بدأت في 2017.. القصة الكاملة ل رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    وظائف في القليوبية برواتب مجزية.. اعرف التفاصيل    وزير التعليم لأولياء أمور ذوي الهمم: «أخرجوهم للمجتمع وافتخروا بهم»    جولد بيليون: 2.3% زيادة في أسعار الذهب العالمية خلال الأسبوع المنقضي    «القباج» تستقبل وزير التمويلات الصغرى والاقتصاد التضامني بدولة السنغال    رئيس الوزراء: نستهدف فى 2030 الوصول لقيمة صادرات تتجاوز ال145 مليار دولار    إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء رفح في حركة الجهاد جنوب غزة    إحصاء أسبوعين، جيش الاحتلال يدمر 1400 مبنى ومنشأة برفح الفلسطينية    مدرب نهضة بركان يوجه رسالة خاصة ل«جوميز»: احترم منافسك وانظر لترتيبك في الدوري    المؤبد لعاطلين في اتهامهما بقتل «سمر دربكة» وحرق جثتها بالخانكة    سقوط 3 تشكيلات عصابية تخصصت فى سرقة السيارات والدراجات النارية والكابلات بالقاهرة    مصرع شخصين وإصابة 6 آخرين في حادث تصادم بالشرقية    إصابة المخرج محمد العدل بجلطة في القلب    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة النجيلة البحرية الإثنين    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    توريد 189 ألف طن قمح بكفر الشيخ    وزير النقل يتفقد «محطة مصر»: لا وجود لمتقاعس.. وإثابة المجتهدين    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    غرة ذي الحجة تحدد موعد عيد الأضحى 2024    ضباط وطلاب أكاديمية الشرطة يزورون مستشفى «أهل مصر»    جامعة كفر الشيخ الثالث محليًا فى تصنيف التايمز للجامعات الناشئة    ب5.5 مليار دولار.. وثيقة تكشف تكلفة إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة (تفاصيل)    نانسي صلاح تهنئ ريم سامي بحفل زفافها .. ماذا قالت؟    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الحرب العدوانية على غزة إلى 35386 شهيداً    «الري»: بحث تعزيز التعاون بين مصر وبيرو في مجال المياه    معهد القلب: تقديم الخدمة الطبية ل 232 ألف و341 مواطنا خلال عام 2024    قمة كلام كالعادة!    وزارة الدفاع الروسية: الجيش الروسي يواصل تقدمه ويسيطر على قرية ستاريتسا في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا    صحة غزة: استشهاد 35386 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر الماضي    "النواب" يناقش تعديل اتفاقية "الأعمال الزراعية" غدا الأحد    اليوم.. 3 مصريين ينافسون على لقب بطولة «CIB» العالم للإسكواش بمتحف الحضارة    بعد تخفيض الأسعار.. إم جي 6 في مواجهه GAC إمباو –جراف    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    متاحف مصر تستعد لاستقبال الزائرين في اليوم العالمي لها.. إقبال كثيف من الجمهور    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    فانتازي يلا كورة.. تحدي الجولة 38 من لعبة الدوري الإنجليزي الجديدة.. وأفضل الاختيارات    "الصحة": معهد القلب قدم الخدمة الطبية ل 232 ألفا و341 مواطنا خلال 4 أشهر    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    أسعار الدواجن اليوم السبت 18 مايو 2024.. 83 جنيهًا للفراخ البيضاء    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدول النامية وفخ الأزمة العالمية
