«سلامة محمود سلامة سالم، من عرب شبين القناطر قليوبية، مواليد سنة 37 شهر 4 يوم 4».. قالها بفخر وكأنه يقبل على سرد حقبة مهمة من التاريخ. بسيجارة لا تغادر فمه، وكوب شاى لا ينتهي صبي المقهي من تجديده على طاولته، وبخلفية موسيقية يعزفها خرير الماء داخل المصبغة، يتكرر نفس المشهد يوميا وكأنه دراما كونية تعيد نفسها منذ أيام صباه المبكرة عندما جاء طفلا صغيرا فى صحبة والده عام 1946 ليعمل بالصباغة التي لم تكن سابقتة الأولى في العمل. فهو صاحب «كيف» في الصنعة، فقد اشتغل في الحدادة والنجارة وعمل « قهوجيا» ولكن فقط «الصباغة» هي التي جذبت انتباهه .. صحيح أن المشهد تغير قليلا بفعل عوامل الحياة و”فقر الصنعة” وغلو الأسعار ولكن مازالت مكوناته وأركانه قائمه.. وكذلك حبه للعمل الذي مازال يمارسه رغم سنوات عمره التي تخطت الثمانين ، فيأتي إلى المصبغة في الرابعة فجرا ولا يهمه متي ينتهي وقت العمل. عم سلامة لم يشعر بالوحدة قط ، حيث جاء للعمل في الدرب الأحمر مع والديه و18أخا وأخت واحدة. أما هو فقد تزوج عدة مرات حتي صار لديه 15 ولدا باقي منهم 8 بنات و4 صبيان و40 حفيدا لا يتذكر أسماءهم. يؤنسه في عمله صوت فريد الأطرش الذي لا «يعُلى عليه» ويتابع كرة القدم لكنه لا يشجع فريق محدد «فقط اللعبة الحلوة»، أما وجبته المفضلة فهي الشربة و«العيش والملح» الذي تعلم صونه قبل أي شيء لتسير الحياة في طريقها المستقيم. عرف عم سلامة تماما كيف يحب الحياة وكيف يتعامل معها. قال لي: «ما شتفتش يوم وحش وما حزنتش غير من مراتي الأولانية والست أم مصطفي مراتي التانية ونصرة والدكتورة حسان والحاجة خديجة.. زعلت علشان فارقوني وماتوا» . بصراحة يا عم سلامة أراك رائق المزاج مرتاح البال فما هو سرك؟ أجابني : «ربنا جبر بخاطري كتير علشان الرضا وحب الناس»