تحت دير سانت كاترين يمتد الوادى الضيق الذى ينتهى بجبل تجلى له الله، ثم تعرج منه إلى جبل موسى حيث تكلم الله، وهنا أيضا جبل كاترين بقمته الأقرب إلى السماء بين قمم الجبال المصرية. دقات جرس كنيسة دير سانت كاترين سمعها منصور الجبالى أحد الجمالين الذين ينقلون الزوار والسائحين إلى الجبال المقدسة، فذكره الجرس، بأن موعد صلاة الظهر قد حان وقتها، فهو يعرف جيدا مواعيد هذه الدقات التى تبدو كالهمس فى ذلك الفراغ بين جبال الوادي، أناخ منصور ناقته وأخرج من رحلها زمزمية الماء وشرع فى الوضوء ثم قام استقبل القبلة وصلى الركعات الأربع على سطح صخرة منبسطة قليلا بين صخور الوادى الممتد من الطريق الرئيسية وحتى سفوح الجبال. وليكن فى علمك كزائر لهذا المكان، أنه هو المكان الوحيد على الأرض الذى تكلم فيه الله وتجلى وقد جاء ذكره مرارا فى القرآن الكريم، حيث الوادى المقدس طوى والبقعة والمباركة عند الشجرة وجانب الطور الأيمن، إنه المكان الذى يقدسه أتباع الرسالات الثلاث من مسلمين ومسيحيين ويهود. وفى الوقت الذى صلى فيه منصور، شرع رهبان الدير داخل الكنيسة فى ترتيل صلواتهم ووقف الزوار على أحد أبواب الدير يرقبون هذا المشهد المهيب الذى أدهشهم ولكنه فيما يبدو يتكرر كثيرا فى هذا المكان المقدس. هنا آخر محطات الأرض بعد أن تبرحها، كأنك تتجه فى رحلة قدسية إلى السماء، حيث الصمت الرهيب تتخلله دقات أجراس وهمسات صلاة ورغاء إبل تصعد المنحدرات فى رحلاتها التى لا تنقطع فى سفوح الجبال المقدسة.