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 05 - 2010

في الدول النامية تتعايش كل المتناقضات مهما كانت حدتها‏,‏ حيث يتعايش الفني المستفز مع الفقر المدقع وناطحات السحاب والتجمعات السكنية الفاخرة مع العشوائيات. بالاضافة الي عشش الصفيح وتتجاور سيارات الرولزرويس والمرسيدس مع التوك توك وعربات الكارو وتتسع الفجوة بمعدلات عالية في توزيع الدخل القومي
وفي الاستفادة بثمار التنمية وعوائدها وينفق البعض في الأفراح والليالي الملاح عشرات الملايين ولا يجد عشرات الملايين قوت يومهم ويبحثون عنه في صناديق القمامة وفي مواجهة هذه الدراما السوداء بكل بشاعتها وقسوتها لا تخرج من قمم دول الجنوب علي امتدادها وتنوعها القرارات التي تبعث حتي علي الطمأنينة بالاتفاق علي السير الموحد في طريق الألف ميل الصعب والطويل وكل دولة في فترة التحضير الطويل لاجتماعات القمة يلتزم من يمثلها بتعليمات حرفية لايخرج عنها ولايجرؤ علي تجاوزها باعتبارها خطوطا حمراء لايجوز الاقتراب منها ووسط غابة الخطوط الحمراء الكثيفة والمتشابكة تضيع غالبية الحقائق وتتسطح معظم القرارات وتتحول القمم الي عرس اليوم الواحد الذي يذهب بعده كل في طريقه علي أمل اللقاء في القمة التالية‏.‏
وقد ناقشت قمة مجموعة الخمس عشرة خلال اجتماعاتها في طهران التي بدأت يوم‏13‏ مايو باجتماع لاتحاد غرف التجارة والصناعة والخدمات التي يفترض فيها أنها الذراع القوية للعمل المشترك والتعاون الاقتصادي والاستثماري والتكنولوجي والمالي والتبادل التجاري بين دول المجموعة بما تضمه من منشآت عامة وخاصة وتواصلت الاجتماعات في اليومين التاليين للممثلين الشخصيين لرؤساء دول المجموعة للمراجعة النهائية للتوصيات والقرارات المعروضة علي القمة التي نوقشت بالفعل في اجتماعات متواصلة بجنيف ثم تلاها اجتماعات وزراء خارجية دول المجموعة وعلي الرغم من أن الأزمة المالية العالمية هي الموضوع الرئيسي للقمة وكذلك التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري فإن وزراء المالية والاقتصاد ووزراء التجارة والصناعة غابوا عن الاجتماعات وعن حضورها وكأن الأولوية الدافعة لانشاء المجموعة المرتبطة بالاقتصاد والمال قد توارت الي زوايا النسيان وأصبحت الاجتماعات مجرد احتفالية سياسية باردة مهما صدر عنها من قرارات وتوصيات تخص المال والاقتصاد والتجارة والاستثمار‏.‏
الأزمة المالية العالمية وطموحات تفعيل دور الجنوب
