في ظل غياب الرقابة علي مسلسلات رمضان اقتحم الإنفلات الدرامي البيوت من خلال القنوات التي عرضتها بلا أدني مسئولية أخلاقية أمام المشاهد الذي تابع أحداثها وكانت في معظمها وجبة درامية فاسدة غير صالحة للإستهلاك الآدمي بما قدمته فيما يشبه السم في العسل من موضوعات متنوعة( ضارة جدا) بالمجتمع عن التحريض علي هدم الوطن والغاية التي تبرر الوسيلة بسرقة بنك والسخرية من حكمة الخالق في إباحته تعدد الزوجات والعالم السفلي للبلطجة والتطرف وتعاطي المخدرات بأنواعها والاغتصاب والقتل بالأسلحة أو ذبحا والشتائم البذيئة الخارجة علي الآداب وغيرها التي تفرض جميعها علي من يهمه الأمر ضرورة التصدي لفوضي الدراما التي تهدد تقاليد وأخلاق المجتمع والوطن ذاته قبل وقت لن ينفع فيه الندم! تقول الناقدة ماجدة خيرالله: كثير من مسلسلات رمضان كانت ضعيفة في مستواها من حيث سطحية موضوعاتها والأداء الباهت لأبطالها وعدم وجود رؤية إبداعية لمخرجيها حيث غلب عليها( الهلس) و(التجاوزات الصارخة) وأصبح كل منها عن جدارة نموذجا في كيفية صنع عمل درامي رديء, وفي الوقت نفسه تميزت مسلسلات أخري بمستوي رائع ومنها الخواجة عبدالقادر ونابليون والمحروسة وطرف ثالث والتي يمكن وصفها بالفن الجميل الذي يرتقي بالمشاهد نفسيا وفكريا بينما السيء يجد منه رفضا داخليا يمنعه عن متابعته وبالتالي لن يتأثر به علي الإطلاق. بينما يؤكد د.سعيد عبدالعظيم أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة أن فئات عديدة من المشاهدين تجذبهم الدراما( المتحررة) من الضوابط ومنها الأطفال والمراهقين والشباب الذين يمثلون ما يزيد علي نصف المجتمع وأن ما يعتقده أي مخرج يقدم في مسلسله تفاصيل تعاطي المخدرات وشعور النشوة الذي يعقبها أنه ينقل الواقع فهو علي خطأ لأنه في الحقيقة يروج لها بما يحققه من تأثير سلبي سريع مباشر علي المشاهدين يدفعهم لتجربته, كما أن مشاهد العري والشتائم البذيئة التي تواجدت بكثافة في مسلسلات رمضان تؤدي تدريجيا إلي إفساد الأخلاق والذوق العام وتدهور لغة الحوار بين فئات المجتمع بسبب كون أبطالها من نجوم الفن الذين يحمل الناس لهم المحبة والإعجاب في قلوبهم ولذلك يقلدونهم في كل ما يصدر عنهم في مسلسلاتهم علي اعتبار أنهم القدوة, ثم أن انتشار الجرائم في الدراما علي الشاشة سواء القتل بكافة صوره أو سرقة بنك أو النصب هي في مجملها تحريض لأفراد المجتمع علي تحقيق أحلامهم بالجريمة بعد غرس دافع الغاية التي تبرر الوسيلة في نفوسهم بما ينتج عنه من عواقب كارثية علي الوطن خاصة ونحن نعيش في انفلات في الأمن والأخلاق معا وبدلا من أن ترتقي الدراما بالمجتمع فإذا بها تدمره. ويضيف د.رشاد عبداللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان: إن خطورة الدراما ذات الأثر الضار ترجع إلي سهولة تفاعل المشاهدين معها لأن العاطفة عندهم تكون غالبة علي العقل بسبب التركيبة الإجتماعية التي ترفض ما يخالف الأخلاق ولكنهم لا يقدرون علي المقاومة فتتسلل إلي داخلهم الظواهر الصادمة الضارة بالمجتمع مثل التي تعرضها معظم مسلسلات رمضان ومنها جرائم القتل واستحلال المال الحرام ومشاهد الاغتصاب وتعاطي المخدرات التي يؤدي الاعتياد علي رؤيتها إلي اعتبارها مع التكرار غير مرفوضة ولكن الأخطر يتمثل في تركيز معظم تلك المسلسلات علي لفت الأنظار إلي عدم قدرة الدولة علي مواجهة الجرائم والسيطرة علي من يخالف القانون لتأكيد معني واحد وهو أنها عاجزة عن التصدي للتجاوزات بجميع أنواعها حتي لو كان تهديدا للأمن القومي من خلال نشر الأفكار الهدامة للوطن كما حدث في عدد من المسلسلات بشكل صريح بإسقاط مباشر علي الواقع الحالي فيما يشبه المخطط المنظم لتفكيك المجتمع لو أرادت أي دولة معادية تنفيذه لما استطاعت مثلما تفعل معظم مسلسلات رمضان بنجاح منقطع النظير!