الركود، ارتفاع معدلات البطالة وتعثر البنوك. ثلاثة تحديات أساسية تواجه البرلمان الأوروبى الجديد الذى سيتم إنتخابه على مستوى دول الاتحاد الاوروبى ال 27 فى الفترة من 22 إلى 25 مايو الحالى. وهى نفس التحديات التى تسببت فى فقدان ثقة المواطن الأوروبى فى أعضاء البرلمان الحالى الذى تم إنتخابه عام 2009. فبعد إجراء انتخابات أعضاء البرلمان الأوروبى الأخيرة عام 2009، تفاقمت حدة الأزمة الاقتصادية العالمية آنذاك، ولم يجد الاتحاد غير سياسات التقشف ليواجه بها هذه الأزمة إلى جانب ضخ الاموال كل حين وأخر فى جعبة الدول التى عانت بشكل كبير من جراء هذه الأزمة وعلى رأسها اليونان. وكان لسياسة التقشف هذه تأثير سلبى فى فقدان الثقة فى أعضاء هذا البرلمان وفى قدرتهم على قيادة القارة الاوروبية، فقلت نسبة رضا المواطن الأوروبى عنهم، فعلى سبيل المثال انخفضت نسبة الثقة فى أعضاء البرلمان والرضى عن أدائهم فى اليونان من 32% عام 2010 إلى 19% عام 2013، وفى اسبانيا انخفضت النسبة من 59% عام 2008 إلى 27% عام 2013. وكان الركود هو المشكلة الأساسية التى واجهت القارة الأوروبية عام 2009 بعد إجراء الإنتخابات البرلمانية الأخيرة وتأثرت بها بعض الدول أكثر من الأخرى وكان على رأسها اليونان وإيطاليا وقبرص وأسبانيا والبرتغال وأيرلندا. وفى مايو الجارى من المفترض أن يتوجه حوالى 500 مليون أوروبى لصناديق الإقتراع لإختيار الأحزاب الممثلة لهم فى البرلمان، ويبلغ عدد مقاعد البرلمان الاوروبى 751 يجب الحصول على 376 منها لتحقيق الأغلبية لأى حزب. وتعد هذه ثامن انتخابات للبرلمان الاوروبى منذ أن بدأت عام 1979 بحيث يتم إجراؤها كل خمس سنوات. ويتم تقسيم المقاعد داخل البرلمان الأوروبى لسبع مجموعات برلمانية. والبرلمان الأوروبى هو مؤسسة منتخبة تتبع الإتحاد الأوروبى وتشكل مع المجلس الاوروبى السلطة التشريعة للإتحاد وتعتبر من أقوى الهيئات التشريعية على مستوى العالم. كما تعد انتخابات البرلمان الاوروبى ثانى أكبر انتخابات ديمقراطية حول العالم. ويتحدد عدد المقاعد الخاصة بكل دولة حسب عدد سكانها، فعلى سبيل المثال تحصل مالطا نظرا لقلة عدد سكانها على 6 مقاعد فقط بينما تحصل المانيا على 96 مقعدا نظرا لإرتفاع عدد سكانها. وترجع أهمية البرلمان الاوروبى للصلاحيات التى يتمتع بها. فهو المسئول عن رفض أو تعديل التشريعات المقترحة (ولكن مشروع التشريع نفسه من اختصاص المفوضية الأوروبية). كما أنه للبرلمان تأثير كبير على السياسة الخارجية للإتحاد بأكمله، فلابد من موافقة البرلمان الاوروبى على المنح المقدمة للدول التى يرتبط بها الإتحاد بإتفاقيات شراكة مثلا. وهو الأمر الذى من شأنه التأثير بشكل مباشر على علاقة أوروبا بهذه الدول.وللبرلمان أهمية كبيرة أخرى وهى حقه فى إنتخاب رئيس المجلس الأوروبى من بين المرشحين الذين ترشحهم الأحزاب داخل البرلمان. وغالبا ما تلجأ الأحزاب إلى عمل تحالفات للحصول على أغلبية مقاعد البرلمان ومن ثم أغلبية الأصوات داخله. وهناك تباين واضح بين توجهات الأحزاب المتصارعة فى الانتخابات. ومن أهم الأحزاب التى تحظى بمقاعد فى البرلمان: حزب الأوروبيين الإشتراكى وتحالف الليبراليين والديمقراطيين و حزب اليسار الأوروبى والحزب الديمقراطى الأوروبى وحزب الخضر. إلا أن الحزب الذى يحظى غالبا بأغلبية المقاعد فهو حزب الشعب الأوروبى. ويظهر هذا التباين فى قضية غاية فى الاهمية وهى تفكير بعض الاحزاب فى ضرورة وقف مشروع الإتحاد الاوروبى بأكمله وتشجيع الانفصال عنه تماماومن بين التصريحات التى تعكس التباين فى السياسات الخاصة بالأحزاب تصريح مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليمينى المتطرف فى فرنسا لإحدى الصحف، حيث قالت إنها تتوقع أن يحصل حزبها على ما يكفى من الأصوات فى انتخابات البرلمان الأوروبى لتشكيل تكتل مع أحزاب أخرى. ونقلت صحيفة لو جورنال دو ديمانش عن لوبان قولها إن الحزب الذى له ثلاثة نواب فى البرلمان الأوروبى يأمل أن يحصل فى الانتخابات المقبلة على ما بين 15 و 20 مقعدا. وقالت لوبان : "نشارك (فى هذه الانتخابات) لمنع تقدم المشروع الأوروبي." وتريد لوبان التخلى عن اليورو وتعارض تنقل الأشخاص بحرية بين دول الاتحاد الأوروبي، وتطالب تفضيل السيادة الوطنية على التشريع الأوروبي. وقالت إن الكثير من الأشخاص لا يدلون بأصواتهم فى انتخابات البرلمان الأوروبى لانهم ضد الاتحاد الاوروبى لكن ما ينبغى لهم فعله هو النقيض. وقالت "نتجه صوب النقطة التى نريد أن نكون عندها.. تكتل أقلية يستطيع ان يمنع مزيدا من اجراءات التقشف ومزيدا من الخسائر المادية لفرنسا." ومن المتوقع أن تكثف نتيجة الانتخابات زيادة تأييد الأحزاب المعادية للاتحاد الأوروبى سواء من اليمين أو اليسار وتشير بعض التقديرات إلى أن نحو ربع مقاعد البرلمان الأوروبى وعددها 751 ستذهب لأحزاب مغمورة.