وضح الخطاب الهام الذي ألقاه الرئيس حسني مبارك يوم الأربعاء الماضي أمام قيادات الحزب الوطني الديمقراطي ملامح الطريق أمام مصر حكومة وشعبا للسنوات الخمس القادمة. وقد أكد الرئيس مبارك في خطابه من جديد اهتمامه الشديد بكافة فئات الشعب وخاصة الفقراء والبسطاء والمهمشين وحرصه علي حماية مصالحهم وكذلك أولئك الذين لم تصلهم حتي الآن ثمار منافع الإصلاح الاقتصادي ومشروعات التنمية الاجتماعية الشاملة مثل التأمين الصحي وخدمات الصرف الصحي. وبالرغم من الإنجازات الضخمة التي تحققت خلال السنوات الماضية في كافة المجالات الصناعية والزراعية والخدمية والمرافق العامة وفي مقدمتها الطرق ومياه الشرب والصرف الصحي إلا أنه مازالت أمامنا أيضا تحديات كبيرة في ظل ظروف داخلية ضاغطة مثل الزيادة السكانية غير الرشيدة التي تعاني منها البلاد وتؤثر بصورة سلبية علي معدلات النمو وثروات المواطنين وكذلك الظروف الدولية التي تعاني منها معظم دول العالم حتي الدول المتقدمة تأثرا بالأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة التي مرت بها معظم الدول النامية منها والمتقدمة. وبرغم كل التحديات التي نواجهها مثل كل الدول غيرنا إلا أننا لم ولن نفقد الأمل والرغبة الأكيدة في المضي قدما نحو مزيد من التقدم والنمو لصالح هذا الشعب.. ولعل هذا مايؤكد أن تأثرنا بالأزمة الاقتصادية العالمية لم يكن بنفس القدر الذي تأثرت به دول كثيرة ومنها دول عديدة متقدمة. ولاشك أن هناك أيضا إصرارا بالعمل والتخطيط الجاد علي استعادة معدل النمو الذي سبق أن وصلنا إليه قبل الأزمة الاقتصادية العالمية وهو %7,5 والذي سوف يساعد علي مزيد من الإصلاح بإخراج 1,5 مليون أسرة من تحت خط الفقر من خلال إتاحة فرص عمل لحوالي نصف مليون مواطن وبالتالي خفض حجم البطالة إلي الثلث.. وسوف تتحقق كل هذه الإنجازات العظيمة من خلال برنامج شامل وطموح يتطلب ضخ 2000 مليار جنيه لتحسين مستوي معيشة الأسرة المصرية ولكي نواصل مسيرة التقدم التي حققناها خلال السنوات الماضية وتمكنا خلالها من مضاعفة الناتج المحلي وتوفير أكثر من 4 ملايين فرصة عمل للشباب بعد أن تضاعفت تدفقات الاستثمار عشرين مرة. وفي هذا الإطار ومن أ جل تحقيق مزيد من التقدم الاقتصادي فقد طالب مبارك في خطابه بضرورة تشجيع القطاع الخاص وإعطائه مزيدا من الحرية وقوة الدفع لجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية مشيرا إلي أن البرنامج الطموح الذي يطرحه الحزب الوطني الديمقراطي للسنوات الخمس القادمة يحتاج إلي موارد جديدة ومصادر تمويل إضافية تتجاوز الاعتماد علي ميزانية الدولة والسماح من خلال التشريعات التي اعتمدت في الدورة البرلمانية السابقة علي تنظيم المشاركة بين القطاع الخاص والدولة في مشروعات البنية الأساسية وغيرها. ولأننا أمام انتخابات برلمانية هامة سوف تشهدها البلاد يوم 28 نوفمبر الحالي سوف تحدد طبيعة المسار الديمقراطي والبرلماني خلال الدورة البرلمانية القادمة وهو ما يتطلب منا جميعا ضرورة الحرص علي التوجه إلي صناديق الانتخابات للإدلاء بأصواتنا ترسيخا لقواعد الحرية والديمقراطية في بلدنا.. وفي هذا الإطار أكد الرئيس مبارك ضرورة إجراء انتخابات حرة ونزيهة مع ضمان الشفافية مؤكدا أن برنامج الحزب الوطني »حزب الأغلبية« إلي جانب أنه يستهدف تعزيز البنيان الديمقراطي إلا أنه يؤكد أيضا إتاحة الفرصة أمام كافة الأحزاب السياسية الأخري لتفعيل نشاطها الحزبي والمشاركة بفاعلية في المسيرة الديمقراطية التي تشهدها البلاد في الوقت الراهن.. كما أشار الرئيس في هذا الصدد إلي المسئولية الكبري للمرشحين والناخبين علي حد سواء، سواء فيما يتعلق بالمعركة الانتخابية المحتدمة التي سيواجهها المرشحون خلال الأيام القليلة القادمة وضرورة أن يكونوا صادقين في وعودهم الانتخابية وقادرين علي تحقيقها من خلال الحزب الذي ينتمون له وكذلك الناخبين الذين ينبغي أن يشعروا بمدي قيمة صوتهم وتأثيره وأهميته في اختيار أفضل العناصر لتمثيله في مجلس الشعب لدورته القادمة. ونظرا لأهمية الحفاظ علي الأمن القومي المصري ضمانا لأمن واستقرار هذا البلد وحرصا علي سلامة المواطنين فقد أكد الرئيس مبارك في خطابه أيضا الجهود التي بذلتها الدولة لحماية أرض وسلامة هذا البلد في ظل التيارات والتوجهات التي تشهدها منطقتنا والعالم وهي بلا شك منطقة صعبة بصراعاتها وأزماتها المتضاربة وتمكنها من أن تجنب مصر وشعبها ما لحق بدول أخري في منطقتنا وخارجها من ويلات ودمار قوي الإرهاب والتطرف والمحاولات المتتالية للنيل من وحدة أبناء الوطن وبذر بذور الفتنة بين المسلمين والأقباط. لقد قدم الرئيس مبارك في خطابه الأسبوع الماضي كشف حساب مشرف لما حققه الحزب الوطني وحكومته خلال السنوات الماضية كما أعطي صورة مشرقة مليئة بالأمل لمستقبل هذا الوطن بفكر وسواعد أبنائه وأصبح الآن واجبا وطنيا علي كل مواطن ومسئول أن يقدم أقصي ما يستطيع من بذل وتضحية لتقدُم هذا الوطن ورخائه.