بقرار من مجلس التأديب.. فصل صاحب أغرب قضية تزوير في تاريخ الجامعات    «التنسيقية».. 6 سنوات من العمل والأمل    رفع الحد الأقصى لبطاقات العلاج لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بجامعة المنيا (تفاصيل)    مصدر رخيص لإنتاج الكهرباء.. أبرز تصريحات رئيس هيئة المحطات النووية    وزيرة التعاون الدولي: القطاع الخاص ركيزة رئيسية لتحقيق النمو وخلق فرص العمل    أسعار الكتاكيت اليوم الجمعة 14-6-2024 في البورصة    إزالة مخالفات بناء في الشروق والشيخ زايد    الاحتلال يحرق جنوب لبنان «بالمنجنيق».. وحزب الله يمطر مواقع إسرائيلية بوابل غير مسبوق من الصواريح والدرونز    تأثيراتها الاقتصادية تضرب دول المنطقة |90% انخفاضًا فى عدد الحاويات العابرة للبحر الأحمر    نوري شاهين مدربا لبوروسيا دورتموند حتى عام 2027    وزير الشباب والرياضة ومحافظ الغربية يطمئنان على الحالة الصحية للسباحة شذى نجم    جوكر الدفاع.. فليك يقرر تغيير مركز نجم برشلونة    الرئيس السيسى يؤدى فريضة الحج ويزور قبر النبى الكريم    مهرجان القاهرة التجريبي يكرم «بانوراما برشا» المسرحي    بعد الإعلان عنه.. كيف علق أحمد فهمي على تقديم مسلسل «سفاح التجمع»؟ (خاص)    رسائل تهنئة عيد الأضحى 2024.. كلمات بسيطة لإسعاد زوجتك    إسعاد يونس تكشف ل«الوطن» كواليس ظهورها بالحلقة الأخيرة من دواعي السفر    اليوم عرفة.. لندعُ الله    "خلي بالك".. ضوابط صلاة عيد الأضحى 2024    وزارة العمل: تسليم شهادات إتمام التدريب المهني للمتدربين من شباب دمياط على مهن الحاسب الآلي والتفصيل والخياطة    حزب الله يطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل    جيش السودان: مقتل أحد قادة "الدعم السريع" في معركة "الفاشر"    برامج وحفلات وأفلام ومسرحيات.. خريطة سهرات عيد الأضحى على «الفضائيات» (تقرير)    أول صورة للضحية.. حبس المتهمة بقتل ابن زوجها في القناطر الخيرية    طيبة التكنولوجية تُشارك في ورشة عمل لتعزيز قدرات وحدات مناهضة العنف ضد المرأة    الفيلم الوثائقي "أيام الله الحج": بعض الأنبياء حجوا لمكة قبل بناء الكعبة    صيام عرفة سنة مؤكدة ويكفر ذنوب عامين.. المفتي: من لا يملك ثمن الأضحية فلا وزر عليه    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    لبنان يدين الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب البلاد    السعودية تستقبل ألف حاج من ذوي الجرحى والمصابين في غزة    بجمال وسحر شواطئها.. مطروح تستعد لاستقبال ضيوفها في عيد الأضحى    القاهرة الإخبارية: مستشفيات غزة تعانى نقصًا حادًا فى وحدات الدم    حج 2024| النقل السعودية تطلق مبادرة «انسياب» لقياس حركة مرور حافلات الحجاج    تردد قناة الحج السعودية 2024.. بث مباشر للمناسك لمعايشة الأجواء    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    الأمين العام لحلف الناتو: توصلنا لخطة كاملة لدعم أوكرانيا تمهيدا لقرارات أخرى سيتم اتخاذها في قمة واشنطن    هل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين؟.. توضح مهم من مفتي الجمهورية    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    ماذا يحدث للجسم عند تناول الفتة والرقاق معا؟    الفرق يتجاوز 30 دقيقة.. تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى في محافظات مصر    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    لجنة الاستثمار بغرفة القاهرة تعقد أولي اجتماعاتها لمناقشة خطة العمل    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    فحص 694 مواطنا في قافلة متكاملة بجامعة المنوفية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    القبض على 8 أشخاص فى أمريكا على علاقة بداعش يثير مخاوف تجدد الهجمات الإرهابية    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكاءه في مباراة بيراميدز وسموحة    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 06 - 2010

الإدمان يضرب شباب الأمة يا عرب‏..‏ مستوي المونديال المسئول عنه خبراء الاقتصاد لا مدربو الكرة‏!‏ لو عند حضرتك سيارة فارهة غالية أو صغيرة رخيصة‏..‏ لا بد أن يكون استخدامك لها وفقا لاشتراطات إن أهملتها انعكس الأمر علي السيارة التي ستجدها يوما باركة علي الأرض لا تستطيع الحركة‏..‏
من الاشتراطات التي لا بد منها أن تبقي السيارة سيارة‏..‏ تغيير الزيوت بعد قطع مسافات محددة وتغيير قطع الغيار وفقا لاشتراطات‏..‏ باختصار تغيير كل ما له عمر افتراضي إن أردت الحفاظ علي السيارة في حالتها لعدة سنوات وقريبة جدا من حالتها فيما بعد طالما الصيانة قائمة‏..‏
معني الكلام أن الإنسان يعرف جيدا أهمية الصيانة والراحة والاهتمام والالتزام بالاشتراطات لكل شيء ولأي شيء اخترعه‏..‏ لأنه ما من شيء ثابت أو يتحرك إلا ويحتاج إلي مراقبة واهتمام وصيانة حتي لا ينتهي‏!.‏ الطرق تحتاج والمباني تحتاج والشواطئ تحتاج والطائرات تحتاج والمصانع تحتاج وكل ما هو حولنا في حياتنا يحتاج إلي اهتمام ومراقبة وصيانة‏..‏
الإنسان اهتم بكل شيء وأي شيء اخترعه وصنعه ونسي الشيء الأهم‏..‏ نسي الإنسان‏...‏
نسي الإنسان نفسه‏..‏ ونسي أن البشر الاستثمار الأعظم علي الإطلاق‏..‏ نسي أن تربية الطفل ورعايته ومراقبته وحمايته إلي أن يكبر ويشتد عوده وينضم إلي القوة المضافة‏..‏ نسي الإنسان أن هذه العملية هي الصناعة الأعظم علي الإطلاق في حياة أي شعب‏...‏
نسي الإنسان نفسه‏..‏ ونسي أن الاهتمام والرقابة والرعاية والصيانة مطلوبة ولا غني عنها للإنسان نفسه‏..‏ وإلا‏!.‏
إلا هذه‏..‏ كلنا يري عواقبها وكلنا غير مكترث بها‏..‏ وهذه حقيقة قائمة وموجودة وهذا مثال لها وعليها‏...‏
كلنا يعرف ويدرك الدمار والهلاك الذي يصيب أي إنسان نتيجة إدمان المخدرات‏..‏
كلنا يري وكلنا يشاهد وبعضنا من ابتلاه الله بهذه الكارثة في أسرته أو معارفه يعايش‏..‏ ومع هذا لم نستشعر الخطر ولم نتحرك وإن تحركنا فكل في اتجاه والطبيعي أن تكون محصلة القوي صفرا لأنها متضادة‏...‏
هذا مثال موجود ويحصد صحة وعافية وعقول خير ما نملك‏..‏ يحصد شبابنا‏..‏ وكلنا يتفرج‏...‏
الإدمان كارثة خطيرة جدا وانتشر بصورة رهيبة جدا ودمر شبابا كثيرا جدا‏..‏ شباب أصبح بقايا بشر لا يقدر علي شيء ولا حتي التحرك مترا واحدا إلا بمخدر‏...‏
