نعلم جيدا أن المعركة ضد الإرهاب طويلة، وتتطلب تضحيات كثيرة لاجتثاث جذور هذه الظاهرة البغيضة، ومواجهة الأفكار المتطرفة والفهم المغلوط للدين، ومشاركة جميع أجهزة الثقافة والإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية والمجتمع المدني، لمحاصرة البيئة الحاضنة للتطرف والإرهاب وتجفيف منابعه. وقد نجحت جهود الدولة وفى مقدمتها القوات المسلحة والشرطة فى تحجيم العمليات الإرهابية بشكل ملحوظ، ويكفى أن نشير إلى أن عدد العمليات الإرهابية التى شهدتها مصر خلال السنوات الثلاث التى شهدت تصاعد نشاط جماعة الإخوان الإرهابية والمجموعات الموالية لها ( 2014 2015 2016) قد بلغ 1165 عملية، تناقصت بعد ذلك بشكل كبير وتحولت إلى عمليات فردية بسيطة باستخدام وسائل بدائية، نتيجة نجاح القوات المسلحة والشرطة فى ملاحقة الإرهابيين وتفكيك خلاياهم والاقتصاص منهم، ودفعت الدولة فى سبيل ذلك ثمنا كبيرا من دماء الشهداء الأبرار. وقد تبنت مصر إستراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب، لا تقوم على العمل العسكرى والأمنى فقط، وإنما تتعامل مع جميع الجوانب المختلفة التى تؤثر عليه، وتتضمن مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز، ووقف الدعم السياسى والمالى والإعلامى والإيديولوجى لها، وتجديد الخطاب الديني، ومشاركة جميع مؤسسات الدولة فى المواجهة الشاملة. ولكننا بحاجة الآن إلى إجراءات إضافية للمساعدة على تتبع الإرهابيين الذين يحاولون الاختباء وسط المواطنين العاديين، حتى تحين لهم الفرصة للقيام بعملياتهم الخسيسة، ومن هذه الإجراءات ضرورة إخطار أقسام ومراكز الشرطة بإيجارات المساكن، وخاصة الشقق المفروشة، حيث تلجأ بعض العناصر الإرهابية لاستئجار أماكن إيواء لها، مثلما حدث مع إرهابى الدرب الأحمر الذى كان يستأجر مسكنا هناك وسط الأهالي، الذين لم يدركوا نشاطه التخريبي.كما أنه من المهم فى هذه الظروف، أن يسرع المواطن بالإبلاغ عن أى شكوك تراوده تجاه سلوك أى اشخاص يلتقيهم فى محيط سكنه أو عمله، حتى تتمكن الأجهزة المعنية من توجيه ضربات استباقية لمحاولات زعزعة استقرار البلاد. وستنجح مصر بإذن الله فى اجتثاث منابع الإرهاب، وستنتصر فى معركتها التى تخوضها نيابة عن العالم أجمع، وتعيد للبشرية حقها فى الأمن والأمان. لمزيد من مقالات ◀ رأى الأهرام