يخطئ من يظن أن الديمقراطية تحت رايات الثورة توفر الحق في الافتراء باسم حرية التعبير أو ترديد روايات لا أساس لها من الصحة باسم الحق في ملاحقة الفساد لأن الديمقراطية هي الحقيقة. وليست الأكاذيب, وهي الاستقرار, وليست الفوضي.. وليس أخطر علي الديمقراطية في أي وطن من أن يجري توظيفها لتسميم الضمائر وإفساد العقول وزرع بذور الشك في النفوس وهز إيمان الناس بقوتهم وقدرتهم. والحقيقة أن بعض ما يكتب ويقال هذه الأيام أبعد ما يكون عن الديمقراطية بعد أن تجاوز البعض كل حدود النقد المشروع, ولم تعد المسألة مجرد ملاحقة للفساد والمفسدين وإنما هي تصب بقصد أو بغير قصد في خانة دفع الناس إلي أزمة عدم تصديق, وبالتالي تعميق الأحساس العام بالنقص والعجز واليأس والإحباط. إن بعض ما يكتب ويقال هذه الأيام يؤدي إلي إفراز أجواء من الحيرة والبلبلة لدي المواطن الذي لا يدري ما الذي يصدقه والذي لا يصدقه نتيجة هذه الفجوة العميقة والمخيفة من عدم الثقة ومن الشك في كل شيء! ولعل ذلك يفرض سؤالا ضروريا هو: لماذا يتم تجاهل العديد من مظاهر التحول الديمقراطي التي أفرزتها رياح ثورة الشباب وحمتها ودعمتها مواقف المؤسسة العسكرية المصرية التي تستحق التشجيع والمؤازرة. إن الوطن يمر بلحظة تاريخية فارقة بعد أن تكاتف الجيش مع الشعب من أجل بناء مصر الجديدة تحت رايات الحرية والعدالة والتغيير.. فلماذا لا ننطلق من هذه النقطة لكي نجعل من الديمقراطية شيئا أكثر وأعمق من مجرد خلافات حول الصياغات والضمانات وأن يكون همنا الأول هو الإمساك بالفرصة التاريخية بعيدا عن أي عقد أو حساسيات! أقول ذلك لأنني علي ثقة أنه لا يمكن لأحد أن يجادل في حق الشعب في استجلاء الحقيقة حول كل القضايا بشأن الماضي والحاضر ولكن بالطرق الشرعية ذات الأسلوب الهادئ وعبر الحوار الموضوعي. وفي اعتقادي أننا بحاجة إلي خريطة طريق تدعم أجواء الحوار الموضوعي ولا تسمح بتحول الخلاف في الرأي إلي جدل ومزايدات, لأن استمرار الحوار مهما تباعدت المواقف يضمن الإبقاء علي درجة معقولة من الثقة المتبادلة التي هي ركيزة أساسية من ركائز الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الدقيقة والمصيرية من عمر الوطن. خير الكلام: الشائعات مثل رغاوي الصابون.. أثرها محدود وعمرها قليل! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله