العبور لم يتحقق مصادفة، بل كان بتخطيط ودراسة كان فيها الجميع يدا واحدة، مما أدى الى تحطيم الجيش الإسرائيلى الغاشم وقضى على أسطورته التى زعم زورا وبهتانا أنها لا تقهر، مما يؤكد ضرورة وأهمية الاستفادة القصوى من دروس ذلك النصر، من خلال تعميق قيم الانتماء للوطن والتضحية فى سبيله، والعمل بجدية لمعركة أخرى تحتاج إلى تصميم وإرادة وهى تحقيق التنمية الشاملة اقتصاديا وسياسيا والأخذ بأسباب العلم والتقدم. هكذا أكد علماء الدين - بمناسبة ذكرى معركة العاشر من رمضان- وأننا فى أشد الحاجة للاستفادة من أسباب وعوامل ذلك النصر، وهذا ما نحتاجه فى تلك المرحلة، مطالبين بتضافر جهود المصريين جميعا على كل المستويات حتى نعبر بمصر عبر التنمية الشاملة اقتصاديا وتنمويا وسياسيا واجتماعيا، لتتبوأ مكانتها التى تليق بها. ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر- خلال ذكرياته لأحداث تلك المعركة المشهودة- إن فضيلة الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر فى عام1973 - رحمه الله- كان مهتما بإسهام الأزهريين فى معركة العاشر من رمضان، وأنه استعان فى هذا الصدد بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة لتعبئة الروح المعنوية لأبناء قواتنا المسلحة, وأنه عند لقاء العلماء بأبناء الجيش فى شهر رمضان فى أثناء الحرب أفتى بعض الدعاة للجنود بأنه, نظرا لحرارة الجو وحاجة الحرب إلى كامل طاقتهم, من المستحب الأخذ برخصة الفطر لتكون عونا لهم فى الانتصار على العدو الصهيوني, بيد أن بعض الجنود أجابوا قائلين: لا نريد أن نفطر إلا فى الجنة. جهود مشهودة وأشار الى أن الشيخ عبد الحليم محمود, قبيل حرب رمضان المجيدة, قد رأى رسول الله فى المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة, فاستبشر خيرا وأيقن بالنصر, وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة, واقترح عليه بأن يأخذ قرار الحرب مطمئنا إياه بالنصر، ثم لم يكتف بهذا, بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف, وألقى خطبة عصماء توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبينا أن حربنا مع إسرائيل هى حرب فى سبيل الله, وأن الذى يموت فيها شهيد وله الجنة, أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق، وكانت نتيجة الإعداد الجيد الذى قام به الجيش المصري, مضافا إليه طمأنة الدكتور عبد الحليم محمود لرئيس البلاد وحفزه إياه على شن الحرب ضد قوات الصهاينة, التى تحتل جزءا غاليا من تراب مصر, هى ما أسفرت عنه الحرب الرمضانية المجيدة من نصر، وعبور عظيم كبير. أما الدكتور منصور نصر قموح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر فيقول هناك عدة عوامل ودوافع أدت للنصر فى الشهر الكريم أولاً: قوة إيمانية وضعها الله فى قلوب الجنود الذين فهموا معنى قول الله تعالى «أطيعوا الله والرسول وأولى الأمر منكم» وفهموا أيضا معنى الإيمان والصبر الذى أعطاه لهم الله لتحقيق النصر... كذلك التعبئة العامة بالدولة كانت فى غاية الأهمية باعتبارها أحد المؤثرات فالجميع كان على قلب رجل واحد ولديهم إيمان قوى ورغبة شديدة باسترداد الأرض والعرض ومحاربة اليهود مغتصبى أرضهم كل هذه الروح والقوة دفعتهم ليتحقق هذا الانتصار فى الشهر الكريم.