سيناء تلك البقعة الغالية من أرض مصر والتي تزخر بالعديد من المقومات البشرية والطبيعية والاقتصادية كانت ولا تزال وستظل واحة للباحثين عن التراث والجمال والتنمية ليس في مصر فقط وإنما في جميع دول العالم فبعيدا عن شواطئها الجميلة ورمالها الساحرة وحياتها البحرية وخصائصها العلاجية فان أهل سيناء وعاداتهم وتقاليدهم وملابسهم وطريقة معيشتهم تمثل الهاما للعديد من الكتاب والأدباء. فقد قام المركز الألماني للإعلام باصدار كتاب بثلاث لغات هي العربية والألمانية والإنجليزية وذلك برعاية من وزارة الخارجية الألمانية وهيئة اليونسكو بالقاهرة. وقد تضمن الكتاب الذي قام بتصوير سيناء الأرض والبشر فيه الفنان الألماني أكسن كراوزه والفنان محمد العناني حيث قاما بالتقاط الصور من جبال جنوبسيناء والمناظر الطبيعية الخلابة واختلاف ألوان الجبال والمياه والحياة البحرية والجمال المنفرد الذي يوجد في المجتمع البدوي كما يشمل الكتاب ايضا بعض احتفالات أهالي سيناء بالمناسبات المختلفة بأسلوب متفرد كجزء من التراث السيناوي الفريد. ولعل مثل هذا الكتاب الذي تم من قبل المركز الألماني يعد من أهم الأدوات الترويجية ليس للسياحة السيناوية فحسب وإنما للسياحة المصرية بصفة عامة ولمصر كبلد عريق متفرد يحتوي علي كل أشكال الجمال والتميز علي مر التاريخ وأعتقد أن مثل هذا الكتاب يتميز عن غيره من الأعمال التي تناولت سيناء كأرض وبشر بالتركيز علي جانب التراث الإنساني والعادات والتقاليد والكرم الذي يتميز به أهل البدو من سكان سيناء وإكرام الضيف والترحيب به بكل الأشكال الأمر الذي يعكس طبيعة المواطن المصري بصفة عامة بأنه دائم الترحيب بالقادم اليه ويتميز بالحفاوة بكل الزائرين. وأعتقد أن مثل هذا الكتاب لا يقتصر علي الترويج للمنتج السياحي المصري في ألمانيا فقط وإنما في العالم أجمع لأن الكتاب الذي يحمل عنوان كنوز سيناء كرمز من رموز الحضارة المصرية التي تزخر بمفردات عديدة ترجع لأكثر من5 آلاف عام ويركز علي سياحة الصحراء التي تعد واحدة من أهم الأنماط السياحية المستقبلية وكذلك سياحة المنتجعات والحياة البحرية حيث يأتي السائحون من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بالرمال الذهبية والشعاب المرجانية والسفاري وكل ذلك تتميز به شبه جزيرة سيناء بالإضافة الي أن الحياة البدوية بطبيعتها وبدون رتوش تعد من أهم الأنماط السياحية التي يقبل عليها السائح حتي أن كثيرا من السائحين يأتون من بلادهم البعيدة ويدفعون مبالغ كبيرة لقضاء أسبوع مع أسرة بدوية في مخيماتهم في قلب الصحراء ويعيشون حياتهم اليومية دون تغيير حتي أن هناك العشاء البدوي الذي تنظمه كثير من الشركات لمجموعاتها السياحية ويشرف علي إعداد الطعام وجميع مراحل هذا العشاء البدو أنفسهم وهذا هو التميز عن أي عشاء آخر في الصحراء. الدكتور مصطفي فودة مستشار وزير البيئة يقول ان كل هذا الثراء يجعل سيناء من المناطق الساحرة والتي تتميز برونق خاص وطابع فريد مشيرا الي أن البدو قد استفادوا منذ عدة قرون بمعرفتهم العميقة بالصحراء والتعرف علي أسرارها وكنوزها ومقوماتها ومن هنا اكتشفوا التأثير العلاجي لما تحتويه الصحراء من رمال ونباتات نادرة وحتي أن كثيرا الأكلات البدوية يمكن استخدامها كعلاج لبعض الأمراض خاصة الإبل التي كانت القاسم المشترك لحياتهم علي مر العصور وحتي وقتنا هذا. أما العالمة والباحثة الألمانية ماير بودة وهي وأحدة من المشاركين في إصدار الكتاب عن سيناء فتري أن حياة القبائل بجنوبسيناء ملحمة فريدة فقد ظلت سيناء لوقت طويل مهملة وقد شكل سكانها عاداتهم وثقافتهم وكيانهم الاجتماعي والاقتصادي الخاص بهم واستوطن البدو تلك المنطقة منذ العصور الوسطي وكثير منهم قدم من المنطقة العربية وتعد سيناء بأكملها عشر قبائل ولكن لا يعيشون كلهم في جنوبسيناء. وتناولت الباحثة الألمانية ما ير بودة قبيلة الترابين مؤكدة أنها جاءت من فلسطين ويعيشون حاليا في فلسطين وإسرائيل والأردن وشمال سيناء وكذلك جنوبسيناء بين نويبع وإيلات, وجنوب نويبع قرب شرم الشيخ تعيش قبيلة مزنية وتعتبر أكبر قبيلة من حيث العدد وجاءت عائلاتهم من المملكة العربية السعودية منذ400 عام. أما قبيلة الجبالية والتي لها مكانة خاصة فترجع أصولهم الي قارة أوروبا وذلك عندما تم احضارهم في القرن السادس عشر بعد الميلاد من قبل القيصر جو سكيمنيان لكي يقوموا بحراسة دير الأرثوذكسية اليونانية ويرغم بعض الاختلافات البسيطة إلا أن حياة قبائل البدوي تتشابه الي حد بعيد حيث تتشكل ثقافتهم من البيئة المحيطة بهم والعقيدة الإسلامية والعائلة الكبيرة عندما يسأل البدو عن اسمه عليه أن يذكر خمسة أجيال من أجداده. وتعرضت حياة البدو في المرحلة الأخيرة الي تغيرات جوهرية بعد تزايد اعداد السائحين في سيناء واستقرار معظم البدو بها حيث تبلغ حصتهم ثلث سكان المنطقة ويظل الكثير منهم متمسكا بمبادئه البدوية المتوارثة وهناك العديد من النساء اللاتي يرتدين بفخر البرقع المصنوع يدويا والأخرقة والمجوهرات لكن بطبيعة الحال كان الكثير من الفتيات السيناويات يلجأن كثيرا الي شراء الملابس الجاهزة التي تتشابه مع الزي والتصميمات السيناوية. واستلهم الموروث الحضاري للملابس السيناوية مجموعة من مصممي الأزياء في كل من مصر وألمانيا وقرروا الاستعانة بكنوز سيناء من الملابس البدوية المصنوعة من خيوط الحرير برسوماتها وتصميماتها الفريدة في أشكال جديدة تناسب المرأة العصرية والمشاركة في الشكل الجديد في مهرجانMELEZ الشهير الذي يقام بألمانيا سنويا وبمشاركة كبار مصممي الأزياء في العالم.