صدفة لا ألتقى صوتَ قدمَيَّ إلا صدفةً لكننى أُخطِّطُ لملاقاتِه كمَا يُخطِّط عاشقٌ تقليديّ لمُلاقاةِ السماءِ. أرْتَجِلُ مشاويرَ كثيرةً إلى لا شىء ثمَّةَ نورٌ فى المسافاتِ التى تقودُ إلى لا شىء فَشَلٌ يَجذِبُنى إليَّ ويوقِظُ قلبى أمْشى بطمأنينةٍ وحُنوٍ كمَا تَمشى أصابعُ العجوزِ فوقَ ضِرعِ جاموستِها خطواتى يدٌ تُحنِّنُ الحَلمَاتِ الطويلةَ قبْلَ أنْ يَنْهَمِرَ الحليب لا مقعدلى وقوفى مَشيٌ، ومِشْيَتِى وقوف كثيرًا ما مَشيتُ أيامًا وأسابيعَ حوْلَ زهرةٍ واحدةٍ أَلُمُّ أسمَاءَها وهِيَ تَتَجدَّدُ كلَّ يوم وكُلَّمَا انصرفتُ أَنَّبَنِى ضميري يَنقُصُنِى تأهيلٌ للسَّيْرِ بكفاءةٍ حوْلَ زهرةٍ تَنْقُصُنِى أجيالُ تُكمِلُ الشَّهِيقَ الذى بَدَأتُه مَشَّاءٌ لا يُحِبُّ الوصولَ لا مِقعَدَ لى فى الحياة وظَهْرِى مَسنودٌ ببابِهَا المفتوح. صوتى الأجشِّ لا شيءَ يُزعِجُنى سِوى صوتى الأجشِّ حين يَبْتَلُّ فجأةً بأغنيةٍ لم أسمَعْهَا منذُ سنوات . كأنه كان غائبا عندما دفنتُ ذاكرتى، بيدَيّ هاتَيْن، عندَ الساقيةِ المهجورة . كأنه لم يَكُنْ مَعِى حين قَفَزتْ مثلَ قرموط ودُسْتُ عليها بِحذائى قبْلَ أن تَهربَ فى جِذعِ شجرةٍ أو منقارِ عصفور . كأنه لم يَكُنْ مَعِى وأنا أمشى سعيدا بنواةِ النسيان وهى تذوبُ فى فَمِى . أرتب حياتى دونها (1) عدمُ العثورِ عليها حتى الآن لا يُقلِقُنى كثيرا أنا على يقينٍ من أننى فى لحظةٍ مبارَكةٍ ودونَ أن أقولَ لها شيئا أو تقول لى شيئا سأجِدُ يدَها فى يدى. ( 2 ) كنتُ أريدُها بجواري حين اشتبكْتُ مع لصوصِ المَصلحةِ التى أعملُ فيها. وحين خرجتُ مِن السجن كنتُ أريدُها فى انتظاري وبينما أرتمى مكدودا فوقَ سريرى المغبَّرِ أقسمتُ ألَّا أغفرَ لها أبدا وظللتُ أشتمُها حتى طَرَقَنى النُّعَاس وامتلأتُ بالغِربان والبروقِ النافقة ( 3 ) ينبغى أن أرتِّبَ حياتى دونَها يكفى أننى خرَّبتُ أكثرَ مِن ثلاثين عاما ينبغى أن أحافِظَ على لقمةِ عيشي وأن أكونَ مَرِناً بعضَ الشيء لا بد أن أتزوجَ بفتاةٍ طيبةٍ وأُنجِبَ أطفالا أحلُم بنبوغِهم بينما أَزرعُ بضع أشجارٍ حولَ البيت. أرتِّبُ حياتى دونَها غيرَ أنى على يقينٍ مِن أنها ستباغِتُنى فى لحظةٍ ملعونة. وقبْلَ أن أغفرَ لها ستقولُ لى : سامحتُكَ سأشعرُ لحظتَها أننى ارتكبتُ فى حقِّها جُرْمَا دونَ أن أدري أقْبِضُ على يدِها بقوةٍ وأمشى نحوَ البعيد دونَ أن أفكِّرَ لحظةً فى بيتي أو أولادي أو شيخوختى