عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 18-5-2024 بعد آخر ارتفاع بالصاغة    كوريا الشمالية تختبر صاروخا باليستيا تكتيكيا مزودا بتكنولوجيا الملاحة الجديدة    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى 120 إلى 130 طائرة إف-16 لتحقيق التكافؤ الجوي مع روسيا    الزمالك يختتم تدريباته استعدادًا لملاقاة نهضة بركان.. اليوم    مواعيد مباريات اليوم السبت 18- 5- 2024 والقنوات الناقلة    بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالشرقية    «الأرصاد»: طقس السبت شديد الحرارة نهارا.. والعظمى بالقاهرة 39 درجة    إرشادات وزارة الصحة للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    قبل فتح اللجان، تداول امتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية بالشرقية، والتعليم تحقق    حظك اليوم وتوقعات برجك 18 مايو 2024.. مفاجآة ل الدلو وتحذير لهذا البرج    أبو علي يقود تشكيل الأهلي المتوقع أمام الترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا    محمد سامي ومي عمر يخطفان الأنظار في حفل زفاف شقيقته (صور)    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 18 مايو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    تشكيل الترجي المتوقع لمواجه الأهلي ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    الأهلي والترجي| المارد الأحمر يسعى لتقديم مهر الأميرة السمراء في رداس    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    عاجل - تذبذب جديد في أسعار الذهب اليوم.. عيار 14 يسجل 2100 جنيه    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صاروخ جديد: تعزيز الحرب النووية    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغريدات
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 01 - 2019

كل من تخطر على باله أى حماقة الآن يكتبها على الفيس بوك والتويتر وينتظر استجابة الأصدقاء والدوائر المغلقة والمفتوحة، فإذا ما كانت إيجابية، بحكم التردى المطروح على الساحات، يظن نفسه مبدعًا رغم وجود حدود فاصلة بين الكتابة والأدب.. بين الأدب وقلة الأدب.. بين الفن والثرثرة.. بين الثقافة واللاجدوى.. بين السفسطة والفلسفة.. بين الفزلكة والجهبذة.. بين الرُقى والسبهللة.. بين خرج البيوت وخرج النجف.. بين السماء والأرض.. بين شوبنهاور وشاكيرا.. بين مصطفى النحاس ومبيض النحاس.. بين سد النهضة وسد الحنك.. بين الديمقراطية والديماجوجية.. بين الانطباعية ونكش الفراخ.. بين نهج البردة وسلامتها أم حسن.. ولكن هذه الحدود للأسف لم تعد واضحة لافتقادها لمصفاة الفرز ومناخ التقييم ومصداقية النقد وأحقية القبول والرفض.. «التويتة» أو «التغريدة» يا سادة من مقوماتها: الخلاصة فى دفقة عبقرية.. الاختزال الدقيق الذى ينزع الحراشيف ليبقى على الجوهر متلألئا ألقًا.. القول الفصل. الذهاب إلى آخر المدى بالقطار الكهربائى.. شكة الدبوس التى تنبه ولا تدمى.. الهاجس والتوجس والإحساس.. الشاردة والواردة.. اللب والجوهر.. العمر فى جملة والعصر فى قصْر والسنَة فى كلمة والمشوار بأدق تفاصيله ومنحنياته وآلامه
وأوجاعه وأوهامه وأحبابه وأعدائه فى بلاغة نقطة فوق السطر.. الجهات الأربع.. نشاط الدماغ وسلاسة السرد.. المشاعر والمشاهد والشواهد.. الشمول.. الرحيق.. الدعوة المستجابة والطلقة فى الصميم.. الجمرة الشعلة البارقة الحارقة الفارقة.. الفكرة.. الخلاصة.. الاختزال الرقيق الرفيق.. نافذة على الممر.. شعاع فى طيات العتمة.. درب فى صحراء التيه.. سفارى لساحل العاج.. سيلفى مع سلطان بروناى.. هاملت يبيع القضية.. التعلب فات.. رفض فى زمن العسف.. و..أليست أحلام فترة نقاهة نجيب محفوظ تغريدات، وكل «عجبى» لصلاح جاهين تغريدة قائمة بذاتها، وفى بلاغة الموّال تغريدة، وفى الأقوال والأمثال والفتاوى والذكريات تغريدات؟! وإذا ما كانت التغريدة زقزقة طير كما فى رسمها الرمزى فإن هناك شقشقة عصفور الكناريا، والبلبل الشادى، وهديل الحمام، ودعاء الكروان، وترنيمة العندليب، وتسابيح الهدهد، وصخب البط، وكركرة الإوز، وصوصوة الكتاكيت، وصياح الديك، وضجيح أبوقردان و..نعيق البوم، وتغريدة غراب البين التى يتوِّت بها البرادعى مُغرضًا مُفسدًا مارقًا بنص لسان وقلب أسود!!
رانيا ملكة الأردن.. الأكثر متابعة بالملايين على تويتر
و..يبدو أن الكل الآن قد أصبح عصافير مغردة فوق الأفنان.. أفنان ملكية ورئاسية ودبلوماسية وفنية ودينية، حيث تعدى منبر «التويتر» كونه مجرد شبكة تواصل اجتماعى ليغدو أداة تستعين بها الدول، ويلجأ إليها الملوك والزعماء لإعلان مواقفهم الرسمية وقراراتهم المصيرية، كما أعلن بوريس جونسون وزير الخارجية البريطانى السابق استقالته عبر تويتر، وتعد الملكة رانيا أول شخصية قيادية عربية تنضم إلى تويتر ليغدو موقعها أكثر المواقع العربية متابعة من بعد وزيرة خارجية الهند، بينما تتصدر تيريزا ماى رئيسة الوزراء البريطانية لائحة المتابعة لأكثر من 5 ملايين متابع، ويليها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أكثر من 3 ملايين هذا بينما هناك رؤساء لا يشغلون مواقع على التويتر مثل كل من الرئيس الفلسطينى محمود عباس والرئيس الجزائرى بوتفليقة، وهناك حكومات 6 دول هى «لاوس وموريتانيا ونيكاراجوا وشمال كوريا وسويسرا وتركمانستان» ليس لديها أى تمثيل عبر تويتر، بينما هناك 187 دولة أى ما يعادل 97٪ من بين 193 دولة لها عضوية فى الأمم المتحدة لديها حسابات رسمية بأسمائها على تويتر.. ويحظى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأكبر عدد من المتابعين على تويتر بين قادة العالم فلديه حتى ديسمبر الماضى 53 مليون متابع متفوقا على البابا فرنسيس الذى أصبح بالرقم 47 مليون متابع يحتل الدرجة الثانية.. و..مع طلعة كل شمس يجلس ترامب فى مكتبه الدائرى بالبيت الأبيض يحتسى فنجان الشاى ويتوّت بكلمات ترسم مصير العالم خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة متجاوزًا الكونجرس والبنتاجون والأمم المتحدة وأم أربعة وأربعين، وعلى هدى اتجاه ريح تويتاته اليومية الصادمة الصاخبة يقوم ناس ويقعد ناس وتنفرد دول وتتقزم دول وينسد النظر بالحائط الحدودى السد وتنضب آبار وتجف أنهار ويتجول المدعوق بفرحة الانشطار ويتخاذل الفتوات وتنتقل السفارات وتتقلص المعونات وتنسحب القوات و.. تلوذ هيلارى كلينتون بصدفتها لا تغادرها إلا لأداء واجب العزاء والتهانى، فتحضر جنازة بوش الأب بملابس الحداد وترتدى السارى الهندى فى زفاف ابنة أغنى مليونير فى بومباى بلغت تكاليفه الترفيهية للمدعوين مائة مليون دولار.
وسط أصداء التغريدات أجدنى كلما وجهت عينى نحو ذخائر صفحات ملأتها أقلام الأفذاذ لتسكن الرفوف يغطيها التراب فى زمن انحسرت فيه القراءة وفقدت اللغة العربية مكانتها وتقزّم إعرابها بنحوها وصرفها وحالها وجرها ومجروروها والمضاف إليها، ورحل معرض الكتاب لآخر المدينة.. أجدنى.. رسالتى.. الخروج بتغريداتها المحبوسة سنين بين السطور المكلومة للفضاء الخارجى.. لعالم «التويتر».. فربما.. نقول ربما.. من حاصل المقارنة تفتح أبواب المتابعة التى تلهث الآن خلف سقط الكلام بالملايين لما هو أفضل وأحسن وأشمل وأجدى وأنفع وأوقع.. والعينة بيّنة:
• فى 8 ديسمبر 1979 كتب د. يوسف إدريس: «الديمقراطية الحقة هى إسقاط لأقنعة المجاملة ولو حتى مجاملة الأصدقاء، وأن يقول كل منا رأيه فى وجه الآخر وعلنًا حتى لو كان رأيًا غير متكامل أو مجرد انفعال وقتى.. فكرة الرأى حين تتقاذفها أوجه النظر المتضادة تنمو وتتكامل وممكن بالحوار على أساس أن نعرف حقًا آداب الحوار أن تنبثق من خلال هذه الكرة المتبادلة وجهة نظر جديدة تمامًا لم تكن تخطر لأى منا بمفرده، ولم تكن لتوجد إلا بقيام ذلك الحوار الصحى، بل حتى مع الاختلاف العنيف فى وجهات النظر، فالحقيقة دائمًا جدلية الأصل، جدلية السلوك، ولا يمكن الوصول إليها إلا برؤيتها من أوجه مختلفة».
• محمد حسنين هيكل عام 1952: «غبت أيامًا عن الوطن، ولكن وطنى لم يغب عنى.. كنت أنظر إليه من بعيد.. ما أجمل ما بدت مصر وعيناى تتجهان إليها من أقصى الأرض.. إن اللوحة الفنية تبدو أبهى وأروع ما تكون حين ننظر إليها من بعيد.. إن الألوان والظلال على البُعد تتمازج وتتفاعل لكى تخلق الجو المعبّر.. أما التفاصيل الدقيقة.. فقاقيع اللون.. ذرات الغبار العالقة بالأصباغ، فإنها تشحب وتتلاشى وتختفى تمامًا.. لقد كان وطنى من بعيد كالصورة الفنية من بعيد.. لم تكن تبدو منه وأنا أمد بصيرتى إليه عبر نصف الكرة الأرضية غير القسمات البارزة والخطوط العريضة.. من هناك على البُعد اختفت التفاصيل الصغيرة.. بدت معالم القوة وضاعت معالم الضعف.. بدت مصر وطنًا متحركًا.. لم تظهر الأحقاد والأطماع الكامنة فى النفوس.. لم تظهر الكراهية التى تأكل الصدور.. لم تظهر الأخطاء التى لا مبرر لها.. ما كان أبهى مصر وأروعها وأجملها.. من بعيد!»
• محمد عبدالوهاب عام 1999: «أحب الحياة.. الموت حق والحياة باطل هذا صحيح، لكنه الحق الوحيد الذى أكرهه، والحياة هى الباطل الوحيد الذى أحبه، حب الحياة ليس أن نأكل ونلهو ولكن أن نعمل ونناضل وأنا متمسك بحياتى ونضالى، وأخاف أن أفقد الشعور بالحياة»، ولهذا أقاوم النوم الذى استعمله مثل البنج لاستئصال الحياة من نفسى فترة من الوقت، وعندما أفيق من البنج أى النوم أحس بشعور المريض الذى أفاق من التخدير وأصبح فى حالة طبيعية، ومثل هذا البنج تعاطيته فى طفولتى عندما سافرت للعمل بالسيرك فى دمنهور وعمرى 11 سنة وصفق (الدماهرة) طويلا للطفل القزعة الذى يغنى وذهبت آخر الليل لصاحب السيرك لأسأله عن المكان الذى سأنام فيه فنظر إلى بعطف قائلا: يا ابنى انت لسه صغير وصحتك مش حتحتمل برد، ادخل نام مع الحمار فى الزريبة وبلا مناقشة كنت أدخل لفرشتى ليلاتى مرهقًا مكدودا».
• الكاتبة الجزائرية أحلام مستجابنى: «الأعياد دوّارة.. عيد لك وعيد عليك.. إنّ الذين يحتفلون اليوم بالحب، قد يأتى العيد التالى وقد افترقوا، والذين يبكون اليوم لوعة وحدتهم، قد يكونون أطفال الحب المدللين فى الأعياد المقبلة.. علينا فى الحالتين أن نستعد للاحتمال الآخر».
• الناقد صلاح فضل: «تشرذم الشعراء فأصبح كتّاب قصيدة النثر هم الشيعة، وكتّاب القافية والعمودى هم السُنَّة، وبين الفريقين صراعات كبيرة، وتصور الشباب أنهم ليسايروا الحداثة عليهم أن يعتلوا الجرس الموسيقى، وينفروا من الكلمات ذات الإيقاعات الجميلة التى تُحدث التواصل الجمالى مع المستمع، ومن ثم استغنى الشعراء عن الجمهور واكتفوا بأنفسهم».
• معاوية بن أبى سفيان: «إن ثلث الحكمة فطنة، وثلثيها تغافل».
• سمير عطاالله متحدثًا عن الحبيب بورقيبة: «امتدت حياته مع بداية القرن الماضى وانتهت مع أيامه الأخيرة. كان بإمكانه السيطرة على مشاعره أو البوح بها، وكان يستطيع أن يذرف الدمع لساعته، وأن ينتقل دون تمهيد من الغضب إلى الرأفة والبكاء، وكان يتقن الخِطابة لدرجة مسرحية ويعرف متى يرفع ذقنه ومتى يحملق وينتقل من اللهجة المؤثرة إلى الأسلوب الهزلى، ومن الوعظ والتأنيب إلى التواضع الجم، ومتى يتعاظم كالأسد، ويتمسكن كالسائل إلى ربه، وكان عشية أى خطاب يأكل القليل ويظل يتمشى فى الأروقة على مهل، ويقضى ساعات منغمسًا فى تأملات عميقة يتخللها غالبًآ الترنم بأغان قديمة، ولم تكن خطاباته مفرطة فى طولها، ولا يستمع ثانية لما ألقاه، ويلبس الطربوش الأحمر للتعويض عن قصر قامته، ويحمل وشاحًا أبيض ليحدّد إشراقة وجوده على الخلفية الداكنة أمام الجماهير المحتشدة».
