أسوأ ما يترتب علي المعارك الجدلية التي تشتعل بغير مبرر وتتسع دون ضرورة وتلتهب ثم تخبو علي لا شيء في النهاية أنها تشغل الناس بعيدا عن همومهم, وتعطل حركة الاجتهاد بشأن ما هو أجدي وأنفع للوطن والمواطنين علي حد سواء! والأسوأ من ذلك أن يتواصل الانشغال بأي حريق بعد إطفائه, وأن يسعي البعض للنبش من جديد في الرماد المحترق بهدف إثارة الأتربة, وإشعال نيران الفتنة مرة أخري لكي تروج بضاعة التهييج والتحريض والإثارة التي لا يجيدون سواها! ومن هنا.. فإن كل غيور علي مصلحة هذا الوطن يتمني أن تنتهي أجواء تلك الزوابع المفتعلة التي شغلتنا بأكثر مما ينبغي نتيجة إصرار بعض الأفراد علي تغيب العقل والمنطق, وعدم الالتزام بما تفرضه ضرورات المسئولية السياسية في إطار الشرعية الدستورية والقانونية التي تحكم إيقاع الممارسة في أي بلد ديمقراطي. إن لدينا قضايا وهموما تستحق الاهتمام لأنها قضايا الحاضر والمستقبل التي تمس المصالح الحيوية والمباشرة للمجتمع, ويتوجب علي الذين نالوا شرف اعتلاء مقاعد المسئولية السياسية والذين اكتسبوا حق الإطلال بأقلامهم وأفكارهم علي الرأي العام في مختلف وسائل الإعلام أن يديروا ظهورهم من الآن فصاعدا لتلك المعارك الصغيرة وأن يتجاوبوا مع نبض الشارع المصري الذي يريد أن يسمع منهم ما يعكس إحساسا صادقا بمشكلاته الحياتية اليومية. إن الديمقراطية الحقيقية والحرية الإيجابية ليست في معارك تدور بين طواحين الهواء أو في أزمات يجري افتعالها لإثبات قوة هذا الفصيل أو ذاك, وإنما جوهر الديمقراطية ومغزي الحرية يتحدد بمدي الاقتراب الحقيقي من هموم الناس ومشكلاتهم والقدرة علي الإسهام بالرأي في توفير الحلول الممكنة وليس مجرد التحليق في أجواء الأحلام المستحيلة التي تزرع اليأس والإحباط وتغلق أبواب الأمل والرجاء! وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: لولا الإحساس بالألم ما عرفنا موطن الداء! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله