السلع المغشوشة أصبحت عاهة مستديمة ومرضا مزمنا ينهش جسد الاقتصاد ويلتهم المستهلكين ويصيبهم بالأمراض أو يهدد حياتهم بعد أن وصل إلي الأدوية والأغذية . وقطع الغيار للسيارات والأجهزة المنزلية والكهربية والالكترونيات والصيني الرخيص يكسب في النهاية فكل شيء يباع علي الأرصفة وفي المحال التجارية وتطاردنا إعلاناته علي الفضائيات بعروض مغرية وأسعار يسيل لها لعاب المشاهدين اللاهثين وراء سلع تحقق لهم ما عجز عنه المتخصصون ولأن الشكوي غالبا هي عدم وجود رقابة فعالة تمنع تداول هذه السلع فاننا سألنا خبراء القانون ومسئولي جمعيات حماية المستهلك والصيادلة حول الغش التجاري وعقوبته وكيف نواجهه. في البداية يؤكد تامر صلاح المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة أن الغش التجاري من أكثر الجرائم تأثيرا في الحياة التجارية ويترتب عليه أضرار بالغة بالمستهلك والاقتصاد القومي ويتخذ الغش التجاري أكثر من صورة منها ظاهرة العيوب الخفية للمنتجات الصناعية واستخدام مكونات غير صالحة كمواد وسيطة في الصناعات المختلفة والتي تعد من أخطر أنواع الغش التجاري. وتواجهه مصر الأن تدفق المنتجات مجهولة المصدر عليها بعد حالة الانفلات الامني الأخيرة. ويطالب صلاح بضرورة وضع معايير رقابية للحد من هذه الظاهرة وتشديد الرقابة علي الاسواق التي تشتهر بالاتجار في هذه السلع. ويشير تامر صلاح إلي أن المشرع المصري نظم القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري والعقوبات المترتبة علي ذلك بالقانون رقم48 لسنة1941 والمعدل بالقانون رقم281 لسنة1994 والمسمي بقانون قمع الغش والتدليس حيث نصت المادة الأولي منه علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدي هاتين العقوبتين. وتقول سعاد الديب عضو جهاز حماية المستهلك إن الغش التجاري صناعة وفن خصوصا مع التطور التكنولوجي الحديث والسريع الذي سهل لهؤلاء أن يتفننوا في طرق الغش بطرق ملتوية يصعب علي الإنسان المتمكن في الصناعة لدقة أساليب الغش التي يستخدمونها. وتوضح أن أشكال الغش كثيرة منها تقليد ماركات الشركات العالمية وبيع هذه المنتجات علي أنها أصلية وهذا قمة الغش التجاري. وتطرقت لجانب من أخطر جوانب الغش التجاري وهو الغش الدوائي قائلة إنها ظاهرة في منتهي الخطورة لأن أي نسبة غش بسيطة في هذا القطاع الحيوي يؤدي إلي الوفاة أو الإصابات المختلفة, محذرة هؤلاء بأن يتقوا الله في المواطنين وان يعاملوا ضميرهم. وتوضح سعاد الديب أن أوجه الغش كثيرة ومنها الغش في قطع غيار السيارات وهذه أيضا من أنواع الغش الخطير التي تؤدي لحدوث كوارث ونسبة من حوادث الطرق يكون سببها قطع الغيار غير المطابقة للمواصفات والزيوت المغشوشة, وذلك بالاضافة إلي الغش في السلع الغذائية سواء كانت معلبات أو أي مواد غذائية أخري وذلك لانتشار مصانع بير السلم التي تعمل في الخفاء بدون رقابة عليها. وتقترح د. سعاد توفيق أوضاع مصانع بئر السلم ومنح التراخيص للمصانع التي توفق أوضاعها وفق الاشتراطات القانونية والفنية المحددة والتي تصدرها الوزارات المعنية بهذا الشأن والعمل علي إستغلال الأيدي العاملة وتدريبها والاستفادة منها في المستقبل, وقالت إن حالة الانفلات الأمني قد ساعدت لكثير من المستوردين علي إدخال بضائع غير مطابقة للمواصفات مما يتطلب تشديد الرقابة علي الواردات, يؤكد الدكتور سيف إمام وكيل عام نقابة الصيادلة أن السبب الرئيسي في إنتشار تجارة الأدوية منتهية الصلاحية هو إمتناع شركات إنتاج وتوزيع الأدوية العاملة في مصر سواء كانت محلية أو أجنبية عن إستردادها من الصيدليات لاعدامها في محارق خاصة مخالفين بذلك بنود التعاقدات مع أصحاب الصيدليات وهذا يتسبب في خسائر كبري ومخاطر جسيمة للمرضي مما يتيح الفرصة لضعاف النفوس في إستغلال هذه الأدوية الفاسدة بعد تجميعها بأسعار زهيدة ثم إعادة بيعها محققين مكاسب ضخمة تفوق أرباح تجارة المخدرات والسلاح, ويري إمام أن الحل للسيطرة علي تلك الظاهرة الخطيرة يتلخص في قيام وزارة الصحة بدورها الذي كلفها به المجتمع في أن تفعل رقابتها علي شركات إنتاج وتوزيع الأدوية وإلزامها باسترداد ما فسد من الأدوية لإنتهاء صلاحيتها من الصيدليات حتي تقطع الطريق علي تجار هذه السموم.