بعد قليل.. وزير التعليم يفتتح المعرض السنوي لطلاب المدارس الفنية بالقاهرة    جامعة القناة تكرم الطلاب الفائزين بمسابقة القرآن الكريم والمشاركين في "إبداع 12" ومجتازي الدورة الإذاعية    رئيس جامعة بني سويف يرأس اجتماع مديري الكليات    سعر الذهب اليوم الثلاثاء في مصر يتراجع مع بداية التعاملات    "حديد عز" تثبت سعر الطن بالأسواق خلال مايو المقبل    بعد عودة بروتون ساجا.. أرخص 5 سيارات سيدان موديل 2024 بمصر    القاهرة الإخبارية: بعض طلاب جامعة كولومبيا في نيويورك يستولون على قاعة هاميلتون    واشنطن: لا نؤيد تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن ممارسات إسرائيل في غزة    الأهلي يختتم تدريباته اليوم استعدادا لمواجهة الإسماعيلي.. اليوم    "العب مثل الرجال".. مدحت شلبي يعلق على اشتباك محمد صلاح ويورجن كلوب    "لتحقيق نجاحات".. حسين لبيب يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن زيزو وعواد    "بيطلع لسانه للجميع".. ميدو يفتح النار على عضو اتحاد الكرة ويصدمه بسبب الأهلي    تأجيل محاكمة المتهمين بخطف شاب من داخل مطعم الجيزة ل29 يونيو    حملات أمنية لضبط حائزي ومتجري المواد المخدرة والأسلحة النارية    خلال 24 ساعة من ضبط 10798 مخالفة مرورية متنوعة    "رقبتي ليك يا صاحبي" أحمد السقا يوجه رسالة إلى كريم عبد العزيز    لليوم الثاني على التوالي.. طلاب النقل بالقاهرة يؤدون امتحانات المواد غير المضافة للمجموع    أسترازينيكا: لقاح كورونا يسبب أثارا جانبية مميتة| فما مصير من تلقي اللقاح؟    خبير دولي يؤكد أهمية زيارة رئيس مجلس الرئاسة في البوسنة والهرسك إلى مصر    أمير الكويت يزور مصر على رأس وفد رسمي رفيع المستوى اليوم    مؤسسة ساويرس تقدم منحة مجانية لتدريب بحارة اليخوت في دمياط    "صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    وزير الري يؤكد أهمية دور البحث العلمي في التعامل مع تحديات المياه    وزير المالية: مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة يؤكد قدرة الاقتصاد المصرى على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية    وزير الإسكان: 131 ألف حجز ل1747 قطعة أرض بالطرح الرابع لبرنامج «مسكن»    «تمويل التنمية الأمريكية» تدرس تمويل استحواذ «أكتيس» على محطة رياح جبل الزيت    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    الأرصاد تكشف موعد ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    مصادر: من المتوقع أن ترد حماس على مقترح صفقة التبادل مساء الغد    سفير فنلندا في زيارة لمكتبة الإسكندرية    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    "أسترازينيكا" تعترف: آثار جانبية قد تكون مميتة للقاح فيروس كورونا    طريقة عمل السجق بالبطاطس بمكونات سهلة وطعم شهى    حسام موافي في ضيافة "مساء dmc" الليلة على قناة dmc    هل يرحل مارسيل كولر عن تدريب الأهلي؟    اليوم.. استئناف فتاة على حكم رفض إثبات نسب طفلها للاعب كرة شهير    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربيع الشعراء.. لا مكان له!

مناسبتان تمران بنا هذه الأيام وتذكرنا كلتاهما بالشعر الذى لايجوز أن ننساه، وإلا فنحن ننسى أنفسنا. المناسبة الأولى «ربيع الشعراء» وهو عيد عالمى يحتفل فيه الناس بالشعر فى كل صوره وأشكاله. والأخرى عيد ميلاد أمير الشعراء العرب أحمد شوقى الخمسون بعد المائة الذى لم نلتفت له كما يجب فى ميعاده الصحيح وهو العام الماضى ، فشوقى ولد فى سنة 1868 كما نجد فيما بين أيدينا من معاجم ومراجع وليس بعدها. ويمكن أن نعود لهذه المسألة عندما نتحدث عن شوقي.
وأنا فى حديثى هذا عن الشعر لا أتحدث عن صور أو نصوص أو أسماء، وإنما أتحدث عن أصل الشعر وجوهره وعما يمثله لنا نحن البشر فى كل مكان. أتحدث عن اللغة الأولى أو اللغة الجامعة التى نعرف بها أنفسنا، ونتصل بالآخرين، ونكتشف العالم ونسميه ونستحضره. لغة الحلم واليقظة، والفطرة والعقل، والسر والعلن. أتحدث عن الشعر من حيث هو تعبير عن الحياة والوعى بالحياة، فهل يجوز أن ننساه؟
نعم! نحن ننساه فى الظاهر أو فى الواقع اليومى المزدحم بالمطالب والشواغل المتزاحمة. ولكننا لانستطيع أن ننساه على الدوام. بل نحن نعود إليه حين نعود لأنفسنا نراجعها ونتأمل وجودنا. وقد نعود إليه حين ننسى أنفسنا ككائنات مفردة ونقذف بها فى تيار الحياة المتدفق. عندئذ نغنى مواويلنا، أو نتذكر أحباءنا، أو نستغرق فى الأحلام. هذه الخواطر ربما راودت الذين دعوا العالم للاحتفال بالشعر فى يوم يكون عيدا له كل عام.
