 200 اعتصام وإضراب واحتجاج ومسيرة خلال الفترة ذاتها. ولا يجب أن يفسر وقوع تلك الاحتجاجات تلقائيا علي أنه مؤشر علي تدهور في الحريات أو في مستوي المعيشة بالبحرين، فالتنمية البشرية، والتي هي محور تركيز الفصل الثالث، إضافة إلي التطوير المستمر للخدمات العامة تبلورا كسياسات رئيسية للدولة، وهو ما يتضح في حقيقة تصنيف المملكة في المرتبة الأولي عربيا لثمان مرات في تقارير برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وكذلك في مراتب متقدمة في تقارير دولية أخري أشير إليها في هذا الفصل من هذا الكتاب .. فالمردود المفترض للاستثمار في البشر شكل الأساس الذي تقدمت من خلاله العديد من المشروعات الوطنية الاقتصادية والاجتماعية في البحرين طبقًا لما انتهي إليه معدو الكتاب. المجتمع المدني وقد استعرض الفصل الرابع دور الدولة في تعزيز أنشطة المجتمع المدني، حيث تكاملت الجهود التي تبذلها الحكومة لتحسين أوضاع المجتمع مع خطوات اتخذها المجتمع المدني بالبحرين، ففي تناغم مع التقدم الديمقراطي والحقوقي في البلاد، زاد عدد المنظمات الأهلية إلي 489 بنهاية عام 2009، ويعد من بين تلك المنظمات، الجمعيات السياسية، والتي تتمتع بحق المشاركة في الانتخابات البلدية والبرلمانية علي حد سواء وبحق تنظيم الأنشطة والفعاليات العامة وغيرها من أشكال المشاركة الديمقراطية؛ حيث تعد منظمات المجتمع المدني أدوات للتغيير الاجتماعي وللتنمية علي مستوي القاعدة. ولم يمنع ذلك فريق إعداد الكتاب من انتقاد نقص التنسيق بين منظمات المجتمع المدني والذي أعاق إلي حد ما من قدرتها علي الإسراع من وتيرة التغيير، وهذه هي الحال أيضًا بالنسبة لتسييس أنشطة تلك المنظمات الأهلية، خاصة أن وضع حقوق الإنسان والمؤشرات الاجتماعية التنموية يوفر صورة أكثر وضوحًا للتقدم طالما ظلت أنشطة تلك المجالات بمنأي عن تقلبات الخطاب السياسي، ومن هنا دعا الكتاب إلي السعي من أجل اتخاذ تدابير تمنع استغلال منابر المجتمع المدني في المهاترات السياسية والطائفية؛ حيث إن الطائفية، وبما تنطوي عليه من انقسامات، تقوض دور المنظمات الأهلية في التنمية والإصلاح، كما تقوض الثقة الشعبية في المجتمع المدني باعتباره كُلاً متماسكًا. واتصالاً بالحراك الاجتماعي تطرق الفصل الخامس إلي حقيقة أن المرأة البحرينية حملت لواء التنمية، كعاملة وكناشطة وكسيدة أعمال وكزعيمة، وهو ما جاء نتيجة لمجهودات كبيرة تقوم علي التعاون بين مؤسسات المرأة مثل المجلس الأعلي للمرأة برئاسة الأميرة "سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة"، قرينة الملك "حمد"، وبين الدولة من أجل إعلاء مكانة المرأة، وهو الأمر الذي دفع المجتمع البحريني باتجاه المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات، حيث تكافؤ الفرص في التعليم والرعاية الصحية والعمل، وحيث ازدياد وجود المرأة علي الساحة السياسية. صورة جديدة وفي النهاية يمكن القول إن هذا الكتاب مفيد للراغبين في إضافة أبعاد سياسية واجتماعية وتشريعية ودولية لفهمهم لتلك الدولة الخليجية التي تشهد تغييرًا متسارعًا، فبالإضافة إلي تناوله للتطورات التي تمت خلال عامي 2008 و2009، يستخدم الكتاب المسار الذي اتخذته تلك التطورات كوسيلة يمكن من خلالها التنبؤ بمستقبل المجتمع البحريني الذي يتسم بالحيوية، بالاضافة الي ان هذا الكتاب يقدم صورة مغايرة للصورة السائدة في الغرب عن المجتمعات الخليجية والتي تتسم بالتعددية والتنوع في الساحة السياسية ، وهو ما ينعكس علي مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية.