غش السلع الغذائية ظاهرة موجودة في جميع دول العالم بما فيها مصر.. لكن تلك الدول وضعت آليات واضحة لمحاربة الظاهرة بل والوقاية منها.. وأهم حلقات هذه الآليات تفعيل دور الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ومنحها صلاحيات واسعة لتكون مسئولة عن الرقابة ومتابعة مستوي الجودة لجميع السلع المطروحة في الأسواق. هذه الآلية للأسف معطلة في مصر التي أصبحت سوقا مفتوحة للسلع المغشوشة.. "العالم اليوم" التقت عددا من الخبراء ومسئولي جمعيات حماية المستهلك ليشرحوا أسباب القصور الظاهر في دورهم المنتظر. تقول سعاد الديب رئيس الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك إن حالات الغش التجاري والصناعي تطورت بتطور الصناعة نفسها كما أن زيادة التقدم التكنولوجي لعبت دورا كبيرا في سهولة عمليات التقليد والغش. وتضيف سعاد الديب أن الجمعية رصدت العديد من حالات الغش التجاري والصناعي منها ضبط عصابة متخصصة في غش إطارات السيارات وقطع الغيار.. بالإضافة للصناعات الغذائية والتي بمجرد أن ننتهي من حالة تظهر أخري وهي كلها من إنتاج "مصانع تحت السلم" بعيدة عن الرقابة ومنتجاتها غير صالحة للاستخدام وتستغل علامات تجارية عالمية أو محلية معروفة.. وهناك أنواع عصائر تقدم للمستهلك علي انها عصائر طبيعية ولكنها في الحقيقة لا تزيد علي لون ورائحة ومكسبات صناعية وفي هذا غش واضح للمواطن. وأضافت أن هناك حالات غش في المستلزمات المدرسية والأجهزة الكهربية تعرض حياة المواطن لأخطار الموت.. ومنها لمبات ومصابيح كهربية وأسلاك كهربية غير مطابقة للمواصفات. وتشير سعادة الديب إلي أن دور الجمعية يقتصر علي نشر وإيجاد الوعي لدي المستهلكين والمنتجين لأن كلا منهما طرف في القضية وفي حالة فقدان الثقة بين الطرفين سيخسر الجميع ولابد من أن تقوم العلاقة بينهما علي مبدأ الصراحة والمكاشفة. وتضيف أن القانون الجديد حدد دور الجمعيات وأعطي لها أدوارا لم تكن موجودة في السابق ومنها حق رفع القضايا القانونية علي مقترفي جريمة الغش نيابة عن المستهلك وكذلك عمل دراسات مقارنة بين أسعار السلع وبعضها البعض وإيجاد ثقافة ووعي لدي المستهلكين.. ولكن في ذات الوقت لم يلبي القانون طموحات واحتياجات المجتمع المدني.. وفي شهر مارس القادم يستكمل القانون عامه الأول لكن القانون أغفل نقطة مهمة وهي مصادر التمويل للجمعيات وحرم عليها تلقي أي إعانات مالية من المستوردين والتجار نظرا لتعارض المصالح وبالتالي لابد من إيجاد مصادر قانونية للتمويل علي غرار ما حدث مع جهاز حماية المستهلك التابع لوزارة التجارة والصناعة.. بالإضافة إلي أن القانون لم يتح للجمعيات إمكانية أخذ عينات من الشارع وفحصها إلا علي حسابها الخاص وهذا لا يحدث في جميع دول العالم وكثيرا ما تمتلك جمعيات حماية المستهلك معامل خاصة بها.. وتؤكد سعاد علي أن هناك أسبابا كثيرة وراء انتشار ظاهرة الغش التجاري والصناعي ومنها اعتماد مقترفي جريمة الغش علي انخفاض الدخول الاقتصادية للمواطنين واللعب علي تدني أسعار هذه المنتجات.. وكذلك غياب الرقابة الصارمة واستغلال الظروف واستخدام وسائل تكنولوجية حديثة للتغطية واتقان حالات الغش. وتقول سعاد الديب إنه لا يمكن القضاء علي ظاهرة الغش التجاري والصناعي ولكن يمكن الحد منها عن طريق تكاتف الجميع مواطنين ومجتمعا مدنيا وحكومة، ولابد من تكثيف دور الأجهزة الرقابية في مراقبة الأسواق والمناطق التي تنتشر بها السلع والمنتجات المغشوشة. اتحاد للمستهلكين أما محمود العسقلاني المتحدث الرسمي باسم حركة مواطنون ضد الغلاء فيؤكد علي أهمية وجود اتحاد للمستهلكين للدفاع عن حقوقهم علي غرار اتحادات الغرف التجارية واتحاد الصناعات ولذلك فالمرحلة القادمة ستشهد تفعيل دور جبهة وطنية كبري للدفاع عن المستهلكين وحمايتهم من الأزمات المتكررة بسبب حالات الغش التجاري والصناعي بالإضافة لارتفاع الأسعار.. وبالنظر إلي أزمة شركات المياه الأخيرة نجد أن أصحاب الشركات دافعوا عن أنفسهم باستماتة واتهموا الحكومة ووزارة التجارة والصناعة بالإضافة لجمعيات حماية المستهلك بأنها خارجة عن القانون وانها جهات غير مختصة بتحليل عينات المياه وهنا نكتشف مدي أهمية تكاتف هيئات ومنظمات المجتمع المدني للدفاع عن حقوق المواطنين، وأشار إلي أن الحركة أعلنت تضامنها الكامل مع جهاز حماية المستهلك ولابد من مراقبة جميع القطاعات الاستهلاكية وكشف أي حالات للغش.