طريقة سرقة لوحة زهرة الخشخاش توحي بأنه كان هناك غياب لزوار المتحف وليس الأمن فقط، هذا الغياب يكشف عدم اهتمام المواطنين بزيارة المتاحف. رغم ما تحتويه من كنوز فالجمهور هو الدرع البشرية التي تمنع السرقات لكنه غائب فما السر؟! في البداية يقول الدكتور أحمد نوار رئيس قطاع الفنون سابقا بوزارة الثقافة إن وزارة الثقافة تقوم بتطوير وتحديث وبناء العديد من المتاحف مثل متحف النوبة والتحنيط ودنشواي والمجوهرات بالاسكندرية ومحمود خليل ومتحف ناجي وعشرات المتاحف الأخري, فالدولة صرفت ملايين الجنيهات علي التحديث وبناء المتاحف, لكن هناك مسئولية تقع علي مؤسسات التسويق التي لابد ان تقوم بالتسويق والإعلام ايضا لابد أن يلعب دورا فعالا بعرض افلام وبرامج عن هذه المتاحف وعملية التطوير والبناء التي تمت, كما ان دور الصحافة محدود بالنسبة لأخبار المتاحف, حيث ان الناس تقبل علي متابعة أخبار رياضة كرة القدم والبحث عن لاعبي الكرة اكثر من الثقافة المتحفية التي هي في الأساس الحضارة التاريخية علي مر العصور, كما انها تمثل روح الثقافة الوطنية ولاتوجد أي منهجية في المراحل التعليمية المختلفة لمعرفة ثقافة المتاحف التي تعد بمثابة كنوز البلد لأنها ليست فقط كنوزا من اللوحات ولكنها كنوز تراثية حضارية فسرقة اللوحات هي سرقة تاريخ وفن الحضارات وذلك القصور في حق الثقافة المتحفية يؤدي الي ظاهرة غياب الوعي لدي المواطنين وإهمالهم في أهمية مثل هذا الفن واللوحات الأثرية. أما محمد عبدالفتاح رئيس قطاع المتاحف فيوضح انه يوجد تقصير فعلي من اجهزة كثيرة في الدولة مثل غياب دور وزارة الإعلام حيث لايتم عرض الأفلام الوثائقية والتسجيلية عن المتاحف وايضا دور وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي الذي يتجاهل الثقافة ودور المتاحف في عرض الحضارة والفنون وكيف تلعب دورا مهما في الحضارة, كما أن المصريين لايقبلون علي زيارة المتاحف حيث لايوجد لديهم مفهوم التربية المتحفية فمنذ اكثر من عشرات السنوات يتم تطوير وانشاء متاحف كثيرة مثل متحف الفن الإسلامي ولكن عدد المتاحف قليل حيث لايتناسب مع التعداد السكاني والتطور الزمني حيث كان من المفترض انشاء395 متحفا خلال القرن الحالي ويتم انشاؤها في جميع المحافظات وهذه الكنوز من الآثار والحضارة الفرعونية في مصر لابد من استثمارها اقتصاديا وثقافيا. أما عن تجديد المتاحف القديمةفذلك عندما تتاح لنا أي إمكانات مالية وتتاح لنا فرصة التجديد والتحديث وأيضا وضع كاميرات مراقبة الشرفات وتعيين افراد امن ومشرفين مراقبين لمراقبة أوضاع المتحف وتلاشي أي أعطال واصلاحها فورا بدلا من سرقة اللوحات النادرة ولكن ما يحدث يعتبر تقصيرا من الاجهزة الامنية والانظمة الرقابية وهذا ما حاولنا تفاديه في التجديد أو انشاء المتاحف الحديثة حيث وضعت احدث كاميرات المراقبة واجهزة الانذار علي اللوحات وحولها وتعيين مشرفين رقابيين داخل المتحف وايضا تشكيل لجان رقابية لمتابعة أي اعطال أو غياب إداري أو أمني. ويري الفنان التشكيلي صلاح بيصار أن متاحف الفن بمثابة ذاكرة الوطن الإبداعية وهي تعد الوثيقة البصرية للحاضر والتاريخ وتعني عرض التراث الإنساني بغية التعلم والدراسة وتأكيد روح الانتماء بما تشتمل عليه من تحف نادرة وروائع الأعمال الفنية هذا بالإضافة الي ما للإبداع من وظيفة في الارتقاء بالذوق والإحساس وتمتلك مصر ثروة متحفية تمثل مستودعا حضاريا يمتد في منظومة تتواصل فيها وشائج وحلقات التاريخ حتي الفن الفرعوني والفن القبطي الي الفن الإسلامي وحتي الفن الحديث. وإذا كان الفن تكثيفا للطاقة الانسانية وتأكيدا للقدرات الفنية الخلاقة لذلك من المفترض ان يقابل بالاحتفاء من الجمهور والذي علينا ان نبدأ به من الصفر منذ بداية مراحل التعليم المختلفة وحتي الجامعة وذلك من اجل ان تصبح لديه ثقافة بصرية تجعله يتأمل أسرار الجمال ومدي قوة الابتكار والخلق عند الإنسان وتلك هي مسئولية المدرسة ونبدأ منذ الطفولة إيجاد مادة تدرس من ضمن البرنامج الدراسي فهي المسئولة أولا وأخيرا عن تنمية الوعي المتحفي هذا بجانب تنظيم الرحلات المدرسية التي لا تتجاوز غير زيارة القلعة والأهرامات وإحدي مدن الملاهي. اتفاقية تعاون وشراكة ويستكمل الفنان صلاح بيصار حديثه قائلا انه منذ عدة أشهر فقط سعدنا بتوقيع اتفاقية تعاون وشركة بين وزارتي الثقافة والتربية والتعليم تنص علي رفع الوعي الطلابي بالمدارس وزيادة الوعي الانتمائي لديهم وتعريفهم بأهمية التراث المعماري من خلال تطوير المناهج التعليمية المقررة علي المراحل الدراسية المختلفة وجاءت الاتفاقية بمبادرة وزير الثقافة وتأكيدا لروح الانتماء للتربية المتحفية. وإذا تردد وأقبل المواطنون علي المتاحف ستزيد نسبة أعدادهم خلال السنوات القادمة ففي كل محافظة بها متحف أما علي المستوي السياحي فلابد ان يكون هناك تعاون بين وزارة الثقافة المجلس الأعلي للآثار وبين وزارة السياحة بوضع برنامج لكل متحف وتوزيع ملصقات ونشرات وكتيب صغير يوضح تاريخ المتحف وإنشائه ومحتوياته وما الذي يعرضه لأن هناك متاحف كثيرة مجهولة لايعرفها احد وتوضع في برنامج التنقلات والمزارات السياحية حتي تناسها الكثيرون. أما قضية تكرار سرقة اللوحات فهي ليست الوحيدة في العالم.. كل دول العالم تعرضت لمثل هذه السرقات لكن الأأهم هو الحفاظ عليها لأنها تاريخ وحضارة عبر السنوات.