هؤلاء لم يبتدعوا جديدا. وإنما أحيوا تقاليد عرفتها شعوب العالم من أزمنة سحيقة بصور مختلفة. فهى مواسم حصاد، وأسواق، وأعياد دينية لدى المصريين، والبابليين. والعرب، واليونانيين، والرومان. ومن التقاليد اليونانية بالذات استقى المثقفون الفرنسيون الذين بادروا بالدعوة للاحتفال بالشعر صورة عيده، وفى مقدمة هؤلاء جاك لانج وزير الثقافة فى حكومة الرئيس ميتران فى أواخر القرن الماضى ورئيس معهد العالم العربى الآن.
سموه «ربيع الشعراء» لأن الشعر هو ربيع الحياة الدائم. وكان اليونانيون يحتفلون بالشعر فى فصل الربيع الذى يبدأ فى شهر مارس من كل عام ضمن احتفالاتهم بالإله ديونيزوس إِِِِله الطبيعة البكر والخصب. والكرمة والنبيذ، والنشوة، والغناء، والرقص، والمسرح والتمثيل والأقنعة التى ترمز لتحولات الشخصية. وكان ديونيزوس قد عرف هذه التحولات وهو طفل فصار ظبيا، ثم أصبح عجلا ثم عاد إلى صورته الأولى من جديد. وفى الديونيزيا، أى فى أعياد ديونيزوس، كان اليونانيون يحتفلون بهذا كله فينشدون الأشعار، ويغنون، ويرقصون ويشربون، ويتنكرون خلف الأقنعة، ويمثلون، ويطلقون لأنفسهم العنان.
وكما كانت الديونيزيا عيدا جامعا كان ربيع الشعراء كما تصوره الذين دعوا له فى أواخر القرن الماضى عيدا جامعا. فهو ليس شعرا فقط، وإنما هو شعر وموسيقى وغناء ورقص وتمثيل تقدم كلها جنبا إلى جنب فى برامج حافلة. أمسيات شعرية، وعروض مسرحية، وحفلات موسيقية، فضلا عن الدروس التى تلقى بهذه المناسبة على التلاميذ فى المدارس، والإعلانات التى توزع فى الشوارع وفى المقاهى ومحطات المترو تستثير عامة الناس وتشعرهم بأنهم حقا فى عيد يحتفلون فيه بالشعر وبموضوع بالذات يقترح كل عام ليستلهمه المشاركون فى هذه الاحتفالات التى بدأت منذ عشرين عاما.
فى عام 2006 كان الموضوع الذى استلهمه المشاركون هو «المدينة»، وفى العام الذى تلاه كان الموضوع هو «الحب»، وبعده «مديح الآخر»، وبعده «الضحك». وهى كما نلاحظ موضوعات يتحاور فيها الماضى والحاضر، والنسبى والمطلق، ويقصد بها دفع الشعر فى قلب الحياة اليومية كما يعيشها الناس فى مدن هذا العصر. أما الموضوع الذى اقترح أن تدور حوله قصائد هذا العام فهو «الجمال».
وقد أتيح لى أن أتابع جانبا مما كان يقدم فى ربيع الشعراء الفرنسى منذ بداياته خلال وجودى فى باريس. وربما أشرت الى ذلك فى مقالات سابقة دعوت فيها للاحتفال بربيع الشعراء فى مصر. فالشعر بالمعنى الذى ذكرته فى بداية هذه المقالة هو فن البشر جميعا. والربيع عيد من أعيادهم الكبرى ينتظرونه ويعيشونه ويحتفلون به. والذى كان يصنعه اليونانيون فى الديونيزيا كان يصنعه المصريون فى احتفالاتهم بعودة أوزوريس للحياة فى العيد الذى أصبح يسمى عندنا «شم النسيم». ولا غرابة فى هذا. فالأسطورة اليونانية تقول إن المصريين واليونانيين أبناء عمومة. داناوس وإيجبتوس ملكان شقيقان نشآ فى إفريقيا ورحل الأول مع أبنائه الى بلاد أرجو فى اليونان، واستقر إيجبتوس هو وأبناؤه فى مصر. والصلة الوثيقة التى تربط المصريين باليونانيين ليست كلام الأساطير وحدها ،وإنما هى أيضا كلام علماء الأجناس الذين يرى بعضهم أن أقوى العناصر التى تكون منها شعب مصر كان عنصرا شماليا.
والمؤرخ اليونانى القديم هيرودوت يذكر أسماء يونانيين يقول إنهم من أصول مصرية. كما يقول إن الإله المصرى آمون هو الإله اليونانى زيوس، وأن أوزوريس هو ديونيزوس.
والذى نقوله عن العلاقات الوثيقة، التى ربطت بين مصر القديمة واليونان القديمة نستطيع أن نقول ما يشبهه عن العلاقات الوثيقة التى تربط مصر الحديثة بفرنسا وخاصة فى الثقافة.
لكننا لا نحتاج لرابطة مع أى بلد آخر لنبرر احتفالنا بربيع الشعراء.
فالشعر كما ذكرت فن العالم كله، والربيع ربيع العالم كله. وإنما تحدثت عما يربطنا بغيرنا من الأمم والثقافات لأؤكد أن ربيع الشعراء هو عيد الجميع، مع استدراك أو اعتراف لابد منه وهو أن هذا العيد الذى ربما بدأ فى مصر لا يكاد يجد لنفسه مكانا فى مصر الآن، لأن الاحتفال بالشعر وبأوزوريس وبالروابط التى تشدنا إلى غيرنا من الأمم لا يكون إلا فى يقظة ثقافية يبدو أننا لا نتمتع بها فى هذه الأيام!
وفى المقالة القادمة نتحدث عن أمير الشعراء فى عيد ميلاده الخميسن بعد المائة.
لمزيد من مقالات بقلم: أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.