مسودة الدستورالجديد جاءت صادمة للجميع. الليبراليون غير راضين عنها خاصة فيما ورد في أبواب الحريات,ومدنية الدولة,وحقوق الأقليات,والمرأة. والإسلاميون غير راضين عما انتهت إليه المسودة فيما يخص الشريعة بحذافيرها كما يبتغون. دعونا نتأمل مواد المسودة بشكل محايد وموضوعي. المسودة علي كثرة عباراتها خلت من أيشيء ذيقيمة يتعلق بالقضاء والسلطة القضائية. مجردعبارات عامة منقولة من دستور71 ثم سكتت المسودة تماما عن الهيئات القضائية وتنظيمها. فقط تحدثت عن مجلس الدولة في مادة واحدة والمحكمة الدستورية في أربع مواد. فإذا مانظرنا إلي مواد المحكمة الدستورية نجدها وكأنها مواد انتقامية وتصفية حسابات,فالمادة182 تنص علي أن:( المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها مقرها مدينة القاهرة وتختص دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح دون الفصل في الدعوي الموضوعية) وعبارة( دون الفصل في الدعوي الموضوعية) تبين الروح الثأرية للإخوان وهم يضعون مسودة الدستور,إذأنهم وضعوا مايتعلق بالدعوي الموضوعية علي خلفية حكم حل البرلمان الصادر من المحكمة الدستورية علي وهم منهم أن هذا الحكم قضي في موضوع الدعوي مع أنه لم يفعل. ولأن من وضعوا هذه المسودة لم تكن لديهم عقلية قانونية سليمة تنتهج منهجا واحدا فإنهم وضعوا في بداية المادة مبدأ مهما هو أن المحكمة الدستورية مستقلة, ثم في المادة التي تليها جعلوا من رئيس الجمهورية صاحب الحق في تعيين رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها فأفقدوها بذلك قدرا من استقلالها! وحتي تمنع المسودة المحكمة من أن تحمي أحكامها سلبت منها ماكان منصوصا عليه في دستور71 من أن القانون يحدد الاختصاصات الأخري للمحكمة. وقد وضح هذا التعمد عندما أوردت المسودة في المادة181 اختصاصات مجلس الدولة ثم نصت في نهاية المادة علي أن:(... ويحدد القانون الاختصاصات الأخري للمحكمة). كما سلبت المسودة منع المحكمة من الرقابة اللاحقة علي دستورية قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحليات والاكتفاء فقط بعرض مشاريع هذه القوانين عليها قبل صدورها. وهذا يتجاهل القاعدة التي تقول: القانون لاتظهر مساوئه وعوراته إلا بعد تطبيقه فكيف يتم منع الرقابة اللاحقة للدستورية علي هذه القوانين ؟ المزيد من أعمدة عبد المعطى أحمد