كلام وأحاديث ومقولات كثيرة أصبحت منتشرة ويتناقلها الكثير من هنا وهناك وعلى مختلف الأصعدة والمستويات وأصبح التساؤل هو ما المقصود بالحياة السياسية لأى مجتمع؟ وهل لها قواعد أو معايير ترتكز عليها؟ وكيف يشعر بها المواطن على اختلاف أفكاره وثقافته وعلمه ووعيه؟ وهل أصيبت الحياة السياسية فى مصر بالشلل وتم تجميدها والقضاء عليها؟ كل هذه الأسئلة أصبحت تراودنى بقوة أخيرا خاصة بعد الإعلان عن الانتخابات الرئاسية والتراشق والانتقادات التى تجاوزت حد الغضب أحيانا فى الأيام الماضية من الداخل والخارج وأصبح «التريند» بلغه أهل التواصل الاجتماعى هو أن الحياة السياسية فى مصر تم قتلها ووأدها والقضاء عليها وكأن الإعلان عن الانتخابات كشف عورة الحياة السياسية وبدون سابق انظار. وإذا تأملنا المشهد والواقع السياسى المصرى بعقلانية حاليا سوف نكتشف أن مصر تمر بمنعطف ومسار سياسى لم تشهده من قبل وفى ظل معطيات وتحديات كبيرة ومعقدة تمر بها وبمنطقة الشرق الأوسط والعالم كله. ولن اخوض كثيرا فى الماضى ولكنى سأتحدث عن مصر بعد 25 يناير 2011 حتى الآن شهدنا فيها الكثير منذ ثورة 25 يناير ثم تخلى الرئيس مبارك عن الحكم ثم حكم المجلس العسكرى تلاها حكم الإرهابيين, محمد مرسى وجماعته الإرهابية الذين استباحوا دماء المصريين ونشروا اجرامهم وارهابهم فى كل مكان, مرورا بثورة 30 يونيو وعودة مصر الى شعبها ومكانتها وقيمتها ثم فتره حكم الرئيس عدلى منصور إلى انتخاب الرئيس السيسى فى فترته الأولى حتى الآن ونحن على أعتاب انتخابه للفترة الثانية. لم تكن تلك السنوات مثل مثيلاتها على مدى تاريخ مصر حتى فى أصعب فتراته ولكن كانت سنوات عجافا عانت فيها مصر والمصريون من كل المستويات وكل الطبقات, فقدت مصر الكثير من أبنائها وبناتها من رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والصحفيين دون أى ذنب. تدهورت أحوالنا الاقتصادية وفقد الملايين أعمالهم ومصادر أرزاقهم, فقدنا الأمن والأمان فقدنا الابتسامة والفرح من الخوف على بلدنا التى تربص بها الارهابيون والمتطرفون وتحملنا رفع الدعم والغلاء والتعويم والقرارات الاقتصادية الصعبة حتى تنهض مصر من جديد ونتمكن من القضاء على الإرهاب وكل الازمات التى تحيط بنا. وفى خضم كل ذلك كان الجميع مشغولا بالدفاع عن الدولة وكيانها وشعبها، واقصد هنا النظام السياسى والرئيس وإداراته، وتوارى الجميع وفقدت الأحزاب بريقها وتوهجها وأيضا قيمتها وتفرغوا للنزاعات والخلافات الشخصية وأصيبت الحياة السياسية بالشلل من جراء أفعالهم وأدائهم غير اللائق. كما لا استطيع أن أتجاهل المناخ العام لحالة المصريين الذى أصبح يصطف وراء أجهزة الدولة بدءا من الرئيس والقوات المسلحة والشرطة والحكومة وحتى مجلس النواب من أجل التغيير الذى يحلم به وأصبح المصريون غير معنيين إلا بالأحداث الاقتصادية التى ستنم عن انفراجة وتحسن فى أحوال المعيشة غير مكترثين بأى أخبار او احداث ذات مدلول سياسى باستثناء الحرب على الإرهاب وما يحدث فى سيناء الغالية لأنها صمام أمان للدولة كلها. كما لا أستطيع أن أتجاهل توارى وغياب المعارضة البناءة وأصبحت الساحة مستباحة من أصحاب المصالح الشخصية الذين فشلوا فى الحصول على غنائم فتوجهوا الى الهجوم على الدولة ورموزها والتحالف مع الإخوان الإرهابيين وأعوانهم وداعميهم. لذلك لابد أن نعمل من الآن على إصلاح الحياة السياسية وعودة الروح مرة أخرى للأحزاب والجماعات والكيانات السياسية الحقيقية لبناء الوطن وتمهيد المناخ المناسب للعمل بدون تخوين أو ترهيب وعلى رجال ونساء وشباب وشيوخ مصر الشرفاء إطلاق شارة البدء ونبذ الخلافات والعمل الجماعى خاصة مع بداية السنوات الأربع القادمة للرئيس السيسى والتى من المفترض أن يشعر فيها المصريون بالإصلاح الاقتصادى والتحسن فى أوضاع المعيشة, والتى من المفترض فيها الإعداد لمرشحين للانتخابات القادمة بعد انتهاء فترة حكم الرئيس السيسى والتى يجب أن تقدم مصر فيها نموذجا يحتذى به على كل المستويات الاقتصادية والسياسية وغيرها, وعلينا أن نعلم أننا جميعا أطلقنا الرصاص وأصبنا الحياة السياسية بالجمود والشلل، رجال دولة، سياسيين حزبيين, إعلاميين ومثقفين، الجميع مدان حتى لا نتبرأ من أوزارنا ولكن لنتعلم مما مضى ومن التجارب المريرة التى مرت بنا ونقرأ التاريخ بعناية شديدة حتى لا نكرر أخطاءنا مرة أخرى لأن عودة مصر لمكانتها وقيمتها وقدرها وتاريخها السياسى الذى يمتد عبر آلاف السنين لابد أن يكون هدفنا جميعا, ولابد أن نبذل فيه كل الجهد والعمل ولنرفع راية الانتماء والولاء والاتحاد لمواجهة الإرهاب والتطرف وكل من تسول له نفسه للإساءة لبلدنا الغالية, كما علينا الافراط فى التفاؤل بالغد وبالقادم لأن لدينا مؤشرات ومعطيات وأسبابا لبث وزراعة الأمل لكل مصرى ومصرية. لمزيد من مقالات سحر عبد الرحمن