براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    عيار 21 الآن في السودان وسعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    بعد الانخفاض الأخير لسعر كيلو اللحمة البلدي.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    4 شهداء فلسطينيين جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة "الجاعوني" بمخيم النصيرات    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    بعد استهداف رصيف المساعدات بالهاون.. أمريكا تحسم الجدل حول تورط حماس    برشلونة يعزز وصافة الدوري الإسباني بانتصار على ألميريا    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    بهذه الطريقة.. اضبط تردد قناة كراميش 2024    عبدالخالق: الزمالك قادر بدعم جماهيره على التتويج بالكونفدرالية    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    كشف ملابسات فيديو عبر «فيس بوك» لأحد الأشخاص بسلاح أبيض داخل أحد المحال بالإسماعيلية    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    مأساة الطفل أدهم.. عثروا على جثته في بالوعة بعد 12 يومًا من اختفائه بالإسكندرية    شريف الشوباشي عن مؤسسة «تكوين»: ليس لي علاقة بها (فيديو)    للرجال على طريقة «البيت بيتي».. أفضل طرق للتعامل مع الزوجة المادية    رد ناري من شريف الشوباشي على يوسف زيدان بعد تصريحاته عن طه حسين (فيديو)    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    مصر ترفض مقترح إسرائيلي بشأن معبر رفح    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    حزب الله اللبناني يعلن استهداف فريقا فنيا للجيش الإسرائيلي في ثكنة راميم    جهاد جريشة: لا بد من محاسبة من تعاقد مع فيتور بيريرا    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    الرياضيون الأعلى دخلا في العالم 2024، رونالدو يتفوق على ميسي    محمد شريف: التعادل مع اتحاد جدة ليس سيئا    تراجع سعر الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء الجمعة 17 مايو 2024    حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 17-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 17-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    «السياحة» تلزم شركات النقل بالسداد الإلكتروني في المنافذ    خصم نصف المرتب لمدة 6 شهور لهذه الفئة من الموظفين    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    الفيوم تستضيف الجلسة ال26 للجنة قطاع العلوم الأساسية على مستوى الجامعات    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    لراحة القلب والبال.. أفضل دعاء في يوم الجمعة «اللّهم ارزقني الرضا وراحة البال»    توقيع الكشف الطبي على 1161 مواطنا في قافلة لصحة البحيرة    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر الإسلامى الدكتور محمد أبوليلة : تاريخ التطرف قديم.. والإرهاب لا دين له
نشر في الوفد يوم 06 - 02 - 2019

المفكر الإسلامى الكبير الدكتور محمد محمد أبو ليلة أثرى مجال الدعوة الإسلامية بجهود كبيرة سواء داخل مصر أو خارجها من خلال جولاته حول العالم فى الدول الأوروبية والغربية.
تصدى لخصوم الإسلام من المستشرقين، فكان صوتًا أزهريًا معبرًا فى نقل صورة الدين الحنيف إلى العالم الغربى. هو أستاذ مقارنة الأديان ورئيس قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر الأسبق، حصل على الدكتوراة فى مقارنة الأديان من جامعة إكسترا بإنجلترا، داعية ومفكر إسلامى عالمى، له جهود واسعة فى مجال الدعوة والإعلام الدينى والترجمة والحوار بين الأديان والمناظرات العلمية وفى القضايا المعاصرة.
أشرف على العشرات من الرسائل العلمية، وناقش العديد منها فى الداخل والخارج، موسوعى غزير الإنتاج، له الكثير من الكتب والبحوث والمقالات باللغتين العربية والإنجليزية، منها باللغة الإنجليزية االقرآن والأناجيلب واالإسلام والعقلب واالمرأة فى الإسلامب وارسالة الأخلاق لابن حزمب، ترجمة ودراسة، االمنقذ من الضلالب للإمام الغزالى، ترجمة ودراسة، تفسير سورة يوسف تفسير القرآن الكريم، وباللغة العربية، االقرآن الكريم من المنظور الاستشراقىب وامحمد صلى الله عليه وسلم بين الحقيقة والافتراءب، واشبهات العلمانيين والرد عليهاب. االوفدب التقت المفكر الكبير وكان هذا الحوار.
