علي الرغم من أن جهاز الشرطة هو الوعاء الذي ينصب فيه كل قصور وسلبيات الأجهزة الأخري فإن بعض المحافظين قد ضربوا عرض الحائط بتوصيات خبراء الشرطة لإعادة تقييم موقف التوك توك في قضية التوك توك وما يلقاه من جدل بين مؤيد ومعارض أتوقف عند مجموعة شواهد ومتناقضات بل وشجون أيضا.. فقد استفزني مؤخرا قرار المجلس التنفيذي لمحافظة كفر الشيخ الذي يقضي بوضع ضوابط محددة لتسيير مركبات التوك توك والتي يتم ترخيصها بواسطة الوحدات المحلية بالمحافظة، حيث شمل القرارات حظر استخدام التوك توك في المدن التي تعمل بها سيارات تاكسي العداد مع السماح لها بالعمل في القري والمدن التي لا يوجد بها هذا التاكسي ، بل وتوفير مواقف انتظار للتوك توك.. والقرار كما نري قد منع تسيير التوك توك في أماكن معينة تسير فيها التاكسيات بالعداد.. وكما يبدو من نص القرار أنه يمنع مزاحمة التوك توك لهذه التاكسيات وقضم قطعة من كيكة المواصلات الداخلية بالمحافظة، ولا يبدو من القرار سبب آخر يتعلق بالأمن وسلامة المواطنين.. وقبل شهور قليلة قرأنا تصريحا ناريا وحازما لمحافظ القاهرة يمنع فيه التوك توك من السير في شوارع العاصمة سواء الرئيسية أو الفرعية حفاظا علي أمن وسلامة الناس، مشددا علي أنه لن يمنح أي ترخيص من أي نوع لهذه الوسيلة غير الآمنة.. أما محافظ القليوبية فكان له رأي آخر يسمح بمنح التوك توك ترخيصا بالعمل في أنحاء المحافظة.. وهكذا تضاربت قرارات كبار المسئولين حول هذه الوسيلة الطفيلية التي ظهرت فجأة واحتلت مكانا كبيرا علي خارطة النقل الداخلي الذي يعاني بشدة من نقص وسائل النقل العام وانصراف شركات النقل الخاص عن الاستثمار في هذا القطاع نتيجة للمبالغة في أسعار السيارات وقطع الغيار والصعوبات العديدة في التشغيل.. وقبل أن يأتينا التوك توك بمشاكله وسلبياته قام الميكروباص بهذا الدور لسد احتياجات المواطنين في التنقل بوسيلة قليلة التكاليف، لكن الذي حدث أننا تركنا الميكروباصات تنمو ويزداد عددها حتي تحولت إلي إمبراطورية يحكمها المتسيبون والمنتفعون ، ومع تفشي الظاهرة أصبح من الصعب السيطرة علي أباطرتها وتاهت المسئولية بين المحليات والشرطة وأجهزة أخري ، وأصبح أصحاب الميكروباصات وسائقوها من ذوي الأصوات العالية التي تجتذب أحيانا من يدافع عن وجودها بجهل وبغير مسئولية مردداً كلمات رنانة عن الناس الغلابة والطبقات الدنيا.... الخ. ونعود إلي التوك توك وهو عبارة عن دراجة نارية ذات محرك آلي، ولا تتوافر بها الشروط الفنية والهندسية لأمن وسلامة الركاب، وليس مرخصا لها نقل الأشخاص مقابل أجر ، وهو الأمر الذي يتطلب إجراء تعديل تشريعي في قانون المرور ولائحته التنفيذية، وتحديد شروط الأمن والمتانة في تلك الدراجات (التوك توك) ، وذلك بتوفير المواصفات التصنيعية والفنية التي يتم إقرارها من قبل وزارة الصناعة قبل السماح بالترخيص بتسيير هذه الوسيلة. ومن ناحية أخري فقد بدأ كثير من دراجات التوك توك ينحرف عن الغرض المعلن كوسيلة للنقل الداخلي المحدود حيث أخذ التوك توك يلعب دورا بارزا في العديد من جرائم القتل والسرقة ونقل المخدرات بل والأسلحة أيضا، وبدلا من أن يكون وسيلة للمساعدة أصبح عبئاً علي الأمن حيث يحتاج الأمر لإحكام الرقابة علي قرابة 150 ألف دراجة توك توك أخذ جزء كبير منها يرتع في الشوارع الرئيسية في كل المحافظات بشكل عشوائي يعطل المرور ويعرض أرواح المواطنين للخطر، ولنا أن نتصور العبء المضاف علي رجال الأمن في ضبط إيقاع التوك توك، إضافة لملاحقه تجاوزات الميكروباصات وهي مهمة شاقة. وعلي الرغم من أن جهاز الشرطة هو الوعاء الذي ينصب فيه كل قصور وسلبيات الأجهزة الأخري فإن بعض المحافظين قد ضربوا عرض الحائط بتوصيات خبراء الشرطة لإعادة تقييم موقف التوك توك وأهمها خطر تسييره في عواصم المحافظات وحصر عمله في الطرق الداخلية فحسب دون الرئيسية أو السريعة أو الدائرية . هذه التوصيات المهمة وغيرها لم يلتفت إليها بعض المحافظين فراحوا يمنحون تراخيص تسيير التوك توك في الشوارع الرئيسية والمدن بعواصم المحافظات غير عابئين بالنتائج السلبية لمثل هذه القرارات، وهو أمر يستحق وقفة ومساءلة حتي لا يمضي البعض مستسلما لمقولة الغاية تبرر الوسيلة والله من وراء القصد