لو استمر سقوط الشباب لا قدر الله في الإدمان بنفس المعدل‏..‏ فهذا معناه دمار مستقبل وضياع حاضر وأي مستقبل ننتظره أو حاضر نعيشه وأغلي ما في ثروتنا البشرية‏..‏ مدمن‏!.‏
لا صناعة ولا تجارة ولا تصدير ولا زراعة ولا رياضة ولا أي حاجة يمكن أن ننتظرها من مكان اجتاحه الإدمان وتمكن منه الإدمان‏...‏
الكارثة الحقيقية أن المنطقة العربية كلها لا مصر وحدها‏..‏ يضربها الإدمان‏...‏
المنطقة كلها هدف استراتيجي للإدمان لأجل أن تتحول أمة العرب إلي بقايا بشر لا يمثلون خطرا ولا يقدمون نفعا‏...‏
تعالوا مرة يا عرب نخرج رءوسنا من الرمال لنري الأمور علي حقيقتها‏..‏ والحقيقة أن المنطقة العربية تحولت إلي مستنقع إدمان بعدما أصبحت أحد أكبر الأسواق المستهلكة للمخدرات‏...‏
تعالوا نتفق مرة علي شيء وأظن أن شبابنا أعظم من كل شيء‏...‏
تعالوا نتصارح وننس خلافات المصالح الموجودة‏..‏ نتصارح ونتفق ونتوحد علي هدف إنقاذ شباب أمة العرب‏...‏
أعلم أن الجامعة العربية وأمينها العام السيد عمرو موسي في موقف أظنه الأصعب‏..‏ لأن المشكلة العربية الآن لم تعد مجرد خلافات عربية عابرة إنما باتت أزمة مستحكمة كل الدول العربية أطراف لها‏!.‏ لم تعد خلافات أمة العرب مع عدو واحد هو عدوها لأن الأمور انقلبت والعدو الوحيد نسيناه ومكانه خلقنا أعداء من أنفسنا ضد أنفسنا وهل في أي حركة نضال بالتاريخ سمعنا أن المقاومة انقسمت علي بعضها ووجهت السلاح إلي صدورها وتفخر بوقوع أسري من بينها في أيديها‏..‏ ونشاهد الآن أسري من حماس لدي فتح وأسري من فتح لدي حماس ونسينا أن الصهاينة هم العدو الذي يقود حملة إبادة للشعب الفلسطيني الذي خذله مناضلوه وانقسموا علي بعض بدلا من توحدهم لمواجهة العدو‏!‏
أعلم أن الجامعة العربية وأمينها عندهم جبال مشكلات غير قابلة للحل‏..‏ أعلم كل هذا ولكن‏...‏
كل المشكلات العربية العربية في جانب وحملة تدمير شباب العرب بالإدمان في جانب آخر لأن هذا معناه أمة بلا مستقبل‏...‏
أرجو أن تبادر الجامعة العربية وأن يبادر السيد عمرو موسي بفتح ملف هذه القضية بالغة الخطورة‏...‏
أرجو أن ننسي كل الخلافات لأجل مواجهة حرب الإدمان القائمة من زمن ونحن نعرف لكننا نتظاهر بأننا لا نعرف‏...‏
لا أظن أن هذه المبادرة تحديدا ستواجه باعتراض للبعض أو تشف من البعض أو تحفظات ومزايدات للبعض‏..‏ لا أظن هذا لأننا جميعا في الهم سواء‏...‏
وعلي رأي المثل‏:‏ لا تعايرني ولا أعايرك‏..‏ الهم طايلني وطايلك‏...‏
‏...................................................‏
‏**‏ قضية اهتمام الإنسان بكل ما حوله وإغفاله الاهتمام بنفسه‏..‏ أظنها موجودة وقائمة وواضحة في مونديال جنوب أفريقيا وكانت موجودة فيما سبقه من بطولات كأس عالم وستكون قائمة وتفرض نفسها بقوة علي كل مونديال قادم‏..‏ ما لم يتغير موعد المونديال ليكون في أي وقت إلا وقته الحالي في نهاية الموسم الكروي بالعالم‏!.‏
الإنسان نجده يهتم جدا بسيارته‏..‏ صيانة وراحة ورقابة‏!.‏ يهتم جدا بأن تحصل الأرض علي فترة راحة ما بين زرعة وزرعة وهذه الراحة مطلوبة لتهوية الأرض وتشميسها لاستعادة عافيتها‏!.‏ ويهتم بالحيوان ويهتم بالنبات ويهتم بالطريق ويهتم بالمبني وبكل شيء وأي شيء إلا نفسه‏..‏ وهذا واضح في المونديال‏!.‏