● بداية.. ماذا عن كتابكم الجديد «الإسلام وشبهات العلمانيين».. وما الفكرة التى تودون طرحها من خلاله؟
- كثيرًا ما أتعقب دعاوى العلمانيين العرب وأفندها حسب المنهج، فالإسلام لا ينفعه دفاع ضعيف مهما كانت قوة العبارات وطنين الكلمات، ولم نسمع قط فى عصر من العصور إلا فى عصر الاحتلال الأجنبى للمسلمين أن الإسلام لا يفى بحاجات الدولة الحديثة، لأنه دين رجعى يقوم على العنف والجمود والتطرف، وأن تقدم الشعوب العربية والإسلامية مرهون بتبنى النمط الغربى، واتخاذ العلمانية بدلًا من الدين منهجًا للحياة وإطلاق الحريات، بل لقد بالغ بعض دعاة التقليد للغرب حين ادعى بعضهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن رجل دولة ولم يعين حاكمًا بعده وغير ذلك مما سيطلع عليه القارئ لهذا الكتاب مشفوعًا بالتفنيد والرد النقلى والعقلى عليه مدللين على تهافت العلمانيين وتزييفهم بالدعوة إلى العلمانية التى سنثبت بالأدلة فشلها وإجحاف أهلها فى حق الدين وحق الإنسانية وما نشاهده فى العالم اليوم من مآسٍ ونكبات ومن فساد وانهيار فى النسيج الحى للمجتمع الإنسانى ولمنظومة الأخلاق والقيم ليدل دلالة واضحة على إبلاس وإفلاس العلمانية، ومن حق الناس علينا أن ندافع عن الدين والقيم وعن المصالح العليا للإنسانية وهذا هو المقصد الأسمى لهذا الكتاب الذى نرجو أن ينفع القارئ ويعزز لديه المقدرة النقدية لفهم ما يراد بالدين وبالقيم الإنسانية والفطرية.
● باعتبارك أحد كبار أعلام الترجمة وأستاذًا بالأزهر الشريف كيف يمكن للترجمة أن تصحح مفاهيم الآخر عن حضارة الشرق العربى؟
- نعم.. الترجمة عامل مهم للتقريب بين الشعوب، وهى عامل مهم للتواصل، وهى لسان من لا لسان له، فالشعوب تتواصل مع بعضها البعض من خلال الترجمات من وإلى، فالترجمة بدأت مبكرًا فى العالم الإسلامى أو الخلافة الإسلامية القديمة فى العصر العباسى، بل حقيقة بدأت فى العصر الأموى، فقد كان العصر الأموى متعصبًا جدًا للغة العربية ولا يسمح بأى خلط بين اللغة العربية أو غيرها ومع ذلك فبدايات الترجمة الحقيقية من العصر الأموى ثم جاء العصر العباسى، ومع اتساع الدولة وجد السريانى والفارسى والرومى والحبشى، فالترجمة أصبحت فنًا يعتد به كالأدب وأصبحت علمًا من العلوم الإسلامية، لكن الترجمة العباسية كانت تسير فى خط واحد، وهو أنها اعتنت بترجمة كتب من الغير ولم تعتن بترجمة كتبها إلى الغير، وهذه الترجمات أثرت الفكر الإسلامى والعربى واللغة العربية، فالترجمات عبارة عن عامل مخصب للثقافة.
● ولكن لماذا لم تبرز الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية ولماذا تأخر الأزهر فى الترجمة من لغة العرب إلى اللغات الأجنبية؟
- السبب الوحيد المبرر للدولة العباسية والمبرر للأزهر هو أن اللغة العربية كانت هى اللغة السائدة فى العالم، وكانت الشعوب تتسابق على تعلم اللغة العربية وعلى الكتابة والتعليم باللغة العربية، وعلى حذو المنهجية العربية والإسلامية، فلم تكن هناك حاجة ملحة إلى أن تترجم وهذا كان من أجلّ الخدمات للغة العربية أنهم أجبروا إجبارًا أدبيًا، حيث أجبروا الدول الأجنبية التى أرادت اللحاق بركب العرب وبالحضارة العربية أن يتعلموا لغتهم وقد نجحوا فى ذلك.