• أنيس منصور عن البوصيرى: «كان الرجل نصف مشلول وفى نومه رأى النبى ولمسه بيده الكريمة، ونهض الرجل الصوفى القائل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم ألقى عليه (بردة) أى ثوبا. ووجد البوصيرى نفسه ينظّم قصيدته الجميلة التى اسمها البردة فى 182 بيتًا، ولم يكملها مرة واحدة، وإنما توقف قبل نهايتها ويقول إنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم مرة أخرى فأكمل له أحد أبياتها.. ولم تنتشر قصيدة (فى مدح الرسول) كما انتشرت بردة البوصيرى التى تُرجمت إلى كل اللغات وقلدها مئات الشعراء، وأشهر الذين قلدوها أمير الشعراء شوقى فى قصيدته المعروفة (نهج البردة) أى على نهج البردة والتى تغنى أم كلثوم بعض أبياتها، والبوصيرى فى قصيدته يطلب من الناس أن يعذروه فى حب الرسول وأهل البيت قائلا:
يا لائمى فى الهوى العذرى معذرة
منى إليك ولو أنصفت لم تلم
وقبل البوصيرى قال الشاعر ابن الفارض:
يا لائما لامنى فى حبهم سفهًا
كف الملام فلو أحببت لم تلم
وبعد البوصيرى قال شوقى:
يا لائمى فى هواه والهوى قدر
لو شفك الوجد لم تعذل ولم تلم
• الكاتب الصحفى اللبنانى فؤاد مطر لزملاء وزميلات المهنة: «لا تقتحم هذا الميدان إلا عن اقتناع وعن حُب يتساوى رونقه مع حُب المحبوب لمحبوبته، وشوق الأُذن والنفس المثقلة بتعب الدنيا لأصوات الكنارى، وتوق الوردة لمن يقطفها لتكريمها عند وضعها فى أحلى مزهرية وشمّها على نحو شم نسائم الربيع أو شمّ الأم لوليدها الذى أبصر النور، أو شمّ الابن البار لعبق رائحة والدته بعد أن تكون قد أدت فريضة الصلاة، وليس هذا كل شيء، فالحب لهذه المهنة لا يعترف بالملل والضجر ولا بتعدد المحبوبين، وإذا شعرت بأن العيش الأبدى داخل هذا القفص أمر من الصعب أن يتحمله مخلوق، فنصيحتى الابتعاد، فضلا عن أن مهنة الصحافة لها خاصية القدرة على كشف المتحايلين منذ الخطوات الأولى، ومن المهم ألا تخطئ مع الآخرين، أما أن يخطئ الآخرون معك فهذا سيجعل موقفك أكثر قوة، وفى مهنة الصحافة تتكاثر الأخطاء التى تصل أحيانا إلى درجة الخطايا.. وليس أبشع من الخبر الكاذب سوى بشاعة التكذيب، وهذا معناه أن التروى فى نشر أى خبر بعد التأكد من صحة مصدره ومضمونه كفيل بتفادى الاضطرار إلى التكذيب الذى ليس لمصلحة الصحفى والمطبوعة معًا».
• بنت الشاطئ حول فقيهات التراث الإسلامى والعربى: «منهن السيدة نفيسة التى تلقى عنها الإمام الشافعى نفسه العلم والأحاديث النبوية الشريفة قبل رحيلها فى 208ه، والسيدة الشريفة البغدادية ومن تلاميذها الحرانى وغيره ووفاتها فى 574ه، والسيدة زينب بنت الشعرى وتكنى ب«أم المؤيد» وشهد لها بالعلم والفضل الإمام الزمخشرى، ومن تلاميذها المؤرخ العلاّمة ابن خلكان مؤلف «وفيات الأعيان» ورحلت فى 615ه، والسيدة فاطمة بنت سليمان الأنصارى الدمشقى العَالِمة والمُحدثة العظيمة، ومن تلاميذتها «الصفدى» وغيره وتوفيت فى 708ه، والسيدة زينب السلمية حفيدة سلطان العلماء العزّ بن عبدالسلام، وشهد لها المنصفون فى عصرها وبعد عصرها وتميزت برواية «الجامع الصغير» للطبرانى ووفاتها فى 735ه، والسيدة زينب المقدسية التى شهد لها الإمام الذهبى بالعلم والفضل وتتلمذ عليها الرحالة المشهور ابن بطوطة الذى وصفها بأنها كانت «رحلة الدنيا» ووفاتها فى 740ه، والسيدة جويرية بنت أحمد التى قال فيها العلامة ابن حجر ما نصُّه: «وسمع منها بعض مشايخنا وكثير من أقراننا»، ورحلت فى 782ه، والسيدة زينب بنت عثمان الدمشقية التى توفيت عام 800ه مشهودًا لها بالعلم والأستاذية فى علوم السُنة وممن تلقوا عنها ابن حجر العسقلانى، والسيدة عائشة محمد عبدالهادى وكانت مرجعًا لكثير من علماء الحديث بدمشق فى أواخر القرن الثامن الهجرى وأوائل التاسع ورحلت فى 810ه».
• «لا تهدر وقتك فى نصح العشاق، فللحب أخطاء أبدية واجبة التكرار».
• العقاد فى كتابه «الحب» الذى أطلق على نفسه فيه اسم «ّهمام»: كان همام قانعًا بالمودة الهنيئة الوادعة بينه وبينها، إن حضرت سرّه حضورها وإن غابت لم يغضبه غيابها، لا يفرض عليها حقًا ولا يحسب أنها تفرض حقا عليه، ويتصلان وينفصلان ولا قلق فى الأمر ولا استطلاع ولا استكراه، لها وقتها كله وله وقته كله، إلا ما يشتركان فيه من الوقت فهو لهما على السواء، بلا اقتسام ولا جور ولا اعتداء.. غير أنها لم يعجبها هذا الجدول المترقرق المنساب، وأبت إلا أن تراه شلالا يعج ويثور ويضطرب ويمور، فنصبت فيه الحواجز وأقامت فيه الصخور. وأخذت تحاسبه وأخذ يحاسبها، وشعر بالتضييق عليه، وأنشأ يتعود أن يفكر فيما تصنعه وفيمن تلقاه أثناء غيابها، ويتعود أن يسألها وأن يتحرى حركاتها وألا يقنع منها بما دون الاستئثار والتفرد.. وانقلب الجدول الهادئ المنساب رويدًا رويدًا فغاب منه الحمل الوديع وبرز فيه الأسد المتحفز، ولو ظل كما كان جدولا وديعًا لصفا واسترسل، أو لانتهى كما ينتهى النهر إلى مصبه فى رفق وحنين».
• الشاعر أمل دنقل فى أيامه الأخيرة: «نحن مرضى نعيش فى مملكة البياض، نقاب الأطباء أبيض.. لون المعاطف أبيض.. تاج الحكيمات أبيض.. أردية الراهبات الملاءات لون الأسرة أربطة الشاش والقطن قرص المنوم أنبوبة المصل كوب اللبن حتى إذاما سألت الطبيب عن حالة مريضك أجابك بأسنانه البيضاء: زى الفل، والفل أبيض، ومريضك سيكفن أو كفن بالفعل بكفن أبيض».
• أبوالقاسم الشابى فى «إرادة الحياة»:
ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر فى جوها واندثر
هو الكون حىّ يحبُّ الحياة ويحتقر الميْت مهما كبر
فلا الأفق يحضن مَيْتَ الطيور ولا النحل يلثم ميت الزَّهر
• الإمام أبو حامد الغزالى وعطفه المذل المهين للمرأة: «من أحب أن يكون مشفقًا على زوجته، رحيمًا بها، فليذكر أن المرأة لا تقدر أن تطلقه، وهو قادر على طلاقها متى يشاء، وأنها لا تقدر أن تأخذ شيئا بغير إذنه، وهو قادر على ذلك، وأنها مادامت فى عصمته لا تقدر على الزواج من سواه، وهو قادر على أن يتزوج عليها، وأنه لا يخافها وهى تخافه، وأنها تقنع منه بطلاقة وجهه وبالكلام اللين، وهو لا يرضى بجميع أفعالها، وأنها تفارق أمها وأباها، وجميع أقاربها لأجله، وهو لا يفارق لأجلها أحد، وأنه يقدر أن يتسّرى ويختص بالجوارى دونها، وأنها تخدمه دائمًا وهو لا يخدمها، وأنها تتلف نفسها إذا كان مريضًا، وهو لا يغتم لها ولو ماتت!!»!!!!