أحد لم يهتم بلاعبي الكرة في المنتخبات ال‏32‏ المشاركة وسأل نفسه‏:‏ هل يمكن للاعب أن يخوض مباريات أكبر بطولة كرة علي الأرض في الوقت الذي كان مفترضا فيه أن يكون علي شاطئ البحر في إجازة وفي راحة سلبية لا مجهود يبذله فيها‏!.‏
قد يقول البعض‏..‏ راحة من ماذا‏..‏ من اللعب؟‏.‏
وأقول أنا‏:‏ يا ريت الكرة والرياضة بقيت مجرد لعب‏!.‏ ليتها بقيت كما أرادها السيد كوبرتان المحامي الفرنسي الذي اخترع الدورات الأوليمبية الحديثة تحت شعار الأقوي والأعلي والأسرع ولا شيء خلاف ذلك‏!.‏ ليت الرياضة بقيت هواية خالصة كما أرادها ونفذها مؤسس الدورات الأوليمبية‏!.‏
الرياضة للأسف عندما دخلتها أموال الاحتراف من الباب‏..‏ خرجت قيمها ومبادئها من الشباك‏!.‏ الرياضة لم تعد لعبا إنما هي الآن اقتصاد وصناعة وفلوس ومليارات الدولارات تدار بعقليات اقتصادية وتدور في سوق الكرة وأظنه الأغني في العالم‏!.‏ اللاعب يقبض عقودا خرافية ومقابلها عليه ضغوط عصبية خرافية‏..‏ وبقدر ما يأخذ مطلوب منه أن يعطي‏..‏ وتلك هي النقطة الفيصل في القضية‏..‏ لأن رياضة البطولة للاعب سقف في عدد المباريات التي يخوضها والذي يحدد هذا خبراء الرياضة وهؤلاء لم يعد لهم كلمة لأن رجال الاقتصاد هم الذين يقودون وهم الذين يطالبون بأكبر عدد من المباريات لأجل أكبر إيراد دون النظر إلي أن اللاعب لقدراته حدود لأنه إنسان‏!.‏ هم لم يلتفتوا لذلك ولا يعنيهم استهلاك النجوم ومن يرحل عشرة مكانه سيظهرون‏..‏ لا يعنيهم شيء إلا أكبر إيرادات‏!.‏ رجال الاقتصاد يتكلمون ويتصورون أن عطاء اللاعب مجرد مجهود بدني والحقيقة غير ذلك تماما لأن أي واحد منا بإمكانه أن يلعب‏90‏ دقيقة كرة يوميا طالما المسألة لعب وتسلية لكن الأمر يختلف جذريا عندما تصبح المسألة مسابقات ونتائج وضغوطا عصبية‏..‏ هنا تصبح لقدرات اللاعب حدود علي لعب المباريات الرسمية‏..‏ بعدها لن تجده‏..‏ تجد شيئا مختلفا تماما في المستوي وفي التركيز وفي العطاء ويبدو أمامنا اللاعب وكأنه نسي الكرة والبعض يتصور أنه يتعالي علي الكرة والحقيقة لا هذا ولا ذاك‏...‏
الحقيقة أن الكرة مع بقية اللعبات لم يعد أمرها مجرد رياضة إنما عمل واحتراف تنفق فيه وعليه فلوس خيالية ولابد أن تجني أموالا أكثر من التي تم إنفاقها والضحية الوحيد لهذه المعادلة اللاعب رغم وجود أطراف كثيرة مهمة مثل المدرب والإداري والطبيب والإدارة والتسويق والإعلام والبث والحقوق إلي آخر هذا الموال‏..‏ إلا أن اللاعب هو الأساس وبدونه لن تقام مباراة ولذلك يعطون للنجوم عقودا كبيرة ويأخذون من النجوم في المقابل أكبر عدد من المباريات عليهم أن يلعبوها لأجل أن يتم تحصيل الإيرادات وتحقيق الفائض المادي‏..‏ وبدون المباراة لن تكون هناك تذاكر ولا إعلانات ملعب ولا حقوق بث تليفزيوني ولا إعلانات في مختلف وسائل الإعلام‏..‏ بدون مباراة لن تكون هناك كل هذه العائدات وبدون اللاعب لن تقام مباراة حتي لو عندنا مليون مدرب وإداري وإدارة وإعلام‏...‏
طيب‏..‏ أين هي المشكلة؟
المشكلة ظهرت بعد تحول الرياضة إلي اقتصاد ولعل كرة القدم الآن أحد أهم وأكبر المشروعات الاقتصادية وبطولة مثل المونديال القائم حاليا تدور فيه عشرات المليارات من الدولارات ما بين عقود بث تليفزيوني وعقود إعلانات وتذاكر مباريات إلي جانب عقود اللاعبين أنفسهم وهي مليارات‏!.‏ عندما أصبحت الكرة اقتصادا تدور فيه مليارات تحولت المسألة اقتصاديا إلي مكسب وخسارة ولكي يتحقق المكسب المادي لابد أن يلعب اللاعب أكبر عدد من المباريات لأجل الإيرادات‏..‏ والأمر لن يكون مشكلة إذا كانت هذه المباريات ودية بدون ضغوط لكنها تصبح كارثة عندما تكون المباريات رسمية ومطلوب من اللاعب بذل كل ما عنده لأجل الفوز‏!.‏
تصبح كارثة لأن النجم الكبير الشهير في العالم كله هو في النهاية إنسان وكل إنسان لقدراته البدنية والنفسية حدود بعدها لا يقدر علي الظهور في مستواه كنجم‏...‏
المشكلة بدأت تظهر وتكبر من فترة وكشفتها بطولات كأس العالم الأربع الأخيرة‏..‏ لأن اللاعب هو أصلا ملك لناديه طوال فترة عقده ومطلوب أن يشارك في المسابقات المحلية ومطلوب منه أن يأتي في مراكز متقدمة لأجل أن يشارك في البطولات القارية للأندية‏..‏ وهذه البطولات تقام سنويا وعائد مبارياتها من الإعلانات والتليفزيون خيالي ومطلوب من اللاعب أن يلعب أدوارها وسط مباريات الموسم المحلي وفي بطولة أوروبا نجد اللاعب يلعب ثلاث مباريات في الأسبوع الواحد‏..‏ أحد وأربعاء وأحد‏..‏ الأحد دوري والأربعاء بطولة أوروبا والجهد البدني كبير جدا والأخطر منه علي اللاعب الجهد والضغط العصبي‏...‏
ورغم زيادة هذا الجهد علي اللاعب فإنه استوعبه وقدر عليه ولم ينطق لأنها في النهاية فلوس منها يحصل علي عقده الكبير ومكافآته الضخمة‏..‏ إلا أن‏!.‏
اللاعب وجد نفسه مطالبا ببطولة أخري ومباريات أكثر وجهود زائدة لأجل البطولات القارية والبعض ينظمها كل سنتين مثل أفريقيا وكأس الأمم الأفريقية والبعض كل أربع سنوات وكأس الأمم الأوروبية مثال لها‏...‏
واللاعب لا يستطيع التخلي عن دوره مع منتخب بلده ويشارك في هذه البطولات القارية ويكون في مستواه أو قريبا منه لأن هذه البطولات تقام في منتصف الموسم عند البعض وبدايته عن البعض‏..‏ ولكن‏!.‏
المشكلة التي بقيت بدون حل هي المونديال لأن توقيته في نهاية موسم وهذا معناه أن اللاعب لن يحصل علي إجازة وراحة ينفصل فيها عن الكرة وضغوطها العصبية والبدنية‏..‏ والنتيجة‏!.‏
نراها في هذا المونديال ورأيناها في بطولة كأس عالم سابقة وسوف نراها في البطولات المقبلة ما بقي نهاية الموسم موعدا للمونديال‏...‏
قد يقول البعض‏:‏ وهل فاتت هذه الحكاية علي الفيفا ولماذا لا يجعل المونديال في منتصف الموسم كل أربع سنوات؟‏.‏
طبعا الحكاية يعرفها الفيفا لكنه لا يستطيع اتخاذ القرار لأن الأندية سوف ترفض وليس تعترض‏..‏ ترفض لأنها هي التي تملك اللاعبين وهي التي تدفع عقودهم ورواتبهم إلي جانب مصاريف هائلة للمدربين والإداريين وجيوش من العاملين في هذا المجال‏..‏ وإقامة المونديال في منتصف الموسم تفيد الفيفا والدول التي لها منتخبات لكنها تقتل الأندية التي تملك اللاعبين الذين سوف يتركونها ويغيبون شهرا في المونديال ونصف شهر قبلها في معسكرات الإعداد وهذا معناه أن الأندية اتوقف حالها لأنه لن يدخل لها دولار واحد خلال هذه الفترة والله وحده الأعلم أي إصابات ستلحق بلاعبيها وهم مع منتخباتهم‏...‏
خلاصة القول إن المونديال الذي يقام كل أربع سنوات في هذا التوقيت الخاطئ‏..‏ يحقق أرباحا خيالية لكنه أبدا لن يشهد مستوي فنيا وبدنيا يتناسب وأسماء النجوم العالمية الموجودة ولا حتي يناسب أكبر بطولة كروية في العالم‏!.‏ لماذا؟‏.‏
لأن النجوم الكبار تم استنزافهم بدنيا وعصبيا في موسم طويل محلي وقاري ولم يحصلوا علي استشفاء ولا راحة ولا إجازة ودخلوا علي أكبر بطولة عالمية ومطلوب منهم أن يكونوا في مستواها‏..‏ وهذا مستحيل لأن هؤلاء النجوم لقدراتهم حدود وهذه القدرات خرجت في موسم طويل ويستحيل استدعاؤها بدون راحة واستجمام لأنهم بشر لهم مشاعر ويشعرون بالتعب وتحملهم للضغوط العصبية له حدود‏...‏
وهنا يدور في الذهن تساؤل طرحه بعض الأخوة المعلقين وقولهم إن موازين القوي الكروية اختلفت‏!.‏ قالوا ذلك بعد مباراة البرازيل وكوريا الشمالية التي فازت بها البرازيل‏1/2‏ بالعافية وقالوا ذلك في الشوط الأول لمباراة البرتغال وكوريا الشمالية الذي انتهي بهدف واحد لمصلحة البرتغال‏...‏
والحقيقة أن الموازين لا انقلبت ولا يحزنون وإجهاد النجوم الكبار السبب بسبب موعد المونديال‏...‏
والحقيقة الثانية أن منتخبا مثل كوريا الشمالية يلعب مع الكبار وليس عنده ما يخسره لأن الدنيا كلها تعلم الفارق وهذه نقطة تعطيه قوة دفع تضاف إلي حوافز أخري ووسائل تحفيز تصل بالأمر إلي الكرامة الوطنية‏..‏ وشيء طيب أن تشحن اللاعبين معنويا لكن الأطيب والأهم أن يبقي هذا الشحن متوازنا مع قدراتهم وإمكاناتهم الفنية حتي لا تتحول الأمور إلي فضيحة مثلما حدث في الشوط الثاني الذي شهد ستة أهداف متتالية في مرمي كوريا الشمالية وهذا حدث عندما انهار المنتخب المشحون ولحظة الانهيار تأتي عندما يشعر اللاعب بأن إمكاناته أقل بكثير من المنافس ومن حجم الشحن الذي حصل عليه‏...‏
تبقي ملاحظة حول الكرة الجديدة التي تلعب بها المنتخبات هذا المونديال‏..‏ وحكاية كرة جديدة في كل مونديال‏..‏ هي في الواقع قرار اقتصادي وليس اختراعا يخدم ويرفع المستوي الفني‏!.‏ الكرة الجديدة حدوتة اقتصادية لأن الشركة المنتجة لهذه الكرة تدفع للفيفا فلوسا كثيرة مقابل اختراع كرة لكل مونديال وهي تدفع كثيرا وتحصل علي مكاسب أكثر لأن العالم كله سيلعب بهذه الكرة لمدة أربع سنوات وفي نهايتها اختراع جديد وكرة جديدة وفلوس كثيرة والضحية اللاعب‏!.‏ وليس مهما أن سرعة الكرة غير العادية ظهرت بوضوح علي التمريرات الخاطئة لأن اللاعب يمرر الكرة بقوة هو يعرفها ويتقنها ليفاجأ بأن الكرة راكبها عفريت فتطيش التمريرة وينعكس الأمر علي الأداء ليزداد تواضعا‏..‏ وهذا كله ليس مهما طالما الأهم الفلوس‏..‏
ولتعيش الفلوس حتي لو كانت علي حساب حراس المرمي الذين ظهر بعضهم بسبب سرعة ارتداد الكرة وكأنهم لم يلمسوا من قبل كرة‏!.‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية
[email protected]

المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.