إذا كانت للديمقراطية إيجابيات بلا حدود فإن حمايتها من السلبيات تستلزم حذرا ووعيا من مغبة إغراق الرأي العام بأوهام المتشككين الذين يغيب عنهم أن خلط الأوراق أو طمس الحقائق يمثل خروجا علي قواعد الممارسة الديمقراطية. وفي بلد مثل بلدنا يمضي بثبات وثقة علي طريق استكمال البناء الديمقراطي فإن من المفترض أن يكون كل المشاركين في العملية السياسية والحريصين عليها مدركين تمام الإدراك أن الديمقراطية التي ينشدها الشعب لم تعد مجرد ديكور للمباهاة عن طريق المغالاة في افتعال وصنع المعارك السياسية, وإنما هي في ظل ظروف العصر وتحدياته ديمقراطية البناء والإنتاج التي تصنع الحياة وتعزز الاستقرار وتلبي احتياجات الحاضر وتؤمن ضرورات المستقبل من خلال الاقتحام العلمي والجسور للمشكلات المزمنة وفي مقدمتها مشكلة البطالة وغياب العدالة الاجتماعية. وإذا كانت الديمقراطية بمفهومها التاريخي' اليوناني' قد أصبحت مثالا فإن الديمقراطية الحديثة والمعاصرة ترتكز علي مقومات أساسية يتم من خلالها الحكم علي مدي اقتراب أية دولة من الأخذ بالنهج الديمقراطي السليم وأهمها أسلوب اتخاذ القرار عن طريق الأغلبية وتوسيع دائرة المشاركة الجماهيرية في تقرير السياسة العامة وصنع القرار وتوجيه الحكم لمصلحة السواد الأعظم للشعب وإتاحة الفرصة لكافة القوي التي تشكل الطيف السياسي أن تعبر عن رأيها. ولاشك في أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية هي العنوان الصحيح لأي بناء ديمقراطي سليم خصوصا في المجتمعات النامية التي تطمح إلي اللحاق بركب التطور وتعويض ما فاتها من أجل تحقيق هدفين أساسيين هما زيادة الإنتاج القومي ورفع مستوي المعيشة للشريحة الكبري من المواطنين. ولكي تتحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي وطن فإن الأمر يستلزم توافر اشتراطات ضرورية أهمها الاستقرار الداخلي والخارجي. وإذا كنت ولست وحدي من الذين يؤمنون وعن قناعة بأن المشاركة السياسية حق أصيل تحت مظلة الديمقراطية, ولكنني في ذات الوقت أعتقد أن التشكيك من خلال الجدل والعناد هو أول خطوة يمكن أن تحول الديمقراطية إلي فوضي تهدم بأكثر مما تبني! الديمقراطية وسيلة وليست غاية! خير الكلام: أشجع الناس من يثبت علي مبادئه.. وأحكمهم من يملك شجاعة المراجعة لمواقفه! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله