هل تزايد النمو السكانى يأتى نتيجة للجهل «عدم التعليم»، أم أن عدم التعليم هو سبب الزيادة السكانية؟.. إننى أرى بعينى الشاب الذى أنهى دراسته الجامعية فى الرابعة والعشرين من عمره، ثم التحق بالتجنيد لمدة عام آخر، وبعدها قضى فترة طويلة فى البحث عن عمل، ثم بدأ حياته العملية بالفعل، لينتقل لمرحلة أخري، هى البحث عن شقة أو بالأحرى عن ثمن شقة ليتزوج فيها، ثم عليه أن يعمل ويدخر لتشطيب هذه الشقة بتكاليفها الباهظة ليصل إلى هدفه وهو أن يتزوج ويكون قد وصل إلى العقد الثالث من عمره، فيبدأ هذا الشاب فى الانجاب فى منتصف الثلاثينيات . فى حين أن أحد الأطفال الذى ولد لأب حارس عقار أو ما شابه، والذى لم يهتم والده بتعليمه بل قام بإشراكه فى العمل منذ الصغر ليساعده فى المصاريف، هذا الابن تزوج فى سن لا تتعدى الثامنة عشرة، ولن يهتم بسكن لائق ولا عمل مستمر ومضمون ولا تشطيبات باهظة أو حتى متوسطة، والعروس غالباً تكون من نفس مستواه التعليمى والاجتماعي، ومن ثمّ لن يهتما بأيٍ من الشكليات التى اهتم بها الشاب المتعلم، وغالباً ما يفرحان بأول مولود لهما وهما لم يتجاوزا سن العشرين، والأكثر من ذلك أن النموذج الأول غالباً ما يكتفى بطفلين على الأكثر، أما النموذج الثانى غالباً ما يتبارى فى المزيد من الإنجاب لأنه يريد أيدى عاملة تساعده فى العمل والنفقات بأسرع وقت. هذان النموذجان يؤكدان أن ما قد يتخيله البعض من أن النمو السكانى هو سبب الجهل وعدم التعليم، تخيل خاطئ وأن العكس صحيح . وقد قرأت أن الحكومة تنوى أن تحد من ظاهرة تعدد الإنجاب برفع الدعم عن المولود الثالث، وهى نيّة إيجابية لا شك للحد من هذه الظاهرة، لكن الأفضل هو ربط الدعم بتعليم الأطفال، بمعنى أنه حين يُقدم ولى الأمر شهادة تثبت نجاح ابنه فى التعليم (أياً كان نوعه) فيقدم له حينئذٍ الدعم لهذا الولد، وإذا خرج الولد من التعليم أو رسب فيه فإنه يُرفع من قوائم الدعم فوراً، وسوف يحفز ذلك الجميع على تعليم أولادهم، وحثهم على الدراسة والنجاح، وعلى المدى المتوسط (من خمسة إلى عشرة أعوام) سوف تحدث طفرة تعليمية فى المجتمع، ويدخل كل طفل المنظومة التعليمية، والتى ينضم فيها للفئة أو النموذج الأول الذى خاض جميع المراحل التعليمية، وأجبره تعليمه ومستواه الثقافى والاجتماعى على تحديد النسل . ياسين سعيد شعلان