جاءت برامج إعادة تأهيل وتدريب شباب الخريجين كخط دفاع صلد يعمل علي فتح نوافذ الأمل أمام الشباب في الحصول علي فرصة عمل. وكأي شيء في الحياة يموت عندما يطويه النسيان تركنا برامج التدريب تعصف بها خطط غائبة وواقع غير معبر عن احتياجات سوق العمل ومحاولات فردية يغيب عنها منهج علمي واسع النطاق ومراكز تدريب تفتقد عناصر التدريب. ولم تستطع برامج التدريب المعقود عليها الأمل جذب الشباب إليها أو إعداد أيد عاملة مدربة قادرة علي تحمل تبعات سوق العمل أو بناء جسور الثقة مع أصحاب الأعمال. المحاولات السائدة تمضي علي طريق طويل وتسير بخطي وئيدة تتعثر بين لحظة وأخري.. فيموت برنامج ويحيا آخر وسط تخبط وعدم قدرة علي صياغة برنامج تدريب وطني يلتف حوله الشباب. الواقع يكشف عن تفاصيل كثيرة ومثيرة في برامج إعادة تأهيل وتدريب شباب الخريجين. وقفت وزارة الإنتاج الحربي تتصدي لمشكلة البطالة عبر المشروع القومي لإعادة تأهيل وتدريب شباب الخريجين مع بداية فبراير2002 يعاونها فيه21 وزارة ومؤسسة وأتاحت فرصة التدريب علي365 حرفة ومهنة في734 مركزا. وخطا المشروع خطوات جادة بحسب ذكر مصدر مسئول بوزارة الإنتاج الحربي وفتح النوافذ المغلقة أمام الشباب الباحث عن فرصة عمل حقيقية في سوق باتت تحتاج إلي مواصفات بعينها يجب توافرها في الأيدي العاملة. ولم يكن إكساب الشباب المتدرب المهارات اللازمة دون وجود مراكز تدريب مؤهلة ومدربين لديهم القدرة علي نقل المهارات, وكان ذلك التحدي الأكبر الذي تجاوزناه سريعا وأصبحت المراكز علي قدر كبير من الكفاءة وتسهم في تخريج شباب مدرب يلبي احتياجات سوق العمل المختلفة. وكما أكد المصدر فإن الدولة في سبيل ذلك تحملت تكلفة تدريب الشباب بواقع600 جنيه للفرد.. إضافة إلي منحه مكافأة مالية شهرية خلال فترة التدريب البالغة ثلاثة أشهر قدرها مائة جنيه لحملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة و150 جنيها للمؤهلات العليا. وكان يحصل الشاب فور تجاوزه لبرامج التدريب علي شهادة معتمدة تفيد اتقانه للحرف والمهن المختلفة والتي خضعت لنفس مواصفات البرامج الدولية في هذا الصدد. والتحق عدد كبير من خريجي برامج التدريب بفرص عمل حقيقية في مواقع إنتاج مختلفة. وفجأة في ضوء معطيات محددة أسدل الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الستار علي المشروع القومي لإعادة تأهيل وتدريب شباب الخريجين الذي يشرف عليه الدكتور سيد مشعل وزير الإنتاج الحربي برغم بصيص الأمل الذي شق به نفق البطالة المظلم. وبحسب قول الدكتور مجدي راضي المتحدث باسم مجلس الوزراء رصدت دراسة أجريت حول جدوي المشروع ومدي مساهمته في حصار شبح البطالة وجود خلل جسيم في بنيانه أدي لضعف استفادة الشباب الحقيقية فيما يقدم لهم من برامج تدريبية تعينهم علي الحصول علي فرصة عمل مستقرة. غياب الفائدة ولم يكن من الطبيعي في ظل أوضاع متردية للمشروع القومي لإعادة تأهيل وتدريب شباب الخريجين