● انتقد البعض كتب التراث الإسلامى بسبب ما فيها من أشياء تخالف العقل وتشوه الإسلام.. فهل أنت مع حملة تنقية التراث الإسلامى؟
- جاء النبى صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم ثم جاء من بعده الصحابة وعلماء الأمة وما بعدهم إلى اليوم، إلا أن النبى وحده المعصوم، فكل ما عداه ليس بمعصومٍ، إذ قال أو كتب شيئًا، فهو عرضة للنقد حتى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تعرضت للنقد، وأول من نقدها هم علماء المسلمين، لكن نقد علماء المسلمين لها شىء ونقد العلماء الذين يعملون للغير بأجر شىء آخر، وهذا هو المحك، فالصحابة لم يدع أحدهم العصمة، فقد قال عمر رضى الله عنه «أخطأ عمر وأصابت امرأة»، وقال أبو بكر رضى الله عنه
«إن أحسنت فأعينونى وإن أسأت فقومونى»، وهذه كلها دساتير أرساها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بالنسبة لكتب التراث فمن حقنا أن ننتقدها ولكن نقد علمى وليس نقد موضة، كما يحدث اليوم، فالنقد لابد له من أرضية ينطلق منها، بغرض العلم، أما ما يحدث الآن فهو هبَّة تحدث من حين لآخر، فلابد أن ينطلق النقد من قواعد ومدارس وفكر يؤدى إلى إقرار هذا العمل أو رفض ذلك، والإسلام يؤمن بالتغيير ويدعو إلى إعمال البصر والبصيرة فيما يعرض من أعمال، لكننى أتساءل أى تراث يريدون إلغاءه، هل فى علم الاجتماع مثل مقدمة ابن خلدون أم كتابات ابن حزم والغزالى فى علم النفس أم تراث الطب، بل إن هناك ملايين المخطوطات فى بلاد أوروبا ترجمت وانتفع بها الغرب وانطلق منها، فأى تراث يريدون إلغاءه، فهذا التراث هو قاعدة الحضارة الغربية كلها الآن، والحضارة الإنسانية كلها، فالعرب عندما جاءوا كانت أوروبا تعيش فى كهوف، وفى الغابات، لم يكن عندهم لا علم ولا أدب، وعندما نزل العرب إلى الأندلس كما تقول المستشرقة الألمانية «زيجرد هونكة» وجدوها خرائب ليس فيها حضارة ولا ثقافة فجعلوها منارة العالم كله، وكان الأمراء وأولاد الملوك يذهبون إلى الأندلس ليتعلموا، فهل بعد ذلك نلغى التراث، فهل يريدون إلغاء كتب مثل كتاب «المغنى» من 25 مجلدًا، وهل نمزق كتاب «الرسالة» للإمام الشافعى، أو حتى كتب أحمد بن حنبل وهو من كبار علماء الأمة، هل يعقل ذلك، فإذا كانت هناك أشياء لا تعجبنا اليوم فلننظر فى إطار الوقت الذى كتبت فيه حتى نحكم بشكل علمى منهجى.
● البعض يرى أن تجديد الخطاب الدينى ما زال محلك سر، وبعض العلمانيين يرون أن المشكلة تكمن فى جمود المؤسسات الدينية، مستندين إلى أن القائمين عليها لا يراعون متطلبات العصر.. فما ردكم على هذا الطرح؟
- الخطاب الدينى ليس محلك سر، لكنه سائر بطبيعته، لكن قد يكون ببطء، ونحن نتفق على ذلك، لكننى أتساءل أى خطاب دينى يراد به التجديد، وما نوع التجديد فهل أجدد فى الخطاب الدينى بحيث يعبر عن مشكلات الحاضر، فهذا وارد، بل واجب، هل أجدد فى الخطاب الدينى ليتلاءم مع لغة العصر وأعنى بلغة العصر العرف الإنسانى كله وهذا وارد أيضًا ولا بد منه، والعالم الذى لا يطور من نفسه فقد حكم على نفسه بالموت، فلو قارنا الخطاب الدينى اليوم بالخطاب الدينى فى عهد المماليك فسنجد أن هناك تغييرًا بالقطع، ولو قارنا عصر المماليك بالعصر الأموى فسنجد تغييرًا كبيرًا، إذن التغيير من طبيعة الحياة، أما التغيير بمعنى إدخال اللغة العلمانية أو أن نوجه الخطاب الدينى ليكون أوسع مما ينبغى ويستوعب الأفكار الهدامة فهذا مرفوض، وبصراحة فأنواع الخطابات كلها فى حاجة إلى تغيير فى أوطاننا، الخطاب التعليمى والاقتصادى والتربوى والسياسى والبرلمانى والدبلوماسى، فإذا تغيرت سوف يساعدنا ذلك على الارتقاء ببلادنا والتقدم للأمام، أما عن ادعاء أن المشكلة تكمن فى جمود المؤسسات الدينية فالعكس هو الصحيح، لأن المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر، تنادى دائمًا بتجديد الخطاب الدينى، وتعمل على تطويره من خلال وسائل عديدة ولا مانع لدى هذه المؤسسات ولدينا كعلماء مسلمين أبدًا أن نعترف بقصور يعانى منه الخطاب الدينى، لكننا نؤكد أن الخطاب الدينى الذى يتبناه الأزهر الشريف إنما يسعى لتوفير حياة طيبة صحية وصحيحة فى الحياة، لكننا لسنا مع من ينادون بتحرير الخطاب الدينى من القيم وإبعاده عن الدين، وهو ما يتمناه العلمانيون وأمثالهم من التيارات الفكرية الأخرى، وجذبه إلى مناطق الخطاب اليسارى أو العلمانى الذى يستبيح حرمات الدين واللغة والهوية والخصوصيات، فهذا تبديد لا تجديد إنه تنحية للدين من أشكاله وأساليبه ومضامينه ليكون المصطلح وفق مفاهيمهم.
● كيف يمكن فى رأيك فض الاشتباك بين الأزهر والمثقفين فيما يتعلق بعقوبة ازدراء الأديان؟
- لا أحبذ عقوبة ازدراء الأديان، فما أريده أن يكون الضمير هو الحارس وكذلك العقل، أما الاشتباك بين الأزهر والمثقفين فهو اشتباكات سياسية مصطنعة وليست اشتباكات علمية، فالاشتباكات العلمية -عندما كانت علمية- أنتجت لنا المذاهب الكلامية الأشعرية والماتوردية والمعتزلة، وغيرها، فالاختلاف العلمى الصحيح ولَّد عندنا مذاهب فقهية كثيرة منها المالكية والشافعية والحنفية والحنبلية، والإمام الأوزاعى بالشام والإمام ابن حزم فى الأندلس، لكن الخلاف مع الأزهر الآن لا يولد لنا إلا «غربنة»، أى التغريب، فهم يريدون أن يغربوا اللسان
والعقل، فأصبحت حدودنا الثقافية «مخترقة»، والحدود الثقافية هى التى ترسم الهوية، فإذا انساحت هذه الحدود الثقافية أصبحت دولة بلا حدود، ومعرضة للهجوم من كل التيارات من حولها.
