تعد معركة العاشر من رمضان نصرا كبيرا فى العصر الحديث، تحقق بتخطيط ودراسة ولم يكن وليد المصادفة، حيث كان فيها الجيش والشعب يدا واحدة، ففى تلك المعركة استردت الأمة كرامتها وعزتها، وأرضها من العدو الغاصب، وتم تحطيم أسطورته التى زعم زورا وبهتانا أنها لا تقهر، مما يؤكد للجميع ضرورة وأهمية الاستفادة القصوى من دروس ذلك النصر، من خلال تعميق قيم الانتماء للوطن والتضحية في سبيله، والعمل بجدية لمعركة أخرى تحتاج لتصميم وإرادة وهى تحقيق التنمية الشاملة اقتصاديا وسياسيا والأخذ بأسباب العلم والتقدم، وأن طريقنا الوحيد للانتصار في مثل هذه القضايا يتمثل في إعلاء قيم الانضباط والكفاءة والتجرد والعمل الدءوب مع الأمل فهذه هي القيم نفسها التى صنعت انتصار رمضان، فما أحوجنا فى تلكم الأيام أن نستلهم روح نصر أكتوبر فى عودة منظومة القيم والأخلاق فى المجتمع، حتى تعود الأمة إلى سالف عهدها من التمكين والريادة فى كل المجالات .وعن ذكرياته لأحداث تلك المعركة، يقول الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن فضيلة الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر فى عام1973 كان مهتما بإسهام الأزهريين فى معركة العاشر من رمضان، وأنه استعان فى هذا الصدد بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة لتعبئة الروح المعنوية لأبناء قواتنا المسلحة, وأنه عند لقاء العلماء بأبناء الجيش فى شهر رمضان فىأثناء الحرب أفتى بعض الدعاة للجنود بأنه, نظرا لحرارة الجو وحاجة الحرب إلى كامل طاقتهم, من المستحب الأخذ برخصة الفطر لتكون عونا لهم فى الانتصار على العدو الصهيوني, بيد أن بعض الجنود أجابوا قائلين: لا نريد أن نفطر إلا فى الجنة. وأشار الى أن الشيخ عبد الحليم محمود, قبيل حرب رمضان المجيدة, قد رأى رسول الله فى المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة, فاستبشر خيرا وأيقن بالنصر, وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة, واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنا إياه بالنصر، ثم لم يكتف بهذا, بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف, وألقى خطبة عصماء توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبينا أن حربنا مع إسرائيل هى حرب فى سبيل الله, وأن الذى يموت فيها شهيد وله الجنة, أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق، وكانت نتيجة الإعداد الجيد الذى قام به الجيش المصري, مضافا إليه طمأنة الدكتور عبد الحليم محمود لرئيس البلاد وحفزه إياه على شن الحرب ضد قوات الصهاينة, التى تحتل جزءا غاليا من تراب مصر, هى ما أسفرت عنه الحرب الرمضانية المجيدة من نصر عظيم كبير. دروس مستفادة وفى سياق متصل، طالب الدكتور عبد الغفار هلال، الأستاذ بجامعة الأزهر، بضرورة الاستفادة من دروس حرب العاشر من رمضان فى معالجة وحل مشكلاتنا فى الوقت الراهن، موضحا أن المصريين الذين ضحوا بأموالهم وأنفسهم ليحققوا النصر العظيم فى العاشر من رمضان وعبور خط بارليف وهزيمة الجيش الاسرائيلى، قادرون على مواجهة جميع التحديات الراهنة والعبور بمصر إلى بر الأمان إذا ما أخذوا بالأسباب والتخطيط السليم والعمل الدءوب، مؤكدا أن شهر رمضان هو شهر البطولات والانتصارات؛ لأن النفس تكون فيه أشد صفاء ونقاء وعزيمة وتضحية، وكم من انتصار تحقق للمسلمين فى ايام وليالى هذا الشهر الكريم، مما يؤكد أنه شهر لا مكان فيه لكسول او متواكل او يائس، وذلك لأن النصر مع الصبر، ورمضان هو شهر الصبر، والصبر جزاؤه وثوابه رضا وحب الله تعالى لعباده. وأشار إلى أن نصر العاشر من رمضان كانت له أسباب، على رأسها التخطيط الدقيق، وروح التضحية والفداء، وتقديم مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية، وعندما توافرت تلك الأسباب والمعانى جاء النصر للجميع، أفراد الجيش فى أرض المعركة، والشعب فى أعمالهم، كل فى موقعه، يؤدى عمله باتقان وحب واجتهاد، موضحا انه يجب علينا أن نستحضر هذه المعانى فى تلك الفترة الدقيقة من تاريخ مصر، مؤكدا أن أبناء مصر وجيشها قد خرجوا جميعا ليدافعوا عن أرضهم بقلوب متجهة إلى الله عز وجل، تلتمس منه النصر فأيدهم بنصره؛ لأنهم باشروا الأسباب التى تؤدى إلى النصر؛ من قوة إرادة وعزيمة وصبر، فقد قضى أبناء مصر ست سنوات يعدون العدة للثأر وكانت سنوات عجافا مرت على مصر بآلام وأحزان وشدائد، لكنهم فى النهاية استطاعوا أن يتخطوها ليفوزوا بالنصر من عند الله. وأكد أننا الآن فى أشد الحاجة للاستفادة من أسباب نصر العاشر من رمضان، وهذا ما نحتاجه فى تلك المرحلة، أن تتضافر جهود المصريين جميعا على جميع المستويات حتى نعبر بمصر عبر التنمية الشاملة اقتصاديا وتنمويا وسياسيا واجتماعيا، لتتبوأ مكانتها المستحقة بين الأمم.