استمراره علي وتيرته السائدة حرصا علي خلق برامج تدريبية فعالة ترتبط بسوق العمل واحتياجاته. وإذا كان المشروع القومي لإعادة تأهيل وتدريب شباب الخريجين قد توقف بتقديم خدماته التدريبية علي حد قوله.. فإنه لم يترك فراغا نحو تلبية احتياجات الشباب في التعلم واكتساب المهارات كون وزارة التجارة والصناعة تقوم بدور ناهض وفعال في هذا الصدد عبر برامج تدريبية متنوعة ومتطورة تخضع لمواصفات قياسية دولية وترتبط مباشرة بأصحاب العمل واحتياجات مصانعهم من الأيدي العاملة. وزارة التجارة والصناعة لا تقدم للشباب فرصا تدريبية دون سند يقتضي الحصول علي فرصة عمل حقيقية فور انتهاء فترة التدريب والكلام علي لسان اللواء محمد هلال مدير مشروع إصلاح التعليم الفني والتدريب المهني.. قائلا نحن نصيغ علامة محددة في هذا الصدد قوامها يرتكز علي شراكة تدريبية مع أصحاب المصانع عبر قنوات اتصال دائمة تحدد حجم الطلب علي فرص العمل ونوعيتها. وبذلك نضمن فرص عمل حقيقية للشباب فور تجاوزه للبرنامج التدريبي.. فنحن لا نقدم فرص التدريب من أجل إكساب الشباب مهارات مختلفة ولكن نقدمها من أجل توفير فرص عمل حقيقية. عندما نحدد احتياجات سوق العمل فإننا في المقابل نضع نوعية البرامج اللازمة لتحقيق هذا الغرض بما يلبي احتياجات الصناعة المتجددة. فرص حقيقية أستطيع القول والكلام لا يزال علي لسان مدير مشروع إصلاح التعليم الفني والتدريب المهني.. إنه باجتياز الشاب لهذه النوعية من برامج التدريب يكون قد اكتسب مهارات أساسية تعينه علي العمل والقيام بدوره علي أكمل وجه. فبرامج التدريب الموضوعة درست بعناية فائقة وتخضع للمقاييس الدولية في هذا الشأن ونختار لها الشباب المناسب الذي يمتلك الرغبة والقدرة علي تعلم المهارات اللازمة. وقد لعبت أيضا برامج التدريب دورا أساسيا في كسب ثقة أصحاب المصانع بعدما أصبحنا نقدم إليه شبابا مدربا علي فنون العمل الصناعي ويملك المهارة اللازمة. وهذا ساعدنا إلي حد كبير في توفير فرص عمل بالآلاف.. خاصة في أنشطة صناعات الملابس الجاهزة وأصبح لدينا نشاط واسع في أكثر من12 محافظة ونتوسع وفق برنامج زمني. وتتنوع برامج التدريب بحسب قول المهندس رشاد عبد الحميد خبير بحوث التدريب بمشروع إصلاح التعليم الفني والتدريب وفي ذلك نتوجه صوب المجالات التدريبية الأكثر رواجا وإقبالا في سوق العمل.. حيث نركز في هذه الآونة تحديدا علي مجالات بعينها تضم البناء والتشييد والملابس الجاهزة والصناعات الغذائية والكيماوية والجلود ودباغتها والأعمال العامة والمنازل والمباني والسياحة والفنادق وشركات السياحة ووكلاء السفر والبازارات. وفيها يحصل الشباب علي فرص تدريبية موائمة تعينه علي اكتساب المهارات التي تمكنه من أداء دوره علي أكمل وجه. نظرة مختلفة وجه آخر لبرامج تدريب الشباب علي اكتساب مهارات سوق العمل يطل عبر مجلس التدريب الصناعي بمفهوم مختلف يوضحه مدحت المدني مقرر المجلس قائلا: نتعامل اكثر مع فرص العمل