رئيس جمعية الصداقة المصرية/ الألمانية [email protected] في مثل هذا اليوم من عام 1989 توجهت مع مجموعة من الصحفيين إلي طابا لتغطية هذا الحدث التاريخي العظيم الذي استعادت فيه مصر بقعة غالية من أرضها الطاهرة في سيناء. شاهدنا.. وشاهد معنا ملايين المصريين والعرب بل والعالم كله علي شاشات التليفزيون الرئيس حسني مبارك وهو يرفع بكل ثقة وافتخار علم مصر خفاقا علي أرض طابا وبذلك تكون مصر قد استردت كامل ترابها الوطني من براثن الاحتلال الإسرائيلي بقوة وبسالة جنودها الأبطال في معارك النضال وبحنكة قضاتها وعلمائها من أساطين القانون الدولي الذين خاضوا معركة قانونية كللت بالنجاح وحازوا من خلالها علي ثقة واحترام العالم كله بل وأذهلت الإسرائيليين أنفسهم. لاشك أن عملهم من خلال اللجنة القومية لقضية طابا والتي ضمت 25 من خيرة رجال القانون والقادة العسكريين والدبلوماسيين وأساتذة التاريخ والجغرافيا كان يتم بروح الفريق الواحد المتجانس ويقوم علي أساس العلم والخبرة علي المستويين الدولي والإقليمي وبروح القومية والوطنية التي كانت تتأجج في نفوسهم جميعا وبتشجيع ومتابعة الرئيس حسني مبارك المستمرة لعملهم وأدائهم المتميز. لقد أدار هؤلاء النفر من أبناء مصر الأوفياء »أزمة طابا« كأرقي مايكون في إدارة الأزمات وأثبتوا جميعا كل في مجال تخصصه أنهم علي مستوي المسئولية الوطنية. ولقد أعجبني كثيرا قول د.مفيد شهاب وزير شئون مجلسي الشعب والشوري وأحد أقطاب لجنة طابا: »عملنا كفريق عمل بالأسلوب العلمي وليس بالشعارات«. إن تحرير سيناء بعد أكثر من 20 سنة من الاحتلال واستنزاف لمواردها يعد شيئا عظيما ورائدا للغاية غير أن الأعظم من ذلك هو الحفاظ عليها من خلال تنميتها وتعميرها.. كما أن التكريم الحقيقي لأبطالنا العظام الذين ساهموا بفكرهم وعطائهم وتضحيتهم من أجل استعادة سيناء وفي مقدمتهم الزعيم الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام والرئيس مبارك قائد الضربة الجوية الأولي وآلاف الجنود والضباط الذين سالت دماؤهم الزكية لتروي أرض سيناء الغالية وكذلك أولئك العمالقة أعضاء اللجنة القومية لاستعادة طابا.. إن التكريم الحقيقي لكل هؤلاء بل ولأبناء الشعب المصري كله هو تعمير سيناء وتنميتها وزرعها بالبشر نظرا لأهميتها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية ولأمن مصر القومي باعتبارها بوابة مصر الشرقية. كفانا احتفالات وأغاني وأناشيد وطنية ودعونا نعمل بأسلوب علمي جاد لتنمية وتطوير هذه البقعة الغالية الجميلة الخصبة من أرض الوطن من أجل رفع مستوي المعيشة لأهالي سيناء الذين عانوا كثيرا علي مدي السنوات الماضية. دعونا نمضي علي نفس الدرب الذي سارت عليه اللجنة القومية لاستعادة طابا حتي نحقق مثل ما حققته من نجاحات ولكن في مجال التنمية والبناء. إن محافظة جنوبسيناء التي نحتفل اليوم 2010/3/19 بعيدها القومي بمناسبة تحرير طابا تبلغ مساحتها 28438 كم2 أي مايمثل حوالي %3 من إجمالي مساحة مصر ويصل عدد سكانها طبقا لتعداد 1996 إلي حوالي 54495 نسمة أي أن الكثافة السكانية فيها ضعيفة للغاية وفي حاجة إلي مزيد من السكان.. وهي محافظة زاخرة بالثروات الطبيعية والجيولوجية والسياحية إضافة إلي موقعها الجغرافي الهام حيث تقع في النصف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء بين خليجي السويس والعقبة.. وتأتي السياحة بجميع أنواعها الترفيهية والعلاجية والدينية في مقدمة الأنشطة التي تزخر بها هذه المحافظة حيث تمتد شواطئها إلي مئات الكيلومترات علي شاطئ خليجي السويس والعقبة وتمثل السياحة الدينية اهتماما خاصا لدي أصحاب الديانات الثلاث لما بها من آثار دينية هامة مثل دير سانت كاترين وجبل موسي ودير البنات وقلعة صلاح الدين وجزيرة فرعون بالإضافة إلي الآثار الإغريقية والرومانية والبيزنطية. ولاشك أن سيناء تمتاز بمناظرها الطبيعية الساحرة من هضاب وجبال وشواطئ طويلة ممتدة علي خليجي السويس والعقبة بالإضافة إلي ما تتمتع به من الشعب المرجانية ذات الألوان المتعددة والأسماك الملونة النادرة وهو ما جعلها مقصدا سياحيا عالميا. وإذا ما أردنا تعمير سيناء سكانيا فإنه لابد من الاهتمام بالزراعة حيث يوجد العديد من الوديان ذات الأراضي الخصبة التي تجود فيها محاصيل عديدة من أهمها الفواكه والقمح والشعير كما تشتهر جنوبسيناء بالأعشاب والنباتات الطبية النادرة والتي تجد رواجا في الخارج والداخل. ولابد من تدريب أهالي سيناء من البدو علي أساليب الزراعة الحديثة وتوطينهم وخلق مجتمعات عمرانية جديدة وإتاحة الفرصة أمام مزيد من سكان المحافظات المجاورة كالدقهلية والشرقية للمساهمة في تعمير سيناء والحياة فيها وحتي يمكن خلق درع بشري علي بوابة مصر الشرقية يكون رادعا لكل من تسول له نفسه انتهاك حدودنا الشرقية.