بقلم: سعيد عبدالرحمن هلت علينا أيام رمضان العطرة.. كشف الله بها عن الأمة الغمة.. وأسكت بدعائنا فيها قلوب فاسدينا.. فمع هلال النسمات احتشد عدد كبير من الأهالي علي سلم الغرفة التجارية بالإسكندرية . يعربون عن استيائهم من ارتفاع الأسعار لمختلف السلع متهمين التجار وغرفتهم بإشعال الأسعار.. وخرج إليهم أحدالمسئولين معلقا أن السوق الحرة هي التي تحدد الأسعار.. فمن حكمة الخالق علي عباده أن شرع لهم البيع والشراء وجعلهما أمرين لا تستقيم الحياة إلا بهما.. وتولي أمر البيوع تجار منهم من يبيع بالعدل.. لا يظلم ولا يظلم.. وآخر يبيع بالظلم.. فيكذب ويغش.. وثالث يبيع بالإحسان.. سمحا إذا باع سمحا إذا اشتري.. فالتجارة عندنا أصبحت شطارة احتضنت إلا من رحم ربي معظم من لا مهنة له من الغشاشين والكاذبين وامتلأت السوق بهم يحتكرون, ويتحكمون, ويمتلكون تسعة أعشار الرزق.. وهم في كل عصر وزمان سماسم الأيام في أياديهم مفاتيح سر سمسم يفتحون به جميع الأبواب المغلقة.. فقديما كان شهبندر التجار حكيم الزمان وقائد مجلس الأسعار يحقق بالعدل بين التاجر والأعوان.. ويفرض غرامات وعقوبات علي من وسوس له الشيطان.. ودائما وأبدا يعقد جلسات العلم والفقه للتجار ليبين ما لهم وما عليهم من حلال وحرام, ونواهي الأديان في المغالاة وحب المال.. وبعد انقلاب الحال وترك الحبال أصبح البقال, ورجل الأعمال, والحمال, ومحبو المال, والبائع الجوال تجار هذا الزمان.. وغاب عنهم شهبندر التجار.. وترك الأسواق حرة.. حتي ضاقت علي الناس معايشهم.. وهذا ليس عن قلةالأرض التي تنبت الزرع.. ولكن عن عمد الاحتكار والاستغلال.. حتي خلعت الحرة ثيابها.. ولا مجيب, ولا رقيب ولا آمر بمعروف وناه عن منكر.. ومن أهمية دور التجار في حياة الأمم وضع سيد المرسلين التاجر الأمين علي الأنبياء والصديقين في جنات وعيون, ونبه صلي الله عليه وسلم إلي أهمية أن نفقه التجار في الدين قبل نزول الأسواق, اختص أصحاب رأس المال.. ومع ذلك فالأسواق بها تجار أمناء.. منهم في حديثنا معه وهو شهبندر تجار الجلود فتح خزائن الأسرار لضبط الأسواق مؤكدا أن مرحلة صنع الحذاء الجيد الطبيعي يخرج من مصنعه في جملته ب75 جنيها, ويعرض ب250 جنيها.. فأين الرقابة؟! ويوضح شهبندر الفواكه والخضار أن سعر كيلو الطماطم في جملته45 قرشا ويباغ بثلاثة جنيهات, وكيلو العنب لا يتعدي175 قرشا وتمسك السوق في تلابيب سعره ب7 جنيهات.. أما شهبندر الجزارين بمدينة نصر فيصرخ لأن كيلو اللحم يخرج من مزرعته قائم ب23 جنيها ويباع ب70 جنيها. وفي النهاية الحال هكذا في كل السلع وأصحاب رءوس المال يصرخون, لأن الأسواق تاهت منهم رغم مكاسبهم.. ويطالبون غرفهم التجارية برقابة كل سلعة وتحديد ربحها الشرعي, وتفعيل حديث المصطفي صلي الله عليه وسلم بكل الوسائل في أن نفقه تجارنا في الدين لعل وعسي!!