لما أسلم أبو بكر الصديق رضى الله عنه أخذ يدعو فكان من جملة من أسلموا على يديه جعفر بن أبى طالب وزوجه أسماء بنت عميس.صبر جعفر وزوجه أسماء على الأذى والابتلاء؛ لأنهما يعلمان أن البلاء سنة ثابتة لا تتبدل ولا تتغير وأن طريق الجنة محفوف بالمخاطر.لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة قائلا لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهى أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم عليه، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة فى الاسلام، وخرجت اسماء مع زوجها إلى الحبشة، وعاش المهاجرون فى رحاب النجاشى ذلكم الملك العادل. وبعد أن مكث جعفر وزوجه عشر سنوات فى رحاب النجاشى عاد إلى المدينة وأقدامه تسابق الريح من أجل رؤية الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم الذى طال شوقه إليه، وما إن وصل حتى كان النبى عليه السلام عائدا من فتح خيبر.وبعد هذه الحياة الطيبة التى قضتها أسماء مع زوجها جعفر فى رحاب الايمان جاء يوم الفراق، فلقد خرج جعفر رضى الله عنه إلى سرية مؤتة فقتل شهيدا فى سبيل الله، وبعد استشهاد جعفر ظلت أسماء على عهدها صائمة قائمة فلما انقضت عدتها تزوجها صديق الأمة الأكبر أبوبكر، ويا لها من مكرمة عظيمة أن تتزوج أسماء بخير الناس بعد الأنبياء والمرسلين.لما خرجت أسماء مع زوجها أبى بكر إلى حجة الوداع مع الحبيب محمد وكانت حاملا ولدت له محمدا وقت الإحرام، وتمر الأيام مسرعة ويأتى اليوم الذى مات فيه الحبيب محمد ويتولى زوجها أبو بكر الخلافة وكان أبو بكر قد أحس بقرب الأجل فأوصى أسماء بأن تغسله بعد موته، فلما جاء اليوم الذى مات فيه أبو بكر قامت أسماء فغسلته كما أوصاها وعلى الرغم من حزنها الشديد على موت جعفر وأبى بكر إلا أن الله أكرمها بالزواج من على بن أبى طالب لتكون هى الصحابية التى تزوجت ثلاثة من أهل الجنة، وتوفيت بعد وفاة زوجها على بوقت يسير، فرضى الله عن أسماء التى فازت بأعلى المناقب والمكارم.
