يجب ألا نلوم كل من بنى بيته فى العشوائيات ليجد سكنا يحميه ويحمى عائلته من الشارع، لأن العشوائيات أصبحت تحيط بنا من كل الجهات؛ غابات الإعلانات التى تكاد تغلق علينا الهواء والماء، والقمامة المتراكمة التى أصبحت جزءا من حياتنا أينما ننظر، والموسيقى والغناء فى مكبرات الصوت صباحا ومساء على طول نيلنا ومن النوادى النهرية التى باتت جزءا مشوها لكل شىء جميل. لقد تحولت القاهرة الساحرة الى غابة من الاعلانات، تفرض علينا دون دعوة، وتنتشر فى كل مكان بلا ضوابط أو قواعد أو ذوق؛ فلم يعد من المقبول السماح بكل تلك الإعلانات الضخمة على الطرق السريعة وشوارع مدينة القاهرة، تغلق الرؤية أمام السائقين وتشتت انتباههم عن الطريق فتعرض حياتهم وحياة الآخرين للخطر، فى كل لحظة. ولم يعد من المقبول السماح للإعلانات أن تحتل المبانى السكنية بهذا الحجم والأنوار، لتشوه المبانى وتعرض حياة سكانها للخطر إن حدث حريق بسبب تلك الانوار التى تنبعث منها. ولم يعد من المقبول السماح للإعلانات ان تحتل ضفاف النيل لتخفى جماله عن الناظرين وتحول الشوارع المتاخمة له الى مناطق تجارية. كل المدن والدول الكبرى فى العالم تفرض قواعد تضبط وضع الإعلانات. فتمنع الإعلانات على المبانى السكنية وفى الطرق السريعة والأساسية فيها؛ وفى كل المدن الكبرى يمنع منعا باتا أى عوائق بصرية على ضفاف الأنهار. وتحولت القاهرة الساحرة بفعل تراكم القمامة فى شوارعها الى مقلب زبالة كبير. أما الخطر الأكبر عندما تحولت القمامة الى جزء من حياتنا اليومية نعيش معها صباحا ومساء. والغريب أننا تمكنا من بناء مدن جديدة وعواصم وناطحات سحاب على أحدث الطرز، ولكننا لم نتمكن من القيام بأبسط المهام وهى جمع القمامة. أما العشوائية الأخيرة والتى لا تقل أهمية عما سبق، فهى الضوضاء المخجلة التى تخرج من مكبرات الصوت فى المراكب والنوادى النيلية، تمنع كل سكان ضفاف النيل شمالا وجنوبا، من النوم أو العمل أو المذاكرة أو مجرد الراحة داخل سكنهم، والذى هو حق إنسانى لهم. إذ كيف يسمح لتلك المراكب النيلية من استخدام مكبرات الصوت العالية من السابعة صباحا، لبث موسيقى هابطة، وتسبح فى النيل تدمر وتشوه كل أذن وكل ذهن؛ وكيف يسمح للنوادى النيلية من استخدام مكبرات الصوت من التاسعة مساء لتسلية بضع عشرات من روادها، وتثير اضطرابا مستديما يوميا، للسكان المتاخمين لتلك النوادى، دون الأخذ فى الاعتبار أن من بينهم من يمكن أن يكون مريضا أو مسنا أو طالبا يستذكر دروسه، أو عائلة تريد أن تجد راحتها داخل مسكنها، الذى يعنى السكينة. لمزيد من مقالات ليلى حافظ