● الإساءات المتكررة للإسلام ورموزه وعلى رأسهم الرسول الكريم.. كيف تراها وما آليات المواجهة فى نظركم؟
- الإيذاءات والتطاولات تتكرر من عهد الإسلام الأول إلى اليوم، وقد يكون إلى ما لا نهاية، أما الصعب فهو أن المسلمين عامل أساسى أيضًا فى الإساءة إلى الإسلام بصورتهم الحالية سواء من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فنحن أمة من شعوب تنطق لغة واحدة ودين واحد ونتوجه إلى قبلة واحدة وقت الصلاة، ونقرأ قرآنًا واحدًا ونتلوه ونتعلق به ونتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك تقسمت بلادنا إلى شعوب ثم إلى طوائف، وأصبح الإنسان المسلم كأنه عالم فى ذاته، لكن للأسف عالم ملىء بالسلبيات والمغالطات والمشكلات المعقدة، فأصبحنا نحن المسلمين أكبر إساءة للإسلام أما الآليات لمواجهة ذلك فلا تأتى إلا بتطهير المجرى والأرض والإعداد للإصلاح، لكننا للأسف غير مؤهلين اليوم لعمل ذلك فلابد أن نصلح أنفسنا أولًا حتى نجبر العالم سلوكيًا بتعديل موقفه تجاه الإسلام.
● كيف يمكن مواجهة الأفكار التكفيرية المتشددة؟
- مواجهة الفكر بالفكر خير وسيلة، ولابد من تنشيط الوعى الدينى ولابد من الاستعانة بعلماء الأمة الذين يحترمهم الناس فى توعية الشباب، فلابد من أن نشغل الشباب بما يفيدهم ويقنعهم، فالجيل الحالى يتعرض لتيارات عنيفة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى وغيرها.
● اتهام مناهج الأزهر الشريف بالغلو وأنها مادة خام لتشكيل بعض العناصر الإرهابية بماذا ترد على هذا الطرح؟
- تربيت على هذه المناهج من الكتاب إلى أن حصلت على الدكتوراة ولم نكن إرهابيين يومًا ما، فالأئمة الكبار أيضًا تربوا على هذه المناهج مثل الإمام عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله والعلماء كثيرون، وبالعكس اتهام مناهج الأزهر بذلك هو شىء يدعو للتعجب، فأين الإرهاب فى سلوك من درسوا فى الأزهر، الأزهر دائمًا يناصر الحق، يدافع عن البلد والشعب يقف سندًا للدولة، فالأزهر له سلطان يتعدى كل سلطات وهو الهيبة فى قلوب الناس هنا وخارج مصر.
● ما نظرتكم لما يسمى «حوار الأديان» بين المؤسسات الدينية فى البلاد العربية أو دول الغرب خاصة أنك أحد المفكرين الذين عايشت الغرب طويلًا؟
- الحوار بشكل عام من أهم خصائص الإنسانية وهو من العناصر الاجتماعية الفكرية الفعالة، والحوار هو سمة من سمات القرآن والسنة وقد وردت آيات كثيرة فى ذلك، وأساليب الحوار ومقاصده تظهر بجلاء فى قصص الأنبياء وفى حوارات النبى صلى الله عليه وسلم مع يهود المدينة ومع مسيحيى نجران والإسلام الذى نعتقده ونتعلمه ونعلمه هو دين المحبة والرحمة والإحسان والتعاون بين البشر على أساس العدل والمساواة وإنصاف الغير ومناصرة الحق وأهله، أما الإرهاب فإنه صناعة غربية يتوصل به إلى أهداف سياسية بأقل تكلفة، والمقصود من ورائه هو إضعاف المسلمين والعرب ضمن مشروع كبير يتكشف لنا يومًا بعد يوم من الحروب المستقلة فى أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا ولا نجد الرب إلا منحازًا انحيازًا كاملًا لصالح أعداء المسلمين وننظر إلى إعلان ترامب أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل لم يتمكن إعلانه هذا ومن تحقيق هدفه إلا بعد الحروب فى العالم الإسلامى وإضعاف المسلمين، والغرب دائمًا يسعى ليفرق فيسود وبينما الغرب يسعى لتمزيق المسلمين سعى ترامب بكل جهوده إلى توحيد الكوريتين الجنوبية والشمالية، أما الحوار فهو عمل سلمى لابد منه للجميع حتى لا تزداد الشعوب تباعدًا فيما بينها أكثر مما هى عليه، ولكن الحوار الذى نريده هو الحوار الخالى من الأجندات الخفية والمشاريع المعلنة أو المنبوذة لصالح المسلمين أو الرب، فبينما كان الحوار على أشده بين المسلمين والغربيين كانت الزيارات المتبادلة مستمرة، وكانت الضربات الموجعة تسدد فى صدور المسلمين وكان التدمير والخراب على أشدهما، ليس فقط فى مجال المعركة، وإنما فى الإعلام وشتى الوسائل الحديثة.
