والله غالب على أمره ولكن أكثرالناس لا يعلمون سورة يوسف الآية 21 عقب 3 سنوات من انتصارات الثورة وانكساراتها ؛ أصبحت مقتنعاً بأن مصر تحتاج إلى فترة انتقالية ؛ للتحول من حكم الرؤساء ذوى الخلفية العسكرية إلى حكم الرؤساء المدنيين . وفى تقديرى , فإن الشخص المؤهل لإدارة هذه الفترة الانتقالية هو : المشير / السيسى . ولكن لماذا لا يمكن الانتقال مباشرة من حكم الرؤساء ذوى الخلفية العسكرية إلى حكم الرؤساء المدنيين ؟؟؟ أعتقد بأن الأوضاع المتفجرة ؛ نتيجة المواجهة الداخلية مع الإرهاب فى حرب حقيقية ,تؤكدها العمليات الإرهابية الموجهة لمنشآت وتجهيزات وأفراد القوات المسلحة والشرطة ؛ ونتيجة المواجهة الخارجية مع أوضاع إقليمية ودولية غير مواتية تهددها الثغرات الأمنية الحدودية مع نظم وحركات سياسية موالية لأيدلوجية الإسلام السياسى على الحدود الشرقية ( غزة ) والجنوبية ( السودان ) والغربية ( ليبيا ) ؛ بالإضافة إلى الدعم السياسى والمالى والإعلامى من دولتى تركيا وقطر والاحتضان السياسى الذى توفره دول الاتحاد الأوربى والولايات المتحدةالأمريكية ؛ للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين . كل ذلك يجعل مصر فى حاجة إلى الحفاظ بقوة على الاصطفاف الوطنى بين غالبية الشعب ومؤسسات الدولة , وعلى رأسها المؤسسة العسكرية التى هى درع الأمان ؛ لمواجهة كل تلك المخاطر . ونظراً لأن الرئيس المدنى قد لا يستطيع الحفاظ على ذلك الاصطفاف الوطنى فى تلك المرحلة الحرجة ؛ باعتبار أن الرئيس ذا الخلفية العسكرية قد يكون هو الرئيس المقبول والمستساغ والمحبذ من المؤسستين العسكرية والأمنية ؛ والأقدر على الفوز بثقة الشعب فى مواجهة أخطار هى بطبيعتها عسكرية وأمنية بامتياز . لذلك فإن المناخ الحالى فى مصر بأخطاره وموجبات الحفاظ على اصطفافه ؛ لن يكون مناسباً لرئيس مدنى بأى حال من الأحوال . ولكن ؛ لا يتوقف الأمر فقط على الخلفية العسكرية للرئيس القادم فى ظل كل تلك المخاطر ؛ بل إن الأمر يتجاوز ذلك إلى ما نسميه ب : الشعبية ؛ أو ما نطلق عليه : الجماهيرية . فرئيس ذا خلفية عسكرية لا يتمتع بشعبية جارفة وجماهيرية كاسحة ؛ قد لا يكون قادراً هو الآخر على مواجهة كل تلك المخاطر ؛ بخلاف رئيس من نفس تلك الخلفية ولكن يحوز الشعبية والجماهيرية . وهذا بالضبط ما يدفعنى إلى التسليم بأن المشير / السيسى ؛ هو الرئيس المناسب فى الوقت المناسب بلا منازع أو منافس . فالشعبية الجارفة والجماهيرية الكاسحة التى يتمتع بها السيسى فى قلوب الملايين من المصريين ؛ ستمنحه هيبة وقوة فى مواجهة مؤسسات الدولة ؛ ونظرا لأن مرافق وهيئات ومصالح الدولة المصرية قد نخرها الفساد والإهمال خلال عشرات السنوات السابقة ؛ فضلاً عن أن تلك المؤسسات قد فلت عيارها خلال 3 سنوات من عمر الثورة ؛ فإن رئيساً يتمتع بالشعبية التى تمنحه القوة والهيبة ؛ سيجعل تلك المؤسسات أطوع على الانصياع والرضوخ أمام أى إصلاحات أو إعادة هيكلة سيقوم بها ؛ دون أدنى قدرة على معارضة ذلك الإصلاح ولو حتى بأساليب المقاومة الداخلية الكامنة بحكم الزمن فى تلك المؤسسات ؛ وهو بالطبع الأمر الذى سيفتقر إليه أى رئيس لا يمتلك تلك الشعبية . علاوة على ذلك , فإن الشعبية الجارفة تجعل مؤشر الولاء لدى الرئيس يتوجه للجماهير ؛ وليس للمؤسسات ؛ الأمر الذى يجعله منحازاً لمطالب الجماهير العريضة ؛ وليس لمصالح المؤسسات أو مراكز القوى السياسية أو الاقتصادية الضيقة . ومن المعلوم فى علم السياسة ؛ أن الشعبية المنقوصة لدى أى رئيس ؛ يتم تعويضها بتكوين دوائر من النفوذ العسكرى والأمنى والمالى حوله فيصبح ولاءه الأول لتلك الدوائر التى تمنحه القوة . وسرعان ما تتحول تلك الدوائر بمرور الزمن إلى حواجز تعزل ذلك الرئيس عن الشعب ؛ وتستحيل إلى مراكز للقوى تكرس ممارسات الفساد والاستبداد مستغلة ضعف الرئيس واعتماد نظامه عليها . إذن الشعبية الجارفة والجماهيرية الكاسحة عامل مضاف إلى قوة الثورة ؛ لأن من يحوزها سيكون أقدر على تنفيذ مطالب تلك الثورة ؛ لتحرره من أى ارتباط بدوائر للنفوذ ؛ بما سيجعل ولاءه الأكبر للشعب ؛ ذلك الشعب الذى لن تتحقق مطالبه الا بتنمية حقيقية يكون لها مردود على زيادة فرص العمل والارتقاء بالخدمات وتوفير السلع وخفض الأسعار وارتفاع المرتبات ؛ وبالطبع لن يتحقق كل ذلك إلا بالاستغلال الأمثل لكل الموارد الطبيعية والبشرية فى المجتمع . وبالتالى ؛ علينا أن ننحاز للشعبية حيثما نجدها لأنها عامل قوة يؤدى إلى تسهيل مهمة من يحوزها ومنحه قدرة عظيمة لا تتوفر لغيره ؛ تعينه على إنجاز مطالب كثيرة فى مراحل زمنية قصيرة ؛ الأمر الذى يختصر الوقت ويكثف الجهد ويعظم النتائج . ولكن رغم هذه الأسباب الموضوعية ؛ فإننى لا أستطيع أن أخفى بأن هناك جانباً قدرياً فى هذا الشأن , يجعلنى أميل إلى اعتبار المشير / السيسى الرجل المناسب للمرحلة الراهنة والمستقبل القريب . وهذا الجانب القدرى الغيبى ؛ ينبع من مراقبتى خلال 3 سنوات من عمر الثورة ؛ لأسماء وشخصيات لمعت فخطفت الأبصار ثم انطفأت على نفسها ؛ ولكوادر سياسية ناضلت منذ عشرات السنين حتى ترى لحظة الثورة الشعبية تتجسد على الأرض ؛ ولكنها لم تنل من الشعبية مثلما نال السيسى فى شهور معدودة ؛ صار فيها نجمه المتألق يغطى على كل ضوء حوله . لهذا أنظر دائماً إلى الشعبية أو القبول الجماهيرى باعتبارهما عطاء من الله ؛ ورزق من لدنه يمنحه لمن يشاء. بالطبع اتخذ السيسى موقفاً وطنياً جريئاً بمساندته لثورة الشعب ووقوفه فى وجه جماعة إرهابية ؛ ستظل تطلب رأسه لسنوات وسنوات قادمة . ولكن ترتيب الظروف والأحوال ؛ واختيار نظام الإخوان للسيسى دون غيره ليكون وللمفارقة عدواً لهم . كل هذه الملابسات تجعلنى أسلم بأن يد القدر فاعلة فى هذا الأمر ؛ ربما رأفة بهذا الشعب ؟ أو ربما تنكيلاً بجماعات الإسلام السياسى التى تتاجر بالدين ؟ العلم لدى صاحب العلم الذى بقدرته سبحانه غالب على أمره وإن كان أكثر الناس لا يعلمون . ولهذا فإن تجارب الحياة قد علمتنى ؛ بأن لا أناطح تصاريف القدر . ولذلك كلما مشيت فى طريق وصادفنى عدم التوفيق ؛ كنت أستشعر بأن رحمة الله تدفعنى إلى طريق آخر ؛ فأستجيب لرسائل السماء ؛ وأغير وجهتى وأتوكل عليه سبحانه وتعالى . ولذلك ؛ لا أستطيع أن أتجاهل الجانب الغيبى فى هذه المرحلة العصيبة من تاريخ مصر المعاصر ؛ التى لا ينبغى للبعض فيها أن يعاند القدر ؛ سواء من باب الفذلكة السياسية ؛ أو حتى من باب الحسد للسيسى . ولكن كل هذه الأسباب الموضوعية أو القدرية ؛ لا تعنى أن نمنح المشير السيسى تفويضاً على بياض ؛ فقد ولى زمن الزعماء الملهمين ؛ الذين نسلمهم قيادنا ليفعلوا بنا ما يريدون وليس ما نريد . بل ينبغى أن نأخذ من المشير السيسى تعهداً يقر فيه بالآتى : بأن يجمع حوله رموز الثورة ومناصريها وجنودها . وبأن يقصى من حوله الانتهازيين وأنصار أطماع النظام السابق . وبأن يؤلف الحكومة من كوادر ثورية ؛ وبالأحرى الذين ترشحوا منهم للرئاسة ؛ والذين قادوا أحزابهم لمساندة الثورة ؛ والذين لمعوا فى تخصصاتهم ؛ حتى تتاح لهؤلاء جميعاً الفرصة لوضع أيديهم فى بطن هذه الدولة المركزية ببيروقراطيتها العتيدة العنيدة ؛ فيكتسب هؤلاء الخبرة فى أن يكونوا رجال دولة ؛ ويكتسب السيسى نفسه الخبرة المدنية فى التعامل مع رجال سياسة من المفترض والأسلم أن يكونوا أنداداً له فى الكفاءة والقدرة على الإنجاز حتى وإن تفاوتت بينهم وبينه مستويات الشعبية . وبأن لا يسمح للبعض بأن يوعزوا له ؛ بأن بعض حسنى السمعة من رجال النظام السابق قد يصلحوا لقيادة المرحلة ؛ فيتم تصديرهم لكى يكونوا عوناً له بخبراتهم المتراكمة على إدارة الدولة ؛ لأن أمثال هؤلاء وإن كانوا بالفعل رجال دولة ؛ إلا أنها دولة على أقل تقدير فاشلة إن لم تكن فاسدة . ولذلك ؛ على المشير السيسى أن يعلم ؛ بأن صندوق السحرة القديم لم يعد يصلح لفك أعمال الحاضر . كما عليه أن يؤمن ؛ بأن مفاتيح الماضى لا يمكن أن تفتح أبواب المستقبل . وبالتالى ؛ ومن أجل مواجهة الإرهاب فى الداخل , ودرء الأخطار الإقليمية القادمة من الخارج . ومن أجل ترجمة الجماهيرية الكاسحة إلى هيبة وقوة ونفوذ ستمثل جميعها رصيداً مضافاً لخدمة أهداف الثورة وإصلاح ما أعوج وترهل من مؤسسات الدولة و المجتمع . ومن أجل تحويل الشعبية الجارفة إلى انحياز صادق لمطالب الشعب ورغبة جارفة فى إنجازها دون البحث عن دوائر مزيفة للنفوذ يمكن أن تعوض أى شعبية ضائعة . من أجل كل هذه الأسباب .. وبدون التوقيع على بياض .. أريد المشير السيسى .. رئيساً للجمهورية .. دكتور / محمد محفوظ [email protected]