فلنحذر من أن نتحول إلي متخاصمين يقيمون علي أرض واحدة يقف كل منهم منتظرا أن يخطئ الآخر ليحاسبه, دخلت علينا مصطلحات لم تألفها آذاننا أبدا فتنة طائفية ومسلم ومسيحي فإذا كانت هذه المصطلحات حقيقة لماذا لم تظهر من قبل وأين كانت؟. مصر التي لم أراها قرأت عن وحدتها الوطنية في أمثال توفيق أندراوس وسينوت حنا ومكرم عبيد الذي قال:( نحن مسلمون وطنا ونصاري دينا, اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك, وللوطن أنصارا.. اللهم أجعلنا نحن نصاري لك, وللوطن مسلمين) والقمص مرقص سرجيوس خطيب ثورة1919 الذي خطب علي منبر الأزهر قائلا: إذا كان الإنجليز يتمسكون ببقائهم في مصر بحجة حماية الأقباط.. فإنني أقول: ليستشهد القبط ولتحيا باقي مصر حرة وغيرهم كثيرون. مصر أيضا رأيتها في حي شبرا الذي تربيت فيه وسط جيراني في عمارة جمعت مسلمين ومسيحيين لم أسمع يوما يا مسلم أو يا مسيحي, لكن وجدتهم في الأعياد يحتفلون معا وفي الأفراح ذهبنا إلي الكنائس ورأيتهم معنا يتلقون العزاء في أحبائنا. من يستطيع أن يميز بين اثنين يسيران معا ليقول من منهما المسلم ومن المسيحي, هل يستطيع أن يعلم أحد إذا ذهب لمطعم من قام بتحضير الطعام أكان مسلما أو مسيحيا؟ استحالة أن نعلم لسبب بسيط أننا جميعا متداخلون كخيوط ثوب صنع منه عبر الزمان تاريخ وطن. فلنحذر من تلك الأيدي الخفية التي تعبث لتثير الفتن حتي تحيلنا إلي أمة متناحرة ممزقة من أجل أن نسقط في براثن التيه ليمحي تاريخ وطن, ولنحذر من أن نفقد وحدتنا فنصبح أمة بلا تاريخ, وأقتبس عن قداسة البابا شنودة قوله:( مصر ليست وطنا نعيش فيه إنما وطن يعيش فينا).