هلم يا أخوتي نسقط الحصون ونطيح بالأسوار ومن السجن نطلق الكروان نستشفي من أمراضنا لتبحر سفننا بأمان. جحيم الفتنة الطائفية نار تحت الرماد، أصابع في الظلام تخطط لحرق الوطن مع سبق الإصرار، أفواه تتفرغ للملاسنات الدينية والعقائدية في الفضائيات، هذا تنصر وهذا أسلم.. ليعلو الصراخ علي صوت العقل والضمير مظاهرات صاخبة من أجل استرداد زوجة كاهن والمطالبة بإطلاق سراحها.. فما الذي أصابنا? الدين.. تلك العلاقة الخاصة بين الإنسان وربه أصبح طقوساً لا جوهر ولا سلوك.. ما المشكلة لو زاد عدد المسلمين فرداً أو أفراداً وانتقص عدد المسيحيين بعض الأفراد أو العكس.. ما الذي أصابنا والقنوات الدينية تتباري بدورها السلبي في تحقير عقيدة الآخر والسخرية منه. تركنا مشاكلنا الأساسية التي يئن منها الوطن لنفتح أبواب جهنم لتحرق مصرنا.. غير عابئين بما يحاك لنا في غفلة منا.. الفتنة الطائفية مصطلح دخيل علينا لم يكن موجوداً من قبل عندما كانت تظللنا المحبة الحقيقية والسلام الخالي من النفاق والتزييف - تحولنا إلي كيانين منفصلين بعد التصنيف العجيب أنت مسلم وأنت مسيحي الكل يتربص بالآخر.. ينصب له الفخاخ ولم يعد التواصل بالخطب والمواعظ يجدي نفعاً، أصبحنا علي مقربة من انهيار جسر التواصل الذي صنعناه سوياً كمصريين عبر العصور خاصة أننا نعيش لحظات الضعف ونتشبث بالأفكار البالية ونرفض الانفتاح علي الآخر لنسقط جميعاً في هاوية يدرك عدونا أنها القاصمة لوجود أي أمة.. لقد عشنا منذ الآلاف من السنين علي أرض مصر نعتنق عقائد متعددة وندين بالانتماء لوطن واحد مهما تعددت الأديان. في مصر الفرعونية كان لكل إقليم من أقاليمها التي زادت علي الأربعين آلهته وعقيدته ولكن الجميع ومنذ وحد (مينا) مصر في دولة مركزية كان ولاؤهم الأول والأخير لهذا الوطن الذي صنع الحضارة وعلم الدنيا كلها الحكمة والدين والفن الخالد. وقد استخدم أعداء هذا الوطن عبر التاريخ سلاح الفتنة الطائفية من أجل تمزيق نسيج الأمة ولكن الوعي الوطني الراسخ في ضميرها كان لهم بالمرصاد وأفسد عليهم مخططاتهم وتضامنت الأمة في وحدة لا انفصام لها ضد كل من حاولوا إذكاء نيران الفتنة وتحويل مصر إلي لبنان أو البلقان وتفكيكها إلي كيانات متناحرة ولكننا اليوم نواجه موقفاً شديد الخطورة. فقد سادت في السنوات الأخيرة أفكار وشعارات دخيلة علي العقل المصري انقضت عليه من الخارج لتفتك بعراقته وأصالته وفكره الوطني فتحوله إلي فكر شديد التطرف فاعتنق المسلمون السلفية المنغلقة المكفرة للآخر والرافضة لوجوده، واعتنق المسيحيون أيضاً التشدد الغبي وكأننا نحقق للعدو ما فشل في تحقيقه عبر التاريخ بالأساطيل والسلاح. والقرآن الكريم يقول (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ذلك لأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون). ويقول الكتاب المقدس (أحبوا أعداءكم باركوا لاعنينكم وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم).. وأين المصريون جميعاً من قول أمير الشعراء: إن الذي قسم البلاد حباكمو وطناً كأوطان النجوم مجيداً قد كان والدنيا لحود كلهاللعبقرية والفنون مهوداً إن مصر أبقي وأعظم وأولي بالحفاظ علي وحدتها الوطنية من كل المتشنجين المتعصبين أياً كانت صفتهم، وهي فوق الجميع أيا كانت عقائدهم أو دياناتهم، وعلي كل مصري يحب هذا البلد أن يضرب بيد من حديد وبلا رحمة كل من يحاول إذكاء روح الفتنة بين أبناء الوطن، ونشر فكر التعصب ورفض الآخر وتسفيه دينه، وعلي أجهزة الإعلام أن تعي دورها الوطني وتعلم خطورة ما يقوم به بعض القائمين عليها من نشر فكر التطرف والسماح بإهانة الأديان. وأن تمارس دورها في نشر المحبة والتراحم والاحترام لجميع العقائد فكل من يعبد الله الواحد في جميع الديانات السماوية سوف يعود إلي خالقه. ليحاسبه علي أعماله (فمن عمل صالحاً فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون). هلم يا أخوتي نسقط الحصون ونطيح بالأسوار ومن السجن نطلق الكروان نستشفي من أمراضنا لتبحر سفننا بأمان.