المستقبلية لنواكب الاحتياجات المتجددة والمتطورة للصناعة المصرية.. فنحن نخطو خطوات جادة علي الطريق في ضوء دراسات لما سيكون عليه مستقبل الصناعة وحاجتها الي نوعية محددة من فرص العمل. وكثيرا ما يجد أصحاب المصانع عقبات نحو وجود عمالة تستطيع مواكبة تطورات تكنولوجية يريدون إدخالها, وقد أوجدنا برامج تدريبية جادة وفق نظم دولية تلبي احتياجات المصانع في هذا الصدد. لقد شيدنا قاعدة تدريبية متطورة لديها القدرة علي التعامل مع احتياجات المستقبل وقد نكون قد تأخرنا في إعدادها بعض الوقت.. لكنها حققت نتائج طيبة ودعمت الصناعة بأيد عاملة مدربة وماهرة. وبات لدينا مراكز تدريبية متقدمة تحتوي علي أكثر من1500 مدرب علي مستوي مهاري رفيع ولديهم القدرة علي نقل المعارف والخبرات اللازمة للشباب المتدرب. وهذه البرامج التدريبية لا تقدم بصورة عشوائية وإنما يحكمها منهج علمي بدءا من محتواها الذي يعبر عن حاجة الصناعة في اللحظة الراهنة والرؤية المستقبلية وتخضع لعملية تقييم مستمرة وعلاقة وثيقة مع أصحاب المصانع. نحن لا ندرب دون إيجاد فرص عمل والكلام لمقرر مجلس التدريب الصناعي وإنما كل فرصة تدريبية يقابلها فرصة عمل ونعتمد في ذلك علي تواصل دائم مع المصانع نعد وندرب العمالة اللازمة لها ونتحمل90% من تكلفة فرص التدريب. وبرغم كون مجلس التدريب الصناعي لا يتعامل مع الشباب الباحث عن فرصة عمل بشكل مباشر.. إلا أنه بحسب قول مدحت المدني يفتح نافذة رحبة لمن يريد العثور علي فرصة عمل مناسبة من خلال خريطة المصانع التي يملكها ومعرفته الواقعية باحتياجات سوق العمل الآنية والمستقبلية ويعمل علي إكسابهم المهارات في الحرف والمهن التي تتفق وميولهم المهنية ولذلك سيمتد نشاط المجلس التدريبي في كل محافظات مصر خاصة محافظات الصعيد لتلبية احتياجات المناطق الصناعية فيها من الأيدي العاملة المدربة. يلفت مقرر مجلس التدريب الصناعي النظر الي الخطر الذي يداهم برامج تدريب وتشغيل الشباب من واقع خبرته بقوله: مع الأسف الشديد ثقافة المجتمع السائدة مازالت طاردة للعمل المهني, وقد سجلت ملاحظات عديدة في هذا الشأن تقضي بهجرة ما يقرب من50% من الشباب الباحث عن عمل من البرامج التدريبية. ولذلك يتعين علي مؤسسات المجتمع المعنية ضرورة تغيير أنماط السلوك السائدة لدي الشباب. توثيق العلاقة هناك سؤال مؤثر يقف علي لسان الدكتور سمير عبد الوهاب أستاذ الإدارة العامة بجامعة القاهرة متسائلا ما قيمة البرامج التدريبية التي تقدمها المؤسسات المعنية للشباب في ظل انفصال واضح بينها وبين سوق العمل؟!.. نحن في حاجة حقيقية إلي زيادة توثيق العلاقة بين هذه البرامج وفرص العمل المتاحة.. فكثير من الشباب يجهل الواقع ويضل الطريق الذي يوفر له فرصة عمل حقيقية. ويفضي الواقع إلي حقيقة مؤداها عدم ثقة أصحاب المصانع والشركات في جدوي البرامج التي يتدرب عليها الشباب داخل مراكز التدريب كونها لا تخرج أيدي عاملة تمتاز بالمهارة والحرفية.