يقولون كلاماً غريباً ويحاولون أن يلبسوه ثوب العلم والمنطق، عن أن ما يسمّونه غياب الديمقراطية هو الدافع لأن يرفع الإرهابيون السلاح ضد الدولة والمجتمع، مثلما حدث فى جريمة طريق الواحات وفى الجرائم الأخرى قبلها! فهل يؤمن حقاً هؤلاء بما يقولون؟ هل هذا فعلاً هو سبب ظهور الإرهاب المسلح الذى يعتدى على رموز قوة الدولة، ولا يردعه رادع عن أن يفجر القنابل والسيارات المفخخة فى الطريق العام ليموت المواطنون المسالمون العابرون بالصدفة؟ هل يمكن لهؤلاء المجرمين يوما ما أن يخوضوا انتخابات ديمقراطية نزيهة وفق القواعد الدولية وأن يضعوا السلاح وأن يمتثلوا للقانون، وأن يقبلوا نتائج خسارة أصوات الناخبين، وأن يحاولوا مرة أخرى فى انتخابات تالية يستعدون لها بشكل أفضل؟ وهل إذا فازوا يقبلون الاحتكام للانتخابات التالية فى موعدها دون مقاومة؟ بالمناسبة، هل سقط من الذاكرة ما قاله مرسى إنهم أتوا إلى الحكم ليبقوا 500 عام! وما هو منطق من يرون أنفسهم منبوذين من الممارسة الديمقراطية فى أن ينسقوا مع دول معادية لوطنهم ليتحصلوا على التمويل والسلاح المتطور، وأن يقوموا بتدريب كوادرهم على القتال بدلاً من تنمية مهاراتهم على التواصل السلمى مع الجماهير لإقناعهم بالتصويت لصالحهم؟ قد يكون مفهوماً أن يلجأ الإرهابيون إلى الكذب بمثل هذه الحجج الواهية، ولكن كيف لآخرين يزعمون أنهم دعاة الحداثة ودولة القانون والحكم المدنى أن يتورطوا فى مثل هذا الكلام؟ ليست الديمقراطية فى حاجة للفّ والدوران فى طلبها، فالشعوب تناضل من أجلها صراحة، ليس لذاتها ومن أجل أن تقتصر إنجازاتها على لهو بعض المثقفين بما توفره من حريات، وهو شيء مطلوب وإن لم يكن أهم ما فيها، ولكن لأنها أفضل آلية توصل إليها تطور البشر حتى الآن لتداول الحكم سلمياً، فيتقدم الفائز على المنصب الرفيع ليجلس على الكرسى الرئاسى، دون أن يمنعه أحد، وقبلها يغادر الخاسر القصر الرئاسى احتراماً لإرادة الناخبين، وقُلْ مثل هذا فى الانتخابات البرلمانية وغيرها. فهل هذا هو هدف بن لادن والظواهرى والبغدادى والزرقاوى وبديع والشاطر ومن لفّ لفّهم؟ لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب