في رسالة قرأتها وكأنها حكت قصتي مع أمي . أخذتها وأضفت إليها ما بعض ما عايشت مع الحبيبة المجاهدة أمي الحاجة غنا يرحمها الله. فقبل موتها وعند كبرها وعدم قدرتها على النطق ، كأنما كانت تقول لي هذه الكلمات كلمةً كلمة ولحظة بلحظة وبلسان الحال قالتها، نعم بعينيها . فبادرت بكتابة رسالة إلى ابنتي . أقول فيها. ابنتي العزيزة: أتذكرين أمي في أيامها الأخيرة حين مرضت وعجزت عن الحركة والنطق ورأيتِ تصرفاتها وقلة حيلتها وكنت ترين حالها وحالي معها ونظراتها إليًّ وأنا أقوم على حاجتها، فإليك.ابنتي الحبيبة بُنيتي في يوم من الأيام ستراني عجوزا غير منطقي في تصرفاتي؛ فعندها من فضلك أعطيني بعض الوقت وبعض الصبر لتفهميني !! بُنيتي عندما ترتعش يدي فيسقط طعامي على صدري ولا أقوى على لبس ثيابي والتحكم في بولي فتحلى بالصبر معي ، وتذكري سنوات مرت بي وأنا أعلمكِ ما لا أستطيع أنا فعله اليوم !! بُنيتي حين لم أعد أنيقا جميل الرائحة فلا تلوميني ؛ وتذكري في صغرك ومحاولاتي العديدة لأجعلك أنقية جميليه لتكون رائحتك طيبه ونظيفة بُنيتي لا تضحكي وتسخرين مني إذا رأيت جهلي وعدم فهمي لأمور جيلكم هذا ؛ ولكن كن أنتِ عيني وعقلي لألحق بما فاتنى يا ابنتي فأنا من أدبتك وربيتك.وأنا من علمتك وجاهدت لأوصلك إلى ما أنت علية الآن وكيف تواجهين الحياة بمصاعبها وآلامها ؛ والآن تُعلمنني اليوم ما يجب وما لا يجب لكبري وشيخوختي فاصبري علي!! بُنيتي لا تملّي مني ومن ضعف ذاكرتي وبطئ كلماتي وكثرة تفكيري أثناء محادثتك لي ؛ لأن سعادتي من الحديث الآن هي فقط أن أكون معكِ أنت فأنت مني ولي ، بُنيتي عند كبري أرجوك فقط ساعديني لقضاء ما أحتاج إليه ؛ وتعاملي معي كأنني أعرف ما أريد !! بُنيتي عندما تخذلني قدماي تخذلني على حملي إلى المكان الذي أريد فكوني عطوفة معي وتذكري أني قد أخذت بيدك كثيرا. كثيرا لكي تستطيعين أن تمشي خطوة خطوة والفرق عندئذ أنني كنت فرحا مسرورا بك، فلا تملين مني عند أخذك بيدي، فلا تستحيي أبدا أن تأخذي بيدي اليوم فغدا ستبحثين عن من يأخذ بيدكِ !! بُنيتي حين أكبر في السن وتراني لست طموحا ومُقبلا على الحياة مثلك ؛ فانظري لي نظرة تفاءل وأعطني الأمل وحثني على العمل وكوني معي دائما ولا تكوني علىّ فكلنا ننتظر الموت بُنيتي عندما تتذكرين شيئا من أخطائي وتأديبي لك ونصحك ومنع شيء كنت ترغبين به فاعلمي أني لم أكن أريد سوى مصلحتك وانظر للأمور ببعد نظر والآن ربما تفعلين معي ذلك فافعلي ولكن دون أن أدري بُنيتي إن أفضل ما تفعلينه معي عند كبري أن تغفري زلاتي وتستري عوراتي .يغفر الله لك ويسترك !! بُنيتي لا زالت ضحكاتك وابتسامتك تفرحني كما كنتِ صغيرة بالضبط ، فلا تحرميني صحبتك وضحكاتك !!!بُنيتي أنا كنت معك حين ولدتك أمك ؛ فكوني معي حين أموت ! وذلك بدعواتك لي وحسن علاقتك بالله فذلك وسيكون زخرا لي وزخرا لك. بُينتي تذكري فكما كنت أنا أنت في يوم من الأيام . فستكون أنت أنا في يوم آخر..فلا تنسى. كما تدين تدان. بُنيتي سلام عليك حبيبتي.. وسلام عليك ورحمة الله أمي حبيبتي ..