عرف جمال الغيطانى " مصر" فأحبها "... أدرك "قيمتها"، كمريد صوفى.. أحاط بها: بشرا و حجرا... تاريخا وعمارة.. سلما وحربا.. لم يدع زهرة، ولا بحرا، ولا طيرا يحوم بسمائها، حتى فراشتها، الا واقتنى عنه كتابا او كتبا.. فكان "العارف بمصر" هذه المساحة، احتفاء "بالقيم" "والمعانى" التى نذر لها الكاتب جمال الغيطانى نفسه، وعبر عنها من خلال، مشروع ابداعى أصيل، أسس له، واستمد شكله الفنى من رحم "زخم التراث العربى، وكنزه السردي"، مشروع قوامه، ما يقرب من ستين كتابا، ترجم بعضها، "الزينى بركات" و "التجليات" و"الدفاتر" وغيرها إلى ما يقرب من أربعين لغة أجنبية... هذه القيم والمعانى، التى احتواها ًمشروع الغيطانى، وكانت معراجه، اتخذها طريقا وعرا فى الحياة، انحاز خلالها الى " الانسان " أينما كان، معبرا عن أشواق هذا الإنسان وحقه فى الحرية، والحلم والتحقق، بنزاهة وعدل.،.. فى حضرة الغيطانى، نحن فى حضرة " الحياة"،وانحيازه للحياة، التى كان الغيطانى، ترجمانا لاشواقنا، إليها، عبر ابداع شق له طريقا عربيا،مؤسسا تيارا أصيلا فى فن الرواية، مغاير لما ألفه القارئ عن التيار الغربى الشائع لكتابة الرواية. كان الغيطانى يعبر عن ذلك المعنى بقوله، «إنه القادم من اعرق و اغنى تقاليد السرد الانسانى.. من تراث ألف ليلة إلى الكتابات المتصوفة، كيف له أن يعرج». على غير منبته وجذوره..؟ و من هذا المنطلق، الواعى والمدرك والملم لثقافته العربية، أضاف الغيطانى للثقافة الإنسانية.. كان يقول إن أحدا لا يعرف جنسية " ابن خلدون "، ولا التوحيدى، وأحدا لا يهتم أين ولد ابن بطوطة، ولا تحت أى شمس، فتح ابن الفارض عينيه لأول مرة.. ولا.. ولا، المهم أنهم روافد ثقافتى العربية. إن الغيطانى كان جذره مصريا، عربيا، إنسانيا، بامتياز، نفذ إلى "المشترك"، القاسم، مابين البشر،إلى "الجوهر" الثابت الذى لا يختلف عليه الإنسان أينما كان موطنه، أو كان مآله.. واحد من قامات الثقافة العربية، وضمائرها، التى "انشدت الحياة" فى كل ماكتبت.. فإن توقف عند البصاصين فى "الزينى بركات "، فلأن الحرية" قيمة " أولية، لا يشبهها إلا الشهيق والزفير، وإن فضح الفساد فى " حكايات المؤسسة"، فلأن الفساد يجور على " العدل" و يهدم البنيان، وإن طال وقوفه عند رقرات القلب كما فى "الصبابة والوجد "، فلأن الحب هو ما يرطب ويعيننا على جفوة المعاش، وإن نزفنا مع وجع " الفقد" الإنسانى كما فى تجلياته، فلأن" الموت " هو الحقيقة التى يقف إزاءها كل البشر عاجزين..، وان سطر دقائق حرب الوطن فى " المصريون والحرب "، و"الرفاعى" و"أرض أرض"، فلأن إدراكه لقيمة الأوطان، والدم المدفوع للحفاظ عليها، كان حاضرا كقيمة ثابتة لا تتزحزح، ولا تخضع لأى أمور نسبية.
وفى الملف اقرأ أيضا: فى حضرة «محفوظ»: أم كلثوم الشاهدة على ما لا يعرفه أحد http://www.ahram.org.eg/NewsQ/677056.aspx
عن جمال الغيطانى http://www.ahram.org.eg/NewsQ/677058.aspx
موقعه من القارئ الفرنسى http://www.ahram.org.eg/NewsQ/677057.aspx