• «فى كل مطار ينتصر الفراق وتنفرط مسبحة العشاق»
• الكاتب غسان شربل فى «الشرق الأوسط»: «الدول الصغيرة تغيرها الأدوار الكبيرة، تجد فيها نوعًا من الثأر مما تعتبره (ظلم الجغرافيا).. تعتقد أحيانًا أن الدور يوسع الخريطة ويحميها، وتستسلم لمتعة اللعب على ملاعب الآخرين. ومشكلة الأدوار الكبيرة أنها جذّابة وكثيرًا ما توقِع فى الإدمان، ومن الصعب إقناع المدمن بالعودة إلى دور يوازى حدود الخريطة، وفى الغالب لابد من العلاج بالصدمة».
• «فى الرقص كما فى الموت لا نحتاج إلى أحذية».
• ابن عربى: «إلهى.. ما أحببتك وحدى لكن أحببتك وحدك».. «أنت أيها الإنسان. أنت المصباح والفتيلة والمشكاة والزجاجة».. «تأمن من كل شىء إذا أمن منك كل شىء».. «كل حب يزول ليس بحب»، «الإنسان عالم صغير، والعالم إنسان كبير».. «يأتى باللين ما لا يأتى بالقهر، ولا يأتى بالقهر ما يأتى باللين».. «الحجاب الذى عليك منك».. «السفر إذا لم يُسفر لا يعوّل عليه».. «السهر من غير سمر لا يُعوّل عليه».. «الخاطر الأول لا يخطئ».. «يا حَذرى من حذرى».. «من لا حكمة له لا حُكم له».. «من غفل أفل».. «كانت الأرحام أوطاننا فاغتربنا عنها بالولادة».. «تعظيم خلقه تعظيمه».. «إعط الصغير حقه».. «ما حياتى بعدكم إلا الفناء».
• عن المطرب الجيد فى تراث الغناء العربى من كتاب اسحاق الموصلى: «هو الذى يشبع الألحان، ويملأ الأنفاس، ويعدل الأوزان، ويفخم الألفاظ، ويعرف الصواب، ويقيم الإعراب، ويستوفى النغم الطوال، ويحسّن مقاطع النغم القصار، ويصيب أجناس الإيقاع ويختلس مواضع النبرات، ويستوفى ما يشاكلها من النقرات».
• فيروز سفيرة الغناء على مدى خمسين عاما فى عواصم العالم العربى: «أحمل اعتزازا خاصا بشهادة الزعيم جمال عبدالناصر الذى كتب عنه الأستاذ هيكل إنه كان يحب سماع صوتى ويعتبر من أخطاء المصادفات أننى ولدت خارج مصر. أغنى لمكة وللقاهرة ولعمان ولبغداد وأغنى لبيروت ودمشق. غنيت على أعلى جبال لبنان فى الأرز فلفنى الضباب وغطى الجمهور فتحول الليل إلى زمن من أزمنة الجنة. فى الغربة يفرحون بحضور الوطن فى ذاتى، وأشعر بالأمان فى وجود أى عربى فى قاعتى. الحسد مثل الجمرة الحارة بتمر على وجهى هيك بشعر بها. الحسد عشته وقاسيت منه وبصلى كتير لله يحمينى منه. دائمًا اسأل نفسى: ليه فيه ظلم كثير بالدنيا ما لاقية جواب، ليه بقت الدنى غير الدنى. الخجل جزء منى ما بقدر الهروب منه، وشيئا من الخجل ضرورى مثل نتفة بهار. بخاف من الارتفاع وأخاف من الشرفة ما أحب أقف فيها خاصة قريبة من السور. لما راح نصر شمس الدين فىّ شىء بفنى نقص، وهناك شيء منى نقص مع عاصى، ولكن هناك شىء من عاصى باق معى. والدى وديع حداد، زلمة درويش كان عاملا فى المطبعة، أمى ليزا بستانى من بلدة الديبة فى الشوف، وجدتى كانت طيبة تأتى بالأعياد محملة بأكياس اللوز ترتدى تنورة بجيوب واسعة وفى نهاية الزيارة أروح معها بلدتها فى البوستة أنط جنبها وأنا لا أعرف لوين رايحين.. فى انشغالى أجدنى أغنى هو صحيح الهوى غلاّب وشط اسكندرية.. على الإنسان أن يملأ عينيه بالذين يحبهم قبل أن يملأها التراب.. قبل الفراق يظن الإنسان أنه شاهد الذين يحبهم بما يكفى، ويأتى الفراق ويعرف أنه ما شافهم كفاية».
