* هدفنا توضيح صورة الإسلام وليس الدعوة بالمعنى التقليدى الدكتور صلاح رمضان أبو النور إمام المسجد الكبير بروما .. كان يشغل رئيس قسم اللغة الايطالية بكلية اللغات والترجمة، إلى أن تم انتدابه فى 2016 للعمل إماما للمسجد الكبير فى روما، ليكون أول إمام مصرى يجيد اللغتين العربية والإيطالية معا. مما كان له أكبر الأثر فى التفاف المسلمين وغير المسلمين حوله، ومن ثم تحسين صورة الإسلام والمسلمين فى الخارج. صلاح أبو النور أو الشيخ صلاح، كما يطلقون عليه فى روما أكد أن الهدف الأسمى من الخطاب الموجه للغرب هو توضيح صورة الإسلام وليس الدعوة بالمعنى التقليدى.. وفى حواره ل«الأهرام» فى أثناء زيارته القاهرة قال: إن الخطاب الدينى حتى يؤتى ثماره، لابد أن يكون أخلاقيا بالمقام الأول..وإلى نص الحوار: كيف كان انطباعك عندما تم ترشيحك للعمل فى الدعوة وإمامة المسجد الكبير بروما، خاصة أنك أكاديمى وتعمل أستاذا بالجامعة؟ لا شك فى أن هذا شكل مسئولية كبيرة عليّ، والفضل الأول للإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر لأنه صاحب فكرة إشراك من يجيدون اللغات الأجنبية من أبناء كلية اللغات والترجمة فى تحمل مسئولية الدعوة لإيصال الصورة الحقيقية للإسلام لغير المسلمين، وبحكم عملى أستاذا للغة الإيطالية هذا يسر لى العمل فى الدعوة وخدمة الإسلام فى إيطاليا، فعندما تتحدث مع أى شخص بلغته تكون العلاقة طيبة وتصل المعلومة بسلاسة. فإجادة اللغة وتوافر خلفية ثقافية عن طبيعة الناس الموجهة إليهم هذه الرسالة يوفر الكثير فى التواصل معهم، فالهدف الأسمى من خطاب الغرب هو توضيح صورة الإسلام الصحيحة وليس الدعوة بالمعنى التقليدى، فنحن نتوجه إليهم بطريقة خاصة تناسب الأفكار والثقافات والأيديولوجيات والخلفية الثقافية لهم، والتى تختلف عن نظيرتها فى الشرق، لذا فعلى الإمام أن يعرف منطلق الفكرة ومفهوم الثقافة .. وأنا ألقى الخطبة باللغة العربية ثم أقوم بترجمتها للإيطالية وأنا على المنبر. المسجد الكبير وماذا عن المسجد الكبير والمركز الإسلامى فى روما؟ افتتح هذا المسجد والمركز الإسلامى الملحق به عام1995، وشارك فى بنائه جميع الدول العربية، ولكن الحصة الأكبر كانت للسعودية، على أن تكون الإمامة للأزهر، أى الإمام يكون من مصر حتى يستطيع أن يوصل صوت الأزهر وبيان حقيقة الإسلام وما يتميز به من وسطية وتسامح واعتدال والمسجد يقع فى الجزء الشمالى من مدينة روما، وهو أكبر مسجد فى أوروبا، حيث تزيد مساحته على 30 ألف متر مربع، ويستوعب ما يزيد على ستة آلاف من المصلين. وهل يقتصر دور المسجد الكبير على العبادة والصلاة فقط؟ لا.. فالمسجد الكبير يعد قوة ناعمة كبيرة لمصر وللمسلمين فى أوروبا، ويقدم العديد من الخدمات الثقافية والاجتماعية، كما تقام فيه المعارض الفنية والمؤتمرات والندوات الثقافية. والمسجد الكبير يتبع جمعية لا تستهدف الربح المادي، وينحصر عملها فى مكافحة الإلحاد وتنمية العلاقات بين معتنقى المسيحية والمسلمين. كما تتولى مساعدة المسلمين المقيمين فى إيطاليا سواء من الناحية المادية أو الروحية، كما أن هناك مقبرة خاصة للمسلمين بجوار المسجد. من العمل الأكاديمى للعمل الدعوى..ما الفرق؟ بالطبع.. فكاريزما الإمام ومعاملاته أمام الناس واستيعابه الآخر تختلف عن الأستاذ الجامعى وتعامله مع الطلاب.. والحمد لله كانت لى تجارب فى إلقاء الدروس فى بعض المساجد وفى بعض المحاضرات، فكثيرا ما كنت أقوم بتفسير بعض النصوص الدينية، وهذا الأمر تطور بشكل كبير خلال الفترة التى عملت فيها فى إيطاليا، وأنا أظل أعد لخطبة الأسبوع وأكتبها عدة مرات وأعمل لها إخراجا وبروفات كثيرة، والحمد لله وفقنى الله بإقبال الناس عليّ، وأحرص على تجديد الموضوعات التى أختارها.. كما أضع نفسى مكان المستمع وفى مستواه الثقافى واللغوى حتى أستطيع أن أقدم إليه ما يحتاجه ويستوعبه. من وجهة نظرك.. ما الذى يحتاجه تجديد الخطاب الدينى؟ يجب تجديد الخطاب من خلال القول الحسن وعرض النماذج الطيبة من المسلمين، وبيان مدلولات العبادات وأهدافها، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والصيام يربى المراقبة والصدق، وهكذا باقى العبادات.. ومن ثم يجب على كل واحد مراجعة نفسه سواء مع جاره أو مع زوجته أو قريبه أو أى فرد فى المجتمع.. ويسأل نفسه: هل يؤدى حق الله فيه؟! فمن يدعُ إلى فضيلة أو ينادى بها فليبدأ فى تطبيقها على نفسه أولا ... لذا فأهم شىء لتجديد الخطاب الدينى أن نركز على الجانب الأخلاقى. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان أصدق الناس وأعبدهم وأكثرهم صوما وصلاة، لكن حينما مدحه القرآن مدحه بحسن أخلاقه فقال تعالى «وإنك لعلى خلق عظيم».. لذلك فعندما نجد الناس فى أزمة أخلاقية علينا أن نعى أنهم بعيدون عن الإسلام. فكثير من معتنقى الإسلام يسيئون فهمه، ولا يجيدون عرضه، نتيجة الجهل أو نقص المعلومات أو تشويهها، وهو ما أدى لظهور التشدد والتطرف، وما أكثر المتطرفين على وسائل التواصل الاجتماعى سواء فى الغرب أو الشرق .. لذا فإن دورنا الحقيقى هو إيصال الصورة الحقيقية للإسلام ووأد نار التعصب. باختصار ..كيف يمكن مواجهة الفكر المتطرف؟ بالفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية العطرة، وأن يظهر المسلمون حقيقة الدين الإسلامى وأنه دين الوسطية والتسامح، وأنه دين يؤمن بجميع الأنبياء.