كتب فوزي عبد الحليم تعتبر واحة سيوة واحدة من أهم الكنوز التي تزخر بها البيئة المصرية لما لها من خصائص طبيعية فريدة, فهي واحة طبيعية تمتد في الصحراء وتتدفق فيها العيون الطبيعية الحارة وتتميز بالكساء النباتي والأنواع البرية الهامة. كما تتميز بالتراث الثقافي والأهمية التاريخية, حيث توجد بها معابد أثرية تعود للعصور القديمة وترتبط في الأذهان بجيش قمبيز الذي اختفي قبل الوصول إليها وبالإسكندر الأكبر وهي في الوقت الحالي من أهم المقاصد البيئية والسياحية في مصر, وعلي الرغم من اهتمام الدولة بها من خلال إعلانها محمية طبيعية إلا أن الإهمال في صيانة تلك المحمية أدي إلي تدهورها, وأصبحت المعابد التي تحدت الزمن مهددة بالضياع بسبب ارتفاع المياه الجوفية بها. عناصر التميز التي تختص بها سيوة والمخاطر التي تهددها كان موضوع الدراسة العلمية التي أعدها د. إبراهيم محمد عبد الله الأستاذ بالمعهد العالي للسياحة والفنادق وترميم الآثار بالإسكندرية, وفيها تشير إلي أنها أبعد الواحات المصرية عن وادي النيل, حيث تقع في الشمال الغربي للصحراء الغربية تبعد عن البحر المتوسط حوالي300 كم وهي عبارة عن منخفض طولي يمتد من الشرق الي الغرب بطول80 كم ويتفاوت عرضه بين28 كم في الشرق و9كم في الغرب, والواحة تنخفض بين18 22 مترا تحت منسوب سطح البحر وهي محصورة بين حافة الشمال الحادة والكثبان الرملية الآتية من بحر الرمال العظيم وتحتوي علي العديد من المواقع الأثرية من أهمها معبد الوحي ومقابر جبل الموتي والمعبد الدوري والذي يقع في أقصي الغرب. وقد صدر القرار بإعلان محمية واحة سيوة للحفاظ علي التراث الطبيعي والثقافي بها عام2002 أما عن طبيعة سيوة فيقول إن أرضها تتميز بوجود الكبريتات التي تترسب مع الينابيع الكبريتية الارتوازية. كما توجد بها مساحات من الأرض السبخة والتي تكونت علي سطحها طبقة من الأملاح من أهم مكوناتها كلوريد الصوديوم وكبريتات الكالسيوم وتتميز بوجود التكوينات المتعاقبة من طبقات الصخور الجيرية والرملية والحفريات التي توجد فيها الأنواع البحرية من الفلورا الدقيقة. ومن خلال التركيب الجيولوجي فإن هيدرولوجية الماء في واحة سيوة تحتوي علي طبقات الماء العذب في الخزان النوبي تحت الماء المالح, كما أن أنظمة الكربونات تحتوي أيضا علي الماء المالح من الطبقات العليا والسفلي, ومصادره من الجنوب والشمال والغرب علي أعماق مختلفة للخزان الجوفي النوبي, حيث يتم تغذيته من الجنوب وحتي الحدود الشماليةالغربية للسودان ومن الشمال والشمال الغربي. وينساب الماء الجوفي من1200 بئر وعين في الواحة عبر الشقوق والشروخ في الصخور من أهمها عين فريشت والجوبه وعين الشمس أو حمام كليوباتر, وتنتج هذه الآبار والعيون حوالي255 مليون مترمكعب من الماء سنويا منها222 مليون متر مكعب تفقد بالبخر, بينما النسبة المتبقية وهي33 مليون متر مكعب تذهب إلي البحيرات وأهمها بحيرة سيوة, والأغورمي, والمراقي والزيتون وقد أدي سوء التخطيط وعدم التحكم في عمليات الحفر للآبار والعيون الي ارتفاع مستوي الماء حوالي4.5 سنتيمتر سنويا وارتفاع ملوحة التربة مما أدي إلي زيادة مساحة البحيرات المالحة والمستنقعات والتي زادت من مساحة54 كم2 عام1990 إلي75 كم2 عام2008 م وقدرت مساحة المستنقعات ب335 كيلو مترا مربعا عام1990 زادت الي470 كيلو مترا في2008 وقدرت المساحات المنزرعة بحوالي53 كيلو مترا في عام1990 واتفعت الي حوالي88 كيلو مترا في2008. وتتراوح سمك الأحجار الجيرية بين50 256 م وملوحة الماء بها بين1600 8000 جزء في المليون ودرجة الحرارة بين26 30 درجة مئوية والطبقة التي تقع بين600 1500م تتراوح الملوحة بها بين300 400 جزء في المليون ودرجة الحرارة50 درجة مئوية. وقد زاد ارتفاع معدل المياه الجوفية والتي كان معدلها بين عامي1962 1977 حوالي 1 3 سم سنويا إلي4 6 سم سنويا بين عامي1997 1990 وقد وصل متوسط ارتفاعها من عام1990 2008 حوالي4.6 سم سنويا. ويقول الباحث إن مظاهر التدهور لا تتوقف عند ارتفاع الملوحة أو منسوب المياه الجوفية بل امتدت لتشمل تأثير ذلك علي المعابد الأثرية ومن بينها المعبد الدوري في أقصي الغرب, الذي وصف بأنه أحسن المعابد الموجودة في الواحة ويعود إلي القرن الأول الميلادي ولكن بعض حوائطه منهارة نتيجة ارتفاع نسبة المياه الأرضية أسفل أساسات المعبد, كذلك انهارت أجزاء كثيرة من العناصر المعمارية واسقف المعبد, وتآكلت العناصر الزخرفية. كما امتد التدهور إلي معبد الوحي الذي استمد اسمه من شيوع تنبؤاته في العالم القديم ومنها نبؤته بفشل قمبيز والتي ادت الي تجريد جيش قوامه50 ألف جندي لهدم معبد الوحي إلا ان عاصفة رملية هبت ولم يسمع عن هذا الجيش بعد ذلك كما زار الإسكندر الأكبر المعبد وقلد فيه ابنا للإله وحاكما علي مصر. بسبب الارتفاع المتزايد في معدل المياه الجوفية وحدوث الشروخ والشقوق والانفصالات وتهديد أساسات المعبد والعناصر المعمارية والفنية به مما قد يعرضه الي حدوث انهيار في ظل استمرار هذه الظروف. وعدم التدخل السريع لدرء الخطورة والإسراع بمشروع للترميم للمعبد مع الإسراع في تشكيل مجموعة عمل من الجهات المعنية لترشيد وتنظيم عمليات حفر الآبار والينابيع وتخفيض منسوب المياه الجوفية واجراء عمليات التقوية والعزل للأساسات. فهل تسرع الجهات المسئولة لإنقاذ واحدة من أهم معالم مصر أم سنظل جميعا شاهدين علي ضياعها في صمت.