● الإسلام وحده من بين الديانات يتهم بالإرهاب وأن المسلمين متطرفون دون غيرهم فلماذا كل هذا فى رأيك؟
- التطرف لا يقتصر على اتباع دين معين، فالإرهاب لا دين له، والتطرف تاريخه قديم ولا بد أن يتجلى دور علماء الأزهر والأوقاف فى تصحيح صورة الإسلام ووسطيته ومنهجه المعتدل الذى أكده القرآن الكريم فى قوله تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس» فلا تطرف ولا غلو ولا تسيّب وحرية العقيدة مكفولة للجميع، فمن أراد أن يكون مسلمًا فليكن مصداقًا لقوله تعالى: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» ومن هذا المنطلق فإن الجاليات الإسلامية تعيش فى الخارج مع أهل البلاد الذين يعيشون فيها ولا يصرون على تطبيق عاداتهم وتقاليدهم فى بلادهم ضيوفًا عليها، أما الآن فالمسلمون يتهمون بالتطرف والغلو لأنهم لم ينجحوا فى توضيح صورة الإسلام الصحيحة للغرب، وبالتالى يتم اتهامهم بالتطرف والإرهاب.
● وهل تلعب الجاليات الإسلامية فى بلاد الغرب دورًا فى تصحيح صورة الإسلام المشوهة هناك؟
- نعم، فالتعامل الجيد والسلوك الطيب من الجاليات الإسلامية هناك يعطى انطباعًا جيدًا عن دينهم والالتزام بتعاليم الإسلام يعد عامل جذب للآخرين مع الحفاظ على تقاليد كل مجتمع هناك.
● فى رأيك من يشعل الفتنة الطائفية بين الجسد الواحد فى مصر؟
- الفتنة الطائفية وليدة قديمة منذ الاستعمار فلم نسمع بالفتنة الطائفية أيام عمرو بن العاص وما تلاه من عصور، فالإسلام عندما جاء احترم الأقباط احترامًا شديدًا وأرسى قواعدهم فى بلدهم، بل حرم الخليفة عمر بن الخطاب على المسلمين أن يأخذوا الأرض من أقباط مصر وأعاد عمرو بن العاص بطريرك الإسكندرية الذى كان منزويًا بنفسه فى الصحراء الغربية لمدة عقود من الزمن وأعاده فى موكب مهيب إلى كرسى الكرازة المرقسية فى الإسكندرية، وأرى أن الذى يقتل مسيحيًا لغرض الدين، فالدين برىء منه، والذى يهدم كنيسة هو كمن يهدم مسجدًا بل أشد ذنبًا وقبحًا، فالطائفية هى البؤرة الضعيفة التى تتجمع حولها كل السلبيات.
● أخيرًا.. ماذا يمثل لك العقاد وما ذكرياتك معه؟!
- أعتبره رمزًا لى، وأعتبر مؤلفى الجديد «أنا والعقاد» كتاب حياتى لأنه صاحب فضل علىَّ وأثر فىَّ كثيرًا، وكنت أحضر ندوته الشهيرة وحريصًا عليها، فقد وجدت تشابهًا كثيرًا بيننا فى الطفولة والشباب والشيخوخة، وهناك فصل كامل فى كتابى بعنوان «لماذا أكتب عن العقاد» وكنت أرى أنه جبهة قوية للدفاع عن الإسلام ضد خصومه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.