• الشيخ محمود شلتوت: «كانت فتواه مفاجأة مفرحة للمسلمين فى كافة بقاع الأرض عندما أفتى ليس بإتاحة الغناء والموسيقى بكل ألوانها ولكن بالدعوة إلى تعلمها ومعرفة أصولها، فالغناء والموسيقى الأصل فيهما الحل، والحرمة عارضة، وحب اللذة: غريزة فطرية فى الإنسان، والشرع ينظمها دون قمع ولا إفراط، وجميع ما قيل بشأن التحريم ضعيف، أو يتحدث عن توظيف الغناء والعزف فى المحرمات، وأضاف شلتوت أنه قد نقل عن النبى صلى الله عليه وسلم، ثم كثير من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء أنهم كانوا يسمعون ويحضرون مجالس السماع البريئة من المحرمات، وكان الشيخ حسن العطار شيخ الجامع الأزهر فى القرن الثالث عشر الهجرى ذا ولع شديد بالسماع، وعلى معرفة بأصوله، ومن كلماته فى بعض مؤلفاته: (من لم يتأثر برقيق الأشعار، تتلى بلسان الأوتار، على شطوط الأنهار، فى ظلال الأشجار، فذلك جلف الطباع حمار)».
• رجائى عطية رجل القانون والقلم: «التسبب والتبرير» يوجب القانون كتابة أسباب للأحكام، لذلك يلتزم القاضى بكتابة هذه الأسباب تسبيبًا لحكمه، ولكن هناك فارقًا يدركه العارفون بين التسبيب والتبرير، فلا يلتزم القاضى إلا بالتسبيب لا بالتبرير. وليس محمودًا أن ينشغل القاضى بتبرير حكمه.. ففضلا عما فى ذلك من تزيُّد غير مطلوب، فإنه قد يؤدى إلى مزالق وبلبلة! لا يشفع فيها ضغوط الرأى العام أو الانشغال بالتبرير له! وتكون الأحكام بمأمن وكذلك القضاة إذا التزمت بالتسبيب لا بالتبرير. هكذا علَّمنا القانون والتقاليد القضائية وخبرة السنين وحنكة المعرفة والحياة!».
• توفيق الحكيم يُعلن الصمت: «سألزم الصمت وأطرح هذا القلم ومتاعبه.. وأبحث عن شيء آخر أشغل وقتى به.. ومن سوء حظى إنى لم أهتم بلعبة (الطاولة) وهى التى اعتاد الشيوخ وأصحاب المعاشات أن يشغلوا فراغهم بها على المقاهى.. وبهذه المناسبة أنصح المسنين بأن يفكروا فى مستقبلهم هذا غير السعيد وأن يستعدوا له بهواية تشغل فراغهم إلى أن يحين موعد الرحيل الأخير.. والحمد لله أن جاءتنى نصيحة من محب يقيم فى البلد الشقيق (السودان).. حملها إلى نخبة من الشباب السودانى المثقف، وقد علموا أن نومى الآن قليل، وأنى أستيقظ فى الثالثة صباحًا ولا أدرى ما أصنع حتى يطلع الفجر.. خصوصا الآن وقد استبعدت فكرة الكتابة.. وكانت النصيحة من شقيقنا السودانى هى أن ألجأ إلى صلاة الثلث الأخير من الليل.. وهى سُنة لا يتبعها الكثيرون من المؤمنين.. وقد بدأت القيام بها.. ولكن لأن الساقين عندى تحت العلاج فإنى لا أحسّن السجود.. وإذا سجدت فإنى لا أستطيع النهوض. وطبيبى إذا علم بذلك سوف يؤكد أن هذه الصلاة مفيدة للعلاج.. ولكنى تذكرت أن الدين يسر لا عسر.. وأن بإمكانى الصلاة وأنا جالس، وأن الوضوء فى برد الليل إذا أضرنى فإنى أستطيع أن ألجأ إلى التيمم.. والله اسأل أن يهدينى هو إلى الصواب ولا يلجئنى إلى استشارة رجال الدين، ولن أجد عندهم إلا التشدد والتخويف بجهنم ونحن على أبواب الصيف والعياذ بالله!.. وحسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال «خير دينكم أيسره».. قالها ثلاثا..
• حنا مينا الروائى السورى الذى رحل بلا مفاجأة بعد بلوغه الرابعة والتسعين فقد ولد فى مدينة اللاذقية عام 1924 وعاش طفولته البائسة فى حى «المستنقع»، وبقى يردد أنه أصبح أديبًا بالصدفة بعد 44 رواية، وبقدر ما أحب سوريا ناضل فى سبيلها من زمن الانتداب وبعدها ليسجن تسع مرات، وينفى ثلاثا، وعمل فى جميع المهن من الحلاقة للعتالة للصحافة ليغدو لقبه (هيمنجواى العرب) و(أديب البحر) بعدما تعددت كتبه عن الأزرق: نساء المرافئ، والشراع والعاصفة، وخمّارات الموانى، والصيادين، والمرصد، وحكاية بحار.. وكانت روايته (المصابيح الزرق فى 2008 بمثابة الفتح العظيم على عالم الشهرة.. كتب فى وصيته عام 2008 ونشرتها بعض الصحف المحلية أن يتم التعاطى مع نبأ موته ببساطة تشبهه، ومما جاء فى الوصية: (عندما ألفظ النفس الأخير، آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يذاع خبر موتى فى أى وسيلة إعلامية، فقد كنت بسيطا فى حياتى، وأرغب أن أكون بسيطا فى موتى.. لا حزن، لا بكاء، لا سواد، لا للعزاء بأى شكل ومن أى نوع فى البيت أو خارجه، ثم، وهذا هو الأهم، وأشدد: لا حفلة تأبين، كما جرت العادات فهى منكرة منفرة مسيئة إلىّ، أستغيث بكم جميعًا، أن تريحوا عظامى منها».. ومعذرة لعدم الاستجابة للوصية نظرأ لأهمية الموصى صاحب «المصابيح الزرق» و«الأبانوسة البيضاء»!!
• ويغرّد نجيب محفوظ فى أحلام فترة النقاهة مشيرًا إلى الطبقة الوسطى بوصلة مصر ورمانة ميزانها التى انزوت فى بئر السلم ما بين البدروم والدور الثانى الذى احتلته طبقة جديدة لا جذور لها تقدم إحسانها لعزيز قوم ذل: «أخيرًا اهتدينا إلى مأوى فى الدور التحتانى من بيت قديم ولكن سرعان ما اختنقنا برطوبته وظلمته وسوء مرافقه فسعينا من جديد حتى نقلنا إلى الدور الفوقانى وهو أفضل من جميع النواحى غير أن السماء أمطرت بغزارة غير معهودة فانسابت المياه من الأسقف فاضطررنا إلى تكويم العفش وتغطيته بالأكلمة وغادرنا الشقة إلى بير السلم فشعر بنا ساكن الدور التحتانى الجديد فخرج إلينا ودعانا بإلحاح لا يرَد إلى الداخل حيث الدفء والرعاية».
• وجاءت تغريدة صلاح جاهين تحمل العجب:
«فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد
منين منين ولفين لفين يا جدع
قال من بعيد ولسّه رايح بعيد»
عجبى
• مصطفى سامى زميل صحافة الأستاذ هيكل فى كتابه «الكاشف» الذى تجول فيه بالمشرط والقلم ينكأ جراحًا ويزيل أستارًا ويكتب تاريخًا (أهرام القرن ال21): «الأستاذ محمد حسنين هيكل بصماته طبعت على كل شىء من عام 1957 حتى 1974 الإدارة والتحرير والإعلان، ولا أبالغ عندما أقول إن هذه البصمات طبعت على صحفيين وعلى أقلام.. جاذبية الأستاذ وقوة تأثيره على الصحفيين بالأهرام كانت كاسحة، بعضهم حاول تقليد أسلوبه فى الكتابة وآخرون قلدوا طريقته فى الحديث وهناك من اختاروا ملابسهم أقرب ما تكون إلى ملابسه ولا أبالغ إذا قلت إن من بين المعجبين من كانوا يقلدون ربطة عنقه. لكن كانت هناك مجموعة لديها حصانة من سطوة وتأثير الأستاذ رفضت سيطرته المطلقة وسياساته الفردية فى إدارة تحرير الجريدة وإن لم تسمح لها الظروف بالتعبير عن هذا الرفض، فآثرت الصمت والابتعاد ضمانًا للسلامة واكتفت بمتابعة كتاباته ودروسه»..
سلم قلمك يا مصطفى من بعد مشرطك فى تساؤلك: ماذا حدث للصحافة المصرية؟ ولماذا فقد القارئ ثقته فى الصحيفة؟ ولماذا سقطت المؤسسات الصحفية القومية فى مستنقعات الإفلاس والفساد وأصبحت اليوم تمد أيديها للحكومة لدفع مرتبات العاملين».. يا عزيزى مصطفى إننى لم أزل أذكر الأستاذ هيكل عند انتقالنا لمبنى الأهرام الجديد فى شارع الجلاء يدور فى مقعده الوثير ناظرًا بثقة للنوافذ البلورية المحيطة الشاهقة قائلا بتفاخر: سوف تكون الأهرام قلعة الصحافة والاستنارة فى الشرق الأوسط كله وسيجتمع على صفحاتها أقلام جميع رموز الفكر فى العالم العربى بكل اتجاهاتهم.. وقد كان.. و..كان اللى كان!!


[email protected]
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.