حسين شفيق المصرى شاعر عاش عمره معجونًا بحب مصر، عاشقًا لأزقتها ودروبها وقهاويها, وبرغم أنه من أب تركى وأم يونانية من سبايا حرب المورة, فإن اعتزازه بالأرض التى ولد وعاش فوق ترابها جعله ينبذ أصله غير العربي, ويضيف إلى اسمه لقب «المصرى», وإذا كان أديبنا الكبير نجيب محفوظ قدم فى رواياته صورًا ناطقة لواقع الحارة المصرية, فإن المصرى بدوره استطاع من خلال صوره المرحة وتعبيراته الطريفة التعبير عن الحارة وأهلها، عبر أشعار حافلة بالنقد السياسى والاجتماعى الساخر.عمل المصرى بالصحافة فى عدة جرائد أبرزها «الجوائب المصرية», إلا أن آثاره الكبرى جاءت من خلال مشاركته فى صحف ومجلات أسبوعية ساخرة منها: الشجاعة والمسامير والسيف وكل شىء والفكاهة, كما اشترك فى تأليف عدد من مسرحيات نجيب الريحانى أشهرها ريا وسكينة. وجاءت شهرته من خلال ما سماه المشعلقات، وهى عبارة عن معارضات فكهة ساخرة للمعلقات العشر, وأيضًا للقصائد المشهورات، وهى معارضات لقصائد لشعراء كبار من مختلف العصور, إذ كان كلما راقته قصيدة عارضها بأخرى حلمنتشية. أعجبته قصيدة أبى العتاهية التى مطلعها: ألا سيدتى مالها.. أدلا فأحمل دلالها فأبقى على المطلع وأكمل معارضًا: ألا ما لسيدتى مالها؟ أدلا فأحمل إدلالها أظن الوليّة زعلانة وماكنت أقصد إزعالها أتى رمضان فقالت هاتولى زكيبة نُقل فجبنا لها وجبت صفيحة سمن وجبت حوائج ماغيرها طالها وهذه الرؤية الفكهة لمطالب الأسرة المصرية, التى تنفق الأموال بلا حساب على صنوف المأكولات وأنواعها فى شهر كريم يفترض أن تزهد خلاله عن الطعام وتكثر من غذاء الروح, تتواصل فى معارضته لقصيدة أبى العلاء المعرى التى مطلعها: عللانى فإن بيض الأماني.. فنيت والزمان ليس بفان قال: ليس معنى الصيام لو كنت تدرى .. جوعة ثم أكلة عمياني بل يصومون حمية للتداوى .. إن فى الجوع صحة العيان وقد مزج فى مشعلقاته ومشهوراته بين الفصحى والعامية فى قالب ضاحك فريد, يصور كثيرًا من جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية فى مصر, معارضًا كبار شعراء العربية القدامى بدءًا بامرئ القيس والنابغة وانتهاء بالمحدثين مثل شوقى والجارم, مقدمًا لوحات تشكيلية ضاحكة, ذات مغزى فلسفى نقدى عميق, نراه يعارض معلقة امروء القيس: قفا نبكى من ذكرى حبيب ومنزل .. بسقط اللوى بين الدخول فحومل يقول: فشبرة فالبراد لم يعف رسمها .. لمن هو فيها من تهامى وفرغلى يبيعان مشوى الطحال وتارة .. يبيعان ممبارًا فخذ منه وأكل مطاعم ميكروباتها تلد العمى .. لعين كثير الأكل والمتقلل ويقرأ قول على الجارم: مالى فتنت بلحظك الفتاك .. وسلوت كل مليحة إلاك فيعيد كتابتها بأسلوبه الساخر: وأرى الهوى قفصًا وقلبى فرخة .. إن أبصرت ديك الجمال تكاكى أنت القطار على شريط صبابتى.. وأنا السبنسة فى المسير وراكِ لمزيد من مقالات أسامة الألفى