ورصد تقرير للقمة عن الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها علي مجموعة الخمس عشرة والدول النامية أن هناك ستة قطاعات رئيسية في كل دولة تأثرت بالأزمة في ظل العولمة وترابط أسواق العالم المالية ومؤشرات الركود بالدول المتقدمة تتضمن قطاع الصادرات وانخفاضها كما وقيمة مع تراجع تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر‏,‏ إضافة الي تراجع الهجرة والعمل بالخارج وانخفاض تحويلاتهم للوطن الأم وكذلك انخفاض تدفقات الاستثمار غير المباشر بالبورصات وارتبط كل ذلك بانخفاض في المساعدات الدولية مع انخفاض في حركة السياحة‏,‏ وتضمنت هذه الاثار السلبية للأزمة في ظل الاعتماد المتزايد علي التعامل بالدرجة الأولي مع أسواق الدول المتقدمة وانخفاض المعاملات والمبادلات بين دول الجنوب‏,‏ وبالنسبة لتأثر مصر رصد التقرير انخفاض تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر بنسبة‏53%‏ في عام‏2009‏ اضافة للانخفاض من عوائد السياحة وتحويلات العاملين بالخارج والتصدير‏,‏ واشار الي ان دول المجموعة تستثمر‏307.4‏ مليار دولار في سندات الخزينة الأمريكية وان مصر لديها سندات أمريكية قيمتها‏18.6‏ مليار دولار وفقا لبيانات مايو‏2009‏ في حين تملك البرازيل‏127.1‏ مليار دولار والهند‏38.8‏ مليار دولار والمكسيك‏31.6‏ مليار دولار وشيلي‏14.7‏ دولار وماليزيا‏12.3‏ مليار دولار بخلاف ما تملكه من أرصدة وسندات بالعملات الأوروبية وغيرها بما يتيح لها فرصة التفاوض لاصلاح هيكل النظام المالي العالمي مع الأخذ في الاعتبار ان عددا من دول المجموعة تملك احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي في مقدمتها الهند بمبلغ‏264‏ مليار دولار والبرازيل بمبلغ‏209‏ مليارات دولار والجزائر بمبلغ‏145‏ مليار دولار ثم ماليزيا باحتياطيات نقد أجنبي قيمتها‏87‏ مليار دولار وايران بمبلغ‏81‏ مليار دولار والمكسيك بمبلغ‏74‏ مليار دولار وكذلك نيجيريا بمبلغ‏51‏ مليار دولار‏.‏
وحول تواضع قيمة التدفقات الاستثمارية اللازمة لمواجهة طموحات التنمية الشاملة ناقشت القمة تقريرا عن تدفقات الاستثمارات المباشرة وتأثرها بالأزمة المالية العالمية أكد الفجوة المالية الضخمة التي تعاني منها الدول النامية وتشكل عجزا كبيرا بالمقارنة بالاحتياجات التنموية الضرورية خاصة أن الاستثمار الخارجي المباشر يصاحبه تدفق التكنولوجيا المتقدمة ونظم الادارة الحديثة والامكانيات الأوسع للتصدير والتعامل مع الأطراف الاقليمية والدول وأوضح التقرير تركز تدفقات الاستثمار المباشر في نطاق الدول الصناعية المتقدمة التي تحوز نحو‏75%‏ من تدفقاته‏,‏ وعلي الرغم من ذلك فإن التدفقات للدول ذات الدخل المنخفض تضاعفت فيما بين عامي‏2000‏ و‏2007‏ نتيجة لزيادة الاستثمارات في البترول وموارد الثروة الطبيعية وجزئيا للانفاق في البنية التحتية مع الأخذ في الاعتبار ان امريكا استقبلت‏140‏ مليار دولار في عام‏2009‏ في حين ان الصين تمكنت من جذب‏90‏ مليار دولار مما يوضح ان الجزء الأكبر من التدفقات العالمية للدول النامية يتجه نحو الاقتصادات الصاعدة في ظل توجهات جديدة للتدفقات الاستثمارية فيما بين الدول النامية‏.‏
ووفقا للتقرير فإن مصر احتلت المرتبة التاسعة بين دول المجموعة في قيمة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة من‏2004‏ الي‏2008‏ بإجمالي‏38.64‏ مليار دولار في حين جاءت البرازيل في المرتبة الأولي بإجمالي قدره‏131.67‏ مليار دولار تليها المكسيك بقيمة قدرها‏114.12‏ مليار دولار ثم الهند باجمالي‏100.39‏ مليار دولار وتليها نيجيريا بقيمة‏53.79‏ مليار دولار ثم شيلي بقيمة‏50.81‏ مليار دولار ثم الارجنتين بقيمة‏30.25‏ مليار دولار ورصد التقرير ارتفاع معدلات تدفق الاستثمار المباشر لمصر ونيجيريا كنتيجة لزيادة الاستثمارات في التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي بالدرجة الأولي‏,‏ واشار الي ان الاصلاحات الاقتصادية المصرية وتوقعات زيادة القوة الشرائية الداخلية جعلت مصر الدولة الافريقية الثانية في جذب الاستثمار خلال السنوات الخمس الماضية الذي يتصدره تدفقات المستثمرين من أمريكا ثم دولة الامارات ثم بريطانيا ويلي ذلك ايطاليا وفرنسا مع الاخذ في الاعتبار ان جانبا من الاستثمارات أصبح يتجه نحو قطاع الاتصالات والاسمنت والسياحة بإلاضافة الي قطاعي البنوك والتأمين مع بدء بروز دور الاستثمارات الهندية والماليزية والمكسيكية والبرازيلية في قطاعات اقتصادية متعددة‏.‏
القطاع الخاص ودور غائب في العمل المشترك
وأكد محمد فريد خميس رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والخدمات لمجموعة ال‏15‏ في كلمة وجهها الي الاجتماع السادس عشر للاتحاد بطهران مع بدء اجتماعات القمة أن دول المجموعة بالتنسيق المشترك بينها والاعتماد المكثف علي طاقاتها وامكانياتها وفي مقدمتها القطاع الخاص الفعال والمؤثر في التنمية يجب ان تضع من الخطط والبرامج المشتركة فيما بينها ومع الدول النامية الراغبة في التعاون ما يمكنها من تجاوز فجوة التنمية التي يزداد اتساعها يوما بعد يوم بين الشمال والجنوب‏..‏ وأشار الي انه منذ مائة عام مضت كانت هوة الفقر الاجمالية المقاسة بنسبة متوسط الدخل في أغني دول العالم الي متوسط الدخل في الدول الأكثر فقرا‏9‏ الي‏1‏ ومع القرن الحادي والعشرين‏,‏ فقد اتسعت الفجوة ووصلت‏70‏ الي‏1‏ وهذا يعني ان التقدم قد تسارع في الشمال وان التنمية في الجنوب لم تحقق القفزات اللازمة بل مازالت تتعرض للتعثر والاحباط خاصة ان العولمة لم تؤد الي صياغة منهج الاعتماد المتبادل‏,‏ بل هروب الشمال من تحمل مسئولياته‏,‏ بل تتضح معالم هذه الصورة بدرجة أكبر‏,‏ عند تدارس الأوضاع المأساوية التي تلم بدول الجنوب‏,‏ ففيها يعاني ما يقرب من مليار من الجوع‏,‏ و‏800‏ مليون من البالغين يعانون من الأمية‏.‏
وطالب في كلمته التي ألقاها الدكتور وجيه دكروري الأمين العام للاتحاد نيابة عنه بضرورة المراجعة الفعالة لأوضاع الدول النامية في ظل تحرير التجارة العالمية والتوجهات خلال السنوات الماضية للاسراف في تحرير القطاع المالي والعملات في ضوء الأزمات المالية والاقتصادية الأخيرة وخبراتها وفي ظل تصاعد المديونية الخارجية الضخم للدول النامية وما تلقيه من أعباء علي خطط التنمية وموازين مدفوعاتها حيث تشير المؤشرات الدولية الي ان دول أمريكا اللاتينية تحملت أعباء اقساط وفوائد لمديونياتها الخارجية تبلغ‏1528‏ مليار دولار خلال الفترة من‏1995‏ وحتي عام‏2008‏ وهي تساوي ضعف قيمة المديونية المستحقة ويعني ذلك ان هذه الدول تسدد كامل ديونها مرة كل‏6.3‏ سنة في صورة أعباء في الوقت الذي تستمر فيه المديونية الخارجية في التصاعد والارتفاع وذلك في ظل نظام مالي عالمي غير مستقر خارج عن قواعد الرقابة والتدقيق السليمة بدعاوي التحرير والانطلاق بعيدا عن القيود وما أسفر عنه التطبيق من كوارث مالية عالمية فادحة تستوجب التصويب والمراجعة‏.‏
