2019.. عام غير عادى مليء بالاحداث التى تترقبها دول الاتحاد الأوروبى الذى يبلغ عددهم مؤقتا 28 دولة. فمن المتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبى فى خطته لإتمام خروج المملكة المتحدة من عضويته بحلول شهر مارس المقبل ليصبح عدد الدول الأعضاء فيه 27 دولة. وإلى جانب خروج بريطانيا التى تعد من مؤسسى الكتلة الأوروبية، التى بدأ تكوينها بعد الحرب العالمية الثانية، ينتظر الاتحاد الاوروبى حدثا أكثر أهمية وهو إجراء الانتخابات البرلمانية فى شهر مايو القادم فى الفترة من 23 وحتى 26 من نفس الشهر. ويعد البرلمان الأوروبى هو المسئول عن وضع التشريعات التى تسير عليها هذه الكتلة الأوروبية، لذا فالتكوين الأيديولجى للبرلمان يؤثر بصورة كبيرة على سياسة القارة بأكملها. وتشير التوقعات إلى أن الأحزاب المحافظة ستحصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، يليها فى عدد المقاعد الأحزاب الاجتماعية والديمقراطية والتى تمثل أحزاب اليسار الوسط. ومن المتوقع أن ترتكز أجندات المرشحين لعضوية البرلمان على القضايا التى تخص الشأن الداخلى الاوروبى، كما ينتظر المواطنون الأوروبيون تلك الانتخابات، إما لمكافأة أو معاقبة حكوماتهم الوطنية، ولهذا تعد تلك الانتخابات بمثابة إختبار لمدى شعبية الأحزاب الحاكمة والمعارضة. وعقب إجراء الانتخابات البرلمانية، واختيار 751 عضوا هم عدد أعضاء البرلمان الذى يمثل نحو 500 مليون مواطن أوروبى، سيتم تشكيل المفوضية الأوروبية ورؤساء كل من البنك المركزى الأوروبى والمجلس الأوروبى، ليكتمل النصاب لهذا الكيان الكبير. وبالطبع ستؤثر الانتخابات البرلمانية على اختيار الرئيس القادم للمفوضية الأوروبية، وهى الذراع التنفيذية للاتحاد. وستتسلم المفوضية الجديدة مهام عملها فى نوفمبر 2019 لمدة 5 أعوام. وقد تم اختيار رئيس المفوضية المرة السابقة عام 2014 من الحزب الذى يحظى بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية، وهى الآلية التى لا تستند لأى مادة فى مواد اتفاقيات نشأة الاتحاد، وهى الآلية التى تحظى بجدل كبير ما بين مؤيد ومعارض. تعد هذه هى المرة الأولى فى تاريخ الاتحاد الأوروبى التى يتم فيها تغيير كل مقاعد ومناصب المؤسسات داخل الاتحاد بأكملها فى عام واحد. وفى الوقت الذى يمثل ذلك خلق نظام سياسى جديد ليقود الاتحاد خلال العقد المقبل، تزداد هشاشة بعض الدول الكبيرة داخل الاتحاد ويتنامى الاتجاه المناهض لوجود الاتحاد الأوروبى، حيث تزداد كل يوم الدعوات لتفتيت هذا الكيان. وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات البرلمانية الأوروبية وعن الحزب الذى سيحظى بأغلبية المقاعد، فالقضية الأساسية التى ستركز عليها المفوضية الأوروبية خلال المرحلة المقبلة، هى تحقيق التكامل والدمج الأوروبى، ولكن فى حالة سيطرة الأحزاب المحافظة على البرلمان، ستركز بشكل كبير أيضا على التفاوض بشأن اتفاقات التجارة الحرة وتقليل تدفقات الهجرة من خارج الكتلة الأوروبية. أما فى حالة سيطرة الأحزاب التقدمية على البرلمان فسيتم التركيز على تحقيق أكبر قدر من التناغم الاقتصادى بين الدول الأعضاء.