تحتفل مصر هذه الأيام بذكرى من أغلى الذكريات .. ذكرى انتصار حرب أكتوبر المجيدة التى رفعت رأس الإنسان المصرى فى كل مكان، والتى أكدت لشعوب العالم أجمعت قدرة وكفاءة المقاتل المصرى فى مواجهة العدوان والدفاع عن أراضيه المغتصبة. إن يوم 6 أكتوبر الخالد فى تاريخ مصر سوف يظل على مدى التاريخ معيناً لاينضب للكتاب والمفكرين، والمحللين والدارسين فى شتى فروع العلم المختلفة حيث أعطت الحرب دروساً مستفادة كثيرة تناولتها كتابات عديدة فى جميع أنحاء العالم، والتى أشادت بالأسلوب العلمى فى إدارة المعركة من حيث التخطيط الجيد لها، والتنظيم المتكامل، وأوجه التعاون التكتيكى والاستراتيجى لوحداتها العسكرية، وفى متابعة العمليات الحربية، وفى أسلوب اتخاذ القرارات فى الوقت المناسب وبالسرعة المطلوبة. ولعل من أهم هذه الدروس المستفادة أيضاً أنها أعادت لشعب مصر ثقته بقواته المسلحة، وغيرت الاستراتيجية العسكرية فى العالم أجمع، وأثبتت أن العبرة بالرجال وليس بالسلاح.. فقد كان المقاتل المصرى هو العنصر الحاسم وراء هذا الانتصار، إذ أثبت قدرته وكفاءته فى مواجهة واقتحام مواقع العدو واسترداد ارضه المغتصبة فضلا عن أن قرار الحرب كانت وراءه قيادات عسكرية قادرة ومخلصة قادت المعركة بنجاح وساهمت بجهد كبير فى إحراز النصر. وبقدر ماكانت حرب أكتوبر انتصارا عسكريا رائعاً للمدرسة العسكرية المصرية.. إلا أنها أيضاً كانت حرباً من أجل السلام.. السلام العادل والشامل الذى يضمن لجميع شعوب المنطقة العربية أمنها وحقوقها المشروعة، وذلك لأنها كانت هى الملجأ الأخير لاسترداد هذه الحقوق المغتصبة. وإذا كانت حرب أكتوبر قد أثبتت بكل المعايير حتمية التضامن والتعاون بين الدول العربية من أجل وحدة الصف العربى فى مواجهة أى عدوان يواجه الأمة العربية، فإننا نرى أن مراوغات السلام التى تقوم بها إسرائيل فى الوقت الحاضر تتطلب موقفاً عربياً موحداً يكون أكثر قوة وتماسكاً فى مواجهة الصف الاسرائيلي. وفى تقديرنا، أننا اليوم فى أشد الحاجة إلى هذا التضامن والتعاون بين الدول العربية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وضرورة وضع استراتيجية مشتركة تقوم على أساس إنشاء قيادة عسكرية موحدة للمنطقة، وتشكل قوة عربية للانتشار السريع فى حالة الطوارئ والاهتمام بالاعتماد على الذات فى عمليات التصنيع الحربي، ووضع نظام متكامل للدفاع الجوى يغطى أجزاء المنطقة العربية جميعها، وذلك لكى تكون مسئولية الدفاع عن المنطقة وحمايتها من أى عدوان من اختصاص ومسئولية دول المنطقة وحدها ودون تدخل أو مساعدة خارجية من أحد. وأخيراً، لنأخذ من نصر أكتوبر ومن الجهود المخلصة التى يبذلها الرئيس من أحل السلام درساً مستفادا للأخوة الأعزاء العرب فى أنه لا عزة للعرب أو نصر لهم إلا بالتآلف وتوحيد الطاقات ورسم الاستراتيجيات والسياسات المشتركة من أجل وحدة العمل المشترك، ومن أجل مواجهة المشكلات والاخطار التى تواجه حاضر ومستقبل الأمة العربية. لمزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم