أحدث كتب د. فيصل بدير عون الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وفيه حرص المؤلف على أن يضع ابن رشد فى إطاره التاريخى على ضوء حالة الفلسفة فى المغرب الإسلامى. وعلى ضوء الحالة السياسية التى كان عليها طوال دولتى المرابطين والموحدين، لأن الصلة بين مشرق العالم الإسلامى ومغربه لم تنقطع سواء فى الماضى أو الحاضر، وأحسب أنها لن تنقطع فى المستقبل، وقد جاءت هذه الدراسة فى خمسة فصول: تجربتى الفلسفية وابن رشد، المنهج الفلسفي عند ابن رشد، ابن رشد الإنسان، الإلوهية عند ابن رشد، وأخيرا العالم عند ابن رشد. وقد حاول المؤلف خلال تلك الفصول أن يبين أن ابن رشد جمع بين الشريعة والحكمة على صعيد واحد، وأنه لم يكن عدوا للدين ولا للفرق الإسلامية على طول الخط، لأنه أفاد منهم ونقدهم، وافقهم حينا واختلف معهم أحيانا أخرى، كما حاول المؤلف أن يؤكد أن ابن رشد لم يكن علمانيا وإنما كان تنويريا، حيث إن التنوير لديه له معنى ومغزى عن معناه الغربى حيث الفصل الكامل بين الدين والدنيا، وتجربة ابن رشد الدينية كانت أقوى وأعمق مما يتصوره البعض من خلال قراءة سطحية عاجلة لبعض مؤلفاته، وهناك فريق كبير من الباحثين التبس عليه الأمر حين لم يضع خطوطا فاصلة بين ابن رشد الشارح وابن رشد الفيلسوف الإسلامى، وهذا ما تلقى عليه الضوء هذه الدراسة.