مشروع التأمين الصحى يشعل التنافس بين المستشفيات المستشفيات الجامعية تستقيل أكثر من 60% من المرضي استلمت المستشفي مثقلة بالديون وتحريك سعر الصرف السبب الرئيسي، في ارتفاع الأسعار
فقد المواطن المصرى الثقة فى المستشفيات الحكومية، وأصبحت المستشفيات الخاصة هى الملاذ الآمن بالنسبة له، فوقع المريض بين سندبان الخوف من الإهمال والتقصير فى المستشفيات الحكومية، ومطرقة الاستغلال والمغالاة فى الأسعار فى المستشفيات الاستثمارية، يتهم البعض الإعلام بأنه المسئول عن إبراز الجانب السلبى للمستشفيات الحكومية وتكوين فكرة سيئة أصبحت راسخة فى الأذهان، لذلك نحاول اليوم، التعرف عن قرب، على واحدة من اكبر المستشفيات الجامعية، التى تقدم خدمة طبية مدفوعة الأجر، للمواطن محدود الدخل تحميه من استغلال المستشفيات الخاصة . الدكتور أحمد طه مدير مستشفى قصر العينى الفرنساوى فى حواره مع الإهرام، يكشف لنا العقبات والتحديات التى واجهته، منذ تولية أدارة واحدة من أهم المستشفيات الجامعية التابعة لجامعة القاهرة، والخدمات التى تقدمها المستشفى للمواطنين، بأسعار تنافس المستشفيات الخاصة. ........................ يرى البعض أن المستشفيات الحكومية والجامعية، لا تقدم خدمة طبية جيدة، ما تعليقك؟ للأسف هذا ما يروجه الإعلام، والنفس البشرية، دائما ما تميل إلى النقد، وإظهار السلبيات، حتى لو كانت المستشفى حكوميا ذات طابع خالص، مثل مستشفى قصر العينى الفرنساوى، التى تقدم خدمة مدفوعة الأجر، لكن فى النهاية فكرة المواطن المصرى عن المستشفيات الحكومية، متردية الخدمة، فهو متأهل نفسيا أنه لن يلقى خدمة جيدة، وسيظل عالقا فى دهنه، «أن السرنجة وقعت،و أن الممرضة كشرت فى وشه»، حتى لو تلقى خدمة جيدة، وقليل جدا من يكتب عن الايجابيات . بعد مرور عام على توليك المسئولية ما العقبات والتحديات التى واجهتك؟ استلمت المستشفى منذ عام مثقلة بالديون، كانت عبارة عن مستحقات لشركات الأدوية وشركات مستلزمات طبية وشركات التغذية والنظافة ومستحقات الأطباء وهى عبارة عن أجور مؤجلة لم تصرف لمدة عام كامل . قيل ان المستشفى كان معرضه للإفلاس؟ بحزم رد قائلا: لا عمرها ما توصل لهذه المرحلة، لأنها مؤسسة كبيرة جدا وتمتلكها الدولة . ما مصادر التمويل؟ هى ذاتية التمويل، تصرف على نفسها، لكن فى الآونة الأخيرة، ساهمت وزارة المالية بالدعم، عن طريق رفع أعباء المديونيات التى تتحملها المستشفى لشركات الأدوية والمستهلكات الطبية، عن طريق ما يسمى «بالمقاصة». هل أثرت هذه الديون على مستوى الخدمة الطبية للمستشفى؟ بالتأكيد تراكم الديون على المستشفى انعكس على الخدمات الطبية، وعلى الأطباء، لان الخدمة الطبية لا تقدم بالشكل الجيد إلا إذا توفرت كل المستلزمات التشغيل المتمثلة فى الأدوية، والمستهلكات، وبالتالى كان من الضرورى، أن نتغلب على كل هذه المعوقات الواحدة تلو الأخرى، حتى نصل إلى المستوى الذى يليق بالمواطن المصرى. هل رفع الأعباء المادية عن كاهل المستشفى تطلب رفع فاتورة العلاج؟ تحريك سعر الصرف، هو السبب الرئيسى، فى ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى أن المستهلكات الطبية تفاصيلها كثيرة، مثل الخيوط الطبية، والأجهزة المستخدمة، ووحدات التحليل والفحص والأشعة، كل هذا مع تحريك سعر الصرف أدى إلى ارتفاع فى الأسعار. وهل ارتفاع الأسعار أدى إلى تراجع الإقبال على المستشفى؟ لا لم يتراجع الإقبال علينا لعدة اسباب اولا ان ارتفاع الاسعار كان طفيفا، وقصر العينى الفرنساوى من أرخص المستشفيات، التى تقدم خدمة طبية متميزة، بمقارنتها بالمستشفيات الاستثمارية، ولدينا حيز تنافسى عالى جدا، والمريض الذى يدخل المستشفى ضامن انه سيحصل على خدمة طبية متميزة، لان الطبيب المعالج، أستاذ فى كلية قصر العينى، له سمعه طيبة على مستوى الوطن العربى كله . بالاضافه الى ان المستشفى حكومى فلا مجال للتلاعب بالسعر، وليس هناك فرصة للمغالاة بأى شكل من الإشكال، النقطة الثانية أننا حريصون على جودة الخدمة، من طاقم التمريض،و الفندقة، و التغذية، و النظافة، فالمريض يجد مبتغاه فى خدمة طبية جيدة وبسعر معقول . معنى ذلك أن المستشفى له طبيعة استثمارية لا تقدم خدمة للمواطن الفقير؟ أنشأ المستشفى عام 1995، للمصريين وكانت نتيجة تعاون مصرى فرنسى، وبنى بأياد فرنسية، تصميما وتنفيذا، كان من المفترض فى البداية، أنه يفتح مجانا، وأن يخصص فيه دوران للعلاج بالأجر، لكن نظرا لارتفاع تكلفة الإنشاء، وحرص الدولة على احتفاظها بقدرتها على تقديم خدمة طبية عالية الجودة٫ أصبحت الخدمة فيه بأجر.لكن لا وجه للمقارنة بين أسعار المستشفى وأسعار المستشفيات الخاصة. هل يشارك المستشفى فى مبادرة الرئيس فى القضاء على قوائم الانتظار؟ نعم نشارك فى مبادرة الرئيس، وبدأنا هذا الأسبوع استقبال أول حالات لعمليات القلب المفتوح. حدثنا عن حجم الطاقة الاستيعابية للمستشفي؟ يوجد فى المستشفى 1200 سرير، استغللنا جزءا منهم لتوسع فى العيادات الخارجية، وبعض الخدمات الأخرى، وبقى العدد الفعلى فى التشغيل 900 سرير، مقسمين إلى درجات مختلفة، فى أجنحة، وأولى ممتازة، وأولى عادية، وثانية، كما يوجد غرف بها ثلاث وأربع غرف للمواطنين الذين لا تسمح ظروفهم المادية بالاقامة فى غرف مفردة، وبأقل تكلفة ممكنة٫ بالإضافة لوجود 18 غرفة عمليات ومجهزة بأحدث الأجهزة بأحدث التقنيات الطبية. ويستقبل المستشفى فى متوسط 150 مريضا بالطوارئ والاستقبال، منهم من يتلقى خدمة ويخرج، وجزء آخر يحتاج إلى تحاليل وفحوصات، قد تستلزم بقاءه فى المستشفى. كيف تمكنت خلال عام التغلب على المشكلات المادية؟ عندما توليت إدارة المستشفى، تعاملت مع مواردها مثل الحصالة، وضعت فيها كل إيراد المستشفى، كل شهر وبدأت فى تحديد الأولويات، وكانت الأولوية الأولى عندى هى دفع مرتبات الموظفين، بعد ذلك دفع مستحقات شركات الأدوية والمستهلكات الطبية لكى أستطيع تشغيل المستشفى، ثم دفع جزء من المتأخرات مادية لأعضاء هيئة التدريس٫ وقد دفعنا جزءا كبيرا منها فلم يبقى علينا سوى متأخرات ستة أشهر، فى الحقيقة هناك البعض من أعضاء هيئة التدريس يتأذون من التأخير فى دفع المستحقات وأنا اعذرهم فى ذلك . هل التأخير فى دفع أجور الأطباء يؤثر على التعاقد مع أطباء جدد؟ بالتأكيد نتيجة لتأخر فى دفع المستحقات، أجد صعوبة فى التعاقد مع أطباء جدد، وصعوبة فى استمرارية الأطباء الكبار، لأنى فى تنافس مع مستشفيات استثمارية كبيرة جدا٫ من الممكن ان تتعاقد مع الدكتور وتعطى له أموالا كثيرة، فى المقابل أنا أعطيه مستحقاته كل ستة أشهر . لكن أقول لك بمنتهى الأمانة، إن أستاذ كلية طب قصر العينى، يعتبر المستشفى بيته مهما عانى داخله يتحمل ويعتبر عمله بها أداءا وطنيا. ما الإنجازات التى تمت على أرض الواقع وحققت طفرة فى أداء المستشفى؟ طورنا 8 غرف عمليات بتجهيزات طبية على أعلى مستوى لبعض التخصصات الدقيقة، مثل الرمد، الأعصاب، والاذن، عملنا تجديدا لما يقرب من 124 سرير رعاية مركزة، ورعاية متوسطة، جددنا قسم الأشعة والتصوير الطبى، جددنا قسم الاستقبال، والطوارئ، وأنشأنا وحدة غرف الإقامة النهارية، لأننا وجدنا، فى بعض الأحيان قد يحتاج مريض الطوارئ، لأكثر من طبيب يكشف عليه، ويحتاج عمل فحوصات، فتواجده على ترولى فى الطوارئ يكون بالنسبة له مسألة متعبة جدا، لذلك قمنا بعمل غرف الإقامة النهارية، تحت أشراف طبى، حتى ينتهى من الإجراءات المخصصة له كما نجرى فى بعض الآحيان فى غرف الإقامة النهارية عمليات اليوم الواحد، يتحجر المريض ويعمل العملية، وبعدها يمشى مباشرة. أنشأنا مركزا لعلاج السكر ومضاعفاته، وعيادة النحافة والسمنة،عيادة لمشاكل الشرايين والطرفية والقدم السكرى كما أنشأنا وحدة متكاملة لطب الفم والاسنان، لاول مرة فيها 50 كرسيا معدا بأحدث المعدات والأجهزة، أنشأنا وحدة للفحوصات القلب والأوعية الدموية، عندما وحدة كاملة للفحص الشامل، وعندنا برامج لكبار السن وبرنامج لمرضى السكر، حيث يحضر لنا المريض على مدار اليوم نجرى له كل الفحوصات، ثم تعرض تقارير الفحوصات على طبيب باطنه لكتابة تقرير كامل لحاله الشخص. أنشأنا وحدة كاملة للمناظير،و رعاية مركزة تخصصية، لمرضى القلب المفتوح ورعاية لمرضى الكبد والسكتة الدماغية. وأستطيع أن أقول إننى حققت أكثر من 50% من الخطة التى وضعتها لتطوير المستشفى، وان شاء الله استكمل مسيرة التطوير٫ بإقامة دور كامل للمرضى القادرين (vip) وصالة استقبال لأهالى المريض. كما أعمل جاهدا وبدعم من وزير التخطيط على إحضار أجهزة فحص متطورة، لان هناك عمليات تستلزم وجود أجهزة أشعه وفحص داخل غرفة العمليات، مثل عمليات المخ والأعصاب، والمسالك البولية والعظام . ما طبيعة عمل المستشفيات الجامعية وهل هناك تنسيق مع مستشفيات وزارة الصحة؟ المستشفيات الجامعية تتبع جامعة القاهرة وتحت إشراف وزارة التعليم العالى، وتتحمل أكثر من 60% من الخدمة الطبية المقدمة على مستوى الجمهورية. فالمستشفيات الجامعية ومستشفيات وزارة الصحة ومستشفيات الجيش والشرطة تعمل فى ظل منظومة صحية هدفها فى المقام الأول خدمة المواطن المصرى. لو وضعنا ترتيب للمستشفيات فى مصر أين نجد مستشفى قصر العينى الفرنساوى؟ بلا شك نحن رقم واحد، لأننا صرح طبى متكامل تملكه الدولة، ونفخر بأنه تابع لجامعة القاهرة برأسه الدكتور محمد عثمان الخشت، الذى يشرف على عمليات التطوير لحظة بلحظة، ومعه الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى. هل تكتفى بالإدارة أم تمارس عملك كطبيب إذا لزم الأمر؟ أنا استاذ جراحة أوعية دموية بكلية طب القصر العينى، مارست المهنة منذ 30 سنة، لذلك أنا حريص على أن استقطع جزءا من وقت عملى الإدارى يوم الأربعاء من كل أسبوع، اكشف على المرضى، وأجرى العمليات الجراحية، مثل توسيع الشرايين بالقسطرة والبالونات والدعامات. وممارسه دورى كطبيب هو الذى يجعلنى المس عن قرب، مستوى الخدمة المقدمة فى المستشفى، وما هى الأشياء التى تنقص زملائى فى غرف العمليات، والمس عن قرب مستوى الأداء والنظافة والتعقيم، لأنى أكون داخل الحدث . ماذا يحتاج قطاع الصحة فى الفترة الحالية للنهوض به بالشكل الذى يخدم المواطن؟ حدد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى مؤتمر الشباب الأخير، الذى عقد فى جامعه القاهرة، وأنا أفتخر بأننى ابن من أبنائها، ملامح الفترة المقبلة، هى بناء الإنسان المصرى، من خلال التعليم والصحة، وقد تعلمنا أن العقل السليم فى الجسم السليم وبالتعليم الجيد ينشأ جيلا جيد، قادر على الإبداع والتفكير التحليلى، والبعد عن التلقين والحفظ . أين نحن من دول العالم فى مجال الطب؟ نحن مقبلون على مرحلة جيدة جدا فى منظومة صحية متكاملة، بدابة من القضاء على قوائم الانتظار، وفى نفس الوقت توجيه منظومة التامين الصحى الشامل لخدمة طبية متكاملة للمواطنين دن تميز، هذا معناه أن المريض يتوجه لأى مستشفى للعلاج، لان منظومة التامين تشمل مصر كلها، بذلك تكون هناك ثلاث جهات تقدم خدمة طبية على أعلى مستوى، الجهة الأولى المستشفيات والوحدات التى تقدم الخدمة الطبية، الجهة الثانية جهة ممولة بمعنى فصل التمويل عن مؤدى الخدمة، من خلال هيئة منفصلة، الجهة الثالثة هى جهة رقابة التى تضمن جودة الخدمة الطبية هنا يحدث تنافس شديد بين كل الوحدات الصحية لخدمة المرضى للحصول على تمويل.