عقدت لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلي للثقافة مؤتمرها الدولي الثاني للنقد الأدبي تحت عنوان النقد الأدبي والواقع الثقافي دورة محمد غنيمي هلال. واستمرت الدورة لمدة ثلاثة أيام. ناقشت خلالها أكثر من ستين بحثا في15 جلسة عقدت بالتوازي, شارك فيها مجموعة من النقاد والأكاديميين المصريين والعرب يمثلون14 دولة عربية. ويعد هذا المؤتمر استمرارا للمؤتمر الأول الذي عقد منذ عامين تحت عنوان نحو نظرية عربية للنقد الأدبي وأطلق عليه اسم الناقد الراحل رجاء النقاش. جاء ذلك في الكلمة الافتتاحية للدكتور أحمد درويش مقرر المؤتمر, الذي صرح ان هذه الدورة أهديت للناقد الرائد محمد غنيمي هلال(1916 1998) الذي سجل انجازات هائلة في التحصيل والعطاء في مجال النقد الأدبي. ثم أشار درويش إلي شيوع ظاهرتين متعارضتين هما الأنيميا الثقافية, والتخمة الثقافية أما الانيميا الثقافية فتبدو في ثقافة الناقد وكأنها عجزت عن مجاراة ثقافة النص, فيحاول تعويض هذه الانيميا باللجوء إلي التعميم وإصدار الأحكام, أما التخمة الثقافية فعندما يستعرض الناقد مصطلحات غالبا ما تكون أجنبية وهي مصطلحات تتداول في فروع أخري من فروع المعرفة. كما تناول في كلمته المسئولية الخلقية التي تواجه النقد الأدبي وهي تقع علي عاتق الناقد الذي يجب عليه ان يساعد المثقف العام للارتقاء بالحس الجمالي باعتباره قدوة لتوسيع دوائر المعرفة لديه. وألقي كلمة الضيوف العرب الشاعر والناقد الفلسطيني عز الدين المناصرة فتحدث عن الانغلاق والانزلاق, تلك الآفتان علي حد قوله اللتان تفتكان بثقافتنا العربية ولاتزال بعض مظاهرها بادية للعيان في تطبيقاتنا النقدية, مؤكدا أن النقد معرفة وتنوير وجرأة في التفكير وليس هجاء أو مديحا للنص, وهو إبداع يتوازي مع الإبداع, ولهذا فهو سلطة, والسلطة تخطيء وتصيب كما هو الانسان, وهناك طرف آخر مهم يتوسط بين سلطتي الناقد والمنقود وهو القاريء الحكم الوحيد بين الناقد والمبدع, وفي النهاية لا سلطة عليا سوي سلطة النص. ثم تحدث د. عماد أبو غازي الأمين العام للمجلس الاعلي للثقافة ليعلن عن إطلاق ملتقي القاهرة الاول للدراسات النقدية ليقف جنبا إلي جنب مع ملتقيات الرواية والشعر والقصة القصيرة, وأضاف أن الملتقي الجديد الذي سينطلق في الموسم الثقافي المقبل. لن يقتصر علي مجال النقد الأدبي, بل سيكون ملتقي للدراسات اللغوية في مجالات الآداب والفنون التشكيلية والموسيقي والسينما والمسرح وقد وافق وزير الثقافة علي ان يصاحب هذا الملتقي الاعلان عن جائزة القاهرة للدراسات النقدية التي سوف يمولها صندوق التنمية الثقافية. كما أعلن أبو غازي عن اطلاق أول إصدار الكتروني للمجلس وهو مجلة ياء الالكترونية التي تصدرها لجنة الدراسات اللغوية الأدبية ويمكن تصفحها وتحميلها من الموقع الالكتروني للمجلس. ودارت جلسات المؤتمر ضمن سياق الاجابة عن أسئلة النقد الأدبي في الواقع الثقافي, فتحدث بطرس الحلاق عن أزمة الناقد اليوم, التي تبدو جزءا من أزمة المثقف والمجتمع المدني, وأزمة تواجهها العلوم الانسانية علي المستوي العالمي في فترة تاريخية هيمن فيها منطق الاقتصاد والانتاج. ويؤكد بحث د. حامد أبو أحمد عندما يكون الكاتب ناقدا أن هذا لا يحدث الا مع كبار الكتاب والشعراء والقصاصين والمسرحيين وغيرهم. وضرب أمثلة من الأدب العربي يحيي حقي وصلاح عبد الصبور وعبد الوهاب البياتي, ومن الادب العالمي جارثيا ماركيز فهؤلاء جميعا قدموا لنا كتابات في مجال النقد الأدبي لا يمكن تجاهلها أو نسيانها. وتناول د. سيد البحراوي مفهوم الناقد بين الواقع والمأمول منطلقا من فرضية أن في الواقع الثقافي العربي أزمة نقدية تتمثل في عدم قدرة النقاد علي القيام بالوظائف المنوطة بهم, وأهمها متابعة حركة الابداع النشطة, والقدرة علي الاسهام في النظريات النقدية العالمية, وقد أرجع أسباب هذه الأزمة إلي النقص الكمي في عدد النقاد وكذلك غياب المؤسسات التي تقوم علي تنشئة النقاد. أما الناقد المغربي د. عبد السلام المسدي فتناول النقد والثقافة: أسئلة البدايات, ومن خلال طرح العديد من الاسئلة يصل في النهاية إلي أن النقد معرفة, ويطمح ان يكون علما, ولكنه علم بغيره وليس علما بنفسه والسبب أن موضوعه الذي هو القول الأدبي ليس معطي جاهزا من معطيات الطبيعة وليس واقعة عارضة, وإنما هو نفسه شاهد علي فعل إبداعي يؤلفه الانسان. وظاهرة المدونات التي فرضت نفسها علي الواقع الثقافي العربي ألقي الضوء عليها محمد العبد. وقد أقيم علي هامش المؤتمر معرض لاصدارات المجلس الاعلي للثقافة بخصم50%.