وحذر فريد خميس من الإفراط في التفاؤل بقرب انتهاء الأزمة العالمية وضرورة التنبيه الحذر لمؤشرات الأزمة المالية الأوروبية الراهنة وتحديد تأثيراتها علي الدول المالية بشكل دقيق والسعي لمواجهة هذه التأثيرات السلبية بالعمل المشترك واشار الي ان تفاقم المديونية العامة وعجز الموازنات للدول خارج الحدود التي رسمتها اتفاقية ماسترخت الأوروبية لقيام منطقة اليورو فان ذلك ينذر بهزه كبيرة في الاقتصاد العالمي لأنه سيضع اليورو كعملة موحدة والاتحاد الأوروبي ككيان موحد في مواجهة تحديات صعبة ترتبط بالارتفاع الكبير لعجز الموازنات العامة البالغ في اليونان‏12.7%‏ في حين ان اتفاقية ماسترخت تحدد الحد الأقصي للعجز بنسبة‏3%‏ وارتفاع المديونية العامة لأكثر من‏100%‏ في حين ان ماسترخت تحدد حده الأقصي بنسبة‏60%‏ من الناتج المحلي الاجمالي وكذلك وصل العجز بموازنة ايرلندا الي‏11.7%‏ واسبانيا نحو‏10%‏ والبرتغال‏8.3%‏ بخلاف مؤشرات العجز المرتفع في ايطاليا وكذلك في بريطانيا وفرنسا وألمانيا الدول الكبري والمهمة في الاتحاد الأوروبي‏.‏ وأكد رئيس الاتحاد في كلمته ضرورة تصويب الاوضاع التنموية بالدول النامية والاهتمام بالتجارة البينية والتعاون الاقتصادي والاستثماري وتفعيل دور القطاع الخاص لدعم القدرات والامكانيات المشتركة في نطاق دول المجموعة وعلي امتداد الدول النامية لمواجهة أوضاع الأزمة بالدول المتقدمة التي ترتب عليها انخفاض الناتج المحلي في الربع الأخير من سنة‏2008‏ بنسبة سنوية قدرها‏3.8%‏ في الولايات المتحدة‏,5.9%‏ في بريطانيا‏,8.2%‏ في ألمانيا‏,12.3%‏ في اليابان و‏20.8%‏ في كوريا الجنوبية‏,‏ وكانت الصناعة هي القطاع الأكثر تأثرا‏,‏ إذ انخفض انتاجها في سنة‏2009‏ بنسبة‏21%‏ في اليابان و‏19%‏ في كوريا الجنوبية و‏12%‏ في ألمانيا و‏10%‏ في الولايات المتحدة و‏9%‏ في بريطانيا وكان الاقتصاد العالمي في أزمة ركود لم يعرفها منذ الثلاثينيات‏,‏ ومن المؤشرات الأخري انخفاض حجم رؤوس الأموال الخاصة الصافية الوافدة الي الدول الناشئة من‏929‏ مليار دولار في سنة‏2007‏ الي‏165‏ مليارا في‏2008,‏ وكان هناك تأثير سلبي كبير علي حجم التجارة العالمية التي كانت ركيزة النمو الاقتصادي العالمي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وما ينتج عن هذه الأوضاع من تصاعد النزعة الحمائية في دول الشمال وتأثيرها علي التجارة مع الجنوب‏.‏
أزمة الغذاء الحادة وقصص نجاح في المواجهة والحل
وأكد الدكتور حسن معوض رئيس مدينة مبارك العلمية الأسبق ومؤسسها وعضو وفد الاتحاد في كلمته ان الأمن الغذائي العالمي يتعرض لمشكلات متفاقمة خاصة في الدول النامية في ظل عدم توفير الاستثمارات اللازمة سنويا لتمويل احتياجاته والتي تتطلب مضاعفة الاستثمارات الحالية لتصل الي‏209‏ مليارات دولار علي امتداد السنوات القادمة وحتي عام‏2050‏ مع الحاجة الماسة لقيام صناديق عالمية مؤثرة تتبني التطوير والتدريب لقطاع الزراعة اضافة الي اجراءات عاجلة لمساندة صغار المزارعين بالدول النامية في مواجهة التقلبات العالمية في الأسعار والكوارث والمتغيرات المناخية ونقص المياه وارتفاع أسعار الاسمدة وتكاليف العمليات الزراعية مع ضرورة مساعدة الدول النامية خاصة الدول الأكثر فقرا لمواجهة ارتفاع اسعار المحاصيل الزراعية الاساسية حتي يمكن توفيرها للقاعدة العريضة من المواطنين باسعار ملائمة ومعقولة‏.‏
وحذر من تراجع الانفاق علي البحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة والمتطورة في الدول النامية باعتباره قاطرة رئيسية للتقدم والنمو واللحاق بالركب العالمي وأشار الي تواضع الانفاق في مصر حيث لا يتعدي‏0.19%‏ من الناتج المحلي الاجمالي يذهب الجزء الغالب منه للنفقات الجارية وليس للأبحاث في مقابل‏0.98%‏ للبرازيل و‏0.85%‏ للهند و‏0.69%‏ لماليزيا في حين ان المتوسط العالمي يبلغ‏12.28‏ مما يوضح الأزمة الحقيقية للبحث العلمي‏,‏ في الدول النامية‏,‏ وأشار الي ان البحث العالمي والسياسات العامة الرشيدة يمكن ان تلعب دورا مهما في مواجهة الازمات الغذائية بالعالم ومثال ذلك الهند التي كان انتاجها من القمح لا يتعدي‏10‏ ملايين طن في عام‏1965‏ رفعته الي‏80‏ مليون طن في عام‏2000‏ وكذلك نموذج المكسيك التي استوردت في عام‏1943‏ نصف احتياجاتها من القمح ومن خلال الثورة الخضراء اصبحت دولة مصدرة للقمح عام‏1964‏ وفي الهند ايضا فقد نجحت في مضاعفة انتاج الارز عشرة أضعاف نتيجة تطوير بذور الارز وأصبحت الهند الان تصدر‏4.5‏ مليون طن للسوق العالمية‏.‏ وأصدر الاتحاد مجموعة من التوصيات لتفعيل دور القطاع الخاص وتحوله الي عنصر مهم في تعزيز التعاون والعلاقات والمعاملات بين دول المجموعة وعلي امتداد دول الجنوب تضمنت تأكيد ضرورة مواجهة الاختلالات وعدم التوازن في الاقتصاد العالمي الناتجة عن العولمية وتطبيقاتها التجارية والمالية والاقتصادية وان الدول المتقدمة دخلت في مرحلة صعبة من تصدير ازماتها المالية للدول النامية بكل أعبائها وتأثيراتها السلبية علي التنمية والنمو والاستقرار مما يختم إسراع دول المجموعة بتوقيع اتفاقية للتفضيلات التجارية والجمركية فيما بينها تتيح الفرصة لزيادة حجم التجارة البينية والتعاون المشترك مع تعميق نقل التكنولوجيا والمعارف الفنية والخبرات المتقدمة فيما بينها وتوجيه السياحة بشكل فعال في نطاق دول المجموعة مع التركيز علي ضرورة ان يكون للمجموعة وللدول النامية دور مؤثر في ادارة تحولات النظام العالمي واقتراح اصلاحاته وضبط ايقاع العولمة وخطواتها للوصول الي نظام عالمي أكثر عدالة وقدرة علي مساندة تطلعات وطموحات التنمية ويملك القدرة من خلال اليات عالمية جديدة علي التنبؤ بالأزمات والتحضير المشترك لمواجهتها وتقليل سلبياتها‏.‏
وأكدت التوصيات الأهمية القصوي للاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة في دول المجموعة والاتفاق علي حلول واقعية لمساندتها وتحفيزها علي التوسع في العمل والنشاط والتركيز علي مشكلات التمويل وتوفيره لها بشروط سهلة وميسرة تتفق مع طبيعة هذه المنشآت وأعمالها مما يحتم ان تعلن الحكومات عن برامج تمويلية متكاملة تسهم في تخفيف الضغوط الناجمة عن الأزمة العالمية وتأثيراتها وذلك في إطار أعم وأشمل يركز علي دفع مفاوضات أجندة الدوحة في نطاق منظمة التجارة العالمية والهادفة الي تعديل نظام التجارة العالمي بما يخدم أهداف التنمية وطموحاتها ويزيل العقبات التي تعترض نفاذ سلع الدول النامية لأسواق الدول المتقدمة الخاصة مع تنامي النزعات الحمائية بهذه الدول في ظل الأزمات المتكررة وتوسعها في فرض قيود مستجدة علي صادرات الجنوب‏.‏
‏***‏
في عام‏1989‏ قررت مجموعة عدم الانحياز وهي مجموعة يغلب عليها الطابع السياسي ان تعلن عن انشاء مجموعة يغلب علي نشاطها واعمالها الطابع الاقتصادي تهتم بالدرجة الأولي والأساس بمتغيرات الاقتصاد العالمي وتأثيرها علي الدول النامية‏,‏ كما تهتم في نفس الوقت بطموحات التنمية والنمو في هذه الدول وتسعي من خلال الجهد المشترك بين دول الجنوب ومن خلال التعامل مع دول الشمال لسد الفجوة التنموية المتصاعدة والمتزايدة ولكن متغيرات النظام العالمي العاصفة وسقوط المعسكر الاشتراكي وانهيار الاتحاد السوفيتي بما يعنيه من تحول العالم الي نظام القطبية الواحدة وانتهاء القطبية الثنائية بكل ما كان يتيحه من مرونه تعامل دولية وامكانية البحث عن البدائل قد دفع مجموعة الخمس عشرة الي مأزق الاستقطاب الدولي الأحادي بكل قيوده وضغوطه‏.‏
وقد كانت الدول النامية حقل تجارب مأساوي للممارسات الدولية غير الرشيدة من القوي العظمي ونموذج الانهيار المالي لدول أمريكا اللاتينية في الثمانينيات من القرن الماضي والسقوط المدوي والمفزع لدول النمود الاقتصادية الاسيوية في خريف‏1997‏ ربما تعاني منه الدول النامية عموما من اخفاقات تنموية حادة تتسبب في إحباط قاس ومدمر لطموحات الانسان علي أرضها اضافة الي احتياجات الدول النامية لاستثمارات بالغة الضخامة لتغيير صورة الحياة والانسان علي اراضيها والعجز عن توفير هذه الاستثمارات التي هي موجودة بالفعل وتفيض مرات عديدة عن الاحتياجات ولكنها تجد طريقها فقط وفي الاساس الي البورصات والمضاربات بكل صورها واشكالها وبكل ما تؤدي اليه وتتسبب فيه من أزمات كارثية تهدد كل العالم المتقدم قبل النامي‏.‏
وفي ظل رأسمالية كازينو القمار وسطوة الفكر اليمني المحافظ علي عقل العالم منذ ثمانينيات القرن الماضي وقدرته علي فرض الاصولية الرأسمالية علي الكافة والجميع وما أثمرته من أزمات عالمية مازالت حدتها تتصاعد حتي اليوم‏,‏ فإن هناك دعوة لابد وأن تلقي استجابة وتفهم من الدول النامية وفي نطاق مجموعة الخمس عشر بتبني مراجعة دقيقة ورصينة لكل اطروحات الاصولية الاقتصادية وتطبيقاتها واحاديثها المفرطة عن التحرير المالي والمصرفي والتجاري حتي تعيد الدول النامية التعرف علي البوصلة الصحيحة لبناء المستقبل الأكثر انسانية والأكثر تقدما وتخرج من مستنقع أطروحات اليمين المحافظ العنصري والأعمي وما أفرزته بالفعل من إخفاقات حادة وقاسية